المغرب اسبانيا … اي افق

علاقات حذرة وقضابا حساسة

الأزمة التي ظلت صامتة منذ تأجيل القمة الثنائية المغربية الاسبانية المؤجلة لثلاث مرات، أضحت اليوم معلنة.

قيام بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، بجولة إفريقية استثنت الرباط،  أجلت هذه القمة وصبت مزيدا من الزيت على نار واقع أزمات تتداخل فيها مجموعة من القضايا والملفات والنقاط الخلافية التي كانت تطرح على طاولة الحوارات والمفاوضات المشتركة.

 وتبقى مسألة الصحراء المغربية، خاصة عقب فضيحة استضافة مدريد للمدعو ابراهيم غالي، بهوية جزائرية مزورة،  والمتابع من طرف القضاء الاسباني بتهم الإبادة الجماعية والإرهاب، من أصعب الملفات في العلاقات بين البلدين الجارين، خاصة بعد الأحداث المتسارعة التي عرفتها القضية مع الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ما أثار حفيظة إسبانيا التي عبرت صراحة عن معارضتها للقرار.

إن أزمة العلاقات المغربية الإسبانية، كما تؤكد على ذلك مختلف عناصر الملف السياسي الذي ننشر في هذا العدد،  يمكن اليوم أن نصفها بالتاريخية والإستراتيجية، بمرفقات سياسية وأمنية واقتصادية تفرض نفسها دائما من خلال قضايا الهجرة، والصحراء المغربية، وملف سبتة ومليلية.

إسبانيا هي قوة استعمارية سابقة، وموقفها على هذا الأساس من الصحراء المغربية ينحاز دائما إلى الشرعية الدولية، لكن تميزه، بشكل فاضح، حسابات توازن المصالح بين المغرب والجزائر وقضية سبتة ومليلية.

 فالحكومات المتعاقبة بالجارة الشمالية حاولت، منذ عقود، الحفاظ على علاقات إستراتيجية مع المغرب، مع تأجيل الحديث الرسمي عن المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. لذلك كان الموقف الإسباني متوازنا من قضية الصحراء المغربية، رغم ظهور أصوات من داخل البرلمان والحكومة، بنفس يميني ويساري متطرف، تعاكس مطالب المغرب المشروعة في وحدته الترابية.

 ورغم أنها مواقف وتصريحات فردية وغير رسمية، إلا أنها ظلت مؤثرة، تخلق نوعا من التوتر الصامت الذي تحاول الجزائر الركوب عليه.

العلاقات المغربية الإسبانية تعيش إذن اليوم بين المد والجزر، لكن بمعطى جديد يتمثل في تغير معطيات دولية لصالح المغرب الذي عليه الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على مدريد التي يستحيل عليها التوجه نحو بوابة  الانفصال والقطيعة، لأنها بحاجة إلى الجار الجنوبي بحكم القرب الجغرافي، وبحكم تداخل المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية، التي تبقى أعلى وأسمى من إغراء الامتيازات والمزايا الاقتصادية التي تهرول الجزائر لعرضها مستغلة الأزمة الحالية.

فاسبانيا التي تناست دعم المغرب القوي لها  في مواجهة الانفصال، ولا سيما في كاتالونيا، والذي أغرق هذا البلد في أسوأ أزمة سياسية منذ عقود، وإسبانيا التي تعي جيدا العبء الذي يحمله المغرب كـ “دركي” فيما يتعلق بتنظيم تدفق الهجرة نحو أوربا، مجبرة اليوم على التنسيق مع المغرب واعتماد الوضوح وعدم خيانة الثقة. فللرباط مصالح وقضايا إستراتيجية لن يتخلى عنها أبدا.

مصطفى السالكي

***

محمد بن حمو رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية: إسبانيا تتعامل مع المغرب بشكل انتقائي في العديد من القضايا

