مصطفى الكثيري يؤكد أن سجل التاريخ الوطني المغربي حافل بملاحم بطولية أبانت عن ثبات الملك وإصرار الشعب

في حفل تخليد الذكرى 67 لمعركة الدشيرة ومرور 49 سنة على جلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية

خلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحريـر، يوم الجمعة 28 فبراير ويومي فاتح مارس و2 مارس 2025، بمظاهر الاعتزاز والإكبار، وفي أجواء التعبئة الوطنية الشاملة والمستمرة، واليقظـة الموصولة تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، الذكرى 67 لمعركة الدشيرة والذكرى 49 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية المسترجعة، غداة المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها عبقرية الملك الحسن الثاني.
فقد جسدت هاتان المحطتان أروع صور الملاحم والبطولات التي خاضت غمارها طلائع جيش التحرير بالجنوب المغربي في مواجهة الاحتلال الأجنبي، وأبرزتا مدى التلاحم العميق بين العرش والشعب في ملحمة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الوطنية والترابية المقدسة.
وتعتبر معركة الدشيرة حلقة ذهبية ترصع سلسلة الأمجاد والملاحم البطولية دفاعا عن الوحدة الترابية التي تحققت بفضل النضال المستميت للعرش والشعب، الذي تكلل بالمسيرة الخضراء المظفرة وإنهاء الوجود الأجنبي بأقاليمنا الجنوبية.
وبهذه المناسبة المجيدة، سطرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامجا للأنشطة والفعاليات المخلدة لهذين الحدثين المجيدين، في الفترة الممتدة بين الجمعة 28 فبراير إلى الأحد 2 مارس 2025، بكل من أقاليم العيون والسمارة وبوجدور، تشتمل على مهرجانات خطابية وندوة فكرية، بحضور السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين وفعاليات المجتمع المدني، والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير.
وألقيت خلالها كلمات وشهادات للإشادة بفصول هذه الملحمة البطولية وإبراز مكانتها المتميزة في سجل تاريخ الكفاح الوطني الطافح بروائع النضالات من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الوطنية والترابية، فضلا عن تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، و زيارة قبور شهداء معركة دشيرة الخالدة، وتوزيع إعانات مالية وإسعافات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة الجديرة بموصول الرعاية والعناية والتشريف.
كما تم بالمناسبة نفسها، تنظيم برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية بسائر النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية وفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير المفتوحة عبر التراب الوطني، وتعدادها 104 فضاءات وحدات، بتنسيق وشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيآت المنتخبة والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.
وبهذه المناسبة جاء في كلمة للدكتور مصطفى الكثيري، المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير، “إن الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المنيف خاض غمار معركة الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية بترابط وتكامليين مجالاته من أقصى تخوم الجنوب إلى أقصى ثغور الشمال محققين الانتصارات تلو الانتصارات، مقدمين جسيم التضحيات في مواجهة المستعمر الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن من الزمن،عبر كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والخلاص من ربقة الاستعمار الأجنبي”.
وشدد المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير، أن تجليات ومظاهر النضال الوطني والسياسي، تتجلى في مناهضة الظهير التمييزي لسنة 1930م وتقديم مطالب الشعب المغربي الإصلاحية والمستعجلة في سنتي 1934م و1936م، ويقول الدكتور الكثيري، “إن تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944م، والزيارة التاريخية للملك محمد الخامس طيب الله ثراه إلى مدينة طنجة من 9 إلى 11 أبريل سنة 1947م، والذي أكد في خطابه بها على عزمه إنهاء الوجود الاستعماري وتمسك المغرب بسيادته وبانتمائه العربي والإسلامي، وهو ما سيتعزز بالموقف المشهود لجلالته رضوان الله عليه في مواجهة كل أشكال الهيمنة الاستعمارية ومحاولات طمس الهوية الوطنية وإدماج المغرب فيما سمي بالاتحاد الفرنسي، مما أدى إلى إقدام سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب على تنفيذ مؤامرتها الشنيعة بنفي بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه والأسرة الملكية الشريفة في 20 غشت 1953م إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر، اعتقادا منها بأن فعلتها النكراء ستخمد شعلة الكفاح الوطني وتفصم عرى الترابط المتين بين عرش أبي وشعب وفي.
إلا أن تداعيات هذه المؤامرة لم تزد الملك إلا ثباتا على الموقف، ولم تزد المغاربة إلا إصرارا على الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، عبر تفجير كل طاقاتهم النضالية في أشكال شتى من العمل الوطني تنوعت بين السياسي وأعمال المقاومة الفدائية السرية ثم انطلاقة عمليات جيش التحرير بشمال المملكة في فاتح وثاني أكتوبر 1955،التي تكللت بعودة بطل التحرير جلالة له محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955م، لتليها ملحمة الجهاد الأكبر في أفق بناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال والوجود الأجنبي.
وأشار الكثيري، خلال كلمته أن الاحتفاء بهاتين الذكريتين الوطنيتين المجيدتين، أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير قد أصدرت برسم سنة 2024 دفترين اثنين من دفاتر الوثائق التاريخية للمقاومة والتحرير التي بلغ عددها 13 دفترا، هذان الدفتران يجمعان بين دفتيهما 268 وثيقة حول جيش التحرير بالجنوب المغربي، موزعة على 708 صفحة، وهذه الوثائق مختارة من الرصيد الهام الذي فاق الأربعة ملايين وثيقة، والذي تمكنت المندوبية السامية لقدماء المقاومين.
وبهذه المناسبة الغراء، وترسيخا للسنة المحمودة والتقليد الموصول للوفاء والبرور والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأعطوا وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله ووحدته، تم تكريم 08 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من خيرة أبناء هذه الربوع المجاهدة، والذين يحق لنا اليوم أن نقف لهم وقفة إكبار واعتزاز بما برهنوا عنه من غيرة وطنية وروح المسؤولية والتضحية وقيم الالتزام والوفاء والإيثار ونكران الذات، سيحفظها لهم التاريخ بمداد الفخر والإعجاب، وهم المقاوم المرحوم البلال لكحل؛ والمقاوم المرحوم لمن الراكب؛ والمقاوم المرحوم محمد فاضل طالب احماد؛ والمقاوم المرحوم محمد ازربيع؛والمقاوم المرحوم سيدي محمد حبابي؛ والمقاوم المرحوم حميدي موليكي؛ والمقاوم المرحوم لعربي بنعويس؛ والمقاوم المرحومبانان علي.
وإلى جانب التكريم المعنوي، فإن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تحرص على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بهذه المناسبة عرفانا بما أسدوه خدمة للدين والوطن والعرش وتعدادها 40 إعانة كإسعاف اجتماعي بغلاف مالي إجمالي يقدره80.000 درهم.

 مبعوثة بيان اليوم إلى العيون :هاجر العزوزي
 تصوير : حكيم مغراوي

Top