عقدت الجمعية الدولية لعلوم البستنة، بتنسيق مع وزارة الفلاحة والصيد البحري، والمعهد الوطني للبحث الزراعي، بمدينة أكادير مؤخرا، المناظرة الدولية الخامسة حول نبتة الزعفران، تحت عنوان «البيولوجيا والتكنولوجيا: الإنجازات في المجال البيولوجي والتكنولوجي والاستعمالات والتسويق».
وتدارس المشاركون، خلال المناظرة، خمس محاور رئيسية همت تاريخ نبتة الزعفران من حيث القيمة والسوق ثم محاور اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، وعلم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية وإنتاج الزعفران، وكذا جودة الزعفران.
واستعرض الباحثون آخر مستجدات الأبحاث العلمية حول نبتة الزعفران على المستوى الدولي، وتقييم مختلف الآثار الاجتماعية والاقتصادية، و إبراز بعض المبادرات الاستراتيجية لتعزيز وصون الموارد الوراثية للزعفران.
وأفادت زينب العدوي والي جهة سوس ماسة، خلال الجلسة الافتتاحية، أن الزعفران يعتبر من بين السلاسل الزراعية الحيوية بجهة سوس ماسة، إذ أن 90 في المائة من الإنتاج الوطني من منطقة تالوين بإقليم تارودانت، ويعد مصدر عيش ما يقارب 100 ألف نسمة.
وطالبت والي الجهة بوجوب نقل التكنولوجيات والمعارف في سلسلة زراعة الزعفران بمختلف مجالات الإنتاج والتثمين. فضلا عن تقوية القدرات لدى المنظمات المهنية، من خلال دعم موقع المغرب في الأسواق التقليدية للزعفران، والولوج إلى اسواق ذات مردودية.
وتحدث إبراهيم حافيدي، رئيس مجلس جهة سوس ماسة، مدير الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، عن مزايا عقد برنامج الموقع سنة 2012 بين الفيدرالية البيمهنية المغربية للزعفران ووزارة الفلاحة والصيد البحري ووزارة الاقتصاد والمالية وفق أهداف دقيقة تنشد المرور من 600 هكتار من زراعة الزعفران إلى 1350 هكتار في أفق 2020، حيث تم بلوغ الهدف المنشود مسبقا إذ وصلت المساحة المزروعة في الوقت الراهن إلى 1650 هكتار. كما حدد بلوغ إنتاج حوالي 9 طن في سنة 2020 في حين يبلغ معدل الإنتاج الآن 6 طن.
وأكد الحافيدي على أهمية البحث العلمي الذي قدم نتائج مهمة للمنتجين من أجل تحسين الإنتاج ومواكبة السلسلة ومنطقة الإنتاج التي طالتها التغيرات المناخية، مما استوجب مواكبة القطاع قصد التأقلم. وأشار الحافيدي إلى أن جل المساحات المزروعة (1600هكتار) تم تجهيزها بأدوات السقي بالتنقيط. وبفعل مختلف هذه المساعي قفز سعر الزعفران من 10 دراهم للغرام في سنة 2009 إلى 35 درهم حاليا مما يؤثر إيجابا على ساكنة المنطقة. وبرمج عقد البرنامج، الممتد من سنة 2012 إلى 2020، 10 مليون درهم لتأهيل القطاع. ذلك أن رقم المعاملات السنوي بالقطاع الآن بلغ 100 مليون درهم.
وأفاد محمد البدراوي رئيس المناظرة والمدير العام للمعهد الوطني للبحث الزراعي، أن الندوة تروم تبادل المعارف والخبرات العلمية بين الفاعلين والباحثين، في جميع مراحل إنتاج الزعفران، حول علوم نبتة الزعفران ابتداء من دراسة جينات النبتة وتاريخها إلى السوق، ذلك أن توظيف المعرفة والبحث العلمي بات مهما للمردودية الجيدة في إطار تنمية مستدامة. وأشار البدراوي إلى أن الزعفران يعد أكثر النباتات تأقلما مع تغير المناخ. ويندرج الزعفران ضمن مبادرة تأقلم الزراعة في إفريقيا مع تغير المناخ (AAA initiative) وسيستفيد من تمويل هذا المشروع.