أكد رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، محمد بن حمو، أن إسبانيا تتعامل مع المغرب بشكل انتقائي في العديد من القضايا، وكأنها تريد للعلاقات بين البلدين أن تسير في اتجاه واحد.
وأوضح بنحمو، في حديث لقناة الأخبار المغربية M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن علاقات الشراكة بين الطرفين مؤسسة على أخلاقيات، وأهداف ومصالح مشتركة، ولا يمكن أن تكون على حساب مصالح المغرب، مشيرا في هذا الصدد إلى أن “إسبانيا لها قراءات قد تجعلها تستهين بما يمكن أن تخسره من علاقاتها، التي لا تبنيها بشكل إيجابي مع المغرب”.
وشدد بنحمو على أن إسبانيا لديها الكثير لتخسره مع المغرب في العديد من الملفات، أبرزها تلك المرتبطة بالصيد البحري، والتعاون الأمني، سواء تعلق الأمر بالهجرة أو محاربة الإرهاب، أو الجريمة الدولية العابرة للحدود.
وأضاف المتحدث ذاته، أن العلاقات المغربية الاسبانية تمر بمرحلة عصيبة، “لأن الحكومة الاسبانية للأسف الشديد تعاملت مع شريكها المغرب بشكل لا أخلاقي، ولم تحترم قواعد وضوابط الشراكة”، مسجلا أن مدريد تجعل هذه العلاقات تمر من أزمة إلى أخرى دون رغبة في بناء المستقبل، وإنهاء مختلف الملفات العالقة، بعيدا عن المواقف الرمادية والضبابية.
وأشار إلى أنه في مقابل ذلك يتعامل المغرب مع اسبانيا تعامل الشريك، وفق احترام مبادئ وأخلاقيات هذه الشراكة، “في حين أن الحكومة الاسبانية تبدو وكأنها تدير خيوطا للعديد من القضايا خلف الستار”، مؤكدا أنه حان الوقت لتخرج الحكومة الاسبانية، واسبانيا بشكل عام، من تلك المواقف الرمادية، وأن تكون لها مواقف واضحة في ما يرتبط بالقضايا المشتركة، ونوعية المستقبل المشترك الذي تريد بناءه مع المغرب.
كما أكد بنحمو أنه حان الوقت لتخرج النخب والحكومة الاسبانية من تلك النظرة التخويفية التي تبني عليها العلاقات مع المغرب، ومن العقدة التاريخية التي تعاني منها نخبها اتجاه المغرب، معتبرا أنه إذا كانت لدى إسبانيا نية فعلية لبناء علاقات جدية تمتاز بالاستمرارية فعليها أن توضح مواقفها، وأن تبني المستقبل المشترك لمصالحها مع المغرب.
ولاحظ المحلل السياسي أن المغرب يتصرف كبلد مسؤول، وملتزم، يعي جيدا ما تعنيه الشراكة وما يعنيه الالتزام ببناء مصالح مشتركة مع جميع الشركاء، مشيرا في هذا الإطار إلى مواقفه الواضحة اتجاه انفصاليي كتالونيا حيث لم يساهم بأي شكل من الأشكال في تعقيد الوضع، لأنه رفض بأن يكون لهذا الملف أي أثر على العلاقات المغربية الاسبانية، وكان دائما مساندا لإسبانيا كلما كانت هناك حاجة لهذا الدعم.
وأبرز بنحمو أنه “لا يبدو أن الحكومة الاسبانية تعطي لهاته العلاقات نفس التوجه، ولا يبدو أنها دائما صادقة وأمينة في التعامل مع مصالح المغرب”، مشددا على أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن المغرب الذي يتعامل بشكل واقعي لا يمكنه أن يتساهل في مصالحه الحيوية وكل ما يرتبط بمقدساته الوطنية.
وبخصوص استقبال اسبانيا للمدعو إبراهيم غالي على أراضيها قال بنحمو إن “دخوله بطريقة سرية، وهوية مزورة يعتبر فضيحة حقيقية لحكومة ديمقراطية؛ وأسلوب ونهج لا يليق بحكومة ديمقراطية، ولا تلجأ إليه الدول التي تحترم نفسها، ولا وجود لأي جواب مقنع أو مبرر يمكن إعطاءه لهذا التصرف”، مشيرا إلى أن مشكل الحكومة الاسبانية مع المغرب هي ازدواجية التصرف الذي يجب عليها ان تخرج منه.
وتابع بنحمو أنه يتعين على إسبانيا أن “تتحمل مسؤوليتها التاريخية، لأن لديها العديد من المعطيات التي تخفيها حول قضية الوحدة الترابية للمملكة، لأنها حين احتلت الأقاليم الجنوبية سنة 1844 كانت تعلم جيدا من هو سيد هذه الأراضي، وتعلم حين وقعت اتفاقية مدريد أنها تعيد الحق لأصحابه، ولا يمكنها اليوم أن تتنكر للتاريخ وتلعب ورقة سياسية خاسرة”.
وعلاقة بمستقبل العلاقات المغربية الإسبانية بعد هذه الأزمة، اعتبر بنحمو أن الأمر مرتبط باسبانيا، والحكومة الاسبانية، لأنه يتعين عليها أن تعطي الأجوبة المقنعة، واتخاذ التدابير الفعلية والخروج من سياسة الهروب إلى الأمام من خلال اللجوء للاتحاد الأوربي.
وأضاف أنه يتعين على إسبانيا أيضا احترام قواعد الدول الديمقراطية، واحترام اختصاصات القضاء الاسباني، واحترام حقوق الضحايا الذين رفعوا شكاياتهم أمام القضاء الإسباني، وإعطاء أجوبة على كل هاته السلوكات التي جعلتها تلجأ لعملية تزوير بشعة لإدخال المدعو إبراهيم غالي إلى أراضيها، مسجلا أنه لا يمكنها أن تلعب ورقة الزمن لطي هذه الملفات.
وخلص المحلل السياسي إلى القول إن التدبير المشترك للحدود هو مسؤولية مشتركة بين البلدين، والمغرب يقوم بدوره، لكنه لا يمكن أن يكون دركيا لإسبانيا ولأوربا، وعلى مدريد أن تتحمل المسؤولية في مراقبة وحماية حدودها.

