إسبانيا

خص جلالة الملك إسبانيا بموقع متميز في خطاب العرش، وقد التقط المراقبون ووسائل الإعلام في البلد الأيبيري الجار هذه الإشارة، وتم التنويه بها.
لقد أشاد جلالة الملك بعمق الروابط التاريخية، وبالآفاق الواسعة التي تجمع المغرب بالجارة إسبانيا، المدعومة بالأواصر الوطيدة التي تجمع بين الأسرتين الملكيتين، وأكد أنه في هذه الظرفية الصعبة التي يشهدها البلدان، فإن المغرب يعرب مجددا عن التزامه بتسهيل سبل إتاحة الفرص، لتوفير ظروف اقتصادية جديدة وملائمة، من أجل خلق ثروات مشتركة، تجسيدا لعمق التضامن الفعلي بين البلدين.
يجسد القول الملكي وعيا كبيرا بالأفق الاستراتيجي للعلاقات بين الرباط ومدريد، وحاجة البلدين معا إلى تقوية التعاون بينهما، وتعزيز الحوار السياسي بشأن مختلف مجالات الاهتمام المشترك، وهو ما يمثل كذلك رسالة قوية للطبقة السياسية الإسبانية في هذه الظرفية الاقتصادية والمالية الصعبة التي يحياها البلد الجار.
معروف أنه حين يتولى الحزب الشعبي اليميني الحكم في إسبانيا تبرز التوترات مع المغرب، وتتزايد الاستفزازات تجاهه، وما جرى مؤخرا يندرج أيضا ضمن الإطار نفسه، حيث أدلى وزير الداخلية اليميني بتصريحات، وقررت حكومة راخوي إقامة مراكز أمنية فوق بعض الجزر الجعفرية، ورغم ذلك، فإن علاقات البلدين الجارين تبقى إستراتيجية لهما معا، ويبقى من المفروض عليهما التعاون والعمل المشترك في المجالات السياسية والإستراتيجية والتنموية، وهذا ما أبرزه الخطاب الملكي وشدد عليه.
اليوم يمكن للمغرب أن يكون بالنسبة لإسبانيا مدخلا أساسيا لمعالجة أزماتها الاقتصادية والمالية، وبالتالي فإن السعي للتعاون المشترك بين البلدين الجارين، وتقوية فرص خلق ثروات مشتركة من شأنه أن يقدم أجوبة لمختلف التحديات التنموية المطروحة على البلدين.
ويضاف إلى ذلك، أن البلدين معا يجابهان، بحكم الجوار والموقع، تحديات أمنية وإستراتيجية مشتركة، من الضروري العمل معا لمواجهتها، ولكسب رهانات الأمن والاستقرار في المنطقة المتوسطية برمتها، وبالتالي النجاح في جعل ضفتي المتوسط منطقة آمنة ومستقرة للتعاون المشترك لما فيه مصلحة شعوب المنطقة، وهذه الأهداف هي في صالح إسبانيا أيضا، وليس المغرب وحده، وبالتالي فإن أهميتها أكبر من أن يبقى اليمين الإسباني منغلقا على نفسه يردد مواقفه العدوانية تجاه المغرب والمغاربة.
خطاب العرش أوضح للإسبان أنفسهم أن الحكمة وبعد النظر يوجدان في انتصارهم على الحنين الاستعماري، والانتقال إلى العمل المشترك مع المغرب الجار من أجل مواجهة التحديات التنموية والاقتصادية والإستراتيجية معا ويدا في يد لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين، ويخدم مستقبل المنطقة المتوسطية برمتها.
[email protected]

Top