أكدت الدورة الثامنة للجنة المغربية القطرية المشتركة التي انعقدت بالدوحة تقدم العلاقات بين البلدين، خصوصا على المستوى الاقتصادي والتجاري والتعاون الثنائي.
بغض النظر عن عثرات التقلبات الاستراتيجية وحسابات المنطقة، فإن العلاقات بين المغرب وقطر حافظت على استقرارها بشكل عام في السنوات الأخيرة، وبرز تطابق وجهات النظر في القضايا السياسية، كما برزت رغبة وإرادة قيادتي البلدين في تنمية العلاقات الثنائية وتعزيزها.
تشترك قطر مع باقي بلدان مجلس التعاون الخليجي في الموقف الداعم لمغربية الصحراء، وتأييد الحق الوطني المغربي، والانتصار للوحدة الترابية للمملكة، وهو ما جددت الدوحة التأكيد عليه عقب الاجتماع الأخير للجنة المشتركة بين البلدين.
وبقي موقف قطر ثابتا على هذا المستوى منذ عقود، كما أن العديد من أمراء وشيوخ هذه الدولة الخليجية ارتبطوا دائما بعلاقات إنسانية قوية مع المغرب وأسرته الملكية، ورسخوا حضورا فعليا هاما بعدد من مناطق المملكة.
وفي مقابل ما سلف، تحتضن قطر أيضا جالية مغربية ذات دينامية وتميز، ويحفظ القطريون للعاهل المغربي وقوفه مع بلدهم خلال الأزمة الخليجية لعام 2017، ومساندته المستمرة لحل الخلافات بين البلدان الخليجية وتقوية تعاونها الإقليمي، وهو ما سجلته قمة الرياض الأخيرة، وأشادت به، وجددت، من خلال ذلك، تأكيدها على أهمية تمتين الشراكة المغربية الخليجية في مختلف المجالات.
قطر، تشهد اليوم دينامية لافتة في منجزها الاقتصادي والتنموي، كما أنها تسعى لتقوية انفتاحها على العالم وحضورها الدولي، وهذا يتيح فرصا واعدة لتطوير مجالات العمل المشترك مع المغرب.
إن قطاعات مثل: الطاقة والطاقات المتجددة، الفلاحة والصناعات الغذائية، السياحة، العقار، البنوك، البنيات التحتية والمناطق الصناعية… وغيرها، كلها توفر اليوم ممكنات الاستثمار والتعاون الثنائي، كما أن مجالات الإعلام والرياضة والثقافة وقضايا الشباب بدورها تتيح فرصا مهمة لتنمية العمل المشترك بين البلدين والتواصل بين الشعبين.
لقد بدأت قطر في الفترة الأخيرة في التأسيس لتحولات لافتة في مجالات الحياة المجتمعية وإصلاح القوانين وتغيير عدد من المنظومات المعمول بها، كما أنها برزت عبر تظاهرات دولية وإقليمية كبرى تحتضنها، وآخرها منافسات كأس العرب، ثم الدورة القريبة لكأس العالم لكرة القدم، وهي كلها مجالات يمكن للمغرب الإسهام في نجاحها بما يمتلكه من خبرات وعلاقات عريقة…
تبعا لما سبق، فإن العلاقات المغربية القطرية تقدم اليوم فرصة لبناء نموذج ناجح لشراكة ثنائية متميزة في المنطقة العربية، خاصة لما تحضر الإرادة السياسية المتبادلة، وأيضا تغيب التوترات بين البلدين.
يمكن أن نسجل ما نريد من تقييمات لواقع قطر أو مواقفها أو سياساتها الإقليمية، وتتفق القراءات أو تختلف بحسب زوايا النظر، ولكن لا يمكن إلا أن نسجل وجود نجاحات تنموية مهمة لهذه الإمارة الخليجية، وأيضا تحقق عدد من التحولات داخل البلد في السنوات الأخيرة، فضلا عن وجود تواصل إنساني عادي بين أوساط مختلفة في المجتمع القطري تجاه مغاربة، وفي العلاقة مع المغرب بشكل عام، وكل هذا يجعل بناء المستقبل بين الرباط والدوحة ممكنا وضروريا على قاعدة:»رابح- رابح»، ومن داخل الوضوح السياسي الذي تقيد به المغرب دائما في تعاطيه مع الشؤون الداخلية للدول، ومع الأزمات الإقليمية، خصوصا في المنطقة العربية.
العلاقة مع قطر، هي اليوم النموذج لما يمكن تطويره مع باقي الدول الخليجية، بل إن استقرار هذه العلاقات على المستوى الثنائي تحفز أكثر على التقدم نحو تقويتها وتعزيزها بشراكات اقتصادية استراتيجية كبرى.
محتات الرقاص