****

عبد السلام الأندلوسي:   إسبانيا أخلت بالثقة المتبادلة مع المغرب، شريكها الاستراتيجي

أكد رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية في وسائل الإعلام والاتصال، عبد السلام الأندلوسي، أن إسبانيا أخلت بالثقة المتبادلة مع شريكها الاستراتيجي المغرب، كما عرت مواقفها الأخيرة على حقيقة تخاذلها تجاه بلد جار وصديق.
وأوضح الأندلوسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب احترم ويحترم التزاماته في مجالي الأمن والهجرة بروح من المسؤولية، داعيا بالمقابل إسبانيا إلى ضرورة احترام سيادة المغرب وعدم الاخلال بمبادئ حسن الجوار، خاصة بعد استقبال مجرم حرب من طينة المدعو “ابراهيم غالي” زعيم مليشيات (البوليساريو) المسلحة.
وشدد على أن إسبانيا أعربت عن انزعاجها من الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في وقت تخلت هي فيه عن مسؤولياتها التاريخية في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بينما كان من الأولى لمدريد أن تتخذ موقفا مماثلا للإدارة الأمريكية، كما أنها استقبلت المدعو “غالي” بجواز سفر مزور بدون إخبار قبلي للمغرب، معتبرا أن هذه التصرفات مست مبادئ أساسية ثابتة في علاقات التعاون الثنائي، انضاف إلى رفض ها المتواصل لتقديم أجوبة شافية ومنطقية على أسئلة المغرب بخصوص هذه القضية.
ودعا الخبير إسبانيا إلى التعامل بمزيد من الشفافية والوضوح في العلاقات الثنائية مع المغرب، باعتباره شريكا استراتيجيا في تدبير مجموعة من الملفات والتحديات المشتركة، ومن بينها قضايا الهجرة، معتبرا أن المغرب، ومن موقعه كرائد إفريقي في مجال الهجرة، لا يمكن أن يكون “دركيا للمنطقة” للحد من الهجرة من الجنوب نحو الشمال، خاصة وأن هذه القضية تفترض مزيد من الانخراط من قبل إسبانيا والاتحاد الأوروبي لإيجاد حلول مناسبة ومستدامة.
وبعد أن أشار إلى التعاون المغربي المثمر مع عدد من البلدان، ولاسيما إسبانيا، من اجل الحد من التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة، شدد على أن تواصل هذا التعاون يقتضي التنسيق للدفاع عن المصالح المشتركة ودعم الإقدام على خيانة الثقة المتبادلة والإضرار بالمصالح العليا للمملكة المغربية، واستقبال أعداء الوحدة الترابية بهوية مزورة.

***

5  أسئلة لمصطفى السحيمي: إسبانيا بحاجة إلى التحيين

 

اعتبر المحلل السياسي، مصطفى السحيمي، أن التطورات الأخيرة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا تدل على «ضبط غير كاف للعلاقات الثنائية». وقال الباحث الجامعي في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إن «المغرب لن يتوانى عن استخلاص كل الاستنتاجات من الوضع الراهن”، مسجلا أن المملكة “لا تمارس الدبلوماسية بشكل مجزئ”، بل تتصرف على أساس “دبلوماسية شاملة». وخلص إلى أن المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يتمتع بمصداقية ودور وتأثير على المستوى الدولي، وريادة شخصية معنوية وسياسية لجلالة الملك، مشددا على أن إسبانيا بحاجة إلى التحيين.

-1 ما هي قراءتكم للتطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات بين الرباط ومدريد؟

“يجب تسليط الضوء على تاريخ العلاقات الثنائية، فذلك يساعد على فهم التوتر الحالي. فمن جهة، هناك قطاعات للتعاون متعدد الأبعاد (المبادلات الاقتصادية والتجارية، والمعطيات الجيو-استراتيجية، والتاريخية، والثقافية، والإنسانية (أكثر من 800 ألف مغربي مقيم، دون نسيان الروابط الشخصية بين الملكيتين)، كل هذا يشكل جملة من المصالح المشتركة أو المتقاطعة). غير أن هذه العلاقات الثنائية المتميزة، التي تعززت على مدى العقد الماضي، مازالت تتخللها توترات وتشنجات، بل وحتى أزمات. وهذا يدل على وجود ضبط غير كاف للعلاقات الثنائية – والجديد اليوم هو أن القضية الوطنية للصحراء المغربية تسمو على جميع القضايا الأخرى-، فقد أظهرت مدريد ازدواجية وخصومة، بل وحتى عداوة.فالأمر يتعلق هنا بـ “خط أحمر” بالنسبة للمغرب الذي طلب رسميا “توضيحات” لم تقدمها مدريد. فنحن أمام نطاق مغاير: نطاق احترام الدولة المغربية، أي احترام سيادتها”.

