الرياضة اليوم…

تزامنت الاستعدادات للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي تقام في العاصمة البريطانية لندن، بتنظيم حفل توقيع عقد الأهداف بين الحكومة، ممثلة في وزارة الشبيبة والرياضة، والجامعات الرياضية، حيث كشف الوزير الوصي على القطاع على أن الحكومة رصدت 11 مليار سنتيم لدعم مختلف الجامعات، مشددا على أن العقد الموقع عليه يضع الأسس لمواصفات جديدة لدفاتر التحملات بين الطرفين، وقد استلمت 15 جامعة تتولى الرياضات الأولمبية حصة الأسد من الدعم الحكومي المشار إليه، كما أن 15 جامعة في الإجمال لم يتم التوقيع معها إما بسبب عدم عقد جموعها العامة القانونية، أو أنها لم ترفع تقاريرها الأدبية والمالية، وبالتالي لم تلتزم بمقتضيات عقد الأهداف، وقد تم منحها أجلا لتدارك ذلك إلى غاية متم شتنبر المقبل.
الخطوة تكتسي أهميتها من كونها تؤسس لمنظومة تدبير وحكامة ومتابعة، تسترشد بما أوردته الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية للرياضة في أكتوبر 2008، وتسعى إلى ترجمة مضامينها من خلال مواد العقود الموقعة، والأهداف المسطرة.
المبادرة الحكومية تسعى كذلك لإعمال حكامة فعالة في قطاع الرياضة، الذي يعرف تداول أموال ضخمة داخل عوالمه، ومن ثم، فإن التزام الجامعات الرياضية بالقانون في هيكلتها وتدبيرها، وبالشفافية والوضوح في تعاملاتها المالية، من شأنه ترشيد الإنفاق العام في هذا الميدان، وأيضا جعل عمل هذه الجامعات يتوجه إلى تحقيق الانتصارات للمغرب خارجيا، لكن أيضا الانكباب على الاستثمار داخل البلاد عبر توسيع قاعدة الممارسين، ودعم الأندية والفرق، وجعل الولوج إلى الرياضة في متناول المواطنات والمواطنين، فضلا على إدراج الرياضة ضمن البرامج والمخططات الرامية لتحقيق التنمية والتقدم لشعبنا في مختلف الجهات والمناطق.
لقد صارت الرياضة اليوم في العالم بمثابة قطاع اقتصادي قائم الذات، له مخططاته واستراتيجياته واختصاصيوه وخبراؤه وتقنياته، كما أن المحافل الرياضية العالمية والإقليمية صارت منتديات ديبلوماسية تخاض الحملات في اتجاهها، وتجري الاستعدادات لربح معاركها، وبالنظر لكل هذا، فإن بلدا كالمغرب غير مسموح له الاستمرار في تدبير الشأن الرياضي الوطني بعقلية وأساليب غارقة في الهواية والبدائية، كما أن الدينامية الإصلاحية الجارية في البلاد لا يجوز أن تبقى بعيدة عن قطاع الرياضة، فهذا الأخير معني مثل غيره، وربما أكثر، بأسئلة الشفافية والحكامة الجيدة ومحاربة الفساد ولوبياته، واعتماد حسن التدبير وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك لمصلحة بلادنا وجمهورنا الرياضي، وحق شبابنا وشعبنا في الرياضة.
بقدر ما يتطلع مشهدنا الرياضي الوطني إلى ألعاب لندن قصد العودة بنتائج إيجابية بإمكانها أن تخفف من حدة الخيبات التي توالت على الجمهور في السنوات الأخيرة، فإنه في نفس الوقت يتمنى أن تنجح الحكومة في كسب رهانات عقود الأهداف الموقعة مع الجامعات الرياضية الوطنية، بغاية التأسيس لعهد جديد في الممارسة الرياضية ببلادنا، يكون منسجما مع الزمن الإصلاحي الجديد.

Top