قصيدة من وحي لوحة

إذا كان لسحر الألوان قوة جاذبة تدعونا للتأمل والغوص عبر جغرافيتها واستراتيجياتها البصرية وإيقاعاتها ورمزيتها المتفاعلة، التي تتسلل إلى مسالك الروح ودواخل الذات البشرية على اختلاف تفاعلاتها، فللقصيدة سحر خاص يعج بالمفردات والكلمات التي تنبثق منها الصورة الشعرية بكل دلالاتها ورمزيتها التي تشعرنا بذواتنا وبالآخرين أيضا، وبالتالي فهي ثنائية وثيقة الصلة فيما بينها، فألوان اللوحة قصيدة مرئية، وأبيات وبحور القصيدة لوحة شعرية. وتعتبر سلسلتنا هذه “قصيدة من وحي لوحة ” جسر تواصل وتلاقح بين الفن التشكيلي والقصيدة الشعرية من خلال باقة فريدة من اللوحات على اختلاف مستوياتها ومدارسها الفنية لمجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة، ومجموعة قصائد شعرية لنخبة من الشاعرات و الشعراء الذين اجتهدوا لتأكيد هذه الثنائية التي تجمع بين فن الرسم وفن الشعر من خلال قصائد نظمت من وحي هذه اللوحات.

< إعداد: محمد الصفى

الحلقة 12

الشاعر محمد الصفى والتشكيلي داني زهير

داني زهير، من مواليد 1967 بمكناس، شاعر وفنان تشكيلي، كانت بدايته الفنية الاحترافية سنة 1999 حيث تم لقيت لوحاته المعروضة استحسان عدد من المهتمين و نقاد الفن التشكيلي، إلى جانب كونه تمكن من التألق بمسابقة “الكرنفال” التي يتم فيها اختيار ملكة جمال بإسبانيا لفئة الصغيرات، من خلال الفتاة التي زينها ليحصل على الجائزة الثانية، لتنطلق مسيرته التشكيلية و يبصم بصمته الخاصة في الميدان.

“حارسة القبور”

على مرمى مرفأ
وقفت
تغازل الجدار
تؤسس بيتا من جذور
و أسعاف نخل خاوية
لم تشأ أن يُكتب لها التاريخ
و لا حتى جغرافية الجسد
تسير ثملى بحروف جر
تدق أبواب الجحيم
جذلى
دونكشوتية اللون
فهي حارسة للمحراب
راعية قبر كونفوشيوس اللعين
تتلذذ بحبر الدموع
بنشوة الزوال
و سكرات الموتى
تراقص بخار مرآة
ترسم وجه ملاك
و فستان دمية
على أرض القصيدة
بلون السماء
و لحن النوارس
هي ثرثرة
على أرض عاقر
و جدول ضرب فارغ
ذو زوايا حادة
تشيخ
تلامس الفراغ
تحصي دقات القلب
بين الطرقات و الأرصفة
هي إذن … حياة
لكن ….بعادة سرية
و حبال سُرية
تذكرني بيوم مولدي
و مولد أخي و أختي
هي إذن …. حياة
تتهاوى
كما تتهاوى ذاكرة الموتى
و تُلَم جثث الفراشات
من المدن الموبوءة
لتُقذف في الزنازن
و المغارات
و تُدَون قصيدة جديدة
على رمس نابليون
و صلاح الدين
و نبقى نحن …
على مرمى حصار
حيث تقف
حارسة القبور

الوسوم , , ,

Related posts

Top