بطموحه اللامتناهي وغروره الذي يزيده اندفاعا، يعود البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي رجلا مشابها بالأحلام لذلك الذي وطأت قدماه ملعب “أولد ترافورد” قبل 18 عاما، ومختلفا في الجسد والسيرة.
وصل لاعبا نحيفا بحثا عن الألقاب ويعود في سن الـ36 ببنية جسدية خارقة، ساعيا إلى المزيد من التحديات، الأهداف، الأرقام القياسية والكؤوس.
في زمن يكون غالبية اللاعبين في سنه إما اعتزلوا أو ذهبوا إلى دوريات “ضعيفة” لإنهاء مسيرتهم، ها هو يعود إلى أحد أقوى الدوريات في العالم إن لم يكن أقواها، باحثا عن تحد جديد-قديم.
مع خمس كرات ذهبية، لا يزال البرتغالي متعطشا بعد ثلاثة مواسم متفاوتة في يوفنتوس الإيطالي، وهو يحتل في المرتبة الثانية خلف منافسه الأبدي الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي توج بالجائزة الفردية الأسمى في ست مناسبات.
رونالدو أنهى الموسم الماضي في صدارة ترتيب هدافي الدوري الايطالي (29)، ليصبح أول لاعب يحقق هذا الإنجاز في ثلاثة من الدوريات الخمسة الكبرى، بعد إنجلترا مع مانشستر يونايتد وإسبانيا مع ريال مدريد.
يغادر مدينة تورينو مع لقبين في “سيري أ”، واحد في الكأس المحلية واثنين في الكأس السوبر الايطالية.
أما في دوري أبطال أوروبا، وعلى رغم عدم تجاوز “البيانكونيري” الدور ربع النهائي في ثلاثة مواسم، إلا أن رونالدو عزز مكانته كأفضل هداف للمسابقة القارية الأم مع 134 هدفا مقابل 120 لميسي.
مع 783 هدفا في مسيرته الاحترافية، منها 109 مع منتخب بلاده، تجاوز الـ”دون” الرقم الرائع للجوهرة البرازيلية “بيليه” (767) ويصبو لتحطيم رقم التشيكي جوزيف بيكان (805).
أن يكون الأول، في القمة، وفوق الجميع، معر ضا نفسه لخطر الانتقادات للعب “فردي” في رياضة جماعية، كان هذا دائما هدف هذا الرجل المفتون بعضلات وبنية جسدية خارقة.
النقطة السوداء الوحيدة التي آذته قليلا كانت مواجهته تهم الاغتصاب التي استهدفته في صيف 2018، قبل أن يقرر القضاء الأمريكي عدم مقاضاته لعدم كفاية الأدلة.
كي يصبح اللاعب الذي رآه العالم في السنوات الـ15 الماضية، تطلب ذلك طموحا غير مسبوق، “غير طبيعي” تقريبا، على حد تعبير الفرنسي زين الدين زيدان مدربه السابق في ريال مدريد.
كان هذا الطموح هو الذي قاده من جزيرة ماديرا الصغيرة في المحيط الأطلسي، إلى العاصمة لشبونة، حيث انطلق بمفرده في سن الثانية عشرة. كان ضعيفا وذات شخصية متواضعة، وسخر منه رفاقه في سبورتينغ بسبب لهجته لكونه قادم من الجزيرة.
روى جوزيه سيميدو الذي أصبح أيضا لاعب كرة قدم وبقي صديقا مقربا منه لوكالة فرانس برس “كان يغضب ويقاتل كثيرا. حاولت حمايته لكنه كان يعود إلى منزله باكيا”.
تسببت هذه الشخصية لرونالدو بعشرات البطاقات الحمراء في مسيرته وتقلبات مزاجية متكررة على أرض الملعب.
نال تقدير الجميع ولكن حب عدد أقل، فقد بنى مسيرته الاحترافية مثلما بنى جسده، من خلال العمل والانضباط، ميزتان لا غنى عنهما لموهبته الطبيعية.
لكن الزهد في العمل لا يمنع التركيز على الاحتفال بالنفس، ولا يتظاهر رونالدو بإخفاء كل الأشياء الجيدة التي يفكر بها عن نفسه. فقد قال في العام 2011 “لأني غني، وجميل ولاعب كبير، فالناس تغار مني”.
ثروة، راتب سنوي بلغ 31 مليون يورو في تورينو، أقراط مرصعة بالماس، فإن حياة رونالدو معروضة أيضا بشكل واضح على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: أسلوب حياة فخم، سيارات فاخرة وطائرة خاصة.
لكن في السنوات الأخيرة، احتلت حياته العائلية مع عارضة الأزياء الإسبانية جورجينا رودريغيز وأطفاله الأربعة (لأكثر من والدة) مكانة بارزة بشكل متزايد في الصور التي يظهر فيها أمام أكثر من 334 مليون متابع على (إنستغرام) الموقع الذي يتصدر فيه قائمة أكثر الشخصيات من عدد المتابعين في كل أنحاء العالم.
مع تقدمه في العمر، يبدو أن البرتغالي يحاول محو أكثر جوانبه المثيرة للانقسام، حتى لو كان لا يزال يثير بعض الجدل. كما هو الحال عندما انتقد خلال كأس أمم أوروبا هذا الصيف علامة تجارية للمشروبات الغازية، أحد رعاة البطولة القارية، أو عندما نشر رسالة في خريف 2020 وصف فيها اختبار الكشف عن فيروس كورونا بأنه “هراء”، ما أجبره على الغياب عن مباراة ضد برشلونة ومنافسه ميسي بسبب النتيجة الإيجابية.
حذف هذه الرسالة سريعا لأن كريستيانو رونالدو يجب أن يهتم أيضا بعلامته التجارية الشخصية “سي أر 7” التي باتت الآن علامة لملابس داخلية، عطر، سلسلة فنادق، بالإضافة إلى متحف في ماديرا، حيث بدأت رحلة غير عادية ستعيده إلى مانشستر النادي الذي رفع معه دوري أبطال أوروبا لأول مرة.
رونالدو يعود إلى مسرح الأحلام
الوسوم