فضاء حزب التقدم والاشتراكية للأطر بالدار البيضاء ينظم لقاء مناقشة

أكد أحمد زكي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أن الاستحقاقات التشريعية، المزمع إجراؤها في سابع أكتوبر الجاري، والتي تعد الثانية من نوعها منذ إقرار دستور 2011، تشكل رهانا كبيرا لحاضر ومستقبل البلاد، وأن حزب الكتاب تعاطى بشكل إيجابي مع برنامجه الانتخابي الذي يعد عصارة سلسة لقاءات فكرية وندوات ولقاءات واجتماعات حزبية، وذلك على خلاف أحزاب أخرى «أعدت برنامجها في ظرف قياسي لا يقبله عقل».
واستعرض زكي، في افتتاح لقاء مناقشة، نظمه فضاء حزب التقدم والاشتراكية للأطر بالدار البيضاء، صباح أول أمس السبت بالعاصمة الاقتصادية، الخطوط العريضة للبرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية، مبرزا السياق العام الذي يؤطر هذا البرنامج الانتخابي والذي يتميز بـ «اقتناعنا بأن هناك على العموم حصيلة إيجابية بالنسبة للحكومة المنتهية ولايتها، وهي الحصيلة التي مكنت من القيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية كثيرة كما ساهمت في التحكم في التوازنات الماكرواقتصادية التي كانت صعبة».
وأضاف أحمد زكي، في هذا اللقاء الذي أطرته خديجة الصبار، أستاذة وباحثة جامعية، والذي حمل عنوان «البرنامج الانتخابي في أفق المشروع المجتمعي»، أن الهاجس الاجتماعي الذي يطبع مواقف حزب التقدم والاشتراكية، والذي يستمده من مرجعيته التقدمية وهويته الاشتراكية، ظل حاضرا بقوة في ممارسته للعمل الحكومي عبر الإنجازات الملموسة التي حققها الحزب من خلال المرافق الوزارية التي أشرف عليها خلال هذه الحكومة، وبالتالي، يضيف المتحدث، فالانطلاقة في إعداد البرنامج الانتخابي لحزب الكتاب والذي يحمل هم المشروع المجتمعي، «لم تكن من فراغ، بل من هذه التجربة الحكومية بجوانبها الإيجابية والسلبية».
وبعد تسليط الضوء على منجزات وزراء حزب التقدم والاشتراكية في الحكومة، والكشف عن بعض الجوانب السلبية في استراتيجية الحكومة، قدم أحمد زكي المقترحات التي تقدم بها حزب الكتاب في برنامجه لتشريعيات 2016، والتي تمت بلورتها، بحسبه، «بوضوح، و على أساس المبادئ التوجيهية التي تقوم على تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تنمية إدماجية تضع الإنسان في قلب السياسات العمومية وتوفق بين الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وإدراج البعد البيئي في صميم السياسات العمومية، وإرساء حكامة ديمقراطية ترتكز على المحاسبة وإضفاء روح المواطنة على مفهوم المسؤولية».
هذه المبادئ، يقول عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، الذي تناول الكلمة في هذا اللقاء الفكري الهام، تقوم أيضا على احترام دولة الحق والقانون، وتعزيز الحقوق والحريات وممارسة كافة المؤسسات لصلاحياتها الكاملة والحصرية على النحو الذي حدده الدستور بشكل مستقل، والالتزام الثابت بقيم التقدم والحداثة والمساواة، والتأكيد على الدور الأساسي للدولة في التنمية والتماسك الاجتماعي والمجالي، في تناغم تام مع أدوار باقي الفاعلين من مقاولات وجماعات ترابية وهيئات المجتمع المدني.
وأكد عبد الواحد سهيل أن الحزب جزء لا يتجزأ من الإجماع الوطني حول الوحدة الترابية للمملكة، وسوف يستمر في الوقت نفسه في ربط الدفاع عن القضية الوطنية بتعزيز الجبهة الداخلية عبر دولة الحق والقانون والديمقراطية وبضرورة اعتماد مقاربة تنموية لأقاليمنا الجنوبية ترتكز على اقتصاد منتج بعيدا عن الممارسات الريعية وبالاعتماد على تعبئة الأطر وشباب المنطقة في اتجاه خدمة الساكنة.