-2 هل إسبانيا مستعدة للتضحية بعلاقتها وشراكتها الإستراتيجية مع المغرب؟

«من حيث الفوائد/التكاليف، كيف يبدو ذلك بالنسبة لإسبانيا؟ هناك أضواء حمراء وسلبية: الضربة التي وجهتها للتعاون مع المغرب الذي قدمته مدريد مؤخرا على أنه “الحليف والصديق الأكثر وثوقا” في المنطقة؛ وفقدان ثقة المغرب وموثوقيته تجاه هذا الشريك، وتعقيد مقاربة إسبانية معينة في المنطقة – فما هي المصداقية التي يمكن أن تتمتع بها مدريد من الآن فصاعدا فيما يتعلق بالتحالفات والالتزامات، واحترام المبادئ – لا يمكن إذن بناء أي شيء بهذه الدبلوماسية المتقلبة، بل وحتى غير المتجانسة- وهو درس يتعدى إطار مدريد-الرباط”.

-3 لطالما برهن المغرب على تعاون مثمر على عدة أصعدة. ما هو برأيكم مستقبل هذا التعاون، خاصة على صعيد الأمن ومكافحة الهجرة السرية؟

ليس هناك شك في أن المغرب لن يتوانى عن استخلاص جميع الاستنتاجات من الظرفية الراهنة. سيتم الحفاظ على القطاعات الرئيسية للتعاون، خاصة في المجالات الاقتصادية، لكن هناك قطاعات أخرى قد تستدعي إصلاحا جوهريا وعمليا. ولاسيما تلك المتعلقة بالأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية. فعلى هذين المستويين، يلعب المغرب دورا رائدا، يحظى بإشادة واعتراف من طرف المجتمع الدولي. وفي هذا الصدد، هل يجب المواصلة على هذا النحو مع إسبانيا كما لو أن الأمر يتعلق بمجالات منعزلة، خارج نطاق المجالات الأخرى للتعاون؟ كلا، فالمغرب لا يمارس الدبلوماسية بشكل مجزئ، بل إن دبلوماسيته شاملة، والقطاعات متداخلة، في تآزر لتحسين ما تم تحقيقه في نفس الوقت مع مسارات المستقبل التي يمكن أن تعزز التعاون الثنائي. من الصعب للغاية اليوم المخاطرة بفرضية متفائلة للغاية في نهاية المطاف … المغرب سيجري “تدقيقا” كاملا في هذا الشأن.

-4 لماذا يبدو أن الحكومة الحالية ترهن مكانة إسبانيا في كامل منطقة المتوسط والمغرب الكبير والساحل؟

هل لدى الحكومة الحالية لسانشيز فهم جيد للمصالح العليا لبلادها؟ من الواضح أن هذا الأمر يخص الإسبان. لكننا بصفتنا شريكا متميزا لهذا الجار، لا يمكننا تفادي هذا السؤال: ما هو الدور الذي تريد إسبانيا أن تلعبه في الفضاء الإقليمي الثلاثي للمنطقة المغاربية وغرب البحر الأبيض المتوسط وحتى في منطقة الساحل؟ بالفعل، لا تتمتع الدبلوماسية الإسبانية بحضور كبير، ولا رؤية، ولا حتى وضوح في القراءة، ولا المبادرة – كما لو كانت هذه الدولة متخلفة عن ركب قوى أخرى- وهو ما يعزز الشكوك حيال المبادئ التي تعتمد عليها حاليا الدبلوماسية الإسبانية، الغائبة عمليا عن الساحل، والمنطقة المغاربية (ليبيا، الشرق الأوسط…».

-5 هل يمكن أن تشكل هذه الأزمة الظرفية انطلاقة جديدة في العلاقات الثنائية وبناء هذه الروابط على أسس متينة لشراكة تقوم على الندية؟

سيتعين إعادة النظر في وضعية التعاون الثنائي؛ سيكون من الصعب في الأسابيع والأشهر القادمة التفكير وبلورة إطار جديد للتعاون والشراكة المتميزة بين البلدين. ينبغي اعتماد : مبادئ احترام السيادة والاستقلال – تدابير فعالة للتشاور والحوار السياسي- هياكل متعددة للقاءات «اللجان المشتركة الثنائية والبرلمانية…». فمغرب 2021، والمغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس يتمتع بمصداقية، ودور وتأثير على المستوى الدولي، وريادة شخصية معنوية وسياسية لجلالة الملك. إن إسبانيا بحاجة إلى التحيين.

