المراهقون المغاربة.. موت إلكتروني

حذر الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات الصحية من أن منتجات التبغ الجديدة، وعلى رأسها السجائر الالكترونية، توقع بشكل متزايد الأطفال والمراهقين والشباب والنساء في دوامة الإدمان المميت.وأشار الدكتور حمضي أن التعاطي والتجريب لدى أطفال المدارس والمراهقين يبدأ في مرحلة عمرية جد مبكرة، حتى قبل سن العاشرة، لكنه يبدأ بشكل عام بالنسبة لغالبية المراهقين بعد سن الرابعة عشرة.

وأفاد حمضي، في رسالة تحسيسية توصلت بيان اليوم بنسخة منها، أن 1 من كل 8 شباب أو مراهقين مغاربة في المدارس، يستعمل أو سبق أن استعمل السيجارة الإلكترونية، ويحتل الذكور الصدارة بما أنهم يشكلون أربعة أضعاف الإناث. 

وكشف حمضي معطيات جديدة وردت ضمن دراسة (ميدسباد-4 MedSPAD، المغرب 2021)، بشأن الاتجاهات المقلقة في تعاطي المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة، للمواد ذات التأثير النفساني خلال حياتهم. وتفيد نتائج الدراسة أن 12.5% منهم استعملوا السجائر الإلكترونية، و11.4% الشيشة، و11.1% يستخدمون التبغ، فيما يلجأ 8.5% منهم إلى المهدئات بدون وصفة طبية. وجرب 7.2% منهم الكحول، و5.8% الحشيش، أما حبوب الإكستاسي فتصل نسبة مستعمليها إلى 2.5%، والكوكايين 1.6%، والهيروين 0.9%.

ويضيف المتحدث أنه بالنسبة لمعيار الاستخدام خلال الأشهر الـ12 السابقة للدراسة، انخفض معدل انتشار تعاطي التبغ بين المراهقين من 9.3% إلى 6.5% بين عامي 2009 و2021. وبنفس القياسات، تضاعف استخدام المهدئات بدون وصفة طبية ثلاث مرات تقريبا من 2.2% عام 2009 إلى 6% عام 2021، خاصة لدى الإناث أكثر من الذكور.

وتأسف حمضي لكون انخفاض معدل انتشار التدخين بين التلاميذ بنحو الثلث في غضون العقد الأخير، بفضل الجهود المبذولة على أكثر من صعيد، “يتعرض للنسف” بسبب انتشار إدمان السجائر الإلكترونية، التي تجد طريقها بشكل متزايد بين الأطفال والمراهقين والشباب والنساء، وذلك “بسبب روائحها الفاكهية، وألوانها الشبابية، وسهولة الوصول إليها في كثير من الأحيان، والاستراتيجيات الدعائية الشرسة التي تتبعها صناعة التبغ”.

ونبه حمضي إلى أن هذه المنتجات الجديدة يتم الترويج لها من أجل إعطاء “حياة جديدة” لصناعة التبغ المميتة، حيث تبرع الشركات المصنعة اليوم في أطلاق استراتيجيات إعلانية مختلفة لبيع الإدمان القاتل على نطاق واسع، خاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث المباشر التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الشباب. والغرض هو استقطاب ما يكفي من الأطفال والمراهقين والشباب لتعويض خسارة “زبناء” يتراجع عددهم يوميا إما بسبب الوفيات المترتبة عن إدمان التبغ، أو جراء اتخاذ ملايين المدخنين لقرار الانقطاع.

كما تشكل السيجارة الإلكترونية بالنسبة لصناعة التبغ، سلاحا مغايرا، قويا، وأكثر جاذبية بحيث يضمن بقوة فرصة إدمان المتعاطين وقوة البيع. وأكثر من ذلك فهي تسهل المرور لتعاطي المواد الأخرى التقليدية، وتعاطيها في سن مبكرة يضمن الإدمان منذ الصغر و”ولاء الزبناء” على المدى الطويل، كما يؤكد نفس المصدر.

ويذكر حمضي بدراسات وتوصيات منظمة الصحة العالمية التي تعتبر منتجات التبغ الجديدة، بما في ذلك السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن، مواد ضارة على قدر ضرر السجائر التقليدية.

وبالنسبة للبالغين الذين يتعاطون للتدخين، فليس هناك دراسات حتى اليوم تثبت فائدتها في المساعدة على الإقلاع عن التدخين، ولا كونها أقل خطورة على الصحة. وترى منظمة الصحة العالمية أنه لا ينبغي الترويج للسجائر الإلكترونية كوسيلة للمساعدة للإقلاع عن التدخين.

وقد أثبتت الدراسات أن من شأن السجائر الإلكترونية، مثلها مثل التقليدية، أن تسبب أمراضا مثل السرطان، وأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاكتئاب، والقلق، والالتهابات. وهي تؤثر على صحة المرأة الحامل وجنينها. وتؤثر أيضا لدى الأطفال على الدماغ، الذي يبقى في طور النمو حتى سن الخامسة والعشرين، كما تؤثر على القدرات المرتبطة بالتعلمات.

ويضاعف استخدام السجائر الإلكترونية، بنسبة ثلاث مرات تقريبا، خطر التعاطي للسجائر التقليدية.

ويشير حمضي إلى أن معدلات تعاطي المراهقين المغاربة للسيجارة والسيجارة الاليكترونية تبقى الأقل في دول شمال إفريقيا التي شملتها الدراسات، بمعدل أقل من معدل المنطقة واقل بكثير من معدلات الدول الأوروبية. لكن ذلك لا يمنع كما يقول من ضرورة اتخاذ التدابير الكفيلة بحماية الأطفال والأجيال القادمة من الحرب التي تواصلها صناعة التبغ بكل الأسلحة مما يتطلب التزاما من جميع الأطراف، حكومات ومشرعين ومنظمات غير الحكومية، وأسر ومؤسسات تنشئة اجتماعية.

سميرة الشناوي

Top