الخطر في مصر

المصريون في الشارع، وفي الساحات والميادين مرة أخرى…
المصريون خرجوا لمواجهة الخطر المحدق بثورتهم، وبمستقبلهم…
كل الديمقراطيين اليوم يساندون الشعب المصري، وينددون بالديكتاتورية…
الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي قدم إعلانا دستوريا يضمن له تجميع كل السلطات حول شخصه، ويجعل قراراته محصنة من كل طعن من أية جهة كانت، ونزل قرار «الريس» مثل الصاعقة على الكل، ليشعل عود الثقاب في البلاد، ولتخرج مصر كلها معلنة الرفض. القوى المصرية المعارضة، التي تضم أكثر من ثلاثين حزبا، أعلنت عن تشكيل قيادة جماعية و»جبهة إنقاذ وطني»، والقضاة أوقفوا العمل في المحاكم، والمنظمات المدنية والشعبية عادت للاعتصام في ميدان التحرير، ولليوم الرابع تستمر الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن وسط القاهرة، ومن جديد تسيد العنف والتوتر في البلاد.
وحدهم الإخوان مدعومين بحلفائهم السلفيين أعلنوا تأييدهم لديكتاتورية الرئيس، وبرروا الخطوة بكونها مؤقتة فقط، بل واعتبروا أن الديمقراطية تقتضي العبور من مرحلة ديكتاتورية (كذا)، وشرعوا في الإعداد لمليونية التبرير والدفاع عن مرسي ضد الشعب المصري.
قبل أن يبلغ حكمه نصف عامه الأول، لم يتردد مرسي وجماعته في توجيه ضربته القاضية لأحلام الثورة المصرية، وقرر، بلا مقدمات، تشديد حبل الخناق على التطلعات الديمقراطية المشروعة لدى المصريين، والكشف عن حقيقته الأصولية المتطرفة والمعادية للديمقراطية، وبالتالي وضع البلاد المثقلة بالجروح والأزمات في النفق، وجعل شعبها يصحو اليوم على كابوس مرعب.
ما يجري في مصر، نجد صورة تشبهه، ولو بدرجات أقل، في تونس، وربما في ليبيا، وأيضا في اليمن، وقد كانت الحكاية ذاتها قد عيشت في غزة مع حماس، والقاسم المشترك بقي هو الإصرار على الديكتاتورية والتسلط والانفراد بالحكم والشطط في حق المعارضين، لكن الخطورة اليوم تكمن في أن الوقائع تجري في قلب المنطقة، أي في مصر، وذلك لن يخلو من تداعيات وانعكاسات تتجاوز حدودها لتشمل جغرافيات عربية أخرى، ومن هنا واجب التضامن مع الشعب المصري وقواه الديمقراطية ضد الديكتاتورية، ومن أجل ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والمؤسسات وفصل السلط.
إن الإنجازات الديمقراطية التي تحققت للشعب المصري بفضل ثورته التاريخية، وخاصة التفاف مختلف فئات الشعب حول أهداف الثورة، ونجاح البلاد في حماية استقرارها العام، باتت اليوم مهددة، وصار يلوح شبح التوتر والفتنة جراء إصرار النظام الجديد على الانفراد بالحكم وممارسة ديكتاتورية متخلفة.
وأمام الرفض الشعبي المتواصل لإعلان الرئيس مرسي، وبعد تنديد مختلف قوى وأوساط المجتمع الدولي بذلك، يتطلع الكثيرون إلى النظام المصري كي يتراجع عن خطوته، ويبادر إلى احتواء ما نتج عنها من أزمة خطيرة في البلاد قبل أن يفوت الأوان، لأن نجاح مصر في تعزيز استقرارها الداخلي وبنائها الديمقراطي والتنموي هو ما سيمكنها من النجاح في دورها الإقليمي والدولي، خصوصا في قضايا الشرق الأوسط المشتعلة.
وفي المقابل، فإن أي انتكاسة للثورة المصرية، أو فشل يصيب مسلسل التغيير الديمقراطي الداخلي، من شأن ذلك إحداث انعكاس سلبي على باقي الحراكات الديمقراطية في المنطقة، وعلى مختلف قضاياها، وعلى تطور دينامياتها المجتمعية.
وإن ما يحدث اليوم في مصر، يؤكد لنا مرة أخرى أهمية الحرص الدائم على حماية مؤسساتنا الديمقراطية الوطنية، والدفاع عن تعدديتنا السياسية ورفض كل أشكال التحكم والاستبداد من أي جهة، وبالتالي التشبث بتميز النموذج المغربي.
[email protected]

Top