فيلسوف:
من بين الأفلام القصيرة التي عرضت ضمن الدورة الحادية والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، فيلم “فيلسوف” لمخرجه عبد اللطيف أفضيل، مدته عشرون دقيقة، تدور وقائعه في قرية جبلية، وهو فضاء لم يألفه بطل الشريط، غير أن ظروف العمل ستحتم عليه قضاء فترة هناك، حيث تم تكليفه بإحصاء سكان هذه القرية، من هنا ستبرز وقائع قابلة للحكي سينمائيا: سلوك الناس الذي يتسم بالسذاجة، الحرمان، بساطة العيش، كرم الضيافة، العلاقات الإنسانية في سموها.. إلى غير
ذلك من أشكال نمط العيش. المهمة التي كلف بها البطل، أي مهمة إحصاء السكان ستتيح له الاقتراب أكثر من سكان القرية، من المهن والحرف التي يمتهنونها.. بل سيبدو في زيارته لكل أسرة، أنه فرد منها، وقد عمل المخرج على عرض الوقاىع بشكل مبسط وبأسلوب فني، حيث تم تجزيء الفيلم إلى عدة لقاءات، كل لقاء مع سكان القرية، يحمل حكاية متفردة، ولأجل إضفاء طابع الطرافة على هذا الشريط، تم تصوير البطل بأنه خجول في بعض المواقف، على سبيل المثال لقاؤه على انفراد بإحدى فتيات القرية، وفي بعض المواقف بدا وقحا، وذلك عندما سيكون في مواجهة موظف بالجماعة الذي لم يكن يروقه شكل لباسه، ولعل النقطة الرىيسية التي توقف عندها هذا الشريط هو إبراز الخيانة الزوجية التي تمارسها بعض نساء القرية والتي تتجلى في كون الأبناء لا يشبهون آباءهم بل هم أكثر شبها بالسياح الأجانب وبغيرهم. ومما يضفي طرافة أكثر على هذا الشريط كون الآباء يعون حقيقة الخيانة، ويسلمون بها، إلى حد أنهم يطلقون أسماء من اشتبهوا فيهم، من قبيل السويدي وغير ذلك.
ويبقى الشيء الأساسي في هذا الشريط القصير أنه استطاع أن يقدم لنا صورة عن القرية المغربية ببساطة معمارها وأثاثها ولباسها وطبيعتها العذراء، وهو ما أضفى جمالية على الشريط وجعله أكثر قابلية للمشاهدة.
رهائن:
من بين الأفلام الروائية الطويلة اتي عرضت في المهرجان، فيلم “رهاىن” لمخرجه المهدي الخودي، ولعل السؤال الذي يجدر طرحه بخصوص هذا الشريط بالذات، هو ما هي الإضافة الجمالية والموضوعية التي أتى بها، خصوصا أنه يتطرق إلى قضية مستهلكة إعلاميا، ألا وهي قضية الجماعات المسلحة، وبالتحديد تنظيم داعش، للأسف لم يأت بإضافة سواء فنيا أو جماليا أو حتى موضوعيا، مع أن هذا من بين شروط أي عمل سينمائي، لقد قدم لنا التنظيم الإرهابي بوحشيته وسلوكه الهمجي، وأمعن في تكرار مشاهد الدم والصراخ
البكاء والخطاب العنيف..
ولعل النقطة المضيئة في هذا الشريط، هو الأداء الذي قام به الممثل عبد الله شكيري، حيث شخص دور رئيس التنظيم الإرهابي بعفوية، كما أن تعبيره ونطقه بالعربية الفصيحة كان موفقا إلى حد بعيد ويستحق عليه جائزة أول دور، في تقديري الخاص.
يون:
تدور وقائع هذا الشريط في كوريا الجنوبية، كما أن كل الممثلين تقريبا من مواطني هذا البلد، من هنا يطرح السؤال حول موقع هذا الشريط في مهرجان وطني للفيلم، فإذا استثنينا مخرج الشريط، المغربي وديع الشراد، فإن لا شيء يمت بصلة إلى المغرب، سواء ما يتعلق بالفضاء او الشخوص أو غير ذلك، أما قصة الشريط فهي مستهلكة، العلاقة الزوجية التي تتأزم نتيجة التأثير السلبي لوسائل التواصل التكنولوجي، وما يترتب عن ذلك من فراغ في حياة الأفراد الذين يتعرضون لمثل هذه الأزمة، غير أن الجميل في الشريط هو محاولته ترسيخ الوعي بضرورة تجاوز المعيقات النفسية التي يحدثها نمط العيش الحديث.
السيد المجهول:
يعد شريط ” السيد المجهول” لمخرجه علاء الدين الجم، من بين الأشرطة التي يمكن تتبع أحداثها بمتعة، بالنظر لتسلسلها ولانطوائها على التشويق.
عقدة هذا الشريط الطويل، هي كيفية استرجاع المال المدفون، سيما وأنه في مكان هذا الدفن تم بناء ضريح لسيد مجهول وصار بالتالي محروسا ومحط زيارات، لقد قام بطل الشريط بعدة محاولات لاسترجاع المال الذي كان قد دفنه بنفسه لإخفائه عن الدرك، سيما وأنه كان مهددا بالقبض عليه وقد تم بالفعل محاكمته وسجنه وبعد قضائه لفترة الحكم بالسجن، أراد استرجاع الأموال التي أخفاها في تلك المنطقة الصحراوية النائية، ومن خلال محاولاته المتكررة والفاشلة، ستبرز وقائع طريفة، وستتطور الأحداث، وهو ما مكننا من الاقتراب أكثر من سكان هذه المنطقة ونمط عيشهم ومعاناتهم من انعدام المرافق الاجتماعية والصحية الأساسية.
جانب آخر أساسي في هذا الشريط، هو إبراز الوعي لدى بعض الأفراد في القرية بكون التبرك قالولي والاعتماد عليه في الاستشفاء مجرد خرافة، وسيتم القيام بمجموعة من الممارسات التي تصب في التمرد على هذا الرمز، غير أنه بالرغم من تفجيره سيظل مستمر الحضور للارتباط الشديد بمجموعة من الطقوس الدينية ومن ضمنها التبرك بالأولياء الصالحين.
> مبعوث بيان اليوم إلى طنجة: عبد العالي بركات