أحزاب مغربية في الجزائر

حضور ممثلي أحزاب سياسية مغربية في مؤتمر حزب جزائري ليس سلوكا بروتوكوليا، أو مجرد أداء واجب تضامني بين هيئات تتقارب فيما بينها، بهذا الشكل أو ذاك، على مستوى الأفكار والبرامج، أو التوجهات العامة والروابط التاريخية، وإنما الفعل يكون باستمرار غير خال من الدلالات.
إن مشاركة ثلاثة أحزاب مغربية ضمن فعاليات المؤتمر الأخير لجبهة القوى الاشتراكية لزعيمها الحسين آيت أحمد لم تمر عابرة في زمن المؤتمر وحواليه، وإنما كانت لافتة من خلال دفء استقبال المنظمين، ومن خلال الكلمات التي ألقيت أمام المؤتمرين، ومن خلال المناقشات الثنائية بموازاة جلسات المؤتمر، وأساسا من خلال ما أحدثه كل هذا من توتر لدى بعض أركان النظام الجزائري، وهو ما عبرت عنه صحف جزائرية معروفة بارتباطها الدائم بأجهزة البلد الجار.
لم تنجح هذه الصحف في قراءة رمزية المشاركة الحزبية المغربية، ولم يصل مسامعها وعقولها الصغيرة جدا، سوى أن مواقف مبدئية بديهية عبر عنها مسؤولون حزبيون مغاربة من داخل الجزائر خلفت استياء بعض مؤتمري حزب آيت أحمد، حتى لو كان الاستياء متوهما ولم يقع إلا في ردهات من يوحي بالكلمات والعناوين لهذه المنشورات.
العلاقات بين الأحزاب ذات الأصل في المغرب والجزائر لم تبدأ البارحة، بل لقد كانت ذات زمن وطني بهي بلا فروق أو حواجز، وكان الوصال منتظما ضمن خط نضالي واحد من أجل الحرية والاستقلال، ومن ثم، فإن إعادة حرارة الكفاح المشترك اليوم، وإعادة بناء العلاقات وتقويتها، من شأن ذلك أن يصحح كثير أخطاء وخطايا، ومن شأن ذلك أيضا أن يساعد في انسيابية الكلام بلا تحفظات أو إكراهات التفاوض الديبلوماسي، ولكن ربما هذا بالذات هو ما لا تقبله بعض أطراف النظام العسكري في الجزائر، ولذلك تسارع من البداية إلى وأد الانطلاق.
وفي كل الأحوال، فسيكون من المستحيل القضاء على تطلعات الشعبين المغربي والجزائري وقواهما السياسية والمجتمعية ذات الأصل والمصداقية لتعميق التواصل والتضامن بينها، وللسعي المشترك من أجل بناء المستقبل.
في مؤتمر جبهة القوى الاشتراكية بالجزائر، وبحضور ممثلي أحزاب مغربية، أعلن عن الإصرار المشترك على الاحتفاء المستمر برمزية الوطنيين في البلدين، وببهاء نضالهما المشترك والمتلاحم، وأعيد الكلام عن رغبة الشعبين في فتح الحدود بينهما، وتعميق تواصلها الإنساني والاجتماعي، وعبر الكل عن استمرار المسيرة من أجل وحدة المغرب الكبير، وشدد الأطراف، كل  ضمن دائرة نضاله الوطني الحالي، على أهمية التوافق الوطني، وعلى ضرورة إنجاح مسلسل الديمقراطية والتنمية لفائدة الشعوب…
هذه هي محددات المشترك الواجب اليوم على النظام الجزائري الانتباه إليه، وحسن قراءته لترتيب المواقف والقرارات المناسبة.

Top