في خطاب سام بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة

ترأس جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، عشية يوم الجمعة المنصرم بالرباط، افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
وبهذه المناسبة، ألقى جلالة الملك خطابا ساميا أمام أعضاء غرفتي البرلمان، دعا فيه جلالته إلى التركيز على موضوعين هامين: الأول يتعلق بإشكالية الماء، وما تفرضه من تحديات ملحة، وأخرى مستقبلية، والثاني يهم تحقيق نقلة نوعية، في مجال النهوض بالاستثمار.
ففي ما يخص المحور الأول، دعا جلالة الملك لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية، لافتا جلالته إلى أن مشكل الماء، ينبغي ألا يكون موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
وارتباطا بالمحور الثاني، سلط جلالة الملك الضوء على الاهتمام البالغ الذي يحيط به جلالته موضوع الاستثمار، مشددا جلالته على “ضرورة تعبئة الجميع، والتحلي بروح المسؤولية، للنهوض بهذا القطاع المصيري لتقدم البلاد”.
ولتحقيق الأهداف المنشودة، وجه جلالة الملك الحكومة، بتعاون مع القطاع الخاص والبنكي، لترجمة التزامات كل طرف في تعاقد وطني للاستثمار، مشيرا جلالته إلى أن هذا التعاقد “يهدف لتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026.”
وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي:

” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة البرلمانيين المحترمين،

إن افتتاح البرلمان ليس مجرد مناسبة دستورية، لتجديد اللقاء بممثلي الأمة، وإنما نعتبره موعدا سنويا هاما، لطرح القضايا الكبرى للأمة، لاسيما تلك التي تحظى بالأسبقية.
وقد ارتأينا أن نركز اليوم، على موضوعين هامين:
– الأول يتعلق بإشكالية الماء، وما تفرضه من تحديات ملحة، وأخرى مستقبلية.
– والثاني يهم تحقيق نقلة نوعية، في مجال النهوض بالاستثمار.

حضرات السيدات والسادة، قال تعالى “وجعلنا من الماء كل شيء حي” صدق الله العظيم.

فالماء هو أصل الحياة، وهو عنصر أساسي في عملية التنمية، وضروري لكل المشاريع والقطاعات الإنتاجية.
ومن هنا، فإن إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وإننا نسأل الله تعالى، أن ينعم على بلادنا بالغيث النافع.
ولمواجهة هذا الوضع، بادرنا منذ شهر فبراير الماضي، باتخاذ مجموعة من التدابير الاستباقية، في إطار مخطط مكافحة آثار الجفاف، بهدف توفير ماء الشرب، وتقديم المساعدة للفلاحين، والحفاظ على الماشية.
وإدراكا منا للطابع البنيوي لهذه الظاهرة ببلادنا، ما فتئنا نولي كامل الاهتمام لإشكالية الماء، في جميع جوانبها.
وقد خصصنا عدة جلسات عمل لهذه المسألة، تكللت بإخراج البرنامج الوطني الأولوي للماء 2020 – 2027 .
كما حرصنا، منذ تولينا العرش، على مـواصلة بناء السدود، حيث قمنا بإنجاز أكثر من 50 سدا، منها الكبرى والمتوسطة، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز.
وكيفما كان حجم التساقطات، خلال السنوات المقبلة، فإننا حريصون على تسريع إنجاز المشاريع، التي يتضمنها هذا البرنامج، في كل جهات ومناطق المملكة.
ونخص بالذكر، استكمال بناء السدود المبرمجة، وشبكات الربط المائي البيني، ومحطات تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى تعزيز التوجه الهادف للاقتصاد في استخدام الماء، لاسيما في مجال الري.