وأبرز أن البرنامج الانتخابي لحزب عريق كحزب التقدم والاشتراكية والساعي إلى بناء دولة وطنية ديمقراطية، يضع الإنسان في صلب السياسات العمومية باعتباره مدخلا لأي عملية تنموية معتبرا أن إعادة صياغة السياسات الاجتماعية يتطلب استحضار مبدأين أساسيين أثناء الفعل العمومي، يتعلق الأمر باعتبار النفقات الاجتماعية استثمارا لتحضير المستقبل وتنمية القدرات، ووضع تصور شمولي ومستدام للسياسات الاجتماعية في إطار قطب اجتماعي حكومي يسمح بالقطع مع المقاربات القطاعية الضيقة وذلك انطلاقا من وضع أسس مدرسة ناجعة تساعد على التفتح وتنمية القدرات، وتوسيع الإصلاحات في القطاع الصحي لضمان الحق في «الصحة للجميع» بالرفع من الميزانية العامة للقطاع الصحي إلى 8 بالمائة ثم 10 بالمائة في أفق 2020.
ويتم هذا القطع كذلك، بالنسبة لحزب الكتاب المعروف بتاريخه النضالي لصالح العمال والفلاحين والمستضعفين، بضمان الحق في سكن لائق لعموم المغاربة من خلال تقليص العجز السكني، والسعي الحثيث لتحقيق المناصفة والمساواة عبر تعزيز التمثيلية النسائية في مختلف المجالس المنتخبة من أجل البلوغ الفعلي لنسبة الثلث ثم المناصفة، وفتح ورش التنمية الثقافية المجسد للمشروع الديمقراطي الحداثي بالرفع من الميزانية المخصصة للثقافة، والاهتمام بالشباب، واعتماد سياسة قوية لإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ووضع وتطوير سياسة النهوض بأوضاع المسنين .
وبعد أن أكد على حاجة البلاد الماسة لسياسة اقتصادية إدماجية، شدد شهيل على ملحاحية التوفيق بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية من خلال السعي للوصول إلى نسبة نمو مشرفة على مدة طويلة لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، وذلك بإزالة العراقيل التي تواجه الاستثمار وتشجيع تنافسية المقاولات على المستوى الدولي والمحلي من خلال تحسين الانتاجية، وتنويع أسواق التصدير، وإعادة هيكلة قطاع الصناعة الغذائية.
كما شدد عضو الديوان السياسي على أهمية تعميق البعد البيئي للسياسات العمومية عبر إرساء تخطيط استراتيجي إيكولوجي ومواجهة التحدي الضخم لتدبير الماء والنهوض بالاقتصاد الأخضر.
كل ذلك، يقول المتحدث، لا ينسجم دون تنزيل ديمقراطي للدستور بالشكل الذي يدعم الحريات والحقوق الأساسية ويجسد دولة الحق والقانون، ويحمي الحريات العامة ويعزز دور الدولة ويرسي علاقات جديدة مع باقي الفاعلين ويطور ويعمق مسلسل الجهوية المتقدمة ويمكن من إصلاح الإدارة ومن محاربة الفساد وتعزيز شفافية التدبير العمومي.
هذا وتميز لقاء فضاء حزب التقدم والاشتراكية للأطر بجملة من المداخلات الهامة التي انصبت على مدى انعكاس النمو المسجل خلال الخمس سنوات من عمر حكومة بن كيران على المواطنين، وحاجة البلاد لتطور أفقي اجتماعي متكامل، ومدى استفادة المغرب من اتفاقيات التبادل الحر، بالإضافة إلى استمرار عدد من الجوانب السلبية في قطاعات استراتيجية على رأسها التعليم الذي بات يسير بسرعتين مختلفتين، قطاع خاص يعطي الأولوية للربح المادي، وقطاع عمومي غارق في أزمة الخصاص وتدني المستوى.
ونجحت مداخلة أحمد سالم لطافي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في تقليب صفحات كتاب «حزب الكتاب»، وسرد كرونولوجيا حزب التقدم والاشتراكية، في دقائق معدودات، أوضح فيها أن المناضلات والمناضلين يفتخرون بالانتماء لحزب يحمل  فكرا متطورا ومنفتحا على الجميع، وخاصة  اتجاه فئة الشباب والشابات، ومشيرا على أن التقدم والاشتراكية كان سباقا للدفاع عن حقوق المرأة، منذ أربعينات القرن الماضي. واستحضر سالم لطافي تاريخ العمل النسائي بين أحضان حزب التقدم والاشتراكية من خلال تسليط الأضواء على اسم نسائي ألا وهو «فورتوني سلطان» وهي زوجة ليون سلطان «كاتب عام الحزب الشيوعي المغربي عند تأسيسه عام 1943»، كما تطرق لمشاركة الحزب النوعية من خلال العنصر البشري الذي يؤثث الحكومة الحالية.

مصطفى السالكي

Related posts

Top