الكاتب المغربي فؤاد العروي.. ساخرا

ينوع الكاتب المغربي فؤاد العروي في كتاباته؛ فإلى جانب كونه روائيا وقصاصا أصيلا وباحثا أكاديميا، نجده حريصا على تخصيص حيز من وقته لكتابة نصوص ذات طابع نقدي، نقد المجتمع ومشاكل الهجرة والعادات والعلائق الإنسانية بوجه عام.
هذا الكاتب المقيم بالمهجر، وتحديدا بهولاندا، الذي اختار اللغة الفرنسية وسيلة للتعبير عن آرائه وما يختلج في وجدانه والذي حظيت إنتاجاته الأدبية بالتتويج في محافل دولية، على سبيل الذكر: «القضية الغريبة لسروال الداسوكين» الفائزة بجائزة الغونكور للقصة القصيرة.. ظل محافظا على روحه الخفيفة حتى وهو يكتب نصوصا ذات طابع جدي، كما أنه لم يضح بالبعد الجمالي والإبداعي لهذه النصوص، رغم منحاها التقريري.

الحلقة19

مزايا الصلاة

إنها قصة يصعب تصديقها هذه التي سأحكيها لكم هنا، أيتها السيدات والأصدقاء القراء، لكن أطمئنكم بأنها واقعية.
كان ذلك بالأمس. هولاندية كببيرة – هذا تقريبا حشو في الكلام، إنهم عمالقة أولئك الناس- حكت لي مستغربة ما حدث لها مؤخرا.
مرت سنوات عديدة وهي تعاني من اضطرابات غامضة: طنين في الأذنين، صداع، تشنجات في العنق، بالإضافة إلى آلام جسدية أخرى، من قبيل عدم القدرة على التركيز أكثر من عشر دقائق في أي موضوع، ليتوج كل ذلك بإحساس متكرر بالقلق.
جربت كل شيء، زارت العديد من الأطباء النفسانيين، من الأكثر الجدية إلى المشعوذ الوقح. ابتلعت حبات الدواء من كل الأحجام والألوان. خضعت لتدليكات متعددة، من الأكثر نعومة إلى تلك التي تشبه الحك بواسطة الحجر جلد الفرس. تم تمديدها في كل الجهات، مثل شوينغوم كاتبة إدارية في المقاطعة.
أحيانا، كان العلاج يخفف من آلامها بعض الشيء، لكن ليس لوقت أطول. كل تلك الآلام سرعان ما كانت تعود.
وفي أحد الأيام، في حرب مملة وبوحي لا يعرف مصدره نصحها معالج نفساني بأن تقوم بأداء الصلاة على طريقة المسلمين.
لنحدد بأن المعالج النفساني المذكور، لنسميه “بوتر” أو “جون” أو ما شئتم، لا علاقة له بالإسلام، لا من قريب ولا من بعيد.
المفاجأة أن الزبونة -الهولندية الكبيرة فعلا- توجهت نحو المواقع الإلكترونية ونسخت كل الحركات والأوضاع التي تتشكل منها صلاة المسلمين، وحرصت على أدائها بالحرف عدة مرات في اليوم.
لقد كان الأمر شبيها بفيلم صامت (بدون كلام إذن) وفي مواقيت مزاجية (لا فجر ولا مغرب) لكن لنمر.
على كل حال، الركوع والسجود كان يتم القيام بهما، بالأحرى بشكل مضاعف.
الآن، ما ذا تتصورون أن يكون قد وقع؟
حسنا، عملاقتنا بدأت تشهد اختفاء كل تلك الأعراض شيئا فشيئا.
اليوم، تعتبر نفسها أنها شفيت. الله أكبر.
أيها الأطفال، أيتها البنات، اشرعوا في الدردشة بدوني، أنا جد متعب في هذه اللحظة. يكفي أنني نقلت بأمان ما حكته لي هذه المرأة الشابة التي لم تكن كاذبة تماما.
ماذا وقع؟ علاج بديل؟ إيحاء ذاتي؟ يد الله؟ تموجات أرضية يتم التقاطها عند وضع الجبهة على الأرض؟ أم أن صلاة المسلمين هي نوع من اليوغا أكثر نجاعة من اليوغا نفسها؟
قولوا لي، أما أنا فحائر ولا أعرف ماذا أضيف.

ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top