مونتاري .. الحالة الصادمة

وسط ظروف عامة مأساوية على جميع المستويات، غادرنا إلى الأبد لاعب الرجاء البيضاوي لكرة القدم السابق عزيز مونتري، بعد أن وفاته المنية أول أمس الأربعاء بإحدى المصحات الخاصة بمدينة الدار البيضاء. 
عزيز مونتاري برز كلاعب شاب واعد خلال موسم 1993-1994، إذ استطاع كسب رسميته بكثير من الجدارة والاستحقاق، خاض العديد من المقابلات الرسمية كمدافع أيمن بأسلوب جديد، إلى جانب بصير، خاليف، فهمي وغيرهم، مقدما خلالها الكثير من القناعات، بصفته واحدا من أبرز خريجي مدرسة القلعة الخضراء خلال بداية التسعينات. 
تنبأ المتتبعون لابن حي درب السلطان، المعقل التاريخي للنسور الخضر، بمستقبل زاهر،  إلا أن حادثا مروريا لعينا، قضى نهائيا على مساره الرياضي، وفرض عليه الاعتزال المبكر وهو في مقتبل العمر، حيث أصيب إصابة بالغة في الرجل اليمنى، لم يعد بعدها قادرا ليس على اللعب، بل حتى على استعادة المشى بطريقة سليمة وعادية. 
بعد هذا الحادث المأساوي، تناسى الجميع لاعبا واعدا اسمه عزيز مونتاري، لم يعد يسأل عن أحواله أي أحد، ليتحول عطاؤه بالملاعب وهو يحمل قميص الرجاء، إلى مجرد ذكرى جميلة، إذ برز بسرعة فائقة، واختفى بنفس السرعة القياسية، ليتحول اسمه بعد ذلك، إلى رقم أنضاف إلى قائمة العديد من الأسماء التي تعزز خانة اللاعبين السابقين. 
كان من الممكن إنقاذ حياة مونتاري، وكان من الممكن أن يعود إلى ممارسة كرة القدم، إلا أن الإهمال من طرف محيطه وتجاهل إدارة ناديه الأم، وسوء تقديره الشخصي للأمور، والوضعية الاجتماعية الصعبة لعائلته، عوامل رمت به خارج دائرة الاهتمام، خاصة وأن رياح التغيير الإيجابي التي استفاد منها الرجاء، بعد الاندماج مع جمعية ألأولمبيك البيضاوي، والتحاق كوكبة كبيرة من اللاعبين الجاهزين بتشكيلة الرجاء، جعلت الجميع يتناسى لاعبا مصابا اسمه عزيز مونتاري. 
لسنوات طويلة ظل الراحل مونتاري يعاني في صمت، قاوم بمفرده معاناة تبعات الإصابة والخصائص، تداوى بطرق تقليدية مدة طويلة وطويلة جدا، إلة أن وصلت الأمور إلى حد التعفن، حيث انتبه مؤخرا أفراد من جمعية قدماء الرجاء لوضعية الخطيرة التي وصل إليها، فبادروا لنقله للمصحة. حيث بثرت الرجل التي أصيبت خلال حادثة السير التي تعود لخمس عشرة سنة، لكن الأمور تطورت بعد ذلك بشكل دراماتيكي، ليعلن عن وفاته يوم الأربعاء الأخير. 
هكذا عاش عزيز مونتاري، وهكذا عانى في صمت بمفرده، وهكذا غادرنا إلى أرض البقاء، بعد حياة قصيرة يمكن أن تروى كقصة حزينة، بكثير من الحسرة والأسف، والأساسي الذي يمكن أن يستفاد منها بالنسبة للأجيال سواء الحالية أو القادمة، وهو أن أصعب مرحلة يمكن أن يعيشها الرياضي، هى ما بعد التوقف سواء بسبب التقدم في السن، أو التعرض للإصابة. 
فمرحلة التوقف، تعد مرحلة مفصلية جد صعبة، عانى منها الكثير من الرياضيين، وهناك الكثير من النماذج الصادمة التي هزت الرأي العام، ولابد من مؤسسة تعالج هذه الحالات حتى لا تتكرر  مثل حالة عزيز مونتاري رحمه الله. 

محمد الروحلي

Related posts

Top