عقدت دائرة برلمانيي البحر المتوسط من أجل التنمية المستدامة (COMPSUD) اجتماعها السنوي الرابع عشر، يوم 17 دجنبر بمقر البرلمان بالرباط، بحضور نخبة من الفعاليات البيئية التي تنشط على عدة واجهات وتناضل ضمن عدة ملفات بيئية من برلمانيين ومجتمع مدني وإعلاميين.
وخلال الجلسة الافتتاحية أثنى لحبيب المالكي رئيس الغرفة الأولى للبرلمان المغربي على دور الشبكة البرلمانية التي تتولى إنضاج التفكير على أساس التقاطع بين البحث العلمي وما هو سياسي، وتحليل السياسات العمومية بشأن التنمية المستدامة في أبعادها المتعددة، مشير أن اختيار محور «العلاقة بين الماء والطاقة والتغذية والنظام الإيكولوجي» يدل على أهمية وراهِنية اِهتمامات وأهداف المجموعة التي تلتقي مع أهداف التنمية المستدامة كما صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر 2015، ومع أهداف العديد من المنظمات والتكتلات الدولية والإقليمية.
وأكد لحبيب المالكي أن المغرب كان سباقا إلى وضع هذه الأهداف في صلب سياساته العمومية. فمنذ الستينات من القرن الماضي، اعتمدت بلادنا سياسة مائية رائدة على المستوى العالمي متمثلة في بناء السدود وتعبئة الموارد المائية وتحويلها إلى حيث الحاجة، واستصلاح الأراضي الزراعية ضامنة على هذا النحو أَمنا مائيا وإنتاجا زراعيا متنوعا.
وبناء على هذا التراكم، ووفاء منه لتقاليده العريقة والراسخة في مجال الفلاحة يُكثف المغرب اليوم من آليات تعبئة المياه ويطوِر نموذجا زراعيا رائدا بفضل مخطط المغرب الأخضر الذي مكن من مضاعفة الانتاج والمردودية والقيمة المضافة الفلاحية، مساهما على هذا النحو في ضمان الأمن الغذائي وتحسين المداخيل، كما يقول رئيس مجلس النواب.
وأشار إلى أن بلدان البحر المتوسط، تشاطئ أكبر بحر مغلق في العالم، «وتقع في حوض يعاني من عدة ضغوطات بيئية تزِيد من حدتها عوامل جيوسياسية، تجعل منه منطقة حيث النزاعات والحروب الأقدم في العالم، وحيث تتكدس الأسلحة، ويتِم تسجيل أكبر حركات هجرة قسرية ونزوح ولجوء، جراء النزاعات والأزمات والاختلالات المناخية. وتنضاف هذه العوامل إلى الاستغلال المفرط للثروات الطبيعية في الحوض المتوسطي حيث إِجهاد التربة، والاستغلال المفرط للمياه، والتلوث السائل والصلب، وتراجع المساحات الغابوية».
وفي سياق الندرة تحتد الصراعات حول الماء، يضيف المالكي، وَيحتد التنافس على الأغذية ومصادِرِها. وبعد أن ظلت الطاقة التقليدية على مدى 80 عاما مصدر نزاعات دولية وإقليمية، صار الماء والأغذية من الرهانات الاستراتيجية الدولية. وسيحْتدّ الصراع حول هذين العنصرين الضروريين للبقاء في ضوء ارتفاع الطلب والزيادات السكانية وتضاؤل الموارد، مما ينذر بمزيد من النزاعات إذا لم تتحمل المجموعة الدولية مسؤوليتها بإيجاد الأجوبة المسؤولة والحاسمة والإِرادية لهذه المعضلات.
