أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، على ضرورة “استئناف نهج مبدأ تعددية الأطراف” لمواجهة السياق الاقتصادي والجيوسياسي الراهن.
واعتبر الجواهري، في محادثات أجراها مع نائبة قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى داخل مجموعة صندوق النقد الدولي، تالين كورنشليان، في إطار العدد الخاص من مجلة التمويل والتنمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي، أنه “لا يجب التغاضي عن نهج تعددي ة الأطراف، بل يتعين تدارس الحصيلة ومحاولة بناء روابط إيجابية من أجل مستقبل زاهر، وذلك بالموازاة مع الاعتماد على مؤسسات أكثر فاعلية وذات موارد ووسائل أكثر أمانا وتطورا، والتي تعد أيضا قادرة على الاستجابة للمتطلبات التي تعتبر أكثر تنوعا وثقلا وتكلفة بشكل متزايد”.
ومن ثم، شدد الجواهري على السياق المعقد الذي ستجرى فيه الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لسنة 2023، المقرر انعقادها بمراكش في الفترة الممتدة من 9 إلى 15 أكتوبر المقبل، والذي يتسم بالتفكك الجيوسياسي والجيو اقتصادي، بسبب التغيرات التي تطرأ على النماذج التي يمر بها العالم حاليا.
وأضاف أنه سيكون “من الصعب تصور الخلاصات التي ستخرج بها اجتماعات مراكش”، مشيرا إلى ضرورة تصنيف الأولويات ومعرفة كيفية تتبع وتقييم الإجراءات المتخذة.
في سياق متصل، أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، باعتباره “شرطا أساسيا” وضروريا لضمان سلاسة سير الإصلاحات، يعد جزءا لا يتجزأ من السيادة الوطنية.
وأشار الجواهري، خلال المحادثات ذاتها، إلى أن البنك “لطالما دعا إلى الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية لكونها ت شكل جزءا من السيادة الوطنية”.
وفي هذا الصدد، أوضح أن الجهد البيداغوجي والتوعوي، إلى جانب الحوار الدائم بين البنك المركزي والحكومة، مكن المغرب من “استعادة عافيته الاقتصادية من خلال برنامج التكيف الهيكلي الذي سنح له الحصول على اعتراف من لدن صندوق النقد الدولي سنة 2012، في ظل خط الوقاية والسيولة، وحديثا خط الائتمان المرن”.
ومن ثم، شدد والي بنك المغرب على أهمية استقلالية البنك المركزي بوصفها عنصرا أساسيا في صمود الاقتصاد المغربي في وجه الصدمات والانتكاسات.
وأضاف أن هذه الاستقلالية، المنصوص عليها في القانون، منحت بنك المغرب “تقييما موضوعيا”، مما مكنه من الإسهام في مختلف الإصلاحات، وذلك من خلال الاعتماد على استقلاليته وحزمه ومصداقيته.
وسلط الجواهري الضوء على إصلاح نظام الصرف بدعم من صندوق النقد الدولي، وأشاد، بهذه المناسبة، بسهولة الوصول إلى الصندوق وإجاباته السريعة على مختلف الأسئلة، لا سيما في فترات الأزمات.
وبالعودة إلى دور المؤسسات الدولية في مواكبة الإصلاحات في الدول النامية، أبرز والي بنك المغرب أهمية المساعدة التي تقدمها في مجال بلورة السياسات ووضع الأولويات التي يتعين تنفيذها، فضلا عن التقارب والتنسيق بين إجراءات الدولة وإجراءات القطاع الخاص.
وشدد، في هذا الصدد، على أهمية “التفكير والتباحث بشكل جماعي” من أجل “الاستفادة من جهود جميع الأطراف قصد تحقيق نتائج إيجابية”، مستشهدا في هذا السياق بالنقاش الذي هم العملة الرقمية والذي أجراه البنك المركزي مع الدول المتقدمة والنامية، من أجل “تقليص أو تجنب الفجوة الرقمية”، وذلك في إطار المائدة المستديرة رفيعة المستوى التي تم تنظيمها مؤخرا بالشراكة مع صندوق النقد الدولي.
والجدير بالذكر أن هذه الطبعة الخاصة من مجلة صندوق النقد الدولي للتمويل والتنمية تندرج في إطار الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لسنة 2023، المزمع انعقادها بمراكش من 9 إلى غاية 15 أكتوبر، والتي من المتوقع أن تعرف مشاركة أزيد من 15 ألف مشارك رفيع المستوى، بمن فيهم وزراء الاقتصاد والمالية ومحافظي البنوك المركزية للدول الأعضاء، علاوة على ممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام الدولية والوسط الأكاديمي.