قال محللون إن الثروة الحيوانية الكبيرة في الصومال بحاجة ماسة للاستثمارات في البنية التحتية مثل حفر آبار المياه لتعزيز قدرتها على مواجهة التقلبات المناخية، بعد أن أدى الجفاف في العام الحالي إلى تقليص أعداد المواشي ومضاعفة أسعارها في السوق المحلية وتوقف الصادرات.
تشهد أسواق بيع المواشي في الصومال، انحسارا كبيرا في عمليات البيع، حيث يغادر معظم الصوماليين الراغبين بتقديم أضحية في موسم هذا العام، دون أن يتمكنوا من الشراء بسبب ارتفاع الأسعار.
وسجلت أسعار الماشية في الصومال قفزات كبيرة على مدار الأيام القليلة الماضية مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، نتيجة الجفاف الذي ضرب البلاد وقلص أعداد المواشي في البلاد.
ويتهم المواطنون التجار بالجشع وزيادة الأسعار، لتعويض الركود التجاري الذي عانوه في الأشهر الماضية، فيما يرى التجار أن الزيادة الحادة ترجع إلى قلة المعروض مقابل زيادة الطلب.
ونسبت وكالة الأناضول إلى عدد من التجار إجماعهم على أن ارتفاع الأسعار في سوق الماشية يرجع بشكل رئيسي إلى الجفاف الذي تعرضت له البلاد مؤخرا، ما دفع مواطنين ومؤسسات خيرية إلى التضحية بالأبقار هربا من الارتفاعات في أسعار الأغنام.
وتعرضت البلاد منذ فبراير الماضي لموجة جفاف أثرت على أكثر من 6 ملايين شخص أي نحو نصف سكان البلاد، وتسببت بنقص حاد في المواد الغذائية، مع شح إمدادات المياه الصالحة للشرب.
ونتيجة لذلك، تراجعت الأراضي الرعوية بأكثر من 60 بالمئة خلال الأشهر الماضية، وتقلصت قدرة المربين على شراء الأعلاف المصنعة، ولجأ من تمكنوا من إنقاذ ماشيتهم بشراء الأعلاف إلى نقل التكاليف الإضافية إلى المستهلك النهائي.
ويقول محللون إن الصومال بحاجة ماسة للاستثمارات في البنية التحتية مثل حفر آبار المياه لتعزيز قدرته على مواجهة التقلبات المناخية، بعد أن أدى الجفاف في العام الحالي إلى تقليص أعداد المواشي ومضاعفة أسعارها في السوق المحلية وتوقف الصادرات.
ويملك الصومال مقومـات واسعـة لتـربية الماشية لكن المــزارعين والـرعاة لا يملكـون البنية التحتية التي تمكنهم من مواجهة التقلبـات المنـاخيـة، مـا يـؤدي إلى نفـوق أعـداد كبيـرة مـن المــاشيـة في فتـرات الجفـاف.
ونبهت الوكالة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إلى أن الجفاف في الصومال دفع ما لا يقل عن 800 ألف صومالي إلى النزوح عن مناطقهم بحثا عن الطعام.
وتشير التقديرات إلى أن أسعار الأضاحي قفزت إلى الضعف مقارنة بالعام الماضي، وأصبح سعر رأس الغنم الواحد يتراوح بين 150 إلى 250 دولارا، مقارنة بما بين 45 إلى 90 دولارا في العام الماضي.
ويعد الصومال من الدول الأفريقية الغنية بالثروة الحيوانية، وهو يصدر أعدادا كبيرة من المواشي إلى دول الخليج العربي، لكن الثروة الحيوانية لم تقلل من حجم معاناة الصوماليين تجاه أسعار الماشية في عيد الأضحى.
وقال المواطن مختـار قـورطيـري إن “أسعـار الأضـاحي في هـذا العـام ستحـرم الكثيرين مـن بهجة العيـد وتـذوق لحـم الأضـاحي، لا سيمـا في ظل ارتفاع الأسعار بنحو يفوق القدرة الشرائية للكثير من الموطنين”.
وأضاف أن أغلب التجار يعتمدون على مبررات غير منطقية من أجل زيادة أرباحهم على حساب المواطنين، مستغلين غياب دور الحكومة وغياب تسعيرة محددة، ليبقى المواطن الصومالي بين مطرقة التجار وسندان الظروف الاقتصادية.
وتؤكد مريمة أحمد أن “الأسعار باهظة جدا، تجولت في السوق ولا أرى سعرا يساوي قدرتي الشرائية. الجميع يأتون إلى الأسواق ويغادرون دون شراء أضحية”.
وأضافت لوكالة الأناضول، وهي تتفاوض على شراء أضحية، أن “التجار يستغلون المناسبات الدينية لتحقيق أرباح فاحشة. نطالب الحكومة بالتدخل وضبط الأسعار حتى نتمكن من الشراء”.
ويقول تاجر الماشية أحمد نور إن الحركة التجارية في سوق الماشية تنتعش بشكل كبير خلال المناسبات، إذ يزداد طلب المواطنين وسط قلة المعروض من الماشية. ولا تتجاوز كمية المعروض حاليا لأغراض عيد الأضحى الـ40 ألف رأس.
ويرى محمد أحمد المسؤول في مؤسسة خيرية أن “عـدم انضبـاط الأسعار في سوق الأغنام أجبر المؤسسات الخيريـة على اللجوء إلى الأبقـار، حيـث تكفـي الواحـدة مـا يصل إلى 25 شخصـا مـن الراغبـين بتقـديم أضحية”.
وأضاف أن ما يزيد الإقبال على الأبقار يكمن في أن أسعارها تقل كثيرا عن الأغنام عند مقارنة أوزانها حيث يبلغ سعر البقرة الواحدة قرابة 170 دولارا.
وأكد أن مشروع الأضاحي يستهدف أكبر عدد ممكن من المواطنين من أجل إدخال الفرحة على قلوبهم “وسط الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة الجفاف الأخير الذي ضرب البلاد”.
رويترز