وتسجل المناطق الرطبة الساحلية في منطقة المتوسط تراجعا كبيرا بلغ حَد اندثارِ عدد منها؛ مما أَثر، ويؤثر، على النظام الإيكولوجي وتوازنه، وينذر باندثار عدد من الأحياء الطبيعية والاصناف النباتية. وإذا كان الجفاف يعتبر إحدى الأسباب الموضوعية لهذا التراجع، فإن سلوكَ العنصر البشري يعد بدوره حاسماً في هذه الظاهرة. فالاختلالات المناخية وما ينجم عنها من جفاف في الغالب، وفيضانات أحياناً، ناتجةٌ عن السلوكات البشرية والاستغلال المفرط، وغير العقلاني وغير المستدام للموارد، وعن تلويث الهواء والأرض والمياه.
وإزاء نُدْرَةِ الطاقات التقليدية، والتنافس القوي عليها، ينبغي تكثيف الاستثمار في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، وتكثيف البحث العلمي في هذا المجال، وتطوير تصنيع التجهيزات المستعملة في توليد الطاقة من هذه المصادر. ومرة أخرى، يوجد المغرب من بين البلدان الرائدة في إنتاج الطاقة النظيفة كأحد مكونات الاقتصاد الأخضر الذي وَضَعَ لَهُ استراتيجياتٍ وخُطَطَ طموحةٍ في سياق البحث عن تلبية حاجياته من الطاقة.
وقال المالكي أن مجلس النواب أحدث مجموعة موضوعاتية معنِية بالاقتصاد الأخضر هدفُها تقديمُ اقتراحاتٍ في مجال التشريع والسياسات العمومية بشأن تشجيع إنتاج واستعمالات الطاقة من مصادر متجددة. ومرة أخرى يُطرحُ في هذا السياق سؤال التضامن وتقاسم التكنولوجيا بين الشمال المصنع والجنوب الباحث عن التنمية.
وشدد المالكي على أن تكامل المقاربات وتقاطع الرؤى في هذا اللقاء بين البرلمانيين بصفتهم مُشَرِّعِين ومراقبين للعمل الحكومي وللسياسات العمومية من جهة، والخبراء من جهة ثانية والمسؤولين الحكوميين ومسؤولي المنظمات الدولية من جهة ثالثة، سيمكن من صياغة مقترحات ومقاربات قابلةٍ للإدماج في السياسات العمومية، على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
وينبغي للسياسات الوطنية والالتزامات الدولية في هذا المجال أن تخضع لتأطير تشريعي وطني ولتعاقداتٍ متعددة الأطراف مُلْزِمةٍ ومتبَادَلَةٍ، خاصة في ما يلاحظ من تراخي في التعبئة الدولية الحكومية ومن تواضع في الوفاء بالالتزامات المتعلقة بموَاجهة مخاطر الاختلالات المناخية. ولعل الدليل على ذلك نتائج الدورة 25 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة-الإطار حول التغيرات المناخية في مدريد التي كانت نتائجها محبطة ، يضيف المالكي.
ويوجد البرلمانيون في المكانة الملائمة التي تؤهلهم للعب أدوار حاسمة ليس فقط في التشريع، ودفع الحكومات إلى اعتماد السياسات البيئية والإنمائية المناسبة، ولكن لتعبئة الراي العام وتحسيس المجتمع المدني بِنُبْلِ أَهداف التعبئة من أجل الحفاظ على البيئة وحسن استعمال وتعبئة الموارد المائية ونشر ثقافة التنمية المستدامة. وما من شك في أن شبكة البرلمانيين المتوسطيين من أجل التنمية المستدامة مدعوةٌ إلى الاضطلاع بدور حاسم من أجل إجراءات وسياسات عابرة للحدود في المنطقة المتوسطية. ويتعلق الأمر على الخصوص بجعل تحويل التكنولوجيا الضرورية، وَتَمَلُّكِهَا لتطوير الفلاحة من بلدان شمال المتوسط إلى بلدان جنوب المتوسط وافريقيا جزءً من مرافعاتها في البرلمانات الوطنية وفي الإطارات المتعددة الأطراف. ويتعلق الأمر أيضا بتيسير نقل تكنولوجيا تحلية مياه البحار، وبناء السدود من أجل تعبئة المياه وتوفير احتياطات استراتيجية منها، وتكثيف الزراعات مع الحرص على الحفاظ على الأرض بما يَكْفَلُ استدامةَ التنمية التي ينبغي أن يكونَ الانسانُ في صلبِهَا وَهَدَفَهَا.
