في وقت مليء بالتحديات والصعوبات عقب زلزال الحوز المفجع، خلال شتنبر الماضي، برز التضامن كنجمة مشعة تنير طريق الأمل، عندما تلاحم المغاربة وفعاليات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة لتجاوز الصعاب، تجسد التضامن كجسر يمكن عبره تحدي أي أزمة، ذلك التعبير القوي عن الإنسانية الصافية، الذي أبهر العالم بأسره. في أعقاب زلزال الحوز، تجلت الإنسانية وروح التضامن بشكل لافت وملهم، اتحد المغاربة لمواجهة هذه الكارثة، وبدأوا فورا في تقديم المساعدة والدعم للمتضررين. عايش العالم مشاهد مؤثرة للتضامن، حيث اندلعت حملات لجمع التبرعات والإمدادات الضرورية، فتبرع الكثيرون بوقتهم وجهدهم للمساهمة في عمليات الإغاثة، كما فتحت المؤسسات الإنسانية أبوابها لتقديم الدعم النفسي والمادي للمتضررين. المجتمع الدولي لم يكن بعيدا عن هذا المشهد المؤثر، فقد أعربت العديد من الدول والمنظمات الدولية عن رغبتها في تقديم يد العون والدعم، وقد أظهرت هذه الجهود العالمية القوة الكبيرة للتضامن الإنساني، واتحدت الأمم للتخفيف من آلام المتضررين. بدورها كانت المؤسسات الرسمية حاضرة منذ الوهلة الأولى، وقدمت كل الدعم اللازم في الإنقاذ والإغاثة وفك العزلة، كما قدمت دعمها وسعت لتوفير الموارد الضرورية للمتضررين. في هذا السياق، أصبحت تلك اللحظات الصعبة معبرة، إذ تجلت قوة الروح الإنسانية في مواجهة الكوارث، وأكدت على أهمية التكاتف والتضامن لتخطي التحديات الكبيرة. بدأ التضامن في أبسط أشكاله، قدم الأفراد وفعاليات المجتمع المدني والمؤسسات، المساعدة الفورية للمتضررين، من خلال الإنقاذ والإغاثة وتقديم الغذاء والماء والملابس للأشخاص الذين فقدوا منازلهم، ونقل الجرحى إلى المستشفيات وتقديم الرعاية الصحية.

وشكلت وسائل التواصل الاجتماعي أيضا منصة لعبت دورا محوريا في عمليات التضامن، عندما تداول الناس المعلومات حول الأماكن التي يحتاج فيها المنكوبين إلى المساعدة، مما أدى إلى تحفيز مزيد من التبرعات والمشاركة في جهود الإغاثة. إن عمليات التضامن خلال زلزال الحوز لم تكن فقط عبارة عن استجابة فورية، بل كانت تعبيرا عن التلاحم والروح الإنسانية التي تنشر الأمل والقوة في وجه الكوارث. تلخيصا، عملية التضامن خلال زلزال الحوز تجسدت في تلاحم المجتمع وتقديم الدعم لبناء مستقبل أفضل للمتضررين، خاصة أوراش التضامن الكبرى التي أعلنت عنها الدولة لإعادة إعمار المناطق المنكوبة، وإعادة منسوب الحياة إلى طبيعته. اليوم، وقد مرت أزيد من أربعة أشهر عن المشهد التراجيدي الذي خلفه الزلزال المدمر، وعن المشهد الإنساني العظيم لتضامن المجتمع المغربي ومعه المجتمع الدولي، ثم مبادرات مؤسسات الدولة، لا بد من التساؤل اليوم: ما مصير المتضررين من الزلزال ؟ وكيف يعيشون حياتهم ؟ وماذا حققت لهم مبادرات التضامن المدنية ؟ وأين وصلت الأوراش التضامنية الكبرى للدولة المعلن عنها والتي تعد بمثابة جسر عودة الحياة إلى منطقة الحوز ؟ سنحاول في تحقيقنا الاستقصائي هذا، الإجابة عن هذه الأسئلة العالقة، من خلال النزول الميداني إلى عدد من المناطق الأكثر تضررا من الفاجعة والتواصل مع الساكنة والفاعلين المدنيين ثم مسؤوليين حكوميين، وذلك في إطار مشورع إينسكوم (unes’kom) المنجز من طرف جمعية مبادرات مواطنة -بوصلة- بالشراكة مع مكتب اليونسكو للدول المغاربية.

****

مخيمات المنكوبين.. طرق الأمل تقاوم الإهمال

على امتداد جنبات الطريق الوطني رقم 203، بين منطقتي بويركان وثلاث نيعقوب، لا شيء ينبئ بالحياة حيث صدى الإهمال يتردد بين هدير المحركات وخرير المياه محيطا بكل المشاهد، يحمل هذا الطريق قصص مأساة ولسان حاله يحكي قصص يشيب لها الولدان. إذ أنه في أعقاب الزلزال المدمر الذي شهدته منطقة الحوز، مخلفا فواجع عن آلاف الجرحى والقتلى، لكن المؤلم الآن ليس فقط من آثار الزلزال وفواجعه، بل في الإهمال الذي أصبح جزء لا يتجزأ من واقع ومن معاناة الناس اليومية. عندما ينقطع الشريان شكل الطريق الرابط بين بويركان وثلاث نيعقوب شريان الحياة للمنطقة، لكنه اليوم أضحى لغزا مفقودا في جدول الأولويات والصيانة؛ ففي أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، وبينما تمت إزاحة الأتربة والأحجار في الأيام الأولى، كانت هذه الطريق تنتظر الترميم والاهتمام؛ ولكن بدلا من ذلك، أصبحت مأساة هذا الطريق غير المعبد والمتهالك تزداد يوما بعد يوم. على هذا المقطع الطرقي المنكوب، يتعرض سكان الحوز للمزيد من الصدمات، فالإهمال الحكومي الذي يغلف الطريق يجعل من كل رحلة محنة. فبدلا من الترميم والاهتمام اللازم بعد الكارثة، بات الطريق يترنح بين وطأة الحفر والانهيارات والأحجار مما يؤدي إلى قطع الطريق. في تفاعل الساكنة معنا يؤكدون أن الطريق ليس مجرد مسار للمرور، بل هو خطوط دم تنزف تحت وطأة الإهمال الحكومي. ففي عالمهم الصغير تتساقط فيه الأحلام والآمال، يسيطر الصمت وكأنه قرار بالنسيان. وضعية الشريان الوحيد للمنطقة يحمل في طياته تساؤلات حارقة حول مستقبله، في حين ينتظر السكان بشغف التدخل الفوري وإعادة الحياة إلى هذا الشريان المقطوع. إن دراما الطريق رقم 203 ليست مجرد قصة ملتوية بين المناظر الجميلة، بل هي صرخة صامتة تلقي بظلالها على الإهمال الذي يكاد يكون مألوفا منذ عقود في المنطقة. مأوى الحياة بين الأمل والألم ! على جوانب ومشارف هذا الطريق المنكوب، تنتصب مخيمات الأمل، تلك البؤر التي أصبحت موطنا للناجين بعد كارثة الزلزال، نقطة تلاقي حكايات الصمود والبؤس بعد الفاجعة التي ضربت المنطقة. ومع مرور الزمن، باتت هذه المخيمات، التي كانت مقررة لتكون مأوى مؤقتا، محطة لأزمة إنسانية. في ظل الظروف اليومية القاسية، تحولت مخيمات الأمل إلى مسرح لمعاناة الناجين، حيث يعيشون في خيام ضيقة متجاورة