جرائم بصيغة المؤنث

ارتبطت الجريمة عموما بالرجل، والدليل على ذلك، أن أغلب السجون مكتظة بهم، فيما ظلت نسبة النساء المجرمات ضئيلة جدا مقارنة مع الرجال. لكن الملاحظ، أنه في العقدين الأخيرين، بدأ الحديث عن الجريمة بصيغة المؤنث يعرف تصاعدا، وهذا مرده، إلى كون الجرائم التي كانت مقصورة على الرجال، أضحت مشتركة وبدأت تعرف تورط النساء بدورهم، حيث تزايدت جرائمهن في مجال السرقة وتهريب المخدرات والدعارة والقوادة وقتل أزواجهن بل أبنائهن أيضا. وقد بيّنت بعض الدراسات أن المرأة في المغرب والجزائر وتونس مسؤولة عن نحو 6 في المائة من الجرائم مقارنة بالجرائم التي يرتكبها الرجل. وهذا ما جعل العديد من النساء خلف القضبان.
وهكذا لم يعد السجن خاصا بالرجال، كما كان في الماضي، بل أصبحت المرأة تتقاسمه مع الرجل ، إذ بلغ مجموع الساكنة السجنية بالمغرب خلال سنة 2019 ، 86 384 سجينا ضمنها 2,34 في المائة نساء، حسب تقرير المندوبية العامة للسجون لسنة 2019، ولتقريب القارئ من الجرائم المقترفة بصيغة المؤنث، سنكشف في هذه الحلقات عن مجموعة من النساء المجرمات اللواتي اشتهرن بجرائمهن، سواء داخل المغرب أو خارجه.

الحلقة الأولى

تقطيع أطراف جثة الضحية بغرفة الحمام بواسطة سكين حاد

أم وابنتها الراقصة وعشيقها يشاركون في جريمة وقعت أحداثها بمراكش

استأثرت جريمة القتل البشعة التي ذهب ضحيتها حارس أمن خاص «فيدور»، 40 عاما، بملهى ليلي بأحد الفنادق المصنفة بممر النخيل بمراكش، على يد زوجته الراقصة، وعشيقها ووالدتها التي مثلت بجثته، باهتمام الرأي العام المحلي والوطني، إذ فصل المتهمون اللحم عن العظام وقطعوا الجثة إلى 17 قطعة، وتخلصوا منها برميها على جنبات الطريق الرابطة بين حي المحاميد وحي أزلي الجنوبي، بمحاذاة الفضاء الخارجي لمطار مراكش المنارة.
وكانت هنية، والدة الراقصة فاطمة، قد تكلفت بتقطيع أطراف جثة الضحية أحمد، بغرفة الحمام بواسطة سكين حاد، بينما توجهت آنذاك فاطمة إلى الصالون، واستسلمت للنوم بعد شعورها ببعض الدوار، بسبب عدم قدرتها على تحمل رؤية مشهد تقطيع الجثة.
واصلت الأم تقطيع أطراف الجثة، فصلت في البداية اليدين والرجلين والرأس عن الجثة، بعد ذلك فتحت البطن ورمت بما حواه في مجرى الصرف الصحي، لتنتقل إلى فصل لحم الأطراف عن العظام، ووضعها في أكياس بلاستيكية. التحقت فاطمة بوالدتها بعد استيقاظها من النوم، وتوجهتا معا على متن سيارتها إلى منطقة أيت إيمور، للتخلص من الأكياس البلاستيكية تحت جناح الظلام . وفي صباح اليوم الموالي خرجت الزوجة من المنزل لاقتناء العديد من الأكياس البلاستيكية من مختلف الأحجام، واشترت كميات من الصباغة، في الوقت الذي اعتكفت الأم في المنزل من أجل غسل غطاء السرير والوسادات للتخلص من بقع الدم، والعمل على تنظيف البيت، بعد أن جرى طلاء جدران غرفة النوم التي تلطخت بالدماء.
وضعت الأم رأس الجثة والأطراف الأربعة وما تبقى من عظام الجثة في الأكياس البلاستيكية، وجرى نقلها على متن السيارة في اتجاه منزل العائلة بدوار أعريب، هناك وضعت الأم الأطراف والرأس والعظام في صندوق خشبي، وصبت عليها البنزين وأشعلت النار، وبعد احتراق كافة الأجزاء وتحولها إلى رماد، صبت المياه عليها في اتجاه المجاري.
بعدما تأكدت فاطمة من تخلصها من آثار ومعالم الجريمة، بدأت تتصل بزملاء زوجها أحمد في العمل في محاولة تمويهية للاستفسار عن غيابه، وسألت عنه عائلته وجميع أصدقائه في المقهى، التي اعتاد التردد عليها ، لتتصل في الأخير بعناصر الشرطة القضائية للإبلاغ عن اختفائه، ثم اتصلت فاطمة بعشيقها، وأخبرته باستعدادها للسفرلزيارته بمدينة بالرباط، وقضت معه ليلتين متتاليتين.
وأثناء مرور متدربتين بالمركز الصحي لحي المحاميد ، أثار انتباههما قطعة لحم كانت مرمية على الرصيف، فشكتا في أمرها، وأخبرتا الطبيب المسؤول بالمركز الصحي المذكور، فعاين القطعة اللحمية التي جرى العثور عليها واتصل بأفراد الشرطة القضائية، الذين حضروا على وجه السرعة رفقة الشرطة العلمية إلى عين المكان، وعاينوا العديد من القطع اللحمية الأخرى المرمية على طول الطريق.
بعد التحاليل، تبين أنها تعود إلى الضحية أحمد، لتتوجه عناصر الشرطة العلمية مباشرة إلى منزل فاطمة، وأخذت عينات من الجدار، الذي جرى طلاؤه بالصباغة، حيث أسفرت التحاليل التي أجريت عليها بأنها خاصة بأحمد، وبعد عرض كافة المعطيات التي توصلت إليها الشرطة القضائية على فاطمة، انهارت واعترفت بارتكابها الجريمة رفقة والدتها وعشيقها، ليجري اعتقالهم باستثناء والدتها، التي اختفت عن الأنظار.
وبعد الاستماع إليها في محضر رسمي، أفادت فاطمة أنها ازدادت في مارس سنة 1984، بدوار أعريب، أحد الأحياء الهامشية بمدينة مراكش، وترعرعت في وسط عائلي فقير، يكدح فيه رب الأسرة من أجل ضمان القوت اليومي للصغار.
وأضافت أنها فقدت أمها وهي ما زالت في مقتبل العمر، فتولت زوجة والدها هنية، المتهمة الرئيسية في القضية، تربيتها، حيث استغلت جمالها وظروفها الاجتماعية المتردية، لتبارك دخولها إلى عالم الانحراف، إذ بدأت تتردد على الملاهي الليلية لكسب قوة يومها وإعالة أسرتها، حيث ربطت مجموعة من العلاقات غير الشرعية مع عدد من الأشخاص، الذين كانت تنتقيهم داخل الحانات والعلب الليلية، إلى أن أصبحت راقصة في أرقى الملاهي الليلية، فأصبحت تجني أموالا كثيرة.
وكان لزوجها «الضحية» الفضل في تمهيد الطريق لخليلته لامتهان الرقص في الفنادق والملاهي الليلية، حيث تعرفت على راقصات أخريات إلى أن تمكنت من اكتساب شهرة كبيرة في مجال الرقص، وأصبحت تحصل على أموال مهمة تنفق جزء منها على عائلتها الفقيرة وخليلها أحمد، الذي كان لحظتها عاطلا عن العمل. توطدت العلاقة الغرامية بين فاطمة وأحمد، وأصبح يضيق الخناق على خليلته، التي زادها جمالها اهتمام زبناء الملاهي الليلية، إلى درجة منعها من زيارة عائلتها، وشرع في مراقبتها وتتبع تحركاتها إلى أن اشتغل «فيدور» بإحدى الفنادق المصنفة بممر النخيل.
يئست فاطمة من شدة المراقبة المفروضة عليها من طرف خليلها، الذي كان يعتدي عليها كلما خالفت أوامره، ما أدى إلى تأجيج حدة الخلافات والمناوشات، واستمرت الحياة بينهما ما بين الخصام والاعتداء ثم التوافق والمصالحة. بدأت العلاقة الحميمية بين الطرفين يشوبها التوتر والشكوك، وانعدام الثقة والنزاعات الكثيرة، قادت الضحية أحمد في إحداها إلى السجن، بعدما أقدم على مهاجمة زوجته ببيت والدتها، محدثا خسائر مادية كبيرة داخل المنزل، عندما بلغ إلى علمه بقبول فاطمة دعوة عشيقها الجديد، الذي أغدق عليها أموالا كثيرة في إحدى الليالي، ما دفع فاطمة رفقة والدتها إلى تقديم شكاية إلى وكيل الملك بخصوص الهجوم على مسكن الغير ليجري اعتقاله من طرف الشرطة، قبل أن تتنازلا عن الشكاية.
وفي شتنبر 2017 ، أيدت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمراكش، الحكم الابتدائي القاضي بالمؤبد في حق الراقصة فاطمة لعوينة،  29 سنة وعشيقها رشيد « ح» المعروف ب» الشواي»، فيما تم إصدار مذكرة بحث في حق والدتها.

< إعداد: حسن عربي

Related posts

Top