وقال المالكي «إننا مدعوون أيضا إلى الترافع من أجل جعل البلدان والهيئات المانحة تفي بالتزاماتها إزاء البلدان النامية المتضررة من الاختلالات المناخية، وجعل الزراعة وتربية الماشية والصيد البحري في صلب الاستراتيجيات الوطنية للتنمية، وتثمين استعمال الـمُخَصِّبَات الزراعية الميسرة لزيادة وتكثيف الإنتاج، وجعل الفلاحة مصدراً ثميناً للدخل وللتشغيل الضامن للكرامة، وتيسير تَمَلُّك التكنولوجيا المستعملة في تحويل وتعبئة وتثمين المنتوجات الفلاحية، من الشمال إلى الجنوب. وعلى البلدان الـمُصَنَّعَة ألا تكون بَخِيلَةً أمام هذه المطالب التي لا ينبغي اختزالها في الإطار الضيق لـ»حقوق المخترعين والمصنعين»، فالقضية أَنبل من إخضاعها للحسابات التجارية، إذ تتقاطع فيها قِيَمُ التضامن والمسؤوليةُ المشتركة إزاءَ المستقبل».
إزاء التحديات التي تهدد بإعادة إنتاج الفقر والتهميش وتعميق الفوارق الاجتماعية والمجالية، مع ما قد يَنْجُمُ عن ذلك من ضعف التماسك الاجتماعي وعدم الاستقرار، ينبغي لنا أن نستعيد روح حوض البحر الأبيض المتوسط، كفضاء للتعايش والتضامن والتآزر والسلم، والوحدة. وينبغي لنا أن نتقاسم المهارات والتكنولوجيا والتقنيات التي تيسر الإنتاج بشكل أنظف وأسرع وعلى نحو مستدام. وما من شك في أن الآليات البرلمانية المتعددة الأطراف، تشكل إطارا ملائما للاقتراح وللمبادرات المشتركة التي ينبغي توحيدُها وتكثيفُها لتكتسبَ قوةَ الترافع العابر للحدود، وليكون صداها أقوى على المستويات الوطنية ومتعددة الأطراف.
وإذا كان تدبير المياه وحسن استعمالها، والزراعة، إرثا متوسطيا قل نظيره؛ حيث برعت شعوب حول البحر الأبيض المتوسط في تعبئة المياه ونقلها واستعمالها، وتتوفر على تقاليد عريقة وراسخة في هذا المجال، هي جزء من حضاراتها المتنوعة والغنية، فإننا مطالبون اليوم باستعادة ثقافة تدبير الندرة والتضامن وَتوريث الممارسات الإيجابية للأجيال القادمة، والتفاعل الإيجابي وتيسير المبادلات بين الشعوب على النحو الذي يقرب في ما بينها ويؤسس لثقافة التعايش والسلم على أساس الازدهار والرخاء المشترك.
وأفاد البرلماني موح الرجدالي أن الاجتماع السنوي للدائرة يأتي في سياق الصعوبات التي تميز البيئة والتنمية المستدامة والتحديات التي تشهدها ضفتي البحر الابيض المتوسط بشكل خاص وفي جميع أنحاء العالم بشكل عام وهناك حاجة إلى تعبئة شاملة لتنفيذ رؤية ملهمة للتصدي لهذه التحديات من العقد الجديد والتصدي لها بحلول عام 2030 ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة.
وأكد الرجدالي أن الحوض المتوسطي يتقاسمه 20 دولة من ثلاث قارات ويقطنه 500 مليون نسمة أي 7 في المائة من ساكنة العالم و55 في المائة تقطن على ضفاف الشواطئ البحرية مما يشكل ضغطا على البيئة الشاطئية. ويزخر الحوض المتوسط بإرث ثقافي وحضاري ويعد خزانا للتنوع البيولوجي النباتي والحيواني.