إبراهيم صلاح الدين أمهيل (و.م.ع)

***

عبد السلام الأندلوسي:  إسبانيا أخلت بالثقة المتبادلة مع المغرب، شريكها الاستراتيجي

أكد رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية في وسائل الإعلام والاتصال، عبد السلام الأندلوسي، أن إسبانيا أخلت بالثقة المتبادلة مع شريكها الاستراتيجي المغرب، كما عرت مواقفها الأخيرة على حقيقة تخاذلها تجاه بلد جار وصديق.
وأوضح الأندلوسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب احترم ويحترم التزاماته في مجالي الأمن والهجرة بروح من المسؤولية، داعيا بالمقابل إسبانيا إلى ضرورة احترام سيادة المغرب وعدم الاخلال بمبادئ حسن الجوار، خاصة بعد استقبال مجرم حرب من طينة المدعو “ابراهيم غالي” زعيم مليشيات (البوليساريو) المسلحة.
وشدد على أن إسبانيا أعربت عن انزعاجها من الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في وقت تخلت هي فيه عن مسؤولياتها التاريخية في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بينما كان من الأولى لمدريد أن تتخذ موقفا مماثلا للإدارة الأمريكية، كما أنها استقبلت المدعو “غالي” بجواز سفر مزور بدون إخبار قبلي للمغرب، معتبرا أن هذه التصرفات مست مبادئ أساسية ثابتة في علاقات التعاون الثنائي، انضاف إلى رفض ها المتواصل لتقديم أجوبة شافية ومنطقية على أسئلة المغرب بخصوص هذه القضية.
ودعا الخبير إسبانيا إلى التعامل بمزيد من الشفافية والوضوح في العلاقات الثنائية مع المغرب، باعتباره شريكا استراتيجيا في تدبير مجموعة من الملفات والتحديات المشتركة، ومن بينها قضايا الهجرة، معتبرا أن المغرب، ومن موقعه كرائد إفريقي في مجال الهجرة، لا يمكن أن يكون “دركيا للمنطقة” للحد من الهجرة من الجنوب نحو الشمال، خاصة وأن هذه القضية تفترض مزيد من الانخراط من قبل إسبانيا والاتحاد الأوروبي لإيجاد حلول مناسبة ومستدامة.
وبعد أن أشار إلى التعاون المغربي المثمر مع عدد من البلدان، ولاسيما إسبانيا، من اجل الحد من التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة، شدد على أن تواصل هذا التعاون يقتضي التنسيق للدفاع عن المصالح المشتركة ودعم الإقدام على خيانة الثقة المتبادلة والإضرار بالمصالح العليا للمملكة المغربية، واستقبال أعداء الوحدة الترابية بهوية مزورة.

***

شريط الأحداث منذ استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي

تمر العلاقات المغربية – الإسبانية بمرحلة توتر منذ قرار مدريد استضافة زعيم ميليشيات “البوليساريو” المدعو إبراهيم غالي، بهوية جزائرية، في أحد مستشفياتها، بطريقة سرية.
ويتابع المدعو إبراهيم غالي من قبل القضاء الإسباني على أفعال تتعلق بقتل وتعذيب مواطنين إسبان وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي ما يلي شريط الأحداث المتعلقة بهذا القضية:

– 21 أبريل 2021: إدخال زعيم انفصاليي ” البوليساريو ” إلى المستشفى في إسبانيا بهوية جزائرية مزورة.

– 23 أبريل: محامو ضحايا الأعمال الإجرامية التي ارتكبها المدعو إبراهيم غالي يتقدمون بشكاية أمام المحاكم الإسبانية من أجل تفعيل مذكرة التوقيف الأوروبية الصادرة في حقه واعتقاله.

– 24 أبريل: الضحايا الإسبان للأعمال الإرهابية التي ارتكبها انفصاليو “البوليساريو” يطالبون بإلقاء القبض الفوري على المدعو إبراهيم غالي الذي أدخل إلى مستشفى في (لوغرونو) قرب سرقسطة. – 25 أبريل : المملكة المغربية تعرب عن أسفها لموقف إسبانيا التي تستضيف على ترابها المدعو إبراهيم غالي، زعيم ميليشيات “البوليساريو” الانفصالية، المتهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
– وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أوضحت أنه تم استدعاء السفير الإسباني بالرباط إلى الوزارة لإبلاغه بهذا الموقف وطلب التفسيرات اللازمة بشأن موقف حكومته.

– 26 أبريل: ممثلو جمعيات مغربية في جهة الأندلس يدعون القضاء الإسباني إلى إلقاء القبض على المدعو إبراهيم غالي، ومحاكمته على الجرائم التي اقترفها في حق الضحايا الإسبان والمغاربة.