تفتقر لشروط الراحة مما يحرمهم من الخصوصية ويفتح بابا أمام التحديات الصحية والنفسية، يضاف إلى ذلك، نقص الموارد والخدمات الأساسية، مما يجعل الحياة داخل المخيمات أكثر قساوة. وعلى الرغم من الوعود بتقديم الدعم والمساعدات، يواجه العديد من الناجين تأخيرا في توزيع المساعدات المالية والموارد الضرورية، مما يحرمهم من الفرصة في الحصول على المساعدة اللازمة للتعافي والانطلاق من جديد، ويعرضهم للمزيد من المعاناة ويجعلهم يعيشون في حالة من الشلل والترقب، بينما تتفاقم أوضاعهم المعيشية. وسط هذه الأزمة، يجتاح البرد القارس المنطقة، مما يزيد من معاناة الناجين ويعرض حياتهم للخطر. البرد القارس ليس مجرد تحد إضافي، بل يضاعف من مخاطر الأمراض والإصابات، خاصة بين الأطفال وكبار السن في ظل ضعف الإمكانيات أو انعدامها في الكثير من الأحيان. إكسير الحياة يستمر تنتقل رحلة رصدنا إلى ضواحي الجماعة الترابية ثلاث نيعقوب، حيث تبزغ من هناك بارقة أمل، عند حصول أحد ضحايا الزلزال الناجين، على الوثائق اللازمة والدعم المالي لتشييد منزل جديد يأوي أسرته الصغيرة، إذ لا يكسر هدوء هذه القرية القريبة من المركز، إلا صوت ضربات المطرقة على الإزميل، حيث يعمل الخمسيني أفخار الحسين، من ثلاث نيعقوب بإقليم الحوز، على شق الأرض، لوضع أساس بيت أسرته الجديد، التي فرق شملها زلزال شتنبر المفجع. الدعم المالي الذي رصدته الدولة ثم تصميم البناء القانوني، كانا الشرارة الأولى لانطلاق عمل الحسين وعدد من المستفيدين من دعم السكن، في تفجير ينبوع الحياة من جديد، هنا، ببؤرة الزلزال المدمر. بفرحة عارمة تغلف كثيرا من ألم الفقدان، شارك معنا الحسين تصميم البناء الذي حصل عليه من السلطات، معبرا عن إعجابه به. أبرز الحسين أنه حصل على مبلغ 20 ألف درهم كتسبيق عن مبلغ الدعم الذي تصل قيمته 140 ألف درهم، ليبدأ العمل في وضع أساس البناء. حصل الحسين أيضا على الدفعة الأولى من الدعم الشهري الخاص بضحايا الزلزال الناجون، البالغ قيمته 2500 درهم، ليكون بذلك قد حصل على ورقة العبور إلى الحياة الطبيعية، بعد معاناة دامت قرابة أربعة أشهر، تاركة وراءها جروحا لن تندمل في أقرب وقت. بحسرة وبأسى شديد، يستعيد الحسين من ذاكرته صور لحظة الزلزال وما أعقبها من مأساة، قائلا: “في البداية كان الوضع سيئا، مررنا بظروف صعبة، كنا 10 أشخاص في المنزل، كنا يوم الزلزال نتناول عشاءنا، إلى أن سقط المنزل فوق رؤوسنا، لم نستطع رؤية شيء بسبب انقطاع الكهرباء، توفي 14 شخصا من بين جيراننا، كدت أفقد إبني أيضا إلا أننا استطعنا إخراجه من تحت الركام ولله الحمد، أنقذنا الكثير من الناس، استعنا بإضاءة الهواتف المحمولة لنتحرك وننقذ العالقين”. يضيف الحسين: “في الأيام الأولى بعد الزلزال استفدنا من التطبيب والأدوية، والآن نستفيد من الدعم الشهري، ولله الحمد يكفينا لنعيش “الله يجعل البركة”، نشتغل ونستفيد من الدعم شهريا، فقط نحتاج لمساعدة الجمعيات التي لم تعاود زيارتنا منذ الزلزال، فالمؤونة التي تم تقديمها شارفت على الانتهاء”. البدء من جديد.. التحدي الجماعي؛ غير بعيد عن الحسين؛ رغم قساوة العيش في الخيم، وتعثرات حصول العديد منهم على الدعم، سواء الخاص بالسكن أو الدعم الشهري، تجدهم يلتحمون كالنحل، عند بزوغ كل فجر، لإعادة إعمار قراهم المنكوبة، أملا في عودة الحياة إلى مجراها المعتاد. في انتظار حصولهم على الدعم الخاص بالسكن، يشتغل سكان ثلاث نيعقوب العليا إلى جانب الشركة التي كلفتها السلطات بإزاحة الركام والأتربة لتجهيز القرية، لإعادة الحياة والإعمار في غضون حصولهم على الدعم والوثائق اللازمة لبداية التشييد والبناء. عزيز أيت محمود، من سكان القرية المنكوبة، الذي يساعد العمال في إزالة الركام، أكد استفادة أسرته من الدعم الشهري المقدر في 2500 درهم، كما حصل بدوره على مقدم من دعم السكن بقيمة 20 ألف درهم. وأشار عزيز في حديثه لبيان اليوم، إلى أن السلطات مكنتهم من الجرافات والشاحنات لهدم وإزالة الركام لتسوية مواقع البناء، مبرزا أنهم يتعاونون فيما بينهم مع عمال الشركة لتيسير العملية، واستخراج ما تبقى من الأغراض المتبقية تحت الركام. وأوضح عزيز أنه لم يشرع أيهم في البناء بعد، مبرزا أنه كما الحال بالنسبة للعديد من سكان القرية استفاد من الدعم المالي، إلا أنه لم يحصل بعد على التصميم الخاص بالبناء الذي تمنحه السلطات. في السياق ذاته، أكد عزيز أنهم لا زالوا يقطنون في الخيم، مستطردا: “نعاني كثيرا من البرد، نرى أبناءنا يرتجفون بردا دون أن نستطيع القيام بأي شيء، كما أن مبادرات الجمعيات توقفت نهائيا”. بدوره أكد الشاب الثلاثيني، سعيد ليقين، من سكان القرية ذاتها، أن أشغال الهدم لا تزال مستمرة، مبرزا أن هناك أسر استفادت من دعم البناء وهناك أسر لم تستفد بعد وهو من بينهم. وقال سعيد في حديثه مع بيان اليوم، إن أسرته لم تستفد بعد من أي دعم سواء الخاص بالسكن أو الدعم الشهري، مردفا: “إلى الآن لا ندري ما الذي علينا فعله، هل يجب أن نهدم ما تبقى من المنزل؟ هناك أسر تم هدم منازلها ولم تستفد بعد من الدعم، وهناك أسر استفادت من 20 ألف درهم ولم تبدأ في البناء بعد، لا تزال هناك تعثرات في الاستفادة سواء من دعم البناء أو دعم 2500 درهم”. وأضاف سعيد: “نعيش فقط على ما توصلنا به من دعم خلال الأيام الأولى بعد الزلزال، نرجو أن تتم مساعدتنا، فنحن نعاني بسبب برودة الطقس نظرا لعيشنا داخل خيام فقط، نرجو أن ينتهي هذا الكابوس…”. عودة عجلة الحياة الاقتصادية إلى الدوران؛ على بعد كلمترات قليلة من هذه القرى المنكوبة، التي يتشبث سكانها وسط ظلمة المعاناة التي فرضتها الطبيعة والتساؤلات العالقة، بخيوط الأمل الموعودة، للعودة إلى حياتهم الطبيعية، يوجد مركز ثلاث نيعقوب، إذ تبدو معالم الحياة هنا أكثر وضوحا. صيدلية، مقاهي، متاجر، محلات للحلاقة والجزارة…إلخ، عبارة عن محلات من الزنك أو الخشب والبلاستيك، إلا أنها تفي بالغرض، وتعرض كل ما قد يحتاجه السكان هنا من ضروريات. حركية دؤوبة، تنم عن عودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير، رغم ما يخفيه المشهد من مأساة ومعاناة وقساوة البداية من اللاشيء، خاصة بالنسبة لأصحاب المحلات التجارية، الذين خسروا ملايين الدراهم من السلع تحت الركام، إثر الزلزال المفجع. داخل متجره المؤقت، الذي شيده بالزنك والبلاستيك والخشب على فضاء حديقة عمومية، بمركز ثلاث نيعقوب، إلى جانب باقي التجار الذين حول الزلزال متاجرهم إلى ركام، يعمل العشريني عبد العالي ايت عزم، على ترتيب الملابس في الرفوف، وترتيب المحل، في انتظار زبناء محتملين. بقلب يعتصره الألم، يحكي عبد العالي في تصريحه مع بيان اليوم، كيف ذهبت أزيد من 550 ألف درهم من الملابس الجديدة سدى، تحت الأتربة والركام، إثر الزلزال الذي ضرب الحوز خلال شتنبر الماضي. يقول عبد العالي: “لحظة الزلزال كنت في “المتجر” وعندما سمعت صوت الزلزال خرجت إلى الشرفة، قبل أن ينهار البناء بأكمله، لكنني نجوت بأعجوبة”. وأكد عبد العالي أنه في تلك الليلة بالذات توصل بحمولة جديدة من السلع، مبرزا أنه يبيع الملابس النسائية والرجالية وملابس الأطفال. وتابع المتحدث نفسه: “كنت أستعد للنوم فبدأت أسمع صوت الزجاج ينكسر، هرعت هاربا للشرفة، وبعدها رأيت المتجر وهو ينهدم أمامي، هرولت جاريا إلى الشارع فوجدت أن جميع المقاهي والمحلات قد انهارت، ضعت في كل شيء، 300 ألف درهم على شكل ملابس نسائية و250 ألف درهم على شكل ملابس للرجال والأطفال، ولم أستطع استخراج أي شيء صالح باستثناء الأحذية فقط، أما الملابس فتمزقت بفعل الانهيار ولم تعد صالحة”. يستطرد عبد العالي: “عشنا في رعب بحق، الآن انطلقت في هذا المتجر منذ شهر، قلت لأستفيد من الأحذية التي استخرجتها من تحت الركام ونظفتها وأبيعها بالتخفيض، فقمت بإنشاء هذه “البراكة” في هذه الحديقة التي منحتنا الجماعة حق استغلالها بشكل مؤقت، وقد كلفني بناء هذا المتجر الحديدي 10 آلاف درهم، في انتظار الحصول على الدعم ورخص البناء”. النهوض من جديد من مظاهر المعاناة وغياب مواكبة الضحايا بعد الزلزال ما أكده عبد العالي بخصوص ديون السلع التي ضاعت، والتي لا تزال تطوق رقبته، بالإضافة الى الديون التي حصل عليها من بعض أصدقائه من تجار الجملة لينهض من جديد ويستعيد عمله، قائلا: “أصحاب السلع يمنحوننا السلعة من جديد كي نعاود الاشتغال ونعيد لهم ديونهم القديمة والجديدة، يمنحونا 500 أو 600 ألف درهم من السلع على شكل ديون رغم أنها غير كافية لنعاود النهوض من الصفر”. وعن الحركية الاقتصادية والرواج التجاري، يقول تاجر الملابس عبد العالي: “الحمد لله نحاول مجاراة الزمن، يمكن أن نقول بأن الحياة بدأت تدب من جديد بالمنطقة، لله الحمد بفضل الدعم الشهري المقدم للضحايا الناجين هناك القليل من الرواج..، لكن لا زلنا نواجه مشاكل عدة، مثلا يلزمني متجر لأن “البراكة” غير آمنة، سواء تجاه التساقطات المطرية أو الأمن وغير ذلك. “بعد انقضاء الأزمة لا يمكن إلا نعالج أنفسنا بأنفسنا، يجب أن ننسى، لأن الذكريات قد تدفعنا للجنون، كنت بمتجري وبعملي، والآن أنا غارق في الديون المتراكمة فوق كتفاي، ما عسانا نفعل، علينا أن نقاوم، وننهض من جديد”، هكذا اختتم الشاب التاجر عبد العالي حديثه مع بيان اليوم. في انتظار أموال الدعم؛ غير بعيد على متجر عبد العالي، يتجمهر عشرات الأشخاص حول وكالة لتحويل الأموال، تم تشييدها أيضا بالحديد والزنك، لتمكين سكان القرى المنكوبة من سحب الدعم الذي خصصته لهم الدولة. رشيد ايت علي ايغرم، من الضحايا الذين توصلوا برمز الحصول على الدفعة الأولى من الدعم الشهري، صادفته بيان اليوم أمام الوكالة ينتظر دوره للحصول على المبلغ. أكد علي أنه منذ يومين وهو يقطع مسافة 7 كلم عبر الحافلة كي يحصل على الدعم لكن دون جدوى، بسبب كثرة المستفيدين وقلة الوكالات، حيث توجد وكالتين فقط بالمركز، ووكالة أخرى بعيدة بقرابة 10 كلمترات، يتجمهر عليها عشرات المستفيدين ينتظرون دورهم. “نظل ننتظر هنا إلى المساء فلا نجد من يقلنا في العودة، لا نفهم سبب تأخر وصول الدعم، رغم أننا لا ننكر أنه يساعدنا كثيرا في مجابهة مشاق الحياة، فبرودة الطقس أرهقتنا إضافة إلى أن الطرق ليست في وضع جيد، لا تزال كارثية، نتمنى لو يمد لنا المحسنون يد العون”، يضيف علي. معاناة رشيد مع تأخر وصول الدعم وندرة الوكالات، يقتسمها معه الآلاف من المنكوبين بإقليم الحوز، وهو ما عاينته بيان اليوم في رحلتها الاستقصائية، إذ تصادف وكالة واحدة لسحب الأموال بعد مسافة طويلة جدا عن أخرى، مما يجبر العديد من المستفيدين على قطع عشرات الكلمترات للوصول إلى الوكالة، وانتظار دورهم لمدة طويلة قد تعد بالأيام وليس فقط بالساعات، وهو ما يزيد من صعوبة الحياة هنا بهذه المناطق المنكوبة، ويزيد الطين بلة. وضع قاتم وآمال معلقة على الطريق الوطنية رقم 203، وعلى بعد كلمترات من ثلاث نيعقوب، سلكنا مسارا فرعيا آخر، نحو قرية تجغيشت والنواحي، حيث يظهر المشهد أكثر قتامة، والوضع أسوأ بشكل أكبر وأحد. مسلك أغلبه غير معبد، لا زالت الأحجار الكبيرة المتساقطة من الجبال على قارعته تعرقل السير في بعض المقاطع، فيما تبعث الانهيارات التي تحدث بين الفينة والأخرى الرعب في المارين. هنا لا تظهر أية بوادر لإعادة الإعمار، طالما مشهد الدمار والانهيارات لا زال كما خلفه الزلزال المفجع، إذ لا يلاحظ هنا بقرية تجغيشت، أي تواجد للجرافات والشاحنات لإزالة الركام وتسوية الأرض، لأجل إعادة الإعمار، كما هو الحال بعدد من القرى التي زارتها بيان اليوم على مقربة من الطريق الوطنية رقم 203. أمل الحياة هنا