وأضاف الرجدالي أن الحوض المتوسط على صغره بـ0.5 في المائة من حجم جميع بحار العالم فهو خزان لـ20 في المائة من مخزون الحيوانات والاسماك البحرية حوالي 20 ألف نوع من الحيوات البحرية. فضلا عن 25 مليون هكتار من الغابات إضافة إلى الاشجار الفلاحية المثمرة. ويتوفر على 10 في المائة من المخزون النباتي في العالم. ذلك أن انقراض نوع من الأنواع في المتوسط هو انقراض في العالم.
وتفيد احصائيات 2018 أن الحوض المتوسطي استقطب حوالي 320 مليون سائح . والعدد مرشح للادزياد ليصل إلى 500 مليون سائح في أفق 2050.
ومن جهته أفاد «مايكل سكولوكس»، كاتب عام دائرة برلمانيي البحر المتوسط من أجل التنمية المستدامة (COMPSUD) ورئيس ومكتب معلومات البحر الابيض المتوسط للبيئة والثقافة والتنمية المستدامة، ( MIO-ECSDE)، والشراكة العالمية للمياه – البحر الأبيض المتوسط(GWP-Med)، أن المغرب يحظى بالريادة بفعل سياسته الحكيمة تجاه ترشيد المياه والموارد المائية وفي مجال الطاقات المتجددة. كما أن منطقة الحوض المتوسطي منطقة حوارية لمناقشة القضايا المتسمة بالراهنية. ثم أن الحكامة الجيدة مستشعرة في مناطق المتوسط وذات مخرجات إيجابية إذ أن الجهود المتضافرة تنعكس إيجابا على النتائج المتوخاة. هناك قصص نجاح على مستوى تقليص الملوثات لمجموعة ضخمة من الجهات الصناعية وهناك برامج احترازية حمائية لتطبيق مجموعة من السلوكات الايجابية. وهنا يبرز دور دائرة برلمانيو البحر المتوسط من أجل التنمية المستدامة (COMPSUD) في تبني استراتيجية تعليم التنمية المستدامة. فالجهود المبذولة هي أوسمة على الصدور (اتفاقية برشلونة)، فالمساعي صعبة وتخرج من رحم الصراعات الاقليمية. وأشار سكولوكس أنه رغم فشل قمة كوب 25 فهناك أمل للحوض المتوسطي.
وشهد الملتقى استعراض مجموعة من العروض مناولة مجموعة من المحاور همت أهم أولويات البحر المتوسط في البيئة والتنمية المستدامة على مستوى الالتزامات وسياسات التنفيذ ثم الحلول القائمة على الطبيعة والسواحل في المناطق الرطبة لمقاومة المناخ.
وأعلن المشاركون، عقب عدة نقاشات وحوارات مستفيضة ألمت بالقضايا المرتبطة بسياقات الحاضر ورهانات المستقبل وقضايا التنمية البيئية والمستدامة الرئيسية المتعلقة بمنطقة البحر المتوسط، عن «إطلاق عقد جديد للتنمية المستدامة في البحر المتوسط» بدعوة من البرلمان المغربي ودائرة برلمانيون البحر المتوسط من أجل التنمية المستدامة (COMPSUD)، وممثلو الاتحاد من أجل البحر المتوسط (UfM)، برنامج الأمم المتحدة للبيئة/ خطة عمل البحر المتوسط، وجامعة الدول العربية (LAS) ، البرلمانيين، أعضاء ودائرة برلمانيون البحر المتوسط من أجل التنمية المستدامة (COMPSUD)، ودائرة الاعلاميين المتوسطيين للبيئة والتنمية المستدامة (COMJESD)، ووسائل الإعلام الأخرى، وممثلون آخرون للمجتمع المدني من ألبانيا، بلجيكا، كرواتيا، قبرص ، مصر، فرنسا، اليونان، إيطاليا، الأردن، لبنان، المغرب، فلسطين والبرتغال وسلوفينيا وتونس وتركيا.
