مركز “أمل” بالمعاريف.. واحة الأمل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

في قلب حي البطحاء بمقاطعة المعاريف في مدينة الدار البيضاء، يبرز مركز “أمل” كواحة أمل للأطفال المصابين بطيف التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة الذهنية، منذ تأسيسه عام 2010 بمبادرة من جمعية “أمل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذهنية”.

وبعد أن تسلمته الجمعية من المديرية الإقليمية للتعليم بأنفا، أصبح هذا المركز نموذجًا فريدًا في تقديم خدمات شاملة للأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية متخصصة.

ويعتبر هذا  المركز آلية للدمج الاجتماعي، من خلال التكوين والأنشطة الموازية، حيث  يلائم خدماته حسب الفئات العمرية ومستويات الدعم التي يحتاجها المستفيدون. وهو أيضا فضاء للتكوين والتكوين المستمر، وفضاء لدعم وتعزيز الدمج المدرسي والتأهيل المهني للأطفال والشباب ذوي التوحد والإعاقة المتشابهة. ويستفيد حاليا من خدمات هذا المركز 150 مستفيد ومستفيدة، ضمنهم 44 يعانون من التأخر الذهني، و24  يندرجون ضمن فئة الثلث الصبغي، في حين يعاني 82 مستفيدا من طيف التوحد.

وكان افتتاح مركز “أمل” خطوة جريئة ومهمة في مجال الرعاية المتخصصة، حيث وفر فضاءً مميزًا يلبي احتياجات الأطفال الذين يواجهون تحديات يومية. ولم يتوقف الأثر الإيجابي لهذا المركز عند حدوده، بل امتد ليشمل أربعة مراكز إضافية في الدار البيضاء، ما يعكس النجاح الكبير الذي حققته هذه الجمعية.

ويقدم المركز مجموعة واسعة من الخدمات المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الأطفال، وتشمل:

– الترويض الحركي لتحسين القدرات الحركية للأطفال.

– تقويم النطق لمساعدتهم على التواصل بشكل أفضل.

– التأهيل النفسي الحركي لتعزيز قدراتهم النفسية والجسدية.

– التعليم المكيف الذي يراعي قدرات كل طفل.

هذا النهج المتكامل يساعد الأطفال على تجاوز التحديات وتحقيق تقدم ملموس في حياتهم اليومية، مما يسهم في تسهيل اندماجهم في المجتمع.

ويتميز مركز “أمل” بوجود فريق تربوي متخصص يضم أخصائيين نفسانيين، وأخصائيين نفسحركيين،وأخصائيي تقويم النطق، ومربين مؤهلين يعملون بتناغم لضمان تقديم أفضل الخدمات. كما لا يقتصر دور المركز على الأطفال فقط، بل يمتد ليشمل أسرهم، حيث يتم تنظيم دورات تدريبية لتزويد الآباء والأمهات بالمهارات اللازمة لدعم أطفالهم.

ويعتمد المركز على نهج تكاملي يجمع بين العمل التربوي داخل المركز والتعاون الوثيق مع العائلات. ويتمثل ذلك في تنظيم دورات تكوينية وتدريبية لفائدة أطر المركزولقاءات مفتوحة مع الأسر، بهدف ضمان التنسيق بين البيت والمدرسة. هذا النهج يساهم في تحقيق الأهداف التعليمية والاجتماعية للأطفال، ويجعل من المركز شريكًا أساسيًا في رحلة تطورهم.

ولا يمثل مركز “أمل” مجرد مكان لتقديم الخدمات، بل هو رسالة إنسانية تهدف إلى تغيير النظرة المجتمعية تجاه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال شراكته مع الأسر وخدماته المتخصصة، يقدم المركز نموذجًا ناجحًا للإدماج الاجتماعي والتمكين. إنه يثبت أن الاستثمار في هذه الفئة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولية وإنسانية.

وفي شهادات لبعض الآباء والأمهات، قالت السيدة فاطمة، والدة أحد الأطفال المستفيدين: “كان ابني يواجه صعوبات كبيرة في النطق والحركة. منذ التحاقه بالمركز، لاحظنا تحسنًا ملحوظًا في قدراته. المركز لا يدعم الأطفال فقط، بل يمنحنا كأسر الأمل والمهارات التي نحتاجها لدعم أبنائنا.” في حين أفاد والد طفلة مستفيدة: “ابنتي كانت تعاني من صعوبة في التفاعل مع الأطفال الآخرين، وبفضل الجهود الكبيرة التي يبذلها المركز، أصبحت أكثر ثقة بالنفس وأكثر تواصلاً. أشكر الفريق الذي قدم لنا الأمل مجددًا.”  أما والدة طفلة  أخرى، فأكدت أن “ابنتي كانت تعاني من صعوبة في التعبير عن مشاعرها، ولكن منذ انضمامها للمركز، أصبحت قادرة على التواصل بثقة ووضوح. أعتبر هذا المركز عائلتنا الثانية”.

ورغم النجاحات التي حققها مركز “أمل”، لا تزال التحديات قائمة، فالطلب المتزايد على خدمات المركز يتطلب موارد إضافية ودعمًا مستمرًا من المجتمع المحلي والجهات الرسمية. ومع ذلك، يبقى الطموح حاضرًا لتوسيع نطاق هذه المبادرة وتطوير خدماتها.

ويظل مركز “أمل” رمزًا للأمل والتغيير في حياة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم. من خلال خدماته المتخصصة ونهجه التشاركي، يضع المركز أسسًا لمستقبل أكثر إشراقًا وشمولية، حيث يكون لكل طفل فرصة ليعيش حياة مليئة بالكرامة والأمل.

حسن عربي

Top