الحكومة الحالية تبلور توجها ليبراليا واضحا مقابل ادعائها حمل شعار الدولة الاجتماعية

نظم فرع حزب التقدم و الاشتراكية بالمعاريف، مساء يوم الأحد 08 دجنبر 2024 بالمقر الوطني للحزب بالدارالبيضاء، ندوة حول موضوع “التجربة الحكومية في مجالي التغطية الصحية الاجبارية و الدعم الاجتماعي المباشر”.
شكلت هذه الندوة التي أدارت فعالياتها الرفيقة ياسمين زكي، الكاتبة الأولى للفرع الإقليمي للحزب بأنفا، فرصة للوقوف عند أهمية ورش الحماية الاجتماعية بمضامينها المتعددة، وفق الرؤية الملكية السامية والتوجهات الواجب بلورتها و تنزيلها بشكل جيد، بما ينسجم و الطموحات المشروعة في تكرييس معاني العدالة الاجتماعية الحقيقية، و من ذلك الرؤية الاصلاحية لحزب التقدم و الاشتراكية و مجمل المقترحات الكفيلة بتجاوز الاختلالات و الأعطاب المطروحة.
وبعد كلمة افتتاحية للرفيق محمد الرموحي، الكاتب الأول لفرع حزب التقدم و الاشتراكية بالمعاريف، تناول كل من الرفيق جمال كريمي بنشقرون والرفيقة تورية الصقلي عضوا المكتب السايسي للحزب، بشكل مفصل، المعطيات الخاصة بتطور برامج الحماية الاجتماعية من خلال ورش التغطية الصحية الإجبارية الذي انطلق التقنين و التعميم بشأنه مند أزيد من عقدين من الزمن.
كما تناول جمال كريمي بنشقرون و تورية الصقلي أزمة القطاع الصحي العمومي في مقابل انتعاشة القطاع الصحي الخاص، مشيران إلى أن الحكومة الحالية تبلور توجها ليبراليا واضحا مقابل ادعائها حمل شعار الدولة الاجتماعية.
وتطرق المتدخلان إلى ظاهرة انتشار المصحات الخاصة كالفطر، حيث بات لزاما على كل الفئات اللجوء إليها مكرها في ظل غياب أدنى شروط تلقي العلاجات في المستشفيات العمومية، كما أن هذه المصحات باتت تستنزف موارد صناديق التعاضد بأزيد من 80 بالمائة من التحملات الطبية لفائدتها مما يكرس منطقا تجاريا يتمدد و يتوسع في قطاع حيوي و استراتيجي، مما أدى إلى خلق معاناة اجتماعية اتضحت معالهما و باتت المسألة الصحية ثقلا يرهق عموم المواطنات و المواطنين.
و استعرض المتدخلان تفاصيل حول ورش الدعم الاجتماعي المباشر الذي اعتبراه عنصرا أساسيا في بلورة سياسة اجتماعية تهدف إلى تحسين دخل الفئات الاجتماعية المستضعفة و الفقيرة، حيث أوضحا أن المؤشرات الداعية إليه انطلقت قبل سنوات، وبالضبط مند سنة 2015 بعد تحرير سوق المحروقات، و ذلك في إطار بلورة إجراءات مواكبة لهذا التحرير قد تساهم في تخفيف ثقل المعيشة على عموم الفئات الاجتماعية المتأثرة جراء إلغاء دعم صندوق المقاصة للمحروقات، و انعكاس أسعارها على أثمان مختلف المنتجات الغدائية و غيرها.
وهو ما دعا إليه، وفق ما جاء في الندوة، حزب التقدم و الاشتراكية آنداك وعملت الحكومة المغربية الأولى ما بعد دستور 2011 على مباشرته، إلا أنه لقي معارضة قوية من طرف الحزب الذي يقود الحكومة الحالية لأسباب واهية قوامها عدم استغلال هذا الدعم لأغراض انتخابية. وهو الحزب الذي كان عضوا في ذلك التحالف الحكومي و تحمل عدة حقائب وزارية وازنة، و الذي بقدرة قادر يعتمده اليوم كبرنامج في سياسته الحكومية، حيث انطلق هذا الدعم مند أكثر من سنة من عمر الولاية الحكومية الحالية، علما أن محددات البلورة بشكل دقيق اتضحت بعد صدور قانون 18-72 المتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد الصادر في الولاية التشريعية الماضية 2016/2021، مما شكل أرضية قانونية لضبط منظومة الاستهداف الاجتماعي عبر وكالة السجلات الاجتماعية.
لكن، يضيف المتحدثان، و بالنظر إلى كل هذه المنطلقات الايجابية و رغم الصراعات الواهية التي عطلت تنزيل هدا الدعم قبل سنوات، فإن الحكومة الحالية عجزت على تنزيل هذا البرنامج بشكل واقعي يلامس فعلا معنى التضامن الاجتماعي المؤسساتي.
وطالب الرفيقان جمال كريمي بنشقرون و تورية الصقلي الحكومة الحالية بمراجعة أساليب توجيه هذا الدعم و قيمته المالية التي تصطدم بجدار الغلاء، الذي لامس مختلف مناحي حياة و عيش المواطنين خاصة الفئات الفقيرة و المتوسطة، مشيران إلى أن معطى ” المؤشر” و مقاييسه غير المضبوطة شكل نقطة سوداء في هذا الدعم و أدى إلى بروز مشاكل عميقة ضربت في العمق أهداف و مرامي هذا البرنامج في توجهات محاربة الفقر و الحاجة و تحسين مستوى العيش و بلوغ طموح تحطيم الفواق الاجتماعية، حيث يشكل هذا الدعم فقط نقطة بسيطة في بحر المتغيرات القوية الواجب اعتمادها عبر إرادة شاملة عمادها توفر و بناء منظومة تعليمية قوية و منتجة تبلور معاني الترقي الاجتماعي و تكافئ الفرص، و بناء منظومة صحية اجتماعية عادلة تضمن العلاج للجميع على قدم المساواة.
وقد شدد النقاشات خلال هذه الندوة على ضرورة انخراط الجميع في مسلسل الإصلاح و التغيير بإيمان راسخ في بلورة الأقوال إلى أفعال حقيقية، تسهم في بناء الوطن و مواصلة مسار التنمية على كافة الأصعدة و في مختلف المجالات، عبر الاجتهاد و التواصل و العمل و الإنصات و الارتباط بنبض الوطن و الالتصاق بهموم الشعب، و الانتصار لمعنى السياسة و إعادة الأمجاد و البريق لها بكل ما يحمله العمل السياسي من دلالات، وذلك ضدا في مسلك العدمية و أساليب تبخيس دور الاحزاب السياسية و تقزيم مكانتها، والتي تشكل خطرا داهما على المجتمع.
فالأحزاب السياسية، تقول خلاصات هذه الندوة، مؤسسات دستورية، تشكل قاطرة بناء صرح الديمقراطية، وجب العمل من داخلها و تمكينها من آليات العمل و الدعم على أحسن وجه .

Top