وخلص المشاركون إلى أنه تم إحراز تقدم كبير في عدد من المجالات الرئيسية على المستوى الإقليمي (الاتحاد من أجل المتوسط، اتفاقية برشلونة، اللجنة المتوسطية للتنمية المستدامة، جامعة الدول العربية) و/ أو المستوى الوطني، بما في ذلك الحد من تصريف النفايات الحضرية والصناعية غير المعالجة في البحر الأبيض المتوسط، ودمج الوقاية من التلوث في جدول أعمالها والتحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال اعتماد وتطبيق ممارسات الاستهلاك والإنتاج المستدامة، وتحديد مناطق محمية جديدة، وإدماج التنمية المستدامة (ESD) في منظومة التعليم الرسمي وغير الرسمي بمقاربة تشاركية. مع وضع، في العديد من البلدان، الحوافز و / أو التشريعات من أجل الحد من استخدام المواد البلاستيكية التي تشكل جزءا كبيرا من النفايات البحرية؛ وكذلك التحول إلى زيادة استخدام الطاقات المتجددة وموارد المياه غير التقليدية.
وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية المرحب بها للغاية، والظروف غير المواتية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، بما في ذلك النزاعات القديمة والجديدة الكبرى، والركود الاقتصادي، وعدم الاستقرار السياسي والنمو السريع للسكان في بعض بلدان البحر الأبيض المتوسط من السواحل الشرقية والجنوبية، زادت الضغوط على كل من الموارد الطبيعية ومجتمعات البحر المتوسط.
ويتفاقم الوضع العام الحرج بشكل أكبر بسبب تغير المناخ في المنطقة، التي ترتفع درجة حرارتها بنسبة 20٪ عن المتوسط العالمي، مما قد يتسبب في أسوأ أزمة بيئية ومناخية في تاريخها الطويل، مع الجفاف والفيضانات، وتساقط الثلوج والجليد بشكل متكرر وأكثر شدة على الجبال، وحرائق الغابات، وأنواع مختلفة من التآكل، واقتحام مياه البحر، والفقدان السريع للتنوع البيولوجي، وغزو الأنواع الغريبة، فضلا عن الآثار السلبية على الآثار التاريخية والأعمال الفنية، ناهيك أيضا عن تهديد الأمن البشري، وزيادة النزاعات والمشاكل المتعلقة بالصحة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
كما أوضحت الرسائل الرئيسية التي تمت الموافقة عليها مؤخرا في تقرير حالة البيئة والتنمية لعام 2019 (2019 SoED)، أن بلدان البحر المتوسط تواجه اليوم تحديات مشتركة تتطلب مستوى عال ردود متعددة والإجراءات الجماعية.
ولمواجهة هذه التطورات ومن منظور العقد الجديد 2020-2030، سيكون ذلك أمرا حاسما (ربما العقد الأخير حيث يمكن أن يكون لتدابير التخفيف والتكيف الوقائية معنى وأثر إيجابي).
من أجل مستقبل البيئة والتنمية المستدامة في منطقة البحر المتوسط وأماكن أخرى، يجب أن تتعاون الحكومات والبرلمانات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص / المؤسسات والمجتمع بشكل عام بسرعة وكفاءة. لحل الأزمة البيئية والمناخ.