– 27 أبريل:
– الجامعيون والمحامون والصحفيون والفاعلون الجمعويون الأعضاء بالمنصة الدولية للدفاع ودعم الصحراء المغربية ينددون، بشدة، باستقبال زعيم عصابة مرتزقة، من طرف حكومة مملكة إسبانيا على أراضيها، بهوية مزورة وبجواز دبلوماسي مسلم من السلطات الجزائرية في انتهاك لقوانينها الخاصة وللقانون الدولي.
– أعضاء لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس المستشارين يطالبون السلطات القضائية الإسبانية بالتعاطي الإيجابي مع الشكاوى المقدمة ضد المدعو إبراهيم غالي، من طرف العديد من الضحايا وتحريك مسطرة الاعتقال في حقه.

– 28 أبريل: نائب رئيس مجلس النواب، محمد التويمي بنجلون، يقول إن استقبال السلطات الإسبانية لزعيم الانفصاليين، فوق التراب الإسباني، “أمر غير مفهوم”، و”لا يخدم روح الشراكة العميقة والممتدة في الزمن بين البلدين”.

– 30 أبريل: فضيحة الدولة المتعلقة باستقبال إسبانيا زعيم الانفصاليين، المطلوب للعدالة لارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تثير أول ردود الفعل المنددة والرافضة داخل البرلمان الأوروبي.

– 01 ماي:
– وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة يؤكد أن المغرب ما زال ينتظر “ردا مرضيا ومقنعا” من طرف الحكومة الإسبانية بشأن قرارها الترخيص للمدعو إبراهيم غالي، المتابع من طرف العدالة الإسبانية على خلفية جرائم إبادة والإرهاب، بالدخول إلى ترابها.
– موقف إسبانيا، التي استقبلت على ترابها زعيم انفصاليي “البوليساريو”، منتحلا هوية مزورة وبتواطؤ مع الجزائر، يواصل إثارة السخط بالبرلمان الأوروبي.

– 05 ماي: النسيج الجمعوي المغربي ينظم بعدة مدن إسبانية وقفات احتجاجية للمطالبة باعتقال زعيم “البوليساريو”، ومحاكمته على كل الجرائم التي اقترفها في حق العديد من الضحايا المغاربة والإسبان. – 07 ماي : المنتدى الكناري-الصحراوي، الذي هو جمعية إسبانية تضم مواطنين من الصحراء المغربية ومن جزر الكناري، يندد بـ “الصمت والغموض” الذي أبدته الحكومة الإسبانية منذ اندلاع قضية المدعو إبراهيم غالي.

– 8 ماي: الأحزاب المغربية الممثلة في البرلمان تعتبر، في بلاغ مشترك صدر عقب اجتماع عقدته مع رئيس الحكومة، السيد سعد الدين العثماني، أن استقبال إسبانيا لرئيس جبهة ” البوليساريو” الانفصالية، يعد عملا ” مرفوضا ومدانا ” ويتناقض مع جودة العلاقات القائمة بين المغرب وإسبانيا.

– 10 ماي: مكونات مجلس النواب، أغلبية ومعارضة، تشدد، خلال جلسة عمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة على أن استقبال إسبانيا لزعيم جبهة ” البوليساريو ” يعد ” سلوكا مرفوضا ” ويمس بقيم حسن الجوار.

– 11 ماي:
– ممثلو الفرق والمجموعة البرلمانية بمجلس المستشارين يعتبرون أن المبررات التي ساقتها إسبانيا بشأن استضافتها لزعيم جبهة “البوليساريو”، غير “مقنعة”، داعين الجارة الشمالية إلى “المراجعة الجوهرية” لهذا الموقف وتوضيحه.
– الحزب الشعبي الإسباني (معارضة) يدعو الحكومة الإسبانية إلى تقديم توضيحات بشأن استقبال و”الدخول غير القانوني وبهوية مزورة” لإسبانيا لزعيم انفصاليي “البوليساريو” المدعو إبراهيم غالي.

– 12 ماي: أكثر من 100 منظمة وجمعية وفاعل جمعوي يمثلون أفراد الجالية المغربية المقيمين في إسبانيا، تدعو العدالة الإسبانية إلى اغتنام ” الفرصة التاريخية” للتواجد غير القانوني وغير الشرعي لزعيم ميليشيات “البوليساريو” المدعو إبراهيم غالي في إسبانيا، من أجل تحقيق العدالة وإنصاف ضحايا هذا المجرم، وبالتالي إنهاء الإفلات من العقاب.

– 14 ماي: القضاء الإسباني يقبل شكاية قدمها الخبير السياسي الإسباني المعروف بيدرو إغناسيو ألتاميرانو إلى قاضي التحقيق بمحكمة مالقة في 24 أبريل الماضي ضد المدعو إبراهيم غالي.

– 18 ماي:
– تنظيم مظاهرة أمام مقر المندوبية الفرعية للحكومة بمالقة، تدعو العدالة الإسبانية إلى إعادة تفعيل مسطرة المتابعة القانونية في حق زعيم ميليشيات “البوليساريو” الانفصالية، وذلك على خلفية الشكايات الكثيرة المقدمة ضده، حتى تتم مساءلته بشأن الأفعال التي اقترفها في حق مواطنين مغاربة وإسبان.
– المغرب يقرر استدعاء سفيرته في إسبانيا للتشاور.