وتناول « أليريزا كوشيكي» رئيس «الجمعية الدولية لعلوم البستنة» التحديات المناخية التي تواجه زراعة الزعفران، داعيا إلى نهج الزراعة الذكية لتحقيق مرودوية أفضل .
ويعتبر الزعفران من التوابل الثمينة العطرة، يستخدم في تحضير الأكلات التقليدية وكملون لبعضها. وتقتنيه جميع الأسر المغربية، خصوصا لمزجه مع الشاي. ويعد المغرب رابع منتج للزعفران على الصعيد العالمي، بعد الهند (كشمير) وإيران وإسبانيا. وهو يزرع في المناطق المرتفعة التي يتراوح علوها بين 650 مترا و1200 متر.
الزعفران نبات بصلي من فصيلة السوسنيات. تتفتح من كل بصلة أزهار يتراوح عددها بين واحدة وثماني زهرات، في كل منها ست بتلات ذات لون بنفسجي. أوراق الزعفران رفيعة يبلغ طولها بين 30 و40 سنتيمترا، تبرز مع ظهور الزهرة أو بعدها، وتجف في نهاية الربيع عند دخول البصلة مرحلة السبات. وتبدأ مرحلة تكاثر الزعفران عند انتهاء مرحلة النمو الخضري في شهر مارس. ويكتمل نمو البصلات الجديدة في أبريل ويظل حجمها على حاله، فتذبل أوراقها وتجف في فترة الحرارة لتستفيق البصلة وتستأنف نشاطها في شهر غشت.
وتستخرج ‹›خيوط›› الزعفران من أزهاره الصغيرة المتفتحة، بأيدي عمال محليين غالبيتهم نساء، مباشرة بعد الجني. وتجفف في الظل أو على النار مما يفقدها أربعة أخماس مائها. وتنتج ضيعة ذات رعاية جيدة بحدود 6 كيلوغرامات في الهكتار، ويبلغ ثمن الكيلوغرام ما بين 10 آلاف و15 ألف درهم.
وتتحمل نبتة الزعفران ظروفا مناخية قاسية جدا، ويمكنها مقاومة حرارة تقل عن 10 درجات مئوية تحت الصفر أو تفوق 40 درجة فوق الصفر، لعدة أيام، شرط ألا تصادف هذه الحرارة إحدى المراحل الحساسة للنبتة. وبصلة الزعفران هشة تتضرر بالاختناق في التربة الطينية والجفاف في التربة الرملية، لكنها تنمو في التربة الحمضية لكونها لا تتأثر بالحموضة.
وتبرز الزهور بعد 4 إلى 6 أسابيع من الزرع، وعملية جمعها دقيقة وتستوجب أيدي عاملة مؤهلة. وهي تتم قبل تفتح الزهور في الصباح الباكر مع طلوع الشمس، لتجنب ذبولها.
وأكد عبد العزيز ميموني رئيس المركز الوطني للبحث الزراعي بـأكادير أن المركز قام بعدة تجارب وأبحاث تخص إكثار الإنتاجية وتأهيل قطاع زراعة الزعفران، سواء بضيعة بعض الفلاحين أو بضيعة تجارب المركز، على مستوى السقي والتسميد والتخزين. كما أن المعهد عقد شراكة مع الفدرالية البيمهنية للزعفران وفق برنامج يروم إكثار الفصيلات لتكون في جودة عالية.
يشار أن المناظرة الدولية حول الزعفران تعقد كل ثلاث سنوات، وعقدت دورتها الأولى بإسبانيا في سنة 2003، وتلتها دورة إيران سنة 2006، ثم دولة اليونان سنة 2009، والهند سنة 2012. وشهدت الندوة الخامسة بأكادير مشاركة 15 دولة فضلا عن نخبة من الباحثين والأكاديميين من المغرب والخارج.
محمد التفراوتي