حضرات السيدات والسادة،

إن مشكلة الجفاف وندرة المياه، لا تقتصر على المغرب فقط، وإنما أصبحت ظاهرة كونية، تزداد حدة، بسبب التغيرات المناخية.
كما أن الحالة الراهنة للموارد المائية، تسائلنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين، وتقتضي منا التحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل معها، ومعالجة نقط الضعف، التي تعاني منها.
فقد أصبح المغرب يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي. ولا يمكن حل جميع المشاكل، بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة، رغم ضرورتها وأهميتها البالغة.
لذا، ندعو لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية.
كما ينبغي ألا يكون مشكل الماء، موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
وكلنا كمغاربة، مدعوون لمضاعفة الجهود، من أجل استعمال مسؤول وعقلاني للماء.
وهو ما يتطلب إحداث تغيير حقيقي في سلوكنا تجاه الماء. وعلى الإدارات والمصالح العمومية، أن تكون قدوة في هذا المجال.
كما يجب العمل على التدبير الأمثل للطلب، بالتوازي مع ما يتم إنجازه، في مجال تعبئة الموارد المائية.
أما على المدى المتوسط، فيجب تعزيز سياستنا الإرادية في مجال الماء، وتدارك التأخر الذي يعرفه هذا القطاع.
فواجب المسؤولية يتطلب اليوم، اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء، الذي ندعو إلى التعجيل بتفعيله.
ونريد التركيز هنا، على بعض التوجهات الرئيسية :
– أولا: ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، و استثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة.
– ثانيا: إعطاء عناية خاصة لترشيد استغلال المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشات المائية، من خلال التصدي لظاهرة الضخ غير القانوني، و الآبار العشوائية.
– ثالثا: التأكيد على أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم العديد من القطاعات.
وهو ما يقتضي التحيين المستمر، للاستراتيجيات القطاعية، على ضوء الضغط على الموارد المائية، وتطورها المستقبلي.
– رابعا: ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، للتكلفة الحقيقية للموارد المائية، في كل مرحلة من مراحل تعبئتها، وما يقتضي ذلك من شفافية وتوعية، بكل جوانب هذه التكلفة.

حضرات السيدات والسادة،

يتعلق المحور الثاني لهذا الخطاب، بموضوع الاستثمار، الذي يحظى ببالغ اهتمامنا.
وإننا نراهن اليوم، على الاستثمار المنتج، کرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة؛
لأنها توفر فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية.
وننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية.
وهو ما يتطلب رفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات.
فالمراكز الجهوية للاستثمار، مطالبة بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود.
وفي المقابل، ينبغي أن تحظى بالدعم اللازم، من طرف جميع المتدخلين، سواء على الصعيد المركزي أو الترابي.
وعلى مستوى مناخ الأعمال، فقد مكنت الإصلاحات الهيكلية التي قمنا بها، من تحسين صورة ومكانة المغرب في هذا المجال.
ولكن النتائج المحققة، تحتاج إلى المزيد من العمل، لتحرير كل الطاقات والإمكانات الوطنية، وتشجيع المبادرة الخاصة، وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وهنا نريد التركيز، مرة أخرى، على ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع.
ولتقوية ثقة المستثمرين في بلادنا، كوجهة للاستثمار المنتج، ندعو لتعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال.
وبما أن الاستثمار هو شأن كل المؤسسات والقطاع الخاص فإننا نؤكد على ضرورة تعبئة الجميع، والتحلي بروح المسؤولية، للنهوض بهذا القطاع المصيري لتقدم البلاد.
ويبقى الهدف الاستراتيجي، هو أن يأخذ القطاع الخاص، المكانة التي يستحقها، في مجال الاستثمار، كمحرك حقيقي للاقتصاد الوطني.
والمقاولات المغربية، ومنظماتها الوطنية والجهوية والقطاعية، مدعوة لأن تشكل رافعة للاستثمار وريادة الأعمال.
كما أن القطاع البنكي والمالي الوطني، مطالب بدعم وتمويل الجيل الجديد، من المستثمرين والمقاولين، خاصة الشباب والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
وفي هذا السياق، نجدد الدعوة لإعطاء عناية خاصة، لاستثمارات ومبادرات أبناء الجالية المغربية بالخارج.
ولتحقيق الأهداف المنشودة، وجهنا الحكومة، بتعاون مع القطاع الخاص والبنكي، لترجمة التزامات كل طرف في تعاقد وطني للاستثمار.
ويهدف هذا التعاقد لتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026.

