يحتفل الشعب المغربي، يومه الجمعة بذكرى مرور خمسة وأربعين سنة على استرجاع الأقاليم الجنوبية، بفضل ملحمة المسيرة الخضراء التي شارك فيها 350 ألف مواطنة ومواطن من مختلف مناطق المغرب، والذين كسروا الحواجز الوهمية التي وضعها الاستعمار الإسباني.
وقد باتت المسيرة الخضراء تشكل علامة فارقة ومنعطفا حاسما في تاريخ المغرب الحديث، تحيل على إرادة الشعب المغربي التي انصهرت في كتلة واحدة من أجل الدفاع عن قضاياه وثوابته الوطنية الراسخة، كما تحيل على متانة الجبهة الداخلية في مواجهة كل التحديات، خاصة تلك المرتبطة بمناورات خصوم الوحدة الترابية.
وشهد العالم بأسره، على تلك الملحمة السلمية التي دعا لها جلالة المغفور له الحسن الثاني، وتجاوب معها المغاربة قاطبة، إيمانا منهم بعدالة قضيتهم، وبضرورة إظهار صلابة الموقف المغربي الذي ترافع عنه لدى محكمة العدل الدولية بلاهاي التي أقرت في رأيها الاستشاري بأحقية المغرب على صحرائه، وبوجود روابط قانونية وروابط بيعة متجذرة كانت دائما قائمة بين ملوك المغرب وأبناء الصحراء.
وعلى امتداد الخمسة وأربعين سنة الماضية، انطلقت مسيرة جديدة ومتجددة هي امتداد للمسيرة الخضراء، وتتمثل في المسيرة التنموية من أجل إعمار الأقاليم الجنوبية المسترجعة، التي أصبحت مسرحا لأوراش للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية، لتدخل بذلك الصحراء المغربية في عهد جديد من الإنجازات الضخمة والنوعية في مجالات متعددة ومختلفة لم تعرفها من قبل، على اعتبار أن الاستعمار الإسباني ترك الأرض جرداء دون بنية تحتية ولا منشأة عمرانية أو حتى مباني إدارية.
وبفضل الدينامية التنموية التي قادها جلالة الملك محمد السادس، في الأقاليم الجنوبية، والذي قام بزيارات متعددة لتلك الربوع المسترجعة، أطلق من خلالها مجموعة من الأوراش والمشاريع الكبرى، ساهمت في تحقيق تنمية عمرانية متوازية ومستدامة، تحولت الصحراء المغربية إلى قطب اجتذاب سواء على المستوى السياحي أو الاستثماري أو الدبلوماسي… ولا أدل على ذلك من إقدام عدد من الدول الإفريقية والعربية على افتتاح قنصليات لها في مدينة العيون والداخلة انسجاما مع الشرعية الدولية، وتجسيدا للحق المغربي وسيادته على أقاليمه الجنوبية.
وشكل التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ضربة موجعة لخصوم الوحدة الترابية، وتكسيرا لكل مؤامراتهم، وبذلك أيضا، تكون الافتراءات التي تروج لها الجزائر وصنيعتها البوليساريو، قد انكشفت للعالم، وانفضح أمرها أمام العديد من الأوساط الإقليمية والقارية والدولية، حيث أكد العديد من المراقبين أن التوجه الأخير الذي سارت عليه قضية الصحراء المغربية، يشكل حلقة جديدة ومنعطفا غير مسبوق لدحض مزاعم خصوم الوحدة الترابية، انطلاقا من الرؤية العقلانية التي تحكم الموقف المغربي بقيادة جلالة الملك محمد السادس، “اعتمادا على البعد الدبلوماسي وخلق التوازن في العلاقات بين مختلف الأطراف الدولية، وفتح جسور تواصل متينة مع الأفارقة وانفتاح على دول أميركا اللاتينية، وارتباط بعلاقات قوية مع الدول الكبرى والقوى الصاعدة”، وهو ما يجسد المقولة الملكية الشهيرة التي تفيد بأن المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها.
< محمد حجيوي