– 19 ماي: قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية، سانتياغو بيدراز، يقرر إعادة فتح ملف يتعلق بجرائم ضد الإنسانية يستهدف زعيم انفصاليي “البوليساريو”.

***

إليزابيث مايرز: العلاقات الدبلوماسية  بين المغرب وإسبانيا في حاجة إلى الشفافية

أبرزت المحامية والأكاديمية الأمريكية، إليزابيث مايرز، بشأن الأزمة التي نشبت بين المغرب وإسبانيا، عقب استضافة مدريد للمدعو ابراهيم غالي، بهوية جزائرية مزورة، والمتابع من طرف القضاء الاسباني بتهم الإبادة الجماعية والإرهاب، أن العلاقات الدبلوماسية “تتطلب مستوى معينا من الشفافية والثقة يبدو مفتقدا هنا”.
وأكدت مايرز في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بواشنطن، أن “المغرب وإسبانيا كانا حليفين قويين، والحكومة الإسبانية تدرك جيدا أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”.
وبعد أن ذكرت الأكاديمية الأمريكية بـ “دعم المغرب القوي” لإسبانيا في مواجهة الانفصال، ولا سيما في كاتالونيا، والذي أغرق هذا البلد في “أسوأ أزمة سياسية منذ عقود”، أبرزت أنه يتعين على مدريد “أن لا تتفاجأ مطلقا من استياء المغرب من استقبال زعيم انفصاليي البوليساريو “.
من جانب آخر، وفي ما يتعلق بقضية الهجرة، أبرزت المحامية والناشطة الحقوقية الأمريكية، أن أوروبا اعتمدت “بشكل تقليدي” على المغرب لتنظيم تدفق الهجرة، مشيرة إلى أن المملكة “تقوم بدورها حتى قبل سنة 2015، حينما شرعت في تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا جنوب الصحراء”، وأضافت أن الرباط تشدد على أن “مهمتها لا تكمن في لعب دور الدركي” في محاربة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط.
وخلصت الأستاذة الجامعية إلى القول إنه يتعين على الدول الأوروبية أن “تلعب دورها خاصة في هذه الأوقات الصعبة المتعلقة بالوباء”، مذكرة بحجم الأزمة الصحية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في إفريقيا.

***

جيروم بيسنارد: إسبانيا فتحت عليها  «صندوق الشرور»

أكد الصحفي والكاتب الفرنسي، جيروم بيسنارد، أن إسبانيا، من خلال استقبالها لزعيم انفصاليي «البوليساريو»، المدعو إبراهيم غالي، المتابع من طرف العدالة الإسبانية على خلفية ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تكون قد فتحت عليها «صندوق الشرور».
وقال بيسنارد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن «مدريد لا ترغب في إثارة استياء الجزائر لأسباب متعددة. ومن خلال استقبال زعيم جبهة «البوليساريو» على أراضيها، فإن الحكومة الإسبانية التي لا تمثل كامل الرأي العام لبلدها، تكون قد فتحت عليها صندوق الشرور».
واعتبر أن التعامل السيئ للسلطات الإسبانية إزاء المهاجرين تضع الاتحاد الأوروبي في وضع محرج، بالنظر إلى أنها تكشف الغموض المتنامي في معاملة المهاجرين.
كما أثار الصحفي والكاتب الفرنسي، وهو أيضا مؤلف لعدة إصدارات، «عدم احترام» إسبانيا للمغرب، مشددا على أنه «يجب أن نأمل في أن يؤدي التناوب السياسي بمدريد إلى إصلاح الأمور في المستقبل»، لاسيما وأن الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب «ضرورية» على وجه الخصوص لتأمين منطقة الساحل.
وخلص إلى القول «يتوجب على الدول الأوروبية احترام شركائها المخلصين، لكن ليس هذا هو الحال هنا».

***

تدبير الهجرة.. المغرب ليس في حاجة إلى دروس من أحد

> عماد حنصالي (و.م.ع)