حضرات السيدات والسادة،

لا يخفى عليكم دور المؤسسة البرلمانية، في مجالات التشريع والتقييم والمراقبة، في الدفع قدما بإشكاليات الماء والاستثمار، وبمختلف القضايا والانشغالات، التي تهم الوطن والمواطنين.
فكونوا رعاكم الله، في مستوى المسؤولية الوطنية الجسيمة التي تتحملونها، لا سيما في الظروف الوطنية، والتقلبات العالمية الحالية.
وخير الختام قوله تعالى: “وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم”. صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته “.

*********

قالوا:

النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين: خطاب جلالة الملك يلامس قضايا راهنة

أكد رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، أن الخطاب السامي لامس قضايا راهنة وطيدة الصلة بالواقع المغربي.
وقال ميارة في تصريح للصحافة إن الخطاب “المتميز” لجلالة الملك تطرق لقضيتي الأمن المائي وتشجيع الاستثمار اللتان تعتبران من القضايا المحورية التي تهم راهن ومستقبل المملكة. وأبرز في هذا السياق أهمية الاستثمار باعتباره رافعة أساسية في إحداث فرص الشغل للشباب وتمكين المغرب من التكنولوجيات وجلب المستثمرين القادرين على إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة. وقد أكد جلالة الملك في خطابه السامي على ضرورة تعبئة جميع المؤسسات والفاعلين بالقطاع الخاص، والتحلي بروح المسؤولية، للنهوض بالاستثمار، الذي يظل قطاعا مصيريا لتقدم البلاد. كما دعا جلالته إلى أخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية.

***

راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب : خطاب جلالة الملك حمل توجيهات مهمة في قضيتين أساسيتين

وصف رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي الخطاب السامي بأنه “خطاب تاريخي”، مبرزا أنه حمل توجيهات مهمة في قضيتين أساسيتين تهم ان مستقبل المغاربة جميعا.
وقال الطالبي العلمي في تصريح صحفي “ألقى جلالة الملك في افتتاح الدورة التشريعية الحالية خطابا تاريخيا ومهما جدا، تعرض فيه لنقطتين أساسيتين تتعلق الأولى بإشكالية الماء والجفاف الذي يعيشه العالم أجمع، وليس المغرب فحسب، وتأثيراته”.
وأضاف أن خطاب جلالة الملك “رسم خارطة طريق في تدبير الماء واستهلاكه وتوزيعه، وهو ما يمكن الحكومة والبرلمان من الاشتغال يدا في يد من أجل إيجاد حلول في أقرب الآجال لمواجهة آفة الجفاف، لأنها آفة تضر بجميع مناحي الحياة”.
وتابع قائلا أن النقطة الثانية التي تطرق إليها جلالة الملك في خطابه السامي مرتبطة بالاستثمار بشقيه الخاص والعمومي، “وهو ما يتزامن مع المصادقة على مشروع القانون الإطار بمثابة ميثاق جديد للاستثمار في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية التي اشتغلت عليه، بعدما عرض على مجلس وزاري سابق”، مشيرا إلى أنه ستتم برمجة هذا النص المهيكل خلال الأسبوع المقبل للمصادقة.

***

رشيد لبكر  أستاذ القانون العام بكلية الحقوق التابعة لجامعة شعيب الدكالي بالجديدة : خطاب لتحويل الأزمة إلى فرصة

وصف الأكاديمي رشيد لبكر، الخطاب بأنه خطاب تحويل الأزمة إلى فرصة. وأبرز لبكر، وهو أستاذ القانون العام بكلية الحقوق التابعة لجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أن هذا الخطاب الملكي السامي جاء مستجيبا لضرورات ملحة تعرفها بلادنا، بحيث يؤسس لمقاربة جديدة لتدبير ندرة المياه ولجلب المزيد من الاستثمارات. وأشار إلى أن الخطاب الملكي شكل في محوره الأول ناقوس خطر ودليلا على أن المغرب يواجه بالفعل مشكلة حقيقة على مستوى أمنه المائي، ومن جانب آخر فهو دعوة إلى ضرورة التعامل بجدية أكبر مع هذه المادة الحيوية.
وفي هذا الصدد، أكد أن الجميع مطالب اليوم بتحمل مسؤولياته كاملة، مستشهدا في ذلك بقول جلالته “أن الحالة الراهنة للموارد المائية، تسائلنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين، وتقتضي منا التحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل معها، ومعالجة نقط الضعف، التي تعاني منها”.
كما أبرز لبكر أن الخطاب الملكي شكل دعوة صريحة من جلالته إلى التسريع في تفعيل المخطط الوطني الجديد للماء كإجراء مستعجل على المدى المتوسط، من شأنه تعزيز سياستنا في مجال الماء عبر تدارك التأخر في كيفية تدبير هذه المادة ومن ثم بلورة خيارات جديدة لهذا التدبير تكون دائمة ومستدامة.
القصوى عن المزايدات السياسية والتجاذبات الاجتماعية الشعبوية.

