ودعت الرياضة الوطنية سنة أخرى من تاريخها الطويل، واستقبلت سنة جديدة، على أمل أن تكون أفضل من سابقاتها.
تعودنا بعد نهاية عام، والاستعداد لعام آخر، أن نكثر من المتمنيات وفتح باب الأمل، وهذا تفاعل إيجابي تفرضه أبجديات الحياة، والتشبث بالأمل واستشراف المستقبل بعيون التفاؤل.
إلا أن المتمنيات شيء، والواقع شيء آخر، في ظل وضع جامد لا يتحرك، بل نسجل سنة بعد أخرى، تراجعا مهولا بهذا القطاع الحيوي، وفي العديد من الأنواع والمحطات الأساسية.
وحين نتحدث عن واقع الرياضة الوطنية، لابد أن نفصل بين شقين بخطين متوازيين لا يلتقيان، هناك كرة القدم، وهناك البقية المتبقية.
فكرة القدم قطعت أشواطا مهمة، وباتت خيارا استراتيجيا للدولة ككل، ويترجم ذلك على مستوى استقبال التظاهرات الدولية الكبرى، وما تعرفه نتائج المنتخبات الوطنية من طفرة مهمة، بجل الفئات ومن الجنسين.
فما تحقق يعطي الدليل القاطع، على أن توفر الإمكانيات ووجود تدبير محكم، وقيادة بإرادة دقيقة وقوة إشرافية محكمة، لا بد وأن يعطي النتائج المنتظرة منها، وقد علمتنا التجربة أن توفر المال، وحده ليس مفتاحا أساسيا للنجاح، إذا لم تكن هناك حكامة وتدبير محدد الأهداف والغايات، وفق تخطيط سليم يرسم بدقة خارطة الطريق بمعالم واضحة، بعيدا عن كل عشوائية في الاختيار والقرارات…
إلا أن رياضة كرة القدم، تعيش هي الأخرى تناقضا صارخا، فهناك طفرة وتطور مذهل فاق كل التوقعات، يقف الكل على أبرز معالمه، بل إن صداه عم كل الأرجاء بالقارات الخمس، وهناك جمود على مستوى القاعدة، أي الأندية والفرق التي تعيش وضعا مؤسفا للغاية.
فهناك وضعية كارثة تعيشها الأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية، بجل الأقسام، وبجل الفئات العمرية، فهناك خصاص مالي فظيع، مع ما يعرفه الوضع من ضعف الحكامة وتجاوز التخصصات، ناهيك عن هشاشة المؤسسات، إلى درجة أن المشهد أصبح يعج بالكثير من النماذج السيئة التي تصدم كل المتتبعين.
وأمام هذا الوضع المؤسف، أصبح من اللازم إعادة النظر في طرق تدبير وتسيير النوادي والفرق والعصب، وغيرها من التنظيمات المرتبطة بالقواعد، وبدون ذلك سيظل الوضع كما هو عليه، مع ما يترتب عن ذلك من إهدار للجهد والمال، وضياع للفرص، وتخلف عن الركب وعدم تقدير عامل الزمن.
هذا عن كرة القدم، أما باقي الأنواع فحدث ولا حرج، فهناك واقع لا يسمح لها بأي تطور بالنظر إلى أزمة هيكلية ضاغطة تتحمل فيها كل الأطراف والمتدخلين مسؤولية أساسية، وهذا ما سنعود له بإسهاب في عدد قادم.
محمد الروحلي