وعليه ركز الملتقى على الحاجة إلى العمل بشكل منهجي معا من أجل زيادة تعزيز الكفاءة والحوكمة الرشيدة وتعزيز الاقتصاد الأخضر والدائري، قدر الإمكان، والاقتصاد المحايد للكربون، استنادا إلى اتخاذ القرارات العلمية السليمة، مع إعطاء الأولوية للتخطيط المتكامل للإدارة البيئية (البر والبحر والجو) والعمليات التشاركية بما في ذلك الانضمام إلى اتفاقية «آرهوس» (Convention d›Aarhus)، وتطوير وتحسين الإطار القانوني والمؤسسي المناسب ومن خلال حوافز تجارية، ثم مواءمة القوانين والإطار التنظيمي الوطني مع الاتفاقيات والبروتوكولات المتعلقة بالاستراتيجيات العالمية والإقليمية ووضع الترتيبات اللازمة للتصديق عليها والتطبيق السليم والرصد والاتصال، من قبيل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وأهداف أيشي لاتفاقية التنوع البيولوجي، وجداول أعمال الاتحاد من أجل المتوسط للمياه، والبيئة، والمناخ والاقتصاد الأزرق، واتفاقية برشلونة، واتفاقية رامسار، والتوصيات الحديثة من نتائج الاجتماع الحادي والعشرين للأطراف المتعاقدة في اتفاقية برشلونة (نابولي، 2-5 ديسمبر 2019) والاجتماع الخامس والعشرين للأطراف المتعاقدة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ Cop 25 (مدريد، 2-13 ديسمبر 2019)، إلخ.
ودعا الملتقى خلال الاعلان عن عقد جديد للتنمية المستدامة في البحر المتوسط إلى معالجة ضياع التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي، وكذلك مكافحة تغير المناخ بطريقة مجتمعة ومتكاملة كأولوية سياسية، مع مراعاة القيمة الأساسية للتنوع البيولوجي، ولا سيما النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية، و توفير السلع والخدمات الضرورية لعيش سكان منطقة البحر المتوسط. وكذا التعرف على مستوى الأمن الوطني والإقليمي ورفع مستواه، وتأمين مقاربة «النكسوس» (Nexus Eau-Energie-Alimentation- Ecosystème (EEAE))، مع تشجيع الطاقات المتجددة واستخدام موارد المياه غير التقليدية. وكذلك، استهداف القطاعين الاقتصاديين الرئيسيين في المنطقة، ولا سيما الزراعة والسياحة، وتكييف الأولويات والاستراتيجيات والممارسات المناسبة بطريقة متكاملة، مصحوبة بتدابير ملموسة.
وحث الإعلان على تشجيع الحلول القائمة على الطبيعة، من خلال الحوافز والتدابير الملموسة، ولا سيما استعادة المناظر الطبيعية وإدارة المناطق الرطبة الساحلية وغيرها من النظم الإيكولوجية الضعيفة، حيث يجب أن تكون هذه التدابير متوافقة مع نهج النظام الإيكولوجي (EcAP / EBA) والربط الأمثل للإدارة المتكاملة للموارد المائية (IWRM) مع الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية (ICZM) وتغير المناخ والإطار المنهجي المتكامل ( يشكل صندوق النقد الدولي / UNEP / UNESCO / GWP-Med) ومقاربة «نيكسوس» Nexus / WEFE، واعتماد مقاييس تخفيف والتكيف مع تغير المناخ، مما يسهم في تحقيق العديد من الأهداف الإنمائية للألفية باستخدام مقاربة متكاملة. فضلا عن تشجيع استخدام مخططات وخرائط الجفاف والهشاشة أو مخاطر الفيضانات كأدوات فعالة للتخطيط والإدارة وصنع القرار.
و إدراكا لخطورة مشكلة النفايات البحرية ومساهمة المواد البلاستيكية في هذه المشكلة، اقترح الملتقى إدخال على وجه السرعة تشريعا محددا للتخلص التدريجي من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، إلى جانب أنظمة الإعادة / إعادة الاستخدام / إعادة التدوير والمسؤولية الموسعة للمنتجين (REP) والأنظمة الفعالة لإدارة النفايات الصلبة البلدية والزراعية والسياحية.
