تتواصل فعاليات مهرجان «موازين» في الرباط، وتسجل سهراته الغنائية إقبالا حاشدا من طرف الجمهور القادم ليس فقط من مختلف أحياء العاصمة وجارتها سلا وتمارة، وإنما من مدن ومناطق أخرى، وهذا الاحتضان الشعبي والشبابي الواضح للمهرجان هو أكبر مؤشر على النجاح، وعلى إصرار المغاربة على حقهم في الفرح وفي الفرجة الفنية.
لقد سجل المتابعون، منذ اليوم الأول للمهرجان، الارتفاع التدريجي لأعداد الجماهير، وتحدث المنظمون عن ثمانمائة ألف لحد الآن، كما أن بعض السهرات لفنانين أمريكيين وعرب وأيضا مغاربة شهدت حشودا تجاوزت الخمسين والثمانين ألف، وهذه ليست أرقاما مجردة أو معلقة في السماء، إنما هي تعبير عن جواب لا بد من حسن قراءته.
سهرات «موازين» أكدت أيضا تلبية عشرات الفنانين من جنسيات مختلفة لدعوة المنظمين، ما يعني أن كل الاستهدافات فشلت، وتعتبر هذه الاستجابة نفسها مؤشرا ثانيا على النجاح، خصوصا في عالم تتسيد فيه اليوم حرب الصور والرمزيات.
اليوم، وأيام المهرجان ولياليه الاحتفائية الناجحة تتعاقب وتتوالى، نستحضر حملات استهداف «موازين» طيلة الأسابيع التي سبقت يوم الافتتاح، ونتذكر الشعارات والشرود والجنون، ونقف لنسائل هؤلاء الذين صرخوا مدعين تمثيلية الشعب المغربي في الرفض وفي المطالبة بمنع المهرجان.
أيها السادة، وهؤلاء الذين يحجون بعشرات الآلاف يوميا لمختلف خشبات المهرجان ويرقصون ويغنون ويفرحون، أليسوا مغاربة؟
ألا يستحقون منكم اعتذارا عن حديثكم الكاذب باسمهم؟
كيف يستقيم تفكير المنع والوصاية على أذواق الناس، في زمن الاندفاعة الديمقراطية؟
لن نتوقع اعتذارا أو نقدا ذاتيا من طرف هؤلاء، لأن الموقف كان يترجم قناعة فكرية لديهم، وتصورا مجتمعيا نكوصيا من الفكر والإبداع والثقافة والفن، وهو الموقف الرجعي الذي جر إليه شباب «20 فبراير» وبعض تنظيمات الخريجين العاطلين، واليوم الدفاع عن «موازين» هو دفاع عن عشرات الآلاف من الشباب الذين يقبلون يوميا على سهرات المهرجان، وهو دفاع معنوي عن صورة بلادنا، وهو دفاع عن الحق في الاحتفاء بالفن وبكل الألوان الإبداعية، وعن الحرية، وعن تمكين الفنانين المغاربة من فرص للعمل ولصقل مهاراتهم.
نطالب، في نفس الوقت، بتقييم مسار «موازين» وتقوية شروط الشفافية التدبيرية والتمويلية المتعلقة به وببقية المهرجانات الفنية، وبإتاحة فرص أكبر أمام الفنانين المغاربة والمقاولات المغربية للعمل ولتمتين الخبرات الوطنية الفنية والتقنية، وذلك في سياق السعي لتنمية صناعة فنية في بلادنا.
نطالب بهذا، ولكن نرفض المنع، ونرفض الوصاية على أذواق شعبنا وشبابنا.
[email protected]