عمد خطاب جلالة الملك، بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب، إلى خلق “رجة” لدى المتلقي، الذي هو نحن كلنا، أي كل المغربيات والمغاربة، وذلك عبر الاستعراض الصريح لواقعنا الوبائي الحالي، وعدم إخفاء ما يحس به الملك، مثلنا نحن كذلك، من مخاوف جراء ذلك.
لقد جاء خطاب 20 غشت صريحا وواضحا ومباشرا و…”صادما”.
لم يكن هذا جليا فقط من خلال مضمون الخطاب ومعجمه، أو فقط من خلال الحيثيات والأدلة التي وقف عليها، ولكن أيضا، وإضافة إلى كل ذلك، من خلال تركيز الخطاب على هذا الموضوع لوحده فقط، وربط ذلك بالإحالة على ذكرى: “ثورة الملك والشعب” لوضعه ضمن سياق المعركة الوطنية والمجتمعية، التي تتطلب تعبئة الدولة والشعب، وإبراز المسؤولية الفردية والجماعية في التصدي للوباء وتبعاته.
الملك ينادي اليوم جميع المغربيات والمغاربة ليتحمل كل منا مسؤوليته في هذه الحرب الحقيقية لصيانة سلامة وصحة شعبنا، وحفظ استقرار بلادنا.
قد نتفق كلنا اليوم في عرض مختلف مطالبنا تجاه الدولة والسلطات العمومية، ولن نختلف أيضا في استعراض معالم مسؤولية الدولة والأدوار المطلوب القيام بها من طرف كل أجهزتها وقطاعاتها، ويمكن أن نتنافس فيما بيننا في رفع كل سقوف الكلام والخطاب والشعار، ولكن، إلى جانب كل ذلك، لا بد أن نعي أيضا أهمية دورنا نحن كمواطنات ومواطنين، ولا بد أن نستحضر أهمية السلوك المواطن في هذه المعركة القاسية التي يخوضها العالم برمته.
سيكون من باب إنكار كون السماء فوقنا أن ننكر تفشي التراخي والاستهتار بالتدابير الوقائية حوالينا في مختلف المدن.
جميعنا يلاحظ بالعين المجردة أن مواطناتنا ومواطنينا لا يهتمون بارتداء الكمامات في الشارع، ولا يتقيدون بمسافة الأمان والتباعد الجسدي في الأماكن والفضاءات العامة، وهما إجراءان، على كل حال، بسيطان ويندرجان ضمن السلوك الفردي غير المكلف، ولكنهما، في نفس الوقت، يعتبران هامين، ويمثلان سلاحا فعالا في مواجهة تفشي الفيروس، وفي الحد من انتقال العدوى بين الناس.
لا يعني ما سبق، أن الدور بقي الآن على المواطنات والمواطنين وحدهم، وأن السلطات العمومية يجب أن تنفض يدها وتغادر المعركة، بل على العكس من ذلك، يضع واقعنا الوبائي الحالي مسؤولية أكبر على الدولة، وذلك عبر تمتين حضورها الميداني لفرض تطبيق الإجراءات الوقائية، وأيضا لدعم قطاع الصحة العمومية ليبقى واقفا وصامدا في الخطوط الأولى للمعركة، وكذلك لتأمين السير العادي للحياة الاقتصادية والإدارية والاجتماعية، ومن أجل تفعيل تواصل مكثف وناجع مع شعبنا في هذه المرحلة الدقيقة للتوعية والتحسيس، وللتفاعل مع كل الأسئلة المستجدة، ومع ما يعبر عنه الناس من انتظارات وانشغالات راهنة.
إن مهمتنا المركزية جميعا في ظرفية اليوم هي تقوية تعبئة شعبنا ومجتمعنا لتعزيز تضامننا الوطني الداخلي للتصدي لتداعيات الوباء وما ينشره حوالينا من مخاطر وتهديدات.
ليس أمام بلادنا سوى هذا الخيار، أي النظر الصريح لواقعنا وإمكانياتنا، وتعبئة ما نمتلكه من إمكانيات وجهود ذاتية للتصدي للجائحة.
لقد اختار الملك إبراز هذه الحقيقة والتعبير عنها بصراحة، والتحدي أمامنا جميعا الآن هو أن نتحمل كلنا المسؤولية، ونتقيد، فرديا وجماعيا، بسلوك مواطن.
محتات الرقاص