مرحبا بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية وكل المطالب التي تتم وفق قانون البلاد ودستورها. مرحبا بالوقفات والمسيرات والاعتصامات التي تتم وفق ما يفرضه قانون البلاد. مرحبا بروادها الوطنيين داخل الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والتنسيقيات.. الذين يقدمون لوائح مطالب مشروعة، بعيدا عن السب والقذف والتسيب والهذيان والخراف السياسي والنقابي. لا للمطالب غير المشروعة والانفصالية التي تهدد أمن البلاد واستقرارها. الوطنية تفرض منا ألا نتوانى في فضح أي فساد أو استبداد يخص أي كان مهما علا شأنه وسمى منصبه. الوطنية تفرض ألا نقود احتجاجا لا يرفع رواده علم البلاد، ولا يؤمنون بشعار المملكة (الله الوطن الملك). وتفرض أن نكون منتقدين و أول المحرضين على تشتيت وحدة المحتجين وكيل تهم الخيانة إليهم. حتى لا يتم الركوب على هموم ومآسي الضعفاء والمستضعفين. وحتى لا يتحول طالب حاجة وحق لدى مسؤول بمرفق عمومي أو خاص، إلى طالب الانفصال وخائن لبلاده ومجرد أداة مسخرة لخصوم الوطن.
شعار المملكة واضح وضوح الشمس في عز الصيف. الأولوية لله.. يليه الوطن وبعده الملك. فلا يمكن لمن لا يعترف بوجود الله ووحدانيته، أن يحتج معنا. ولا يمكن لكل من يسعى إلى تفرقة وتشتيت الوطن بفرض الزعامة والقبلية والعرقية أو بانتحال صفة مواطن مأجور… أن يكون ضمن مناضلينا.. أو هؤلاء المسخرين لضرب العلم الوطني. الذين يرفعون أعلام أخرى دخيلة أو خاصة بفئة من المغاربة. أو الذين يسلكون طرق ابتزاز الدول، والتهديد باللجوء لدعم وحماية دول الجوار.
يجب علينا نحن المغاربة الأحرار أن نجهض أحلام هؤلاء المفسدين، وأن نؤثث بناية المجتمع المدني والسياسي والحقوقي، بمواطنين مغاربة في مستوى النضال البديل والزعامة اللازمة، ونمهد تدريجيا لإسقاط من يقود القافلة بدون ريادة.
الحقيقة التي علينا أن ندركها جيدا أن المغرب يعيش أزمة صمت وتخلي وتهاون شعب. وعلى الشعب أن يعي أنه هو من يصنع الفساد وهو من يحضنه ويرعاه داخل مجالس الجماعات المحلية والبرلمان الحكومة والوظائف العمومية.. وأن بإمكانه فرض التغيير الإيجابي والمنتج بأصواته واندماجه ومبادراته وتصديه لكل أوجه الفساد.
عليه أن يدرك أن المطارق التي تنزل على رأسه إتباعا في العمل والتغذية والخدمات.. هي بيد من حمله الشعب إلى القمة والزعامة. فرواد الفساد والاستبداد بالمغرب هم بائعو الذمم والوسطاء والسماسرة خلال الانتخابات الجماعية والتشريعية. وهم الصامتون على ناهبي المال العام والمصوتون لصالحهم باعتماد الرشاوي والقبلية والعائلة والمصلحة الشخصية. هم مقاطعو الانتخابات والرافضون لخوض المعارك من داخل أجهزة الدولة ووفق ما ينص عليه الدستور.
ألم يكن بالإمكان انتفاضة الشعب شهر أو شهرين قبل موعد الانتخابات الجماعية أو التشريعية.. مدة كانت سترغم الأحزاب السياسية على انتقاء شرفاء البلاد وكفاءاتها لترشيحهم. وكانت ستساهم في وقف نزيف المال والعرض خلال الحملات الانتخابية. وكانت ستجعل الفاسدين يغادرون دكانين الأحزاب، والانتباه إلى ما جمعوه من الأموال الحرام والاختفاء عن الأنظار بعيدا عن السياسة والساسة الحقيقيين؟؟.
رواد الفساد هم الذين يسمحون لأبنائهم وبناتهم بالغش في الامتحانات والمباريات، وهم الذين يدفعون الرشاوي ويحابون المفسدين من أجل توظيفهم ويقتاتون سرا من الفساد ويوهمون الناس بأنهم شرفاء ونزهاء.
بعد حراك الريف وانتفاضة رواد 20 فبراير، انهارت الثقة بين الشعب والأحزاب والنقابات. وتم إحداث تنسيقيات لعدة فئات متضررة. ودخل المغرب منذ عقد من الزمن في ما بات يعرف بالاحتجاجات الفئوية. وهو دروس وجب الاستفادة منها.
المغاربة يدركون حق الإدراك أن المغرب لن يكون إلا مملكة. والسياسيون والدينيون أدركوا هذا قبلهم، ولذلك حدوا من سقف مطالبهم. وباتوا يطالبون بتقليص صلاحيات الملك فقط. هذا المطلب الذي يرفضه الشعب، بعد أن اتضح فساد السياسيين والدينيين. وأصبح المطلب هو زيادة صلاحيات الملك.. وهذا ما نلمسه في كل الاحتجاجات. حيث يطالب المحتجين بتدخل الملك من أجل تسوية كل الأمور. وكأن البلاد ليست بها أجهزة حكومية ولا سلط. فليتفاوض الشعب مع السياسيين من أجل الخروج بمطالب واضحة وغير متعارضة. قبل مخاطبة الملك. لأن الملك لن يتدخل إلا في حدود ما يكفله له دستور البلاد.
فلا يقبل أن يطلب من الملك الاستجابة لهؤلاء وأولئك. لأن في ذلك ضرب للدستور أولا، وتصغير لمقام الملك ومكانته. وإن كان على الملك النزول عند كل احتجاج لمقابلة المحتجين، فهذا يعني أنه لا وجود لباقي أجهزة الدولة. وأنه وقبل النزول عليه أن يحل الحكومة والبرلمان بغرفتيه. ويحل مجالس الجماعات الترابية وكل المجالس المنتخبة. سلاح الملك هو الشعب. وقوته يستمدها من الشعب وإن أبان الشعب على أنه ذراع الملك الأيمن. فإن الملك لاشك سيستمر في تطهير كل الأجهزة. وعلى الشعب أن يوفر البديل البشري. وأن ناضل بحزم وعزم من أجل تحقيق ما تضمنه النموذج التنموي الجديد. وأن يدرك قيمة الحفاظ على الهوية المغربية والتي نسوقها خارجيا بتأكيد الالتفاف حول بعضنا البعض.
من يحرق العلم الوطني أو جواز سفره أو بطاقة التعريف الوطنية الخاص به، فقد أحرق العروق التي تربطه بالوطن والمغاربة أشقائه. ولن يضر الفساد والمفسدين في شيء. تلكم يا سادة هي رموز توحد بين كل المغاربة بمختلف قبائلهم وأعراقهم. ومن تخلى عنها فقد تخلى عن هويته، وحديثه عن المغرب وتدخله في شؤون المغرب يدخل في إطار الإرهاب والتجسس والخيانة. فالنضال الحقيقي يكون برفع العلم الوطني. وبمغاربة يحملون نفس الهوية والجنسية.
بقلم: بوشعيب حمراوي
