استعراض التجربة المغربية بالقاهرة في مجال الحماية الدستورية للحقوق والحريات في الظروف الاستثنائية

استعرض رئيس المحكمة الدستورية، محمد أمين بنعبد الله، أول أمس الاثنين بالقاهرة، ملامح من التجربة المغربية في مجال الحماية الدستورية للحقوق والحريات في الظروف الاستثنائية.
وأشار محمد أمين بنعبد الله، خلال مشاركته في أشغال الاجتماع الثامن رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، في هذا الخصوص إلى التجربة المغربية إبان جائحة (كوفيد 19) حيث كان يتعين على السلطات تقديم استجابة فورية لمواجهة الخطر الحال المحدق دون المساس بالحقوق والحريات الأساسية.
وأبرز في هذا الصدد أن السلطات الإدارية بادرت، قبل صدور أي نص تشريعي، باتخاذ تدابير وقائية للحد من انتشار الفيروس، كمنع التنقل في الليل وبين المدن، وإغلاق أماكن عمومية..؛ مشيرا إلى أنه وأمام غياب اجتهاد قضائي في هذا الشأن، أثير نقاش حقوقي تداخل فيه القانون الإداري، حيث امتيازات السلطة العامة لتحقيق المصلحة العامة تحت رقابة القضاء الإداري، مع القانون الدستوري، حيث لا ي سمح بتقييد هذه الحقوق والحريات إلا بواسطة القانون، تحت رقابة القضاء الدستوري.
وأكد محمد أمين بنعبد الله أن إسراع الإدارة إلى تقييد الحقوق والحريات في ظل جائحة (كوفيد 19) قبل أي نص تشريعي نابع مما تلزمها النصوص التشريعية من المحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة، مشيرا إلى أن الدستور المغربي ينص على أن الحكومة تعمل على ضمان تنفيذ القوانين، وأن الإدارة موضوعة رهن تصرفها (الفصل 89)، كما يكلف السلطات العمومية بضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع (الفصل 21).

واعتبر رئيس المحكمة الدستورية أنه مهما بلغ رقي مستوى حماية الحقوق والحريات الأساسية في الظروف العادية في أي منظومة دستورية، تظل الظروف الاستثنائية محطة اختبار حقيقي لمدى قدرتها على ضمان نفس مستوى الحماية، مؤكدا أنه في الظروف الاستثنائية قد يتزايد حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات التي تمارس صلاحيات واسعة وتتخذ قرارات ظرفية أو عاجلة أحيانا، مما قد يساهم في توسيع هامش الخطأ.
وأضاف أنه لضمان نفس مستوى حماية الحقوق والحريات الأساسية في الظروف العادية والاستثنائية، يجب على واضع الدستور توفير الإطار القانوني اللازم، كما يجب على المشرع تنظيمه، في حين يبقى على عاتق القضاء مراقبة حسن تطبيقه باعتباره حامي للحقوق والحريات الأساسية.
وبخصوص الوضع في المغرب، أشار إلى أن دستور المملكة المغربية لـ 2011، منح لهذه الحقوق والحريات مكانة خاصة، إذ من جهة، خص لها الباب الثاني منه (الفصول من 19 إلى 40)، ومن جهة ثانية أكد على أن تبقى مضمونة أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية (الفصل 59) وتحصن المكتسبات في مجالها من المراجعة الدستورية (الفصل 175).
وإلى جانب رئيس المحكمة الدستورية، يضم الوفد المغربي المشارك في أشغال الاجتماع الثامن رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية العليا والمجالس الدستورية الأفريقية، الذي تنظمه المحكمة الدستورية العليا المصرية تحت شعار “الحماية الدستورية للحقوق والحريات في الظروف الاستثنائية”، محمد الأنصاري عضو بالمحكمة الدستورية، ومحمد بوعزيز رئيس الديوان ، وسفير المغرب بالقاهرة ومندوبه الدائم لدى جامعة الدول العربية محمد آيت وعلي.
ويتوخى الاجتماع مناقشة القضايا الدستورية والقانونية وتبادل الأفكار والرؤى والخبرات بين المؤسسات الدستورية على المستوى القاري، بما من شأنه تعزيز القيم والمبادئ الدستورية، بما يدعم سيادة القانون وترسيخ العدالة الدستورية.
ويبحث المشاركون ثلاثة محاور رئيسية تهم دراسة طبيعية المخاطر التي تواجه الدول الإفريقية في الظروف الاستثنائية، والإجراءات التشريعية لمواجهة الظروف الاستثنائية، والرقابة الدستورية على التشريعات المتعلقة بالظروف الاستثنائية والمجالات التي يجوز فيها الرقابة الدستورية على هذه التشريعات .
وكان محمد أمين بنعبد الله، رئيس المحكمة الدستورية شارك يومي 24 و25 يناير بالقاهرة، في أشغال الدورة 18 للمكتب التنفيذي لاجتماع الهيئات القضائية الدستورية الإفريقية.
وقد تم خلال هذا الاجتماع على الخصوص تدارس آخر المستجدات بشأن الوضع التحضيري لعقد “الاجتماع الثاني لقاضيات القضاة الإفريقيات”، والتقدم الحاصل في تنظيم الندوة الدولية الرابعة المقرر عقدها في أديس أبابا، والاستعدادات المتعلقة بتنظيم الدورة الثامنة للجمعية العامة، المقرر عقدها في العاصمة الكونغولية كينشاسا السنة القادمة.

Top