***

امحمد بلعربي الأستاذ الباحث في جامعة القاضي عياض: إشكالية الاستثمار تعيق مسار تنمية البلاد

أكد الأستاذ الباحث في جامعة القاضي عياض، امحمد بلعربي، أن الخطاب الملكي يبرز إشكالية الاستثمار في البلاد التي تعيق مسار تنميتها رغم الجهود الهائلة للاستثمار الوطني.
وقال المحلل السياسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الوضع المغربي يؤشر على وجود أعراض لنقص هيكلي في المياه وهو في طريقه إلى أن يصبح ” حالة طوارئ ” مركزية، موضحا أن إشكالية تدبير الموارد المائية تبرز بشكل أكثر حدة لكون البلاد تمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود.
ويرى الباحث أنه يتعين على المغرب أن يواجه مجموعة من الاكراهات المرتبطة بنقص موارد المياه ، معتبرا أن وضع برنامج وطني للماء ذي الأولوية 2022-2027 من شأنه أن يجعل وضعية المياه متحكما فيها. من جهة أخرى ، اعتبر السيد بلعربي أنه للتغلب على إشكالية الاستثمار ، يظل الاستثمار الإنتاجي باعتباره رافعة مهمة لإنعاش الاقتصاد الوطني وانخراط المغرب في القطاعات الواعدة شرطا أساسيا ، مشيرا إلى أن العوائق الهيكلية أمام النمو الشامل تؤدي إلى ملاحظة متناقضة: الاستثمار في المغرب مرتفع من حيث الحجم ولكنه منخفض من حيث النجاعة.
في مثل هذه الظروف ، دعا جلالة الملك محمد السادس إلى الجمع بين روح المبادرة والمسؤولية لرفع التحديات المتعلقة بهاتين الإشكاليتين الاستراتيجيتين من أجل مستقبل مغرب مزدهر. لأنه من منظور السيد بلعربي فإن المحورين المهمين يلخصان المقاربة الملكية في إطار هذا الموعد الدستوري الذي يشكل أيضا لحظة الإعلان عن الأعمال المستقبلية ومسارها.
وعلى المدى المتوسط، سيكون من الضروري تعزيز سياسة استباقية للماء وتعويض التأخر المسجل في هذا المجال. وخلص المحلل السياسي إلى أنه من المتوقع أن يعطي ميثاق الاستثمار الوطني الجديد دفعة ملموسة لجاذبية المغرب للاستثمار الخاص سواء الوطني أو الأجنبي.

***

الحسن عبيابة أستاذ جامعي: الخطاب الملكي يرسم الأولويات الاستراتيجية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي

أكد الأستاذ الجامعي، الحسن عبيابة، أن الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس يرسم الأولويات الاستراتيجية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
واعتبر عبيابة أن الخطاب الملكي لم يكن موجها فقط للبرلمانيين، وإنما للأمة برمتها، من خلال التطرق، بالأساس، إلى موضوعين هامين يتعلقان بإشكالية الموارد المائية والاستثمارات الداخلية والأجنبية.
وفي ما يتعلق بالمحور الأول، يوضح عبيابة، فإن الخطاب السامي أكد أن معالجة إشكالية نقص الموارد المائية، جراء الجفاف المتكرر، تمر عبر بلورة برامج ومخططات لمواجهة التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية المستقبلية على المغرب، داعيا المواطن إلى الانخراط في الحلول العملية لمواجهة ظاهرة ندرة المياه من خلال ترشيد الاستهلاك في كل المجالات.
وسجل أن تحديد الأولويات في الإستهلاك يتطلب إعادة النظر في المخططات الفلاحية والبرامج المخصصة لتوفير المياه الصالحة للشرب، مبرزا أن إخراج البرنامج الوطني الأولوي للماء 2020 – 2027، الذي تطرق إليه الخطاب الملكي، سيكون بداية الحل البديل كمرحلة أولى، في أفق بلورة مخطط إستراتجي وطني للسنوات المقبلة.
أما المحور الثاني المتعلق بالنهوض بالاستثمار، يضيف الأكاديمي، فإنه يظل الرهان الأقوى لإنعاش الاقتصاد الوطني، باعتبار أن الاستثمار تشكل نموذجا جديدا للنمو الاقتصادي، ويوفر الثروة وفرص الشغل، مشيرا إلى أن تفعيل الميثاق الوطني للاستثمار من شأنه إعطاء قوة جاذبية للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية.

***

إدريس أفينا أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي: دعوة عاجلة إلى ترشيد استعمال الماء

أكد أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إدريس أفينا، أن الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الجمعة بالبرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، يشكل “دعوة عاجلة لترشيد استعمال الماء”.
وأبرز أفينا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن الخطاب السامي “يجسد الاهتمام الذي يولى لمسألة الماء، في سياق يتسم بتغير المناخ والإجهاد المائي الحاد الذي سيؤثر لا محالة على نموذجنا التنموي”.
وذكر الأكاديمي بتسليط جلالة الملك الضوء على مكتسبات المملكة على مدى العقدين الأخيرين في مجال تعبئة الموارد المائية، مضيفا أن الخطاب الملكي يدعو إلى تضافر الجهود من أجل ترشيد استعمال الماء، لا سيما من خلال المخطط الوطني الجديد للماء قيد التنفيذ، وكذا المحطات الجديدة لتحلية المياه.
من جهة أخرى، تطرق أفينا إلى الدعوة التي وجهها جلالة الملك إلى الفاعلين النشطين في مجال الاقتصاد، بغية ضمان مناخ أعمال سليم ومحفز لفائدة المستثمرين، وذلك تماشيا مع ميثاق الاستثمار الوطني الجديد الذي يعطي زخما جديدا لجاذبية المملكة.
وخلص الأكاديمي إلى التذكير بحث جلالة الملك الحكومة، بتعاون مع القطاعين الخاص والبنكي، على ترجمة التزامات كل طرف في تعاقد وطني للاستثمار، مسجلا أن هذا التعاقد يهدف لتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة ما بين 2022 و2026.

***

عتيق السعيد باحث أكاديمي ومحلل السياسي توجيهات دقيقة لتجاوز إشكالية الماء

أكد عتيق السعيد، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي أن الخطاب السامي قدم تشخيصا وتوجيهات دقيقة لتجاوز إشكالية الماء.
وأوضح المحلل السياسي أن جلالة الملك قدم تشخيصا لوضعية العرض المائي، شمل توجيهات دقيقة تتسم بالآنية والاستعجالية لتجاوز إشكالية الجفاف وندرة المياه، وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلية.
وبعدما أكد على أهمية الموارد المائية باعتبارها عنصرا أساسيا في عملية التنمية وضرورة استكمال كل المشاريع والقطاعات الإنتاجية، لفت السعيد إلى أن جلالة الملك شدد على ضرورة تعزيز إطار تدبيري للموارد المائية بغية ضمان استدامتها من جهة، ودعم القطاع الفلاحي والسعي بنجاعة لتحقيق انتعاش أخضر قادر على الصمود في ظل المتغيرات المناخية، من جهة أخرى.
وأضاف أن الخطاب السامي يجسد حرص جلالته الدائم على مواصلة بناء السدود في مختلف جهات المملكة، مشيرا إلى أن المغرب انخرط خلال العقدين الأخيرين في سياسة ملكية حكيمة ذات رؤية متبصرة للمستقبل، انكبت بشكل مستمر حول مواصلة تحسين استراتيجية وطنية متطورة وشاملة تروم تشييد شبكة من السدود بسعات مختلفة.

Related posts

Top