وعبر المشاركون عن قلقهم إزاء التدفق المتزايد للاجئين والمهاجرين إلى بلدان البحر الأبيض المتوسط والضغوط المختلفة المقلقة التي تمارس على المجتمعات المحلية والموارد الطبيعية والبنية التحتية والخدمات الأساسية، ولا سيما الوصول إلى المياه والطاقة والتعليم والصحة، ولذلك طالبوا الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى إظهار، بطريقة ملموسة، التضامن ووضع سياسة عالمية تقلل من التوترات في البلدان الأصلية ومساعدة البلدان المضيفة والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية لتعزيز والحفاظ على إجراءات ملموسة لتخفيف آثارها على المجتمعات المضيفة واللاجئين على الصعيدين الوطني والمحلي. ثم الترويج بشكل منهجي للتعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD) على جميع مستويات وأنواع التعليم، وفقا لاستراتيجية البحر المتوسط للتنمية المستدامة وخطة عملها، وزيادة الموارد المادية والبشرية المستثمرة في هذا المجال، لأن التعليم والتوعية والتدريب هي أكثر الوسائل فاعلية لمواجهة تحديات العقد الجديد وما بعده، من خلال تشكيل السلوكيات نحو أنماط الاستهلاك.
ويدكر أن دائرة «كومبسود» (COMPSUD) تعتبر بنية مفتوحة ومرنة تهدف إلى تعزيز الآليات المناسبة لدعم الحوار بين أعضاء البرلمانات (من دول الاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي غير المتوسطية) والسياسيين وغيرهم من الأطراف المعنية بشأن حماية البيئة المتوسطية والظروف الاجتماعية اللازمة الاقتصادية – الاقتصادية للتنمية المستدامة في المنطقة.
وتشدد الدائرة على ضرورة تعزيز الحوكمة الفعالة للموارد الطبيعية والبيئة، مع التركيز بوجه خاص على الحكم الرشيد للمياه، من خلال تشجيع الحوارات المنتظمة والبناءة بين البرلمانيين أنفسهم ومع جميع أصحاب المصلحة المعنيين ومنظمات المجتمع المدني والجمهور بوجه عام، باعتبارها منطلقا أساسيا لتعزيز التنمية المستدامة في ظروف السلم والتعاون بين جميع بلدان وشعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط.
ويرتبط «كومبسود» ارتباطا جوهريا مع الحوار الإقليمي للبرلمانيين والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين بشأن حماية البيئة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وآفاق التنمية المستدامة في المنطقة. وتجري هذه الحوارات السنوية بالتزامن مع كل اجتماع من اجتماعات «كومبسود» وتصدر بيانات مشتركة، وقرارات، وخطط عمل، وما إلى ذلك.
ويذكر أن دائرة «كومسبود» تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط من خلال نهج متكامل لإدارة الموارد، وتوفير بيئة صحية وسلمية، حيث يتم حماية التنوع البيولوجي والتنوع الثقافي في المنطقة. ثم تعزيز الإدارة البيئية الفعالة مع التركيز بشكل خاص على إدارة المياه وتشجيع الحوار العام بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين ومنظمات المجتمع المدني والجمهور عامة مع البرلمانيين وفيما بينهم، فضلا عن تشجيع إنتاج ونشر واستخدام بيانات ومعلومات موثوقة وفي الوقت المناسب ودقيقة وكاملة وذات صلة يمكن الوصول إليها لاستخدامها من جانب صانعي القرارات وكأساس للإعلام والتوعية بشأن قضايا التنمية المستدامة والإدارة المتكاملة للموارد المائية (IWRM)على وجه الخصوص. وكذا تعزيز بناء القدرات والتدريب والتعليم المناسب مع التركيز على التعليم من أجل التنمية المستدامة لجميع المعنيين بشكل مباشر أو غير مباشر في اتخاذ خيارات حاسمة، لا سيما تلك التي تؤثر على الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
يشار أن مجلس الدائرة مكون من 6 برلمانيين تستمر ولايتهم لمدة سنتين. يتم اختيار رئيس مجلس الإدارة وكرسي مشارك من بين أعضاء المجلس مع الحفاظ على التوازن بين الشمال والجنوب.
> محمد التفراوتي