مواد تثير الجدل بين النواب ووزير العدل

تعديل المسطرة الجنائية

شرعت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب في المناقشة التفصيلية لمشروع تعديل المسطرة الجنائية، وسط جدل واسع بخصوص العديد من المواد.
وعرفت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب في اجتماعها، أول أمس الثلاثاء، نقاشا ساخنا بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي وعدد من الفرق والمجموعة النيابية بالمجلس بخصوص ديباجة النص، وكذا العديد من المواد المطروحة للمناقشة التفصيلية.
وطرح النواب مجموعة من النقائص التي تهم الكثير من المواد وضمنها المادة 3 التي خلقت جدلا واسعا.
وأثارت المادة المذكورة الجدل بسبب مستجدات تقيد حق جمعيات حماية المال العام في تقديم الشكايات بشأن اختلاس وتبديد الأموال العمومية.
ووفقا للمادة 3 من المشروع، فإن تحريك المتابعة في هذه القضايا سيصبح حصرا بيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بناء على إحالات من مؤسسات رقابية رسمية، مما يعني استبعاد الجمعيات من هذا الدور.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي دافع عن هذا التوجه، معتبرا أن بعض الجمعيات تتجاوز اختصاصاتها وتخلق “مسارا قضائيا موازيا” عبر التشهير وعقد الندوات الإعلامية، وهو ما يؤدي، حسب قوله، إلى تشويه سمعة مسؤولين دون أدلة كافية. كما أشار إلى حالات ابتزاز، حيث يتهم بعض رؤساء الجمعيات باستغلال موقعهم لطلب “التعاون” من المسؤولين مقابل عدم تقديم شكايات ضدهم.
وفي أرقام قدمها الوزير، تلقت النيابة العامة 106 شكايات من جمعيات حماية المال العام خلال 2024، حفظ منها 31، فيما بقيت 61 قيد المتابعة، و8 أمام المحاكم. كما تلقت النيابة 259 شكاية ضد رؤساء جماعات بين 2020 و2024، حفظت منها 112، ولا يزال 132 ملفا قيد البحث، فيما أُحيل 5 فقط إلى المحاكمة.
بالمقابل يرى النواب أن المادة 3 تشكل تقييدا غير مبرر لدور المجتمع المدني، مشيرين إلى أن الدستور يمنح الجمعيات حق المساهمة في إعداد السياسات العامة وتقييمها.
كما اقترح بعض النواب السماح للجمعيات بتقديم الشكايات وفق ضوابط محددة، مع متابعتها قضائيا في حال إساءة استخدامها لهذا الحق.
وزادت حدة النقاشات مع رفع وزير العدل حدته في الدفاع عن المادة 3، حيث تشبث بها وأعلن بأنه لن يقبل أي تعديل على هذه المادة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، وهو ما أثار موجة استياء وغضب لدى النواب، خصوصا من حيث توجه الحكومة لفرض المشروع بدون تفاعل مع التعديلات والأخذ بها.
وتنص المادة 3 محور الجدل على أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو أي هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.
إلى ذلك، كان وزير العدل قد أكد في بداية المناقشة التفصيلية والتي انطلقت، أول أمس الثلاثاء واستمرت إلى غاية أمس الأربعاء أن القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية خضع لمراجعة شاملة، حيث تم تعديل 421 مادة منه، متضمنة مجموعة من المستجدات الهامة، بالإضافة إلى تدقيق الصياغة والمصطلحات وتحقيق الانسجام مع النصوص القانونية الأخرى.
وقال وزير العدل إن مشروع قانون المسطرة الجنائية “يعتبر جوهر الديمقراطية، إذ يمكن المواطن من معرفة حقوقه وحرياته في مجتمع يحترم سيادة القانون”.
وتابع وزير العدل أن المشروع “جاء من أجل استيعاب التحولات التي شهدها المغرب، خاصة بعد دستور 2011، الذي نص على مجموعة من المبادئ التي يفترض أن تجد انعكاسها في مختلف القوانين، لضمان انسجامها مع المعايير الدولية المتعارف عليها”.

محمد توفيق أمزيان

Top