تتواصل بمختلف جهات المملكة عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة، وذلك إلى غاية 21 ماي الجاري، وحيث أن التسجيل في اللوائح، وبالتالي اكتساب صفة الناخب، هو المدخل المناسب للتأثير على القرار والتعبير عن الرأي في كل الأنظمة الديمقراطية، فإن عدم اهتمام كثير من مؤطري الحراك الشبابي الجاري منذ 20 فبراير بالتعبئة لفائدة هذا الحق الدستوري يطرح علامات استغراب وأسف لتضييع هذه الفرصة.
إن مدخل الانتخابات، والنضال من أجل نزاهتها هو خيارنا لتعزيز الديمقراطية في بلادنا، ومن يعتقد بوجود خيار آخر فإنه ببساطة يقود شعبنا وشبابنا لتضييع الفرص، وذلك معناه في النهاية ترك الساحة فارغة ومتاحة للفاسدين ولسماسرة الانتخابات، كي يعيدوا إنتاج ذات الممارسات، وبالتالي تأجيل الإصلاحات السياسية الحقيقية.
وعندما يتركز (النضال) اليوم ضد المهرجانات الفنية، وخصوصا (موازين)، ويجري اعتبار هذه (المعركة) أكثر أهمية من تنقية اللوائح الانتخابية، ومن التعبئة لإصلاح مؤسساتنا التمثيلية ومحاربة الفساد والمفسدين داخلها، فان خللا ما أصاب العقول والأبصار.
لقد كتب الكثيرون عن ارتباكات ومشاكل داخلية لدى مكونات حركة (20 فبراير)، ونعتقد أن من أكبر المخاطر التي تهدد هذه الدينامية الشبابية اليوم، هناك فقدان الاستقلالية، وأيضا غياب الأفق السياسي الواضح، وهذا الأمر يتطلب نقاشا صريحا وجادا من أجل إنقاذ هذه الحركية التي أكسبت حياتنا السياسية زخما واضحا.
لا يمكن أن نواصل الحراك في الشارع إلى ما لا نهاية، وبمنظومة مطلبية وشعاراتية جامدة لا تتحرك، ولا تلتفت إلى ما يجري في المحيط الوطني والخارجي، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نطور أي حراك نضالي من دون أن يتوفر لدينا أفق سياسي واضح.
فعندما نرفع مطلب (ارحل) عاليا، فإن الانتخابات المحلية والبرلمانية تمثل مناسبة لممارسة التعبير عن هذا الرأي بشكل ملموس، وعبر صناديق الاقتراع، وإذا استطعنا التعبئة لفائدة المطلب، فإن ذلك سينعكس على تشكيلة الحكومة وعلى المؤسسة التشريعية، أما أن نطالب بالرحيل ونتمناه، وفي نفس الوقت نحافظ على جمود عقليتنا وعلى ثباتنا واقفين في الشارع، فإن ذلك لن يغير كثيرا في الواقع.
المسؤولية في إنجاح تحولنا الديمقراطي اليوم تقع على الجميع، بمن في ذلك الشباب، وخصوصا المتحلقين حول حركات 20 فبراير.
نطرح على الجميع سؤالا بغاية الفهم: كيف تنوون المساهمة في إنجاح رهاننا الديمقراطي؟
وفي الجواب سيتضح الموقف من الاستقلالية ومن الأفق السياسي.
[email protected]