زيلينسكي يأمل في إقرار صيغة السلام الأوكرانية خلال محادثات جدة

استمرت أمس الأحد مباحثات مستشاري الأمن القومي وكبار المسؤولين من 42 دولة من بينها الولايات المتحدة والصين والهند لليوم الثاني على التوالي بمدينة جدة السعودية، فيما تأمل كييف وحلفاؤها أن تؤدي إلى اتفاق على مبادئ أساسية لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا سلميا.

ويأتي الاجتماع الذي انطلق السبت في إطار ضغط دبلوماسي من أوكرانيا لحشد دعم يتخطى نطاق الداعمين الغربيين الأساسيين من خلال التواصل مع دول جنوب العالم التي لا تزال مترددة في توضيح موقفها حيال صراع أضر بالاقتصاد العالمي.

واختتم اليوم الأول للمباحثات، السبت، بمشاركة أكثر من أربعين دولة، حيث قدمت خلاله أوكرانيا صيغة سلام من 10 نقاط لمناقشتها.

وشدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أهمية إجراء محادثات ثنائية على هامش اجتماع جدة. ويتطلع زيلينسكي إلى التوصل لاتفاق بخصوص مبادئ يسعى لإقرارها خلال قمة عالمية في فصل الخريف المقبل.

وتتمحور رؤية زيلينسكي للسلام حول مجموعة من النقاط أبرزها الاستعادة الكاملة لوحدة أراضي أوكرانيا وانسحاب القوات الروسية بشكل تام وضمان أمن الغذاء والطاقة والسلامة النووية والإفراج عن جميع الأسرى.

واعترف زيلينسكي السبت بوجود خلافات بين الدول المشاركة في محادثات جدة، لكنه قال إنه يجب استعادة النظام الدولي القائم على القواعد.

وأضاف “قارات مختلفة ومقاربات سياسية مختلفة للشؤون الدولية. ولكن أولوية القانون الدولي توحد الجميع”.

وغابت روسيا عن المحادثات، ومع ذلك قال الكرملين إنه سيتابعها. ويقول مسؤولون أوكرانيون وروس ودوليون إنه لا يوجد أي احتمال لإجراء محادثات سلام مباشرة بين كييف وموسكو في الوقت الحالي، إذ لا تزال الحرب مستعرة.

وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي إن المشاركين في الاجتماع لن يصدروا بيانا مشتركا في ختام محادثاتهم، لكن السعوديين سيقدمون خطة تتضمن إجراء مزيد من المحادثات، مع تشكيل مجموعات عمل لمناقشة قضايا مثل الأمن الغذائي العالمي والسلامة النووية وإطلاق سراح الأسرى.

ووصف المسؤول المحادثات بأنها إيجابية وقال إن هناك “اتفاقا على أن احترام وحدة الأراضي والسيادة الأوكرانية يجب أن يكونا في قلب أي تسوية سلمية”.

وقال دبلوماسيون غربيون إن السعودية، أكبر مصدري النفط في العالم والتي حافظت على اتصالات مع الجانبين منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، اضطلعت بدور في عقد اجتماعات مع دول لم تنضم إلى اجتماعات سابقة.

وقالت الصين، التي لم تحضر جولة سابقة من المحادثات في كوبنهاغن، السبت إنها سترسل لي هوي المبعوث الخاص لشؤون أوراسيا للمشاركة في المحادثات.

وتحتفظ الصين بعلاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة مع روسيا منذ بدء الصراع، ورفضت دعوات لإدانة موسكو.

وقال لي هوي “لدينا نقاط خلاف كثيرة واطلعنا على مواقف مختلفة، لكن من المهم مشاركة مبادئنا”.

وقالت السفارة الهندية في الرياض عبر مواقع التواصل الاجتماعي السبت إن مستشار الأمن القومي الهندي شري أجيت دوفال وصل إلى جدة لحضور المحادثات. وعلى غرار الصين، حافظت الهند على علاقات وثيقة مع روسيا ورفضت إدانتها بسبب الحرب. وعززت الهند وارداتها من النفط الروسي.

وأرسلت جنوب أفريقيا أيضا مستشار الرئيس سيريل رامابوسا لشؤون الأمن سيدني مفامادي لحضور المحادثات، فيما سينضم سيلسو أموريم كبير مستشاري الرئيس البرازيلي للسياسة الخارجية للاجتماعات عن طريق الاتصال المرئي. وكلا البلدين من الدول الأعضاء في مجموعة بريكس التي تضم أيضا روسيا والصين والهند.

وقال محللون ومسؤولون غربيون إن الدبلوماسية السعودية كان لها أثر مهم في تأمين حضور الصين المحادثات.

وفي ظل قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تسعى السعودية إلى الاضطلاع بدور أكبر على الساحة العالمية ودفعت من أجل توسيع العلاقات مع القوى الكبرى خارج الإطار القديم الذي يركز على علاقتها مع الولايات المتحدة.

وتعاونت الرياض مع موسكو في السنوات الماضية فيما يتعلق بسياسة سوق النفط، وساعدت إلى جانب تركيا في التوسط في تبادل للأسرى بين أوكرانيا وروسيا العام الماضي. وحضر زيلينسكي قمة لجامعة الدول العربية في المملكة في مايو الماضي عندما عبر الأمير محمد عن استعداده للمساعدة في التوسط لإنهاء الحرب.

كما عززت السعودية العلاقات مع الصين خلال العام الماضي، إذ أبدت ترحيبا حارا بالرئيس الصيني شي جين بينغ عندما زار الرياض في ديسمبر، وسعت إلى الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تترأسها الصين.

وفي مارس، توسطت بكين في استئناف العلاقات بين السعودية وإيران.

وقال كريستيان كوتس أولريخسن، الزميل المعني بشؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر بجامعة رايس، إن حضور الصين يرسل إشارة دعم للدبلوماسية السعودية بعد التعاون الصيني السعودي في مجالات أخرى في الآونة الأخيرة.

وأضاف “مشاركة الصين في المحادثات تدعم قول السعودية إن قوة عمل (البلدين) معا وقدرتهما على الاستفادة من العلاقات تختلف نوعيا عن الأطراف الغربية”.

غير أن يون سون مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون بواشنطن رأت أن حضور الصين لا يشير إلى أنها ستوافق في النهاية على النتائج التي تسعى إليها أوكرانيا وحلفاؤها.

وقالت “المشاركة في اجتماع تشير فقط إلى الرغبة في الاستماع والمناقشة. ولا تشير بأي حال من الأحوال إلى أن الصين يجب أن توافق على أي شيء في النهاية”.

Related posts

Top