المغرب يستثمر 5.4 مليار درهم في القارة الإفريقية سنة 2019

شكل العقدين الأخيرين، مسارا زمنيا حافلا، في تاريخ علاقات المغرب مع باقي الدول الأفريقية، بداية من سنة 2000 حيث قرر جلالة الملك محمد السادس، في سنته الأولى من الحكم، إلغاء ديون الدول الإفريقية الفقيرة تجاه المغرب، وما أعقبها طيلة هذه المدة من زيارات ملكية لعدد من البلدان الإفريقية من أجل تمتين العلاقات والتوقيع على اتفاقيات شراكة وتعاون في إطار علاقات رابح رابح.
وأضحت المملكة المغربية رقما أساسيا في المعادلة الإفريقية، متمكنة من تعزيز حضورها بفضل إرساء جيل جديد من العلاقات بين دول القارة، ترتكز على التعاون المشترك لمواجهة التحديات وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين مختلف البلدان، بما يضمن استفادة الجميع من الفرص المتاحة والإمكانيات التي تزخر بها القارة.
وتغذي العلاقات بين المغرب وإفريقيا٬ روابط ثقافية ودينية٬ مرتكزة (العلاقات) على إرث تاريخي واستراتيجية اقتصادية تعزز دور البلدان الإفريقية، باعتبارها شريكا مفضلا للمغرب، ما مكنه من أن يصبح أول مستثمر إفريقي بغرب إفريقيا، والثاني على مستوى القارة بأكملها.
واستطاع المغرب بفضل استراتيجية الحكيمة والهادفة في إقامة شراكات متينة، خاصة مع البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية، متمكنا من تمتين العلاقة مع البلدان الإفريقية إلى حد كبير، إذ عززت المقاربة الجديدة الدور الاقتصادي والمالي للشركات والبنوك المغربية للدول الإفريقية.
ومن أهم مكتسبات المغرب خلال العقدين الأخيرين، تمكنه من إقناع العديد من الشركاء بقضية وحدته الترابية، ما زاد من عزلة “بوليساريو” على الساحة الإفريقية، كما استطاع إقناع العديد من الدول بسحب اعترافها بما يسمى الجمهورية الصحراوية، ولم تعد، حاليا، سوى دول معدودة ما تزال تعترف بالجمهورية الوهمية.
وفي سياق متصل، فقد انتقلت الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية من 907 مليون درهم عام 2007 إلى 5.4 مليار درهم عام 2019.
وتتكون هذه الاستثمارات، بشكل أساسي، حسب مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة من استثمارات مباشرة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وتمثل هذه الاستثمارات 47 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المغربية.
وفي الصدد ذاته، فقد ارتفعت القيمة الإجمالية للمبادلات التجارية للمغرب مع البلدان الإفريقية، خلال الفترة 2000-2019، حسب تقرير المديرية حول “ملامح الاقتصادات الإفريقية”، بنسبة 9,5 في المائة في المتوسط السنوي، لتصل إلى ما يقرب من 39,6 مليار درهم في عام 2019.
وتمثل هذه المبادلات، حوالي 6,9 في المائة من القيمة الإجمالية للتجارة الخارجية للمغرب، مقابل 4,3 في المائة في عام 2000، مضيفة أن “تجارة المغرب مع شركائه الأفارقة سجلت تقدما مشجعا خلال العقدين الماضيين، يعكس الجهود التي تبذلها المملكة في تنويع علاقاتها التجارية”.
وأشارت المديرية، إلى أن الصادرات المغربية إلى القارة الإفريقية زادت بنسبة 11 في المائة في المتوسط السنوي، لتبلغ 21,6 مليار درهم في 2019، أي ما يمثل 7,7 في المائة من إجمالي صادرات المغرب مقابل 3,7 في المائة في عام 2000.
وتتكون هذه الصادرات، أساسا، من المنتجات شبه المصنعة (31,5 في المائة في عام 2019)، والمنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ (28,5 في المائة)، والمنتجات الاستهلاكية النهائية (16,9 في المائة)، ومنتجات المعدات الصناعية الجاهزة (14,1 في المائة) ومنتجات الطاقة ومواد التشحيم (4,5 في المائة).
وحسب التقرير ذاته فقد سجلت الواردات، من جهتها، ارتفاعا بنسبة 9 في المائة في المتوسط السنوي، لتبلغ 17,9 مليار درهم في عام 2019، أو 3.6 في المائة من إجمالي الواردات من المغرب مقابل 4.6 في المائة في عام 2000.
وأضاف أن بنيتها تظهر الحجم الكبير لمشتريات منتجات الطاقة (38,6 في المائة في عام 2019)، تليها المنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ (18,2 في المائة) والمنتجات شبه المصنعة (17,6 في المائة) والمنتجات الاستهلاكية (16,1 في المائة).
وأشار التقرير إلى أن “المغرب لم يتوقف، منذ استقلاله، عن إعادة تأكيد توجهه الإفريقي، من خلال وضع القارة على رأس أولوياته الإستراتيجية، حيث عملت المملكة، بنشاط، على تعزيز علاقات التعاون مع دول قارتها، عبر توطيد علاقاتها السياسية وتنويع الشراكات في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك”.
وأضاف أنه على مدى العقدين الماضيين، اكتسب هذا التوجه الإفريقي أهمية خاصة، باعتباره جزء من رؤية شاملة ومتكاملة تدعمها مبادئ التعاون جنوب-جنوب، ويتم تنفيذها على أساس رابح-رابح.
وأكد التقرير أن “الاستراتيجية الاقتصادية التي ينتهجها المغرب تجاه شركائه في القارة تهدف إلى جعل المملكة مركزا إقليميا يخدم التنمية المشتركة في المجالات ذات الاهتمام المشترك (التنمية البشرية، الأمن الغذائي، البنية التحتية، التنمية المالية والطاقات المتجددة …).

< عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top