انخرط المغرب، المعروف بمواقفه المتميزة بدرجة عالية من الحس الإنساني، منذ عدة سنوات في تدبير قضية الهجرة من خلال اعتماد مقاربة متكاملة تصون حقوق المهاجرين وتحفظ كرامتهم، مع رفضه حصر هذه الظاهرة في الجانب الأمني فقط . وبناء عليه ، فإن المملكة ليست في حاجة إلى دروس من أحد.
ولم تفتأ المملكة، التي تعتبر شريكا رئيسيا في ما يتعلق بالأمن الإقليمي، تبذل قصارى الجهود لتعزيز مراقبة حدودها ومكافحة الهجرة غير الشرعية وشبكات الاتجار بالبشر. ولطالما أكدت على أن تدبير تدفقات الهجرة يظل مسؤولية مشتركة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، كما أنها رفضت مرارا الاضطلاع بدور دركي أوروبا.
وفي هذا الصدد، سبق لجلالة الملك محمد السادس أن أبرز الخطوط العريضة للمقاربة الشاملة التي اعتمدتها المملكة، وذلك في الرسالة التي وجهها إلى المؤتمر الحكومي الدولي من أجل المصادقة على الميثاق العالمي، الذي انعقد في دجنبر 2018 بمراكش، مؤكدا أنه “من الطبيعي إذن، أن تتوافق رؤيتنا على الصعيدين الوطني والقاري، مع التزامنا على المستوى الدولي، من خلال الميثاق العالمي. فهما يندرجان معا في إطار البحث عن توافقات خلاقة، بين إدارة الحدود، وضرورة صون الحقوق الإنسانية للمهاجرين، وبين الهجرة والتنمية”.
وأضاف جلالة الملك “أما مقاربتنا، فتهدف إلى تحقيق توازن سليم بين الواقعية والطوعية؛ وبين المصالح المشروعة للدول، واحترام الحقوق الإنسانية للمهاجرين”، مشيرا إلى أن مسألة الهجرة “ليست – ولا ينبغي أن تصبح – مسألة أمنية”.
وشدد جلالته على أنه “ينبغي ألا تكون المسألة الأمنية مبررا لخرق حقوق المهاجرين، فهي ثابتة وغير قابلة للتصرف”، كما أنها “يجب أن لا تمس بحرية التنقل والحركة؛ بل ينبغي أن تحولها إلى رافعة للتنمية المستدامة، خاصة في الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الدولي على تنزيل خطة التنمية المستدامة 2030”.
من جهة أخرى، فإن المقاربة المغربية في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، التي تعتمد على التوازن بين الجوانب الإنسانية والأمنية لهذه المعضلة الشائكة، قد تعززت بفضل سياسة وجيهة في مجال الهجرة، أطلقها جلالة الملك محمد السادس سنة 2013، والتي سمحت بتسوية أوضاع جميع المهاجرين الموجودين على التراب الوطني.
وتمكن هؤلاء المهاجرين بعد تسوية أوضاعهم من ولوج مختلف المرافق والاستفادة من جميع الخدمات الممنوحة للمواطنين المغاربة.
وهكذا، رسخت الحكامة المغربية في مجال الهجرة نفسها كنموذج إقليمي، بفضل الرؤية الملكية الإنسانية، مما جعل المملكة واحدة من أوائل الدول في جنوب البحر الأبيض المتوسط التي تتبنى مثل هذه السياسة المبتكرة.
وكان جلالة الملك قد قال في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب “يعد المغرب من بين أول دول الجنوب التي اعتمدت سياسة تضامنية حقيقية لاستقبال المهاجرين، من جنوب الصحراء وفق مقاربة إنسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم”، مشيرا إلى أن المغرب “طالما رفض الطرق المعتمدة من طرف البعض، لمعالجة قضايا الهجرة والتي أثبتت فشلها”.
من جهة أخرى، أكد جلالته أن المغرب “يعتز بما يقوم به في مجال استقبال وإدماج المهاجرين ولن يتراجع عن هذا النهج العملي والإنساني”، مضيفا “أما الذين ينتقدونه، فيجب عليهم، قبل أن يتطاولوا عليه، أن يقدموا للمهاجرين، ولو القليل مما حققناه”.
وعلاوة على الجانب الأمني، يتطلب التدبير الملائم لتدفقات الهجرة اعتماد مقاربة منسقة بين دول ضفتي المتوسط، وبلورة استراتيجيات في مجال الهجرة تكون منسقة ومتماسكة، وتأخذ في الاعتبار السياسات التنموية وتشجيع الهجرة النظامية كمصدر للثروات بالنسبة للمجتمعات.
 ***

استقبال مجرم حرب بإسبانيا.. خطأ دبلوماسي وانتهاك للعدالة

> توفيق البوشتاوي (و.م.ع)

في مجال العلاقات الدولية، تخضع العلاقات بين الشركاء، لاسيما بين دول الجوار التي تتوق إلى بناء تعاون مستدام، لقواعد الشفافية، الثقة والاحترام المتبادل. فمثل هذه القيم لا يمكن أن تقتصر  على الشعارات الجوفاء، المبتذلة وعديمة الأفق، بل يتعين أن تكون مدروسة وتتجلى من خلال أفعال ملموسة تلبي انتظارات الأطراف المعنية، على اعتبار أن غياب أو إنكار جميع هذه المبادئ يفتح الباب مشرعا أمام سوء الفهم، التناقضات، وحتى التوترات.
فمن خلال الموافقة على استقبال زعيم عصابة “البوليساريو”، بهوية مزيفة وجواز سفر جزائري مزور، هذا الجