تفتتح اليوم بالعاصمة الروسية موسكو فعاليات الدورة الواحدة والعشرين لنهائيات كأس العالم في كرة القدم بمشاركة 32 منتخبا من مختلف القارات وبحضور نخبة كرة القدم العالمية، باستثناء بعض المدارس التي طبعت تاريخ اللعبة في مقدمتها إيطاليا وهولندا والسويد.
وطبيعي أن تكون لهذه الدورة التي تجرى لأول مرة بإحدى دول المعسكر الشرقي سابقا، مجموعة من الخصوصيات التي تميز بلدا كبيرا ومؤثرا كروسيا التي رأت في احتضان المونديال فرصة عظيمة لإبراز الوجه الجديد لهذه الدولة العملاقة التي تحاول إيجاد صيغة جديدة لإحداث التوازن المطلوب بالعلاقات الدولية ووضع حد للهيمنة الأمريكية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كانت روسيا قطبه الأساسي.
اجتهدت روسيا كثيرا من أجل تنظيم كأس العالم بطريقة متفوقة على جميع المستويات، وبالرغم من التهديدات التي كانت تقودها لسنوات كل من أمريكا وإنجلترا، من أجل دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لسحب شرف التنظيم من الدولة الروسية، فإن هذه الأخيرة واصلت استعداداتها وتعبئة كل إمكانياتها من أجل إخراج نسخة لا تقل عن نسخة ألمانيا 2006 التي تعتبر من أنجح الدورات من الناحية التنظيمية خلال الدورات العشر الأخيرة.
وكالعادة هناك مجموعة من المنتخبات المرشحة التتويج بناء على معطيات أفرزتها سواء الدورة الأخيرة بالبرازيل أو التصفيات الخاصة بكل قارة على حدة، ومن بين الأسماء المرشحة نجد ألمانيا حاملة اللقب والبرازيل بقيادة نيمار وأرجنتين ليونيل ميسي، بالإضافة إلى التكامل الذي وصلت إليه تشكيلات بلجيكا وفرنسا بفضل مناهج التكوين المتفوقة داخل معاهد كرة القدم بالدولتين.
إلى جانب هذه الأسماء يمكن أن ننتظر أيضا بروز بعض المدارس التقليدية التي تألقت في السنوات الأخيرة كإسبانيا وإنجلترا، دون استثناء إمكانية حدوث المفاجأة من منتخبات أخرى تعتبر قبل بداية المنافسات خارج دائرة الترشيحات.
والمنتخب المغربي الذي يشارك للمرة الخامسة في هذه التظاهرة الكونية، حكمت عليه القرعة بالتواجد في مجموعة صعبة إلى جانب أسماء كبيرة كإسبانيا والبرتغال وإيران، مجموعة تحتفظ بكل عناصر الإثارة والندية، والأكثر من ذلك نتائجها مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها إمكانية مغادرة إحدى المنتخبات المرشحة مبكرا.
قبل الوصول إلى روسيا حيث سيخوض غدا الجمعة بسان بطرسبورغ أول مقابلة ضد منتخب إيران، خضع المنتخب المغربي لبرنامج إعدادي مكثف على مرحلتين، حقق خلالها أربعة انتصارات وتعادلين، تضمنت المرحلة الأولى مواجهة كل من صربيا بتورينو الإيطالية وأوزبكستان بالدار البيضاء، حققت خلالها العناصر الوطنية نتيجة الفوز بنتيجتي (2-1) و(2-0).
أما المرحلة الثانية والأخيرة التي تميزت بإجراء معسكر تدريبي مغلق بسويسرا، فشهدت إجراء مقابلة ضد أوكرانيا وأخرى ضد سلوفاكيا، تعادل “أسود الأطلس” في الأولى وانتصر في الثانية، أما المباراة الأخيرة فجرت بإستونيا وفاز فيها أصدقاء العميد المهدي بنعطية على المنتخب المحلي بنتيجة (3-1).
تميزت كل هذه المراحل الإعدادية بالحفاظ على السجل الخالي من الهزائم، ليصبح المنتخب المغربي قريبا من معادلة الرقم القياسي المسجل حتى الآن باسم إسبانيا بـ 18 مباراة بدون هزيمة، أي على بعد مباراة واحدة فقط، مادام “أسود الأطلس” واصلوا سلسلتهم الإيجابية طيلة 17 مباراة دون هزيمة.
كما أن للمنتخب المغربي رقما آخر يحمل أكثر من دلالة، ويتعلق الأمر بفعالية المنظومة الدفاعية التي ينهجها المدرب هيرفي رونار، حيث انتهى مرحلة الإحصائيات الخاصة بكاس العالم بهدف واحد فقط دخل مرماه، وكان ضد غينيا الاستوائية بباتا في مباراة الإياب ضمن المرحلة الثانية من الإقصائيات.
خلال الاستعدادات سجل المنتخب المغربي تسعة أهداف ودخلت مرماه ثلاثة أهداف، وهو معدل جد إيجابي يؤشر لمرحلة النضج التي وصلت إليها تشكيلة المنتخب المغربي، والتي بفضلها يقدم نفسه كمنافس قوي في مجموعته.
المباراة ضد إيران، لن تكون -بالتأكيد- سهلة ولا في المتناول، نظرا لقوة المنتخب المنافس الذي استطاع طيلة السنوات الأخيرة الحفاظ على مكان قار ضمن صفوة كرة القدم الآسيوية، كما يقوده بكثير من الاقتدار المدرب البرتغالي كارلوس كيروش الذي يراهن هو الآخر على التألق في آخر ظهور له مع الفرس في تظاهرة دولية كبرى.
رهان الإطار البرتغالي صاحب التجربة الغنية، يصدم بإطار فرنسي يطمح لتسجيل اسمه ضمن خانة الكبار، بعد تألق افريقي لافت، إذ يسعى هيرفي رونار وهو يقود كتيبة “سود الأطلس” إلى تأكيد قيمته الدولية، وهذا يمر عبر عبور مرحلة الدور الأول حتى وهو يواجه أقوى المدارس.
والإيجابي أيضا أن أغلب العناصر الوطنية وصلت الى مرحلة متقدمة من النضج سهل عليها التجانس والانسجام بمختلف الخطوط، أضف إلى ذلك عمق كبير في اللعب يصعب تجاوزه مهما بلغت قوة الفريق المنافس.
والمطلوب هو أن يتم تجنب بعض الأخطاء الفردية على مستوى الدفاع التي وقعت أثناء الفترتين الاعداديتين، خاصة وأن المنتخب المغربي سيكون خلال هذا الدور في مواجهة نجوم يسجلون من نصف فرصة كالبرتغالي كريستيانو رونالدو والإسباني دييغو كوستا والإيراني سردار أزمون الملقب بميسي آسيا وغيرهم من الهدافين القادرين على تغيير النتيجة في أي لحظة من المباراة.
> موسكو: محمد الروحلي
تصوير: عقيل مكاو