بتجغيشت، كما هو الحال بعشرات القرى بإقليم الحوز، زرعها متضامنون، متطوعون ومبادرون، تحدوا كل الصعاب والعراقيل حتى يصلوا إلى هذه الرقع الجغرافية، ويقدموا يد العون والمساعدة، لضمان نوع من الحياة الكريمة لسكان هذه القرى المنكوبة، على أمل تنزيل المبادرات المؤسساتية بالشكل المعلن عليه، وإعادة الإعمار، وعودة النبض لشريان الحياة هنا. الخيم، الأغطية، الماء، الكهرباء، المرافق الصحية، ضروريات من بين أخرى للعيش الكريم، تكاتفت الجهود لتوفيرها، بدءا مما وفرته السلطات ثم فعاليات المجتمع المدني الوطنية والدولية، إلى جانب مئات المبادرات الفردية أو الجماعية للمواطنين المغاربة من مختلف ربوع المملكة. في هذا الصدد، قال عادل أسنام، من سكان تيجغيشت ضواحي ثلاث نيعقوب، إن الأيام الأولى بعد الفاجعة كانت صعبة جدا، حيث وجدوا أنفسهم متشردين بدون مأوى، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، مؤكدا أنهم عانوا بشكل كبير من غياب الأغذية والأفرشة والأغطية والمرافق الصحية. وأضاف أسنام في حديثه مع بيان اليوم، أنه بفضل جمعية الجيل الجديد للتنمية القروية والفلاحة بتجغيشت، بدأت حياتهم تتحسن شيئا فشيئا، موضحا أن الجمعية التي تنشط بالقرية أطلقت نداءات الإغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت المساعدات تأتيهم من كل حذب وصوب، سواء من طرف المؤسسات الرسمية، أو المجتمع المدني الوطني والدولي. وأبرز أسنام، أنه بفضل المبادرات المختلفة، وتكاثف أهل القرية، تم توفير الخيم لكل الأسر، ووصلها بالماء الشروب والكهرباء، إضافة إلى توفير عدد من المرافق الصحية. واستطرد أسنام: “الحمد لله، نحاول التعايش مع الوضع، رغم قلة المرافق الصحية وبعدها عن الخيم، خاصة في ظل هذا البرد القارس، فإن الوضع أفضل من البداية”، مردفا: “لكن من الصعب الاستمرار هكذا، نعاني كثيرا من البرد، فالعديد من الأسر لم تتوصل بالدعم بعد، والمؤونة التي حصلنا عليها من الفعاليات التطوعية على مشارف الانتهاء، إذ أن المبادرات أصبحت شبه منعدمة في الشهور الأخيرة”. وتابع أسنام: “حتى الساعة لم يحصل أي منا على الدعم الخاص بإعادة البناء، كما أن وضع القرية المنكوبة لا زال كما خلفته الفاجعة، ليست هناك أي محاولات لإزالة الركام وتسوية الأرض لأجل إعادة الإعمار… لا نعرف متى سيصل دورنا ؟ أو هل تم التخلي عنا ؟”. النداء الأخير..هل من مجيب! في ظل الظروف القاسية والأوضاع المزرية التي تعرفها العشرات من القرى المنكوبة، سواء بإقليم الحوز أو الأقاليم الأخرى المنكوبة بدورها، يدعو الناجون إلى التدخل السريع والفعّال، لتقديم الدعم الفوري وتحسين ظروف المعيشة داخل المخيمات، في وقت اختار فيه عشرات الضحايا خوض أشكال احتجاجية مختلفة. في هذا السياق، وعلى مستوى إقليم شيشاوة، حيث لا يعد الوضع أفضل من نظيره بالحوز، نظمت فعاليات المجتمع المدني بجماعات إمين الدونيت وأداسيل وأسيف المال، وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية مراكش-آسفي، احتجاجا على ما وصفوه بـ”الصمت الحكومي المستمر، ونهج السلطات المعنية لمقاربة تمييزية في ملف مجتمعي حساس حظي باهتمام ملكي ورعاية سامية”. وأبرزت تنسيقية المجتمع المدني بجماعة امين الدونيت قيادة أسيف المال، إقليم شيشاوة، المكونة من تحالف أزيد من عشرين جمعية مدنية، أنه بعد كارثة الزلزال الذي ضرب المغرب بتاريخ 2023/09/08 وخصوصا جماعة امين الدونيت بإقليم شيشاوة، وبعد التعليمات الملكية السامية لتقديم إعانات مالية استعجالية للأسر وإعانات لإعادة بناء وتأهيل المساكن المتضررة، لم تتوصل 40 بالمائة من ساكنة الجماعة وهي أكثر المناطق تضررا من الزلزال بإقليم شيشاوة من حيث الخسائر البشرية والمادية، بالمساعدات المالية الاستعجالية ومساعدات بناء وتأهيل المساكن المتضررة لحد تاريخ اليوم. وشددت التنسيقية على أن هذه الأسر لا زالت تعيش في العراء وداخل الخيام في ظروف صعبة وقاسية، رغم تقديم ملتمسات الاستفادة من المساعدات ورغم استحقاقها لهذه المساعدات طبقا للشروط المعمول بها. وطالبت فعاليات المجتمع المدني السلطات المكلفة بتدبير هذا الملف بالتسريع في تنزيل التعليمات الملكية حتى يستفيد جميع المتضررين من الزلزال والتخفيف من معاناتهم من البرد وظروف المعيشة. صرخة الحقيقة وضرورة الاستجابة في هذا الصدد، أوضح بلحسن أحمد، رئيس جمعية أفور للتنمية، أن الأيام الأولى بعد فاجعة الزلزال الذي ضرب الحوز والنواحي، عرفت تفاعلا وتضامنا قويا بين مختلف مكونات المجتمع المدني المحلي والوطني مع متضرري الزلزال، مبرزا أن مبادرات المجتمع المدني والسلطات الإدارية ساهمت في التخفيف من معانات الساكنة في الأيام الأولى للفاجعة ووفرت لهم كل ما يلزم من مواد غذائية وأفرشة وأغطية. وأضاف بلحسن، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن هذه المبادرات كان لها أثر إيجابي في الأسبوعين الأولين بعد الزلزال، مستطردا أن “الأمور بدأت بعد ذلك تأخذ منحى آخر بعد إيفاد لجان معاينة الأضرار التي قامت بعملها على أكمل وجه وطلبت من 90 بالمائة من السكان عدم العودة إلى منازلهم التي تبث أنها قد انهارت كليا أو جزئيا ولم تعد تصلح للسكن، لتبدأ معانات المتضررين مع السكن في الخيام ومع البرد والضيق”. وأبرز بلحسن، أن أغلب العمال خارج المنطقة لم يرجعوا إلى عملهم خوفا على أطفالهم ونسائهم في العراء، لتبدأ صفحة من المعاناة خاصة بعد التوصل برسائل المساعدة الاستعجالية التي شملت فقط حوالي 30 بالمائة من المتضررين. وتابع بلحسن، أن الباقين قاموا بعدة احتجاجات في وجه السلطات بعد مرور شهرين عن الزلزال، مشرا إلى أن جواب السلطات الإدارية كان هو التأكيد على أن الكل سيستفيد وطلبت منهم تقديم ملتمسات في ذلك، ثم قامت السلطات بإرسال لجنة مكونة من شخص واحد للنظر في الملتمسات، وبعد إكمال اللجنة لمهمتها تم إرسال رسائل المساعدة الاستعجالية لعدد قليل لا يتجاوز 10 بالمائة من المتبقين. وأكد بلحسن، أن المساعدة المالية الاستعجالية خففت نوعا ما من صعوبة المعيشة بالنسبة للمتضررين الذين حصلوا عليها رغم مقامهم في الخيام، مشددا على أن المتضررين الذين لم يتوصلو بالدعم بعد يعيشون حياة قاسية ولا يملكون ما ينفقونه على أسرهم ولا يستطيعون الخروج لطلب الرزق وترك عائلاتهم في العراء. وأشار المتحدث نفسه إلى أنه خلال المدة الماضية كانت هناك مبادرات محدودة من الدولة لتقديم قفف وأكياس الشعير إلى المتضررين لكنها لم ترقى للمستوى المطلوب. أما بالنسبة للبنى التحتية من طرق وغيرها، يؤكد بلحسن على أنها لا زالت أوضاعها لم تتغير إلى حد الساعة ولم تخرج أية مبادرات إلى الوجود، مشددا على أن المنطقة لم تعرف أيضا أي مبادرات في المجالات الفلاحية أو الصناعية. الأمل الجماعي المشروع والمشترك بعد مرور أشهر على واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخ المغرب، يظل زلزال الحوز يحمل آثاره المدمرة والقصص الشجاعة للباقين، وسط الدمار تنبعث الحياة. تروي قصص الباقين بعد الكارثة حكايات البأس والصمود والتعاون، والأمل في المستقبل، من الأسر التي فقدت مأواها وأفراد من أسرها إلى المنقذين الذين عملوا ليلا ونهارا لإنقاذ الأرواح، كل شخص يسهم اليوم بطريقته في عملية التعافي. تشكل الكارثة التي خلفها زلزال الحوز في المغرب تحديا جماعيا، وتتطلب جهودا مشتركة ومتكاملة للتغلب على آثارها المدمرة وإعادة بناء المجتمعات المتضررة. من خلال التعاون بين الحكومة والمنظمات الإنسانية والمجتمع المحلي، يمكن توجيه الجهود نحو تقديم الدعم اللازم للسكان المتضررين وتسريع عمليات الإعمار. المناطق المنكوبة في حاجة ماسة اليوم أيضا إلى توجيه الاستثمارات نحو مشاريع تعزز البنية التحتية المتضررة وتوفير فرص العمل، وذلك لضمان التنمية المستدامة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم الدعم العاطفي والنفسي للسكان لمساعدتهم على التأقلم مع الصدمة النفسية التي تركها الزلزال. كما أنه على الحكومة تعزيز جهودها في السلامة والتأهب للكوارث الطبيعية المستقبلية، من خلال تطوير خطط واستراتيجيات متقدمة للتعامل مع الطوارئ وتوفير التدريب والتجهيزات اللازمة لفرق الإنقاذ. أخيرا، يؤكد الكل أنه بالتعاون والتضامن، يمكن لسكان المنطقة تخطي التحديات وبناء مستقبل أفضل، والعمل نحو تحقيق التعافي والازدهار في الظروف الصعبة التي يواجهونها، وبمسؤولية وجدية الحكومة والسلطات يمكن إعادة إعمار المناطق المنكوبة، والانتقال بالمنكوبين إلى الحياة الطبيعية، حياة الكرامة والرقي والتنمية والازدهار التي ينشدها الجميع.

*****

أيوب إكوزولن : تماسك وتضامن المغاربة أحيى آمال الضحايا ومصير الدعم يزيد من مخاوف الضحايا

قال أيوب إكوزولن، رئيس جمعية الجيل الجديد للتنمية القروية والفلاحة بقرية تجغشت، إن الناس بدوار تجغشت، في الأيام الأولى بعد الزلزال، كانوا في حالة ذهول من الموقف، في ظل غياب أبسط الحاجيات، من طعام وملبس ومسكن… وأضاف إكوزولن، أحد الضحايا الذين عاشوا رعب الفاجعة، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن البعض حاولوا الإستعانة بما تم استخراجه من الركام فيما عمل آخرون على إزالة الأحجار المتساقطة من على الطريق لأجل وصول الإغاثة…، مردفا: “بعد ذلك تفاجئنا بالكم الهائل من المساعدات وبأسطول ضخم من الشاحنات والسيارات التي هبت من جميع أنحاء الوطن محملين بالمساعدات”. إحياء للآماء واستطرد إكوزولن، وهو يستعيد بألم ظاهر، صور الأيام الأولى من الفاجعة: “أحيا هذا التماسك والتضامن من المواطنين آمال الضحايا، وقررنا إعادة ترتيب الأوراق، حاولنا تخزين ما أمكن من المساعدات للأيام القادمة، استمر الوضع لأيام حيث بدأت بعد ذلك تتناقص أعداد المركبات والمساعدات شئا فشيئا”. وأبرز المتحدث نفسه أن الجميع كانوا ينتظرون خبر من السلطة العليا في البلاد بشأن مصير المتضررين، مشددا على الجميع ارتاح بعد سماع خطاب جلالة الملك، والذي أعلن عن تعويض المتضررين عبر منحهم مبالغ مالية لإعادة الإعمار ولتدبير الفترة القادمة”. وتابع رئيس الجمعية ذاته، أنه بعد ذلك حاول شباب الجمعية مساعدة السكان عن طريق نصب الخيم التي وصلت من طرف الدولة أو من طرف المجتمع المدني والمحسنين ومختلف المؤسسات الوطنية منها والدولية، كما حاولوا توعية السكان بطريقة تدبير الفترة القادمة. وأكد الشاب العشريني إكوزولن، على أن الوضع استمر لشهور واستمرت معه جهود الجمعية في تحسين ظروف العيش بتنسيق مع مختلف الجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية، مبرزا أنهم تمكنوا من توفير المواد الغذائية والمرافق الأساسية كتخزين المواد الغذائية وبناء الخيم وتوفير المراحيض وإعادة بناء شبكتي الماء والكهرباء تزامنا مع مجهودات الدولة في توفير الخيم ووحدات طبية وعسكرية لتخفيف معاناة الضحايا. مخاوف متزايدة واستطرد الشاب نفسه: “تقريبا بعد 4 أشهر أصبح الوضع هادئا واستمرت أعداد الوحدات العسكرية والطبية والجمعيات تتناقص حتى أصبحت شبه منعدمة، تزامنا مع صرف المبالغ المالية ليتحول هم السكان إلى رغبتهم في إعادة بناء مساكنهم خوفا من فترات البرد والشتاء، الأمر الذي يجعل مخاوفهم تتزايد خصوصا وأن أخطار مختلفة تهدهم”. وأردف إكوزولن: “ما زاد من قلق السكان هنا هو وضعية طلباتهم في الإستفادة من الدعم المقدم من طرف الدولة، لكون أغلبية الناس غير موجودين ضمن لائحة المستفيدين أو لعدم توصلهم بأي دعم حتى الآن ما جعل الناس تستنكر ما يحدث، لبيقى السؤال ما هو مصير متضرري زلزال الحوز في ظل عدم توصل جزء كبير منهم بأي دعم حتى الأن؟ وما مصير من توصل بدعم جزئي ومنزله منهار كليا ؟ وماهي الخطة لإعادة البناء وإزالة الركام والأتربة لمن توصل بالدعم بشكل كامل ؟”. الفاجعة… عودة إلى ليلة فاجعة، وبقلب يعتصره الألم، يقول العشريني أيوب: “لحظات قليلة قبل الزلزال مساء يوم الثامن من شتنبر 2023، كان كل شيء عاديا تماما، فجأة وقعت الواقعة، ثوان قليلة اهتزت فيها الأرض وانشقت، تساقطت الأحجار والأشجار، وانهارت نصف الجبال، أما المساكن فالخراب كان مصيرها، دوار تجغيشت فرقة أكنضيس جماعة إجوكاك قيادة ثلاث نيعقوب، إقليم الحوز، واحد من الدواوير الذي عاش سكانه رعب تلك الليلة، ليلة سوداء، وكل ما أتذكر منها هو صوت مرعب من أعماق الأرض تلته هزة ارتدادية جعلت من دوار تجغيشت منطقة منكوبة وأطنان من الركام والمباني المنهارة وغبار يغطي الأرجاء مع صراخ الأطفال والنساء…”. يضيف أيوب إكوزولن رئيس جمعية الجيل الجديد للتنمية القروية والفلاحة وواحد من الدين عاشوا رعب تلك الليلة: “مباشرة بعد الزلزال بدقائق حاولنا نحن الشباب جر أهالينا إلى بر الأمان وذلك عن طريق إجلائهم إلى منطقة خالية بعيدة عن كل ما هو قابل للسقوط، حاولنا إحصاء السكان الذين قمنا بإجلائهم ولكن كان ينقصنا 15 فردا لم يكونوا ضمن الحضور، تقاسمنا الأدوار عن طريق تكوين مجموعات للبحث عن المفقودين، دخلنا إلى القرية المنهارة بكل شجاعة ودون خوف من حدوث هزة ثانية رغم علمنا أنها ستعيد الكرة، حاولنا قصار جهودنا للوصول إلى المفقودين في ظل غياب الكهرباء والمسالك الطرقية”. بعد لحظة صمت، يستطرد أيوب بقلب يعتصره الألم: “بعد ذلك تأكدنا من أن المفقودين لقو حدفهم رحمهم الله، وأنهم تحت الركام، قررنا الانتظار حتى الصباح الباكر، هنا أخذت المبادرة واستنجدت بالشباب المتواجدين في المدن عن طريق هاتفي الخلوي والذي أوشكت بطاريته على النفاد، والذي لحسن الحظ كان في يدي لحظة الفاجعة، استخدمت مجموعة الواتساب الخاصة بالجمعية لإرسال الخبر إلى الآخرين والذين بدورهم انصدموا من الخبر وسارعوا للحضور”. ويتابع أيوب: “في الصباح الباكر انصدم الجميع من الدمار الذي خلفه الزلزال وسط جو من الخوف وعدم القدرة على إدراك ما حدث. كان أول شيء قمنا به هو محاولة استخراج الجثث وذلك اعتمادا على الأيادي وأدوات بسيطة حصلنا عليها وسط الركام، استغرق استخراج جميع الجثث ودفنهم 4 أيام دون توقف، وبانقطاع تام عن العالم الخارجي، أما المصابين فحاولنا نقلهم على الأكتاف لمسافة 10 كيلومترات مرورا بالطريق التي بدورها عرفت انقطاع بسبب الأحجار المتساقطة وانجراف الجبل، للوصول إلى ثلات نيعقوب التي كانت مركز نزول الجيش ومروحيات الإنقاذ”. ***** وزير التجهيز والماء : خصصنا 810 مليون درهما لإصلاح الأضرار التي لحقت الشبكة الطرقية على ضوء ما عاينته جريدة بيان اليوم، في زيارتها الصحفية لمنطقة الحوز، من طريق غير معبدة ومتهالكة بين منطقتي بويركان وثلاث نيعقوب، وهي الوضعية التي كانت عليها الطريق بعد إزالة الأحجار والأتربة خلال الأيام الأولى بعد فاجعة زلزال الحوز؛ إضافة إلى عدم وقوف فريق الجريدة طيلة المحور الطرقي على أي أشغال لتعبيد وتزفيت الطريق لتعود إلى حالتها الطبيعية قبل الزلزال وفك العزلة عن الضحايا الناجين من الفاجعة، تم توجيه سؤال إلى وزير التجهيز والماء، حول ما إذا كان هناك برنامج لإعادة تأهيل الطريق الوطنية رقم 203 ؟ وما هي الميزانية المرصودة لذلك ؟ وما هو الحيز الزمني المخصص لذلك ؟ وفي هذا الصدد، تفاعل وزير التجهيز والماء، نزار بركة، مع أسئلة بيان اليوم بالإيجاب، موضحا أنه “مباشرة بعد فاجعة زلزال 08 شتنبر 2023 الذي ضرب عددا كبيرا من الجماعات الترابية بمنطقة الأطلس الكبير، وخاصة بأقاليم الحوز، وتارودانت، وشيشاوة، وورززات، وأزيلال، ومراكش بقوة تفوق 7 درجة على سلم ريشتر، سارعت مصالح وزارة التجهيز والماء إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات التي تهم البنيات التحتية الطرقية”. وأكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، على أن مصالح الوزارة باشرت جرد جميع نقط الانقطاع على الشبكة الطرقية، وكذا تقييم طبيعة وحجم الأضرار التي لحقت بها، والتدخلات التي يجب القيام بها على مستوى نقط الانقطاع من أجل ضمان استمرارية حركة السير. وجاء في جوار الوزير، أن “الانهيارات الصخرية والانزلاقات الأرضية والتشققات والتصدعات تسببت في قطع حركة السير ب 20 طريقا مصنفا بطول إجمالي يقدر ب 460 كيلومترا، من بينها الطريق الوطنية رقم 7 التي تعتبر محورا استراتيجيا مهما بين جهتي مراكش –آسفي وسوس ماسة، بالإضافة إلى مجموعة من الطرق والمسالك القروية غير المصنفة”. وشدد الوزير، على أنه “منذ زوال يوم الثلاثاء 12 شتنبر 2023، تم فتح جميع الطرق المصنفة في وجه حركة السير، على طول 460 كيلومترا”، مشيرا إلى أنه “بعد فتح الطرق المصنفة المقطوعة، باشرت فرق التدخل عمليات توسعة وإزالة الأحجار والأتربة من على جنبات الطريق وإصلاح الأضرار التي لحقت القارعة وتشوير المقاطع المتدهورة، ضمانا لسلامة مستعملي الطريق وكذا إزالة الأنقاض والحطام للمساكن المتضررة سواء العامة أو الخاصة”. وأبرز وزير التجهيز والماء، أنه “لمواجهة آثار الزلزال وإصلاح الأضرار التي لحقت الشبكة الطرقية بالمناطق المتضررة، أعدت الوزارة برنامجا استعجاليا بقيمة 810 ملايين درهم”. وتابع الوزير، أنه من بين نقاط هذا البرنامج تأهيل المقطعين من الطريق الوطنية رقم 7 الرابطين بين ويركان وثلاث نيعقوب بإقليم الحوز على طول 34 كلم، وتيزي نتاست وتافنكولت بإقليم تارودانت على طول 30 كلم، بكلفة تقديرية إجمالية تناهز 440 مليون درهم”. وفيما يخص المقطع الطرقي بين ويركان وثلاث نيعقوب (34 كلم)، الذي هم سؤال بيان اليوم، باعتبار أنه المقطع الذي تمت معاينته من طرف فريق الجريدة في رحلتها الصحفية، شدد وزير التجهيز والماء، على أن “الوزارة تعكف على دراسته لإعادة تأهيله بقارعة عرضها تبلغ 7,5 متر وبمواصفات هندسية تتوافق والمعايير المعتمدة بالنسبة للطرق الوطنية، وأنه سيتم تفويت الصفقات المتعلقة بأشغال تأهيله في نهاية شهر مارس 2024 وقد تم رصد ميزانية تقدر ب 300 مليون درهم لإنجاز هذه الأشغال ومدة إنجازها 18 شهرا”. ***** محمد أكوزول : نعاني من الصدمات وعدم الاستقرار والمبادرات المدنية دفعتنا للاستمرار والمقاومة قال محمد أكوزول، من سكان قرية تجغيشت فرقة أكنضيس جماعة إجوكاك قيادة ثلاث نيعقوب، إقليم الحوز، إن معاناتهم في الأيام الأولى بعد الفاجعة كانت صعبة، لكن حاليا مع توفر الإنارة وتوفر الثلاجات، كل شيء أصبح متوفرا في الخيام. وشدد أكوزول، في حوار مع جريدة بيان اليوم، على أن الذي جعلهم يستمرون ويقاومون، هم هؤلاء الناس الذين ساعدوهم وجعلوهم يصلون لهذه المرحلة بعد أربع أشهر من الزلزال. وقال أكوزول: “رغم أن البعض يرانا مبتسمين لكننا غير مرتاحين جسديا ولا نفسيا، بفعل صدمة الزلزال، بالإضافة إلى صدمة عدم توصل الناس بالمال، وكذلك عدم توصلهم بالمعلومات المتعلقة ببناء المنازل، فهناك غياب للتواصل معنا، نحن حائرون سواء في هذه المنطقة أو في المناطق التي ضربها الزلزال الكل حائر ويشاركوننا معاناتنا”. وهذا نص الحوار: < كيف هي الأوضاع العامة هنا بالمخيم ؟ > بعد الزلزال مباشرة وطيلة شهر كامل لم نكن نتوفر على الكهرباء ولا أي شيء، باستثناء ما كنا نتوصل به من المساعدات الغذائية والخيم، وبعد ذلك تكلفت جمعية القرية بتنسيق مع عدد من الجمعيات والمحسنين بكل ما يلزم لأجل إدخال الكهرباء والماء وكل الأمور التقنية المتعلقة بهما. معاناتنا من قبل كانت صعبة، لكن حاليا مع توفر الإنارة وتوفر الثلاجات، كل شيء أصبح متوفرا في هذه الخيام، لأنه قبل ذلك لم نكن نجد مكانا حتى لشحن الهواتف، كنا نعاني كثيرا… الآن أصبحنا نشغل الثلاجات والتلفاز، أصبحت سبل الراحة متاحة نوعا ما، لكن هناك أمراض كثيرة في هذه الخيام، إذ هناك من يعاني من أمراض على مستوى يديه وكتفه ورجله، في ظل برودة الطقس. كما أن هناك غياب للاستقرار نتيجة غياب المنزل، لأن المنزل يجعلك مطمئنا على أثاثك وعلى أبنائك وزوجتك، وحاليا لا نستطيع الخروج من الخيمة مرتاحين لأننا نترك وراءنا أموالنا وأغراضنا. بخصوص الطريق فقد تم فقط إزاحة الصخور من الطريق، لكنه رغم ذلك لا يزال مليئا بالحفر والأحجار، فقد نقلنا الأموات والمصابين في الأيام الأولى على الأكتاف إلى المركز. طاقة الانسان هنا هي الصبر فقط، أما ظروف العيش فهي غير متوفرة. بالنسبة للمراحيض، كما قلت، توصلنا بعدد قليل وتم تفريقهم على الخيام، لكن رغم ذلك لا زلنا نواجه مشاكل عندما يسقط المطر، فالناس هنا مصابون ولا يستطيعون التنقل للمراحيض بحكم بعدها عن الخيمة بعشرة أمتار أو 15 مترا… < هل استفدتم من الدعم المخصص للمنكوبين ؟ >لازلنا لم نستفد بعد، لكن هناك من استفاد، إلا أن الأغلبية لم تستفد من هذا الدعم، وهذا التأخير يؤثر علينا ولا نعلم سببه هل هو التسيير أم ماذا بالضبط؟ حين ترى أن هناك من استفاد تتأسف وتتساءل هل أنا مدرج في النظام لأجل الاستفادة أم لا؟ خصوصا وأننا لازلنا متوترين وخائفين من الزلزال والآن تنضاف محنة أخرى وهي المتعلقة بالدعم، لأن هناك أناس إذا لم يأخذوا هذا الدعم فلن يجدوا أبدا ما يبنون به منازلهم. بالنسبة للأكل، لا زلنا نعتمد فقط على ما توفر لنا في البداية، والآن هناك نقص حاد جدا في التغذية، لأن المنكوبين هنا حاليا يوفرون التغذية فقط انطلاقا من مما يتوفرون عليه من نقود على قلتها، حيث إن المساعدات توقفت، والجميع يحاولون فقط البحث عن قوت العشاء والغذاء، خاصة أنهم لم يتوصلوا بالدعم بعد، للأسف. < كيف تدبر الأسر التي لم تحصل على الدعم بعد قوتها اليومي؟ > نحن فقط نحاول البحث هنا وهناك “كنديبانيو”. لهذا قلت لك من الضروري أن يكون هناك استقرارا، لأن هذا الأخير -أي الاستقرار- يتضمن المال هذا الذي كنا نشتغل عليه نحن في المدن خارج القرية، لكن حاليا نحن جالسون هنا ونتكلف بأمور آبائنا لأنهم أميون ويجدر بنا أن نحضر معهم لكي يستفدو من هذا الدعم، ونساعدهم على بناء منازلهم، استقررنا هنا في الدوار بعد الفاجعة، والآن لا الآباء يعملون ولا نحن نعمل وظللنا فقط في الدوار نصلح أمور بسيطة متعلقة بالخيمة…، نحن نعاني لأننا نفتقد للاستقرار كأننا نعيش في الشارع. شيء واحد هو الذي جعلنا نستمر ونقاوم، هو هؤلاء الناس الذين ساعدونا وجعلونا نصل لهذه المرحلة بعد أربع أشهر من الزلزال، نشكرهم جميعا على هذه المساعدة، بسببهم ارتحنا نفسيا، إذ أحيوا فينا الأمل إلى المستقبل، فقد تحملو عناء ومشاق الوصول إلينا عبر الطرقات الصعبة وفي وقت عصيب جدا، غير مبالين بأي خطر محدق. كما أشكر جلالة الملك على هذا الدعم ونرجو أن نتوصل به لكي يستفيد الجميع وتعود الأمور إلى نصابها لأن أذهاننا مشتتة، رغم أن البعض يرانا مبتسمين لكننا غير مرتاحين جسديا ولا نفسيا، بفعل صدمة الزلزال، بالإضافة إلى صدمة عدم توصل الناس بالمال، وكذلك عدم توصلهم بالمعلومات المتعلقة ببناء المنازل، فهناك غياب للتواصل معنا، نحن حائرون سواء في هذه المنطقة أو في المناطق التي ضربها الزلزال الكل حائر ويشاركوننا معاناتنا. < هل لديك ما يمكن أن تضيف؟ > أتمنى أن نتوصل بهذا الدعم من الدولة كي يعود الناس إلى منازلهم وإلى حياتهم القديمة، لان هناك بعض الناس الآن يهاجرون، وإذا هاجر الناس من هذه المنطقة فأول شيء سيختفي هو اللغة الأمازيغية وكذلك الثقافة الأمازيغية، فنحن من ساهمنا في تشجير هذه المنطقة والبحث عن الماء وكذا إحياء هذه المنطقة. نرجو من الدولة أن تدعمنا لكي نبقى في هذه المنطقة وننهض بها، بحكم أنه قبل الزلزال بدأنا بتزيينها وتنميتها، لكن الزلزال دمر كل شيء ونرجو من الدولة أن تسعدنا ماديا للعودة إلى منازلنا ونستقر. *** 44 ألف أسرة تلقت الدفعة الأولى لإعادة بناء المنازل أفاد بلاغ لرئاسة الحكومة بأن 57.596 أسرة متضررة من زلزال الحوز تلقت إلى غاية 31 يناير الماضي مبلغ 2500 درهم المخصصة كدعم شهري، وتسلمت أكثر من 44 ألف أسرة مبلغ 20 ألف درهم كدفعة أولى لإعادة بناء المنازل التي تضررت بشكل كلي أو جزئي. وأوضح البلاغ، الصادر عقب انعقاد الاجتماع الثامن للجنة بين الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، يوم الأربعاء 31 يناير 2024، برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والذي خصص للوقوف على مدى تقدم تنزيل هذا البرنامج تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، أنه تم إصدار تراخيص إعادة البناء لفائدة 30 ألف طلب ومواكبة السلطات المحلية للأسر على مستويات الجماعات المعنية، مبرزا تقدم عملية توزيع 300 ألف قنطار من الشعير استفاد منها حوالي 36 ألف فلاح بالمناطق المتضررة. وأضاف البلاغ، الذي توصلت به بيان اليوم، أن رئيس الحكومة أكد، خلال هذا الاجتماع، أن الحكومة سخرت كافة إمكانياتها من أجل التنزيل الأمثل لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك، موضحا أن الرهان الحكومي يتمثل في الاستجابة لانتظارات الساكنة المحلية بالسرعة والنجاعة اللازمتين، من خلال تعبئة مختلف المصالح والمؤسسات العمومية. وسجل أنه على إثر عملية إحصاء المباني المتضررة التي تمت خلال الفترة الممتدة ما بين 18 و30 شتنبر 2023، فقد تم تسجيل 26.798 مسكنا انهار إما كليا (4232 مسكنا) أو جزئيا (22.566 مسكنا). وأبرز البلاغ أنه حرصا منها على التفاعل الإيجابي مع ملتمسات الساكنة، التي تم التوصل بها خلال الفترة ما بين 17 أكتوبر و17 نونبر 2023، قامت اللجان المحلية المكلفة بإحصاء المساكن، من جديد، بتحديد 32 ألف و640 مسكنا يتوفر أصحابها على الشروط الضرورية للاستفادة من التعويضات المستحقة، منها 1603 مساكن انهارت بشكل كلي، و31.037 مسكنا انهارت بشكل جزئي، مما رفع العدد الإجمالي للمستفيدين من المساعدات المالية إلى 59.438 أسرة، إلى غاية 31 يناير 2024. الدعم والسكن وأشار إلى أنه من هذا المنطلق، تلقت 57.596 أسرة مبلغ 2500 درهم المخصصة كدعم شهري، وأكثر من 44 ألف أسرة مبلغ 20 ألف درهم كدفعة أولى لإعادة بناء المنازل التي تضررت بشكل كلي أو جزئي. وفي سياق متصل، يضيف المصدر ذاته، تبذل السلطات المحلية واللجان المعنية جهودا كبيرة خلال مختلف المراحل الضرورية من أجل إعادة بناء المنازل المتضررة كليا أو جزئيا جراء الزلزال، حيث تم إصدار تراخيص إعادة البناء لفائدة 30 ألف طلب على مستويات عدد من الجماعات، وذلك بالموازاة مع تمكين الأسر من الاستفادة من المواكبة الدقيقة ومن تصاميم نموذجية تراعي خصوصية المنطقة. وحسب البلاغ، تؤكد الحكومة أن مختلف السلطات المختصة تواصل جهودها من أجل تمكين جميع الأسر المستحقة من مبالغ الدعم المقررة، تجسيدا للعناية الملكية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس، لضحايا الزلزال منذ أولى اللحظات، وتماشيا مع ما تتطلبه المرحلة من إجراءات وتدابير للتخفيف عن الضحايا ودعمهم، في أفق عودة الحياة الطبيعية بشكل كامل وإعطاء نفس تنموي جديد للمناطق المعنية. وأضاف أن اللجنة بين الوزارية سجلت خلال الاجتماع تقدم التدخلات الميدانية المتعلقة بإزالة الأنقاض على مستوى المساكن، حيث تم إلى غاية 29 يناير 2024، التدخل على مستوى 4233 مسكنا، من أصل 6676 طلبا توصلت به السلطات المحلية، إضافة إلى تعبئة 137 آلية إضافية لإزالة الأنقاض منذ 14 يناير الجاري، الأمر الذي مكن من بلوغ 303 آليات مخصصة لهذا الغرض. الطرق والمسالك وأشارت اللجنة إلى نجاح التدخلات الميدانية لفتح عدد من الطرق والمسالك القروية، ومباشرة فرق التدخل لعمليات توسعة وإزالة الأحجار والأتربة من على جنبات الطرق وإصلاح الأضرار التي لحقت القارعة وتشوير المقاطع المتدهورة. كما تطرقت اللجنة إلى التطور المتعلق بصفقة إنجاز مشروع تأهيل المقطع الطرقي الرابط بين “تيزي نتاست” و”تافنكولت” بإقليم تارودانت، على طول 8 كلم، وبقيمة تصل إلى 101 مليون درهم. القطاع الفلاحي وعلاقة بالقطاع الفلاحي، يضيف البلاغ، تم الوقوف على تقدم عملية توزيع 300 ألف قنطار من الشعير، والتي فاقت حاليا نسبة توزيعه الإجمالية 57 في المئة، استفاد منها حوالي 36 ألف فلاح بالمناطق المتضررة، مشيرا إلى أن عملية توزيع رؤوس الماشية تتواصل مجانا على المربين الذين فقدوا مواشيهم والتي انطلقت خلال شهر يناير الجاري، إضافة إلى مواصلة استصلاح 126 كلم من الدوائر السقوية الصغيرة والمتوسطة، وترميم وبناء 54 كلم من المسالك والطرق القروية. القطاع السياحي وعلى صعيد القطاع السياحي، ذكر المصدر ذاته أنه وبعد إحصاء المؤسسات الفندقية المتضررة جراء الزلزال، والبالغ عددها 456 مؤسسة، أفادت اللجنة بين الوزارية بأن 155 مؤسسة فندقية قدمت طلباتها من أجل الحصول على الدعم عبر المنصة الإلكترونية المخصصة لهذا الشأن، لافتة إلى أن الدفعة الأولى من هذا الدعم ستنطلق في شهر فبراير القادم، بقيمة إجمالية تصل إلى 87 مليون درهم. قطاع التعليم وعلى مستوى قطاع التعليم، سجل البلاغ أنه تم الوقوف على الخبرة التقنية المنجزة على 80 في المئة من المدارس المتضررة البالغ عددها 1709 مؤسسات، وكذا جهود الحكومة لضمان استمرارية التلاميذ داخل هذه المناطق في متابعة دروسهم، مضيفا أن الاجتماع شكل، كذلك، مناسبة تم خلالها تأكيد انطلاق أشغال تأهيل 42 مركزا صحيا ذا أولوية في شهر يناير الجاري.

إنجاز: عبد الصمد ادنيدن تصوير: احمد عقيل مكاو