ارتبطت الجريمة عموما بالرجل، والدليل على ذلك، أن أغلب السجون مكتظة بهم، فيما ظلت نسبة النساء المجرمات ضئيلة جدا مقارنة مع الرجال. لكن الملاحظ، أنه في العقدين الأخيرين، بدأ الحديث عن الجريمة بصيغة المؤنث يعرف تصاعدا، وهذا مرده، إلى كون الجرائم التي كانت مقصورة على الرجال، أضحت مشتركة وبدأت تعرف تورط النساء بدورهم، حيث تزايدت جرائمهن في مجال السرقة وتهريب المخدرات والدعارة والقوادة وقتل أزواجهن بل أبنائهن أيضا. وقد بيّنت بعض الدراسات أن المرأة في المغرب والجزائر وتونس مسؤولة عن نحو 6 في المائة من الجرائم مقارنة بالجرائم التي يرتكبها الرجل. وهذا ما جعل العديد من النساء خلف القضبان.
وهكذا لم يعد السجن خاصا بالرجال، كما كان في الماضي، بل أصبحت المرأة تتقاسمه مع الرجل ، إذ بلغ مجموع الساكنة السجنية بالمغرب خلال سنة 2019 ، 86 384 سجينا ضمنها 2,34 في المائة نساء، حسب تقرير المندوبية العامة للسجون لسنة 2019، ولتقريب القارئ من الجرائم المقترفة بصيغة المؤنث، سنكشف في هذه الحلقات عن مجموعة من النساء المجرمات اللواتي اشتهرن بجرائمهن، سواء داخل المغرب أو خارجه.
< إعداد: حسن عربي
الحلقة 19
ما باركر.. “الأم الدموية” إحدى أشهر المجرمات في أمريكا
في الغالب، لا ترغب الأم في شيء أكثر من تربية أبناء صالحين، ورؤيتهم يعيشون حياة ناجحة. ولكن هذه الأم حققت غايتها على نحو آخر. كانت ما باركر، زعيمة عصابة باركر، إحدى أشهر المجرمات في تاريخ الولايات المتحدة، وقادت عصابتها التي تكونت من أبنائها وحلفائها، الذين عُرفوا بعصابة “باركرز الدمويين “.
نظمت عددًا كبيرًا من عمليات السطو، والقتل، والخطف في جميع أنحاء الغرب الأوسط الأمريكي خلال عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، وارتفعت شهرتها لتصبح العدو الأول لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).
في عام 1935، لقيت هي وابنها فريد حتفهما، في أطول تبادل لإطلاق النار في تاريخ مكتب التحقيقات الفيدرالي وقتها، وكانا يختبئان في منزل في فلوريدا. في حين لم يكن زوجها ووالد أبنائها عضوًا في العصابة مطلقًا، وانفصلت عنه في عام 1927.
وبالرغم من أن أبناء الأم باركر كانوا بلا شك مجرمين خارجين عن القانون، وأن عصابة باركر وكاربيس صالت وجالت في ارتكاب الجرائم التي لا تحصى من سرقة وخطف وقتل، إلا أن الاعتقاد بأنها كانت رئيسة العصابة ما يزال غامضا وغير مؤكد كما هو الحال في معرفة درجة إجرامها، ولكن مع ذلك كانت على دراية تامة بما يفعله أولادها، وكانت تساعدهم قبل وبعد ارتكابهم لتلك الجرائم مما يجعلها شريكة.
حتى اليوم لا يوجد دليل قطعي يؤكد أنها شاركتهم في تنفيذ أي من الجرائم التي ارتكبوها ولا حتى التخطيط لها، في الحقيقة كان دورها فقط الاعتناء بأفراد العصابة، كما أن أولادها كانوا غالبا ما يرسلونها لمشاهدة الأفلام عند ارتكابهم لجرائمهم.
وفي هذا الخصوص، قال الفين كاربيس لاحقا “أسخف ما سمعته في سجلات الجريمة أن الأم باركر كانت العقل المدبر لعصابة باركر وكاربيس، لم تكن أبدا رئيسة عصابة ولا حتى مجرمة، لم يكن لها أبدا أي صورة في سجلات الشرطة ولا بصمة أصبع، لقد كانت على علم بما نفعله، ولكن وظيفتها الوحيدة كانت التنقل معنا حيثما ذهبنا كأم وأولادها حتى تبدو صورتنا بريئة أمام الغير”.
كان العديد من الناس بمن فيهم ألفين كاربيس على اعتقاد أن أسطورة إلام باركر المجرمة هي من أفكار السيد ايدغار هوفر ورفاقه من مكتب التحقيقات الفيدرالي ليبرروا قتلهم لامرأة كبيرة في السن
وقد تحولت قصة ما باركر إلى فيلم “الأم الدموية (Bloody Mama)” عام 1970، من بطولة شيلي وينترز. لكن بعض الشكوك ما زالت تحوم حول قصتها الحقيقية، واتهم أحد أعضاء العصابة الضابط الذي وصفها بأنها “أشرس وأخطر وأذكى عقلية إجرامية” بأنه كان يبرر قتله امرأة مسنة.