لم يتردد عبد السلام بلقشور رئيس العصبة الاحترافية لكرة القدم، في توجيه انتقادات لاذعة للطريقة التي يتم بها تدبير فريقي الوداد والرجاء البيضاويين.
فقد أرجع هذا المسؤول، خلال حوار خص به برنامج “البطولة” بقناة الرياضية، الأزمة المالية التي يتخبط فيها الناديان الكبيران، إلى ضعف الحكامة وغياب الشفافية وسوء التدبير وافتقاد الحكمة، في حين خصص حيزا هاما للإشادة بتسيير كل من ناديي الجيش الملكي ونهضة بركان.
والغريب أن إصدار مثل هذه الأحكام، وإن كانت تحمل جزء من الحقيقة، فإنها لا يجب مطلقا أن تصدر من رئيس عصبة احترافية، من المفروض أن يتصف مسؤولها الأول بنوع من الحياد، وتجنب إصدار الأحكام الجاهزة، والحفاظ على الوضع الاعتباري لزملاء له في التسيير.
فما قاله في هذا الشأن، يعد تقليلا من كفاءة التسيير داخل هاذين الناديين، فمن حق أي مسؤول الإدلاء بمثل هذه الأحكام، إلا إذا كان رئيسا لعصبة، فمن الواجب أن يتصف مسؤولها الأول، بنوع من الترفع، وتجنب إصدار مثل الأحكام الجاهزة، وتفادي الإساءة، وإذا كان من الضروري قول “الحقيقة” كاملة، أو تقديم رأي صريح أو الإدلاء بمعطيات ما، فالأجدر أن يكون داخل إطار تنظيمي، أو خلال الجموع العامة؛ أو حتى أثناء لقاءات مباشرة، وليس داخل وسيلة إعلام عمومية، لأن الأمر هنا يصبح تشهيرا وليس انتقادا بناء، الهدف منه إيجاد حلول والعمل على معالجتها، وليس خلق نوع من الصدام، بين مسؤولي الأندية وجماهيرها.
سعى بلقشور أن يكون واضحا في هذه النقط بالذات، إلا أنه مارس الغموض وتعمد التعويم، وحتى التهرب من الإجابة الصريحة والواضحة، في نقط معينة، ولعل أولها عدم فتح باب الانتقالات في الحيز الزمني المعمول به دوليا، والإصرار على اختصاره في أسبوعين فقط، وعوض شرح أسباب النزول بوضوح وشفافية التي عابها على مسؤولي الوداد والرجاء، تعمد الإجابة بنوع من السخرية، من قبيل “لي بغا ايدير انتداب يمكنه القيام بذلك في ثلاث أيام فقط” أو “كنا عارفين بأن الانتقالات الشتوية ستكون باردة”، وفي الأخير مرر المسؤول عن فريق نهضة الزمامرة، كلامه بابتسامة عابرة.
نفس التعويم مارسه أيضا، في نقطة عدم إجراء المباريات المؤجلة، والتي تهم الفرق المرتبطة بالمسابقات القارية، ونعني بها الجيش والرجاء ونهضة بركان؛ هنا أثار رده نوعا من السخرية، خاصة وسط جمهور الوداد؛ بالنظر للإجابة التي صدرت عن رئيس عصبة، يفترض فيه التعامل بنوع من الحياد وتجنب الكيل بمكيالين.
فقد استحضر الوداديون، ومعهم المتتبعون، كيف أجبر فريقهم على الخضوع لبرمجة ضاغطة، بل تطلب منه الأمر إلى حد تكوين فريقين، واحد لخوض نصف نهاية عصبة الأبطال بجنوب أفريقيا، وآخر لعب مباراة عن البطولة، نزولا عند رغبة أصحاب البرمجة داخل العصبة، بينما هذا الموسم لم تتم برمجة أي مقابلة مؤجلة، رغم أن الفرق المعنية كانت في راحة طيلة أسبوع كامل، وما أثار الاستغراب أن بلقشور أرجع الأمر إلى سعيه لإنهاء البطولة منتصف شهر ماي، قصد منح الوداد متسعا من الوقت، استعدادا للمشاركة بكأس العالم للأندية.
كما حرص صاحبنا على التأكيد على أن فريق اتحاد طنجة، تلقى دعما ماليا من طرف العصبة، مكنه من التغلب على مشاكله، والسؤال هنا: لماذا لم يتم التعامل بنفس السخاء مع فرق أخرى تعاني كذلك من مشاكل ضاغطة؟
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد هناك حسنية أكادير، والمغرب التطواني، وأولمبيك أسفي، والنادي المكناسي، والدفاع الحسني الجديدي، ومولودية وجدة واللائحة طويلة…
ثم كيف يسمح هذا المسؤول لنفسه بتوهيم المتتبعين، بأن للعصبة الفضل في الدعم المالي الذي تتلقاه الأندية من المجالس المنتخبة للمدن التي تنتمي لها، وكأن هذه المنح، عبارة عن هبة مقدمة من مالية العصبة، لأن ما يفهم من كلامه في هذا الموضوع بالذات، أن رئيس العصبة، هو صاحب القرار الذي امتثلت له هذه المجالس، وأنه هو من تدخل شخصيا لدى مسؤولي هذه الهيئات المنتخبة، وهذا يعد تقليلا أيضا من قيمة ودور مسؤولي الفرق، في علاقتهم مع مسؤولي المدن التي ينتمون لها.
عموما، ففي هذا الخروج الإعلامي لرئيس العصبة الاحترافية لكرة القدم، أصر صاحبنا على محاكمه مسؤولي الوداد والرجاء أكثر من غيرهم، كما سعى إلى إظهار افتقاد الناديين الكبيرين للمسير الكفء، وطغيان العشوائية في القرارات داخل دواليبهما، بينما سعى لنيل علامات الرضا من بركان والجيش، دون أن يقف كثيرا عن فريق الفتح الرباطي لسبب من الأسباب.
نعم الصرامة مطلوبة والحزم أساسي في التعامل العصبة، لكن لابد من التعامل مع جميع الأندية على نفس المسافة، وأن تسأل العصبة نفسها أولا، عن الإضافة التي قدمتها للأندية من الناحية المالية والترويجية والإشعاعية، وأن يظهر بلقشور في هذا الوقت بالذات أن ازدواجية المهام غير مطروحة حاليا…
محمد الروحلي