شهدت الدورة الثانية لمهرجان عبير القنيطرة: ملتقى الثقافات التي تميزت بإشراك الثقافات الثلاث: المسلمة واليهودية والمسيحية والتي انطلقت فعاليتها يوم الخميس 18 ماي 2023 بالمركب الثقافي القنيطرة مشاركة وازنة لتمثيلية الطائفة اليهودية المغربية من خلال حضور الفنانة المطربة اليهودية المغربية سوزان حروش، وأعضاء جمعية التراث اليهودي المغربي برئاسة ايلي بيتون.

وفي بداية حفل افتتاح المهرجان الذي ترأسه باشا القنيطرة المعمورة نيابة عن عامل صاحب الجلالة على إقليم القنيطرة، وضمن فقرة قراءة الرسائل الثلاث حول “دور الثقافة في التقارب والحوار بين الأديان”، وبعد الرسالة التي تلاها فضيلة الإمام والمرشد مصطفى بنطاهر نيابة عن المجلس العلمي بمدينة القنيطرة، وقبل رسالة الأب ألكساندر داميان عن الكنيسة الكاثوليكية بالقنيطرة، تقدم اييلي بيتون إلى خشبة المسرح ليحيي الجمهور بتحية السلام بالعربية والعبرية والفرنسية، وليتلو بعد ذلك رسالة تمثيلية الطائفة اليهودية والتي جاء فيها: إنني جد سعيد بتناول الكلمة نيابة عن الطائفة اليهودية بالقنيطرة بمناسبة افتتاح الدورة الثانية  لمهرجان عبير القنيطرة: ملتقى الثقافات الذي تنظمه جمعية آفاق الثقافة والفن بحضور الديانتين التوحيديتين المسلمة والمسيحية.

ففي سنة 2019 عندما استقبل جلالة الملك محمد السادس قداسة البابا  قال جلالته “فالدينات السماوية الثلاث لم توجد للتسامح في ما بينها، لا إجباريا كقدر محتوم، ولا اختياريا من باب المجاملة، بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل“. وها نحن اليوم بدأنا بهذه المبادرة مع أصدقائنا في جمعية آفاق الثقافة والفن لنعيش هذا الانفتاح عن طريق الثقافة والفن. فالثقافة والفن تدفعاننا لنتمنى ونحلم، وتحركا عواطفنا، وتمنحاننا زوايا أخرى لمشاهدة الواقع. إنهما يصنعان قناطر بين الطوائف للحوار وخلق دينامية للتوحيد بدل التفريق. أتمنى النجاح لهذا المهرجان والسلام عليكم.

وفي الجانب الفني لحفل الافتتاح، صعدت الفنانة المطربة اليهودية المغربية سوزان حروش إلى خشبة المسرح، حيث قامت بتحية الجمهور الحاضر وشكرت محمد البدري مدير المهرجان، وأعضاء جمعية آفاق الثقافة والفن المنظمة للمهرجان، كما أسرت للجمهور أنها قبل صعودها إلى الخشبة توصلت بمجموعة كبيرة من الرسائل على هاتفها من الطائفة اليهودية المغربية ذات الأصول من مدينة القنيطرة والمقيمة في إسرائيل وكندا بشكرها وتشجيعها على المشاركة في هذا المهرجان المنظم بمدينة القنيطرة.

واستهلت المطربة سوزان حروش مشاركتها بأغنية وطنية مهداة إلى جلالة الملك محمد السادس بعنوان “عاهدناك ياملكي” ثم أغنية دينية باللغتين العربية والعبرية فكشكول من الأغاني من الفن الشكوري المغربي.

وختمت مشاركتها بالالتحاق بالمطربة المغربية حنان أحمد ليشاركا الاثنين في ملحمة وطنية بأداء أغنية “صوت الحسن ينادي” التي تفاعل معها الجمهور بشكل وجداني ووطني.

وفي اليوم الثالث للمهرجان، وبمناسبة إعادة فتح المعبد اليهودي بعد القيام بعدة إصلاحات داخل قاعة الصلاة، وبعض المرافق من طرف المستثمر المسلم حسن الشاوي صاحب الفندق الذي تم تشييده بجوار المعبد اليهودي كجزاء ومعروف باسم الجوار لما نتج عنه من تشققات وتصدع بجدران المعبد اليهودي، تم تنظيم حفل وتوقيع كتاب “يهود المغرب في كتابات حاييم الزعفراني” للدكتور عبد السلام شرماط وتقديم للأستاذ الباحث رشيد أمديون وتسيير الجلسة من طرف محمد البدري مدير المهرجان.

في بداية هذا الحفل الذي حضره عدد من المثقفين والفنانين المسلمين وحضور أعضاء جمعية التراث اليهودي المغربي، والفنانة المطربة اليهودية سوزان حروش، تقدم ايلي بيتون بالترحيب بالحضور داخل المعبد اليهودي، وطلب من الجميع الوقوف للاستماع إلى النشيد الوطني، بعد ذلك تقدم الأستاذ الباحث بتقديم للكتاب موضوع هذا النشاط الثقافي، لتتقدم بعد ذلك الفنانة سوزان حروش بصفتها في هذا الحفل كفاعلة جمعوية حيث شكرت الدكتور عبد السلام شرماط عن توضيحاته من خلال كتابه عن تاريخ يهود المغرب الذي يفوق تواجده 2500 سنة، والذي تعتبره هو تاريخ كل المغاربة. كما تأسفت عن هجرة مجموعة كبيرة من يهود المغرب إلى دول أخرى، معتبرة أن اليهود المغاربة الذين قرروا الهجرة فالمغرب لم يهجرهم، مستدله بقولة للمرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بأنه إذا فقد جزء من رعاياه فإنه ربح سفراء للمغرب في الدول التي هاجروا إليها.

كما أثنت على حرية الديانة والعبادة في المغرب، والاحترام بينها معتبرة أنه إذا فرقتنا الديانات فإنه يجمعنا إله واحد نتوجه إليه في صلواتنا ووطن واحد نعيش فيه: “الدين لله والوطن للجميع”.

وختمت تدخلها بتراتيل دينية باللغتين العربية والعبرية لتتوجها بموال عن مغربية الصحراء.

وبعدما تفضل الدكتور عبد السلام شرماط مؤلف الكتاب بتقديم عرض موجز عن اليهود المغاربة بالقنيطرة ، تم فتح النقاش مع الحضور والذي عرف تفاعلا وتبادلا لمعلومات جد مهمة عن يهود المغرب وخاصة الطائفة اليهودية التي تقيم بالقنيطرة.

وفي الأخير دعا ايلي بيتون، ممثل الطائفة اليهودية بالقنيطرة الحضور إلى حفل شاي، شاكرا هذا الحضور للمثقفين والفنانين المسلمين بالمعبد اليهودي بالقنيطرة، منوها كذلك بالاشتغال الى جانب محمد البدري مدير المهرجان وأعضاء جمعية آفاق الثقافة والفن في إنجاح هذه الدورة، ومعربا عن استعداده للتعاون وتطوير هذا المهرجان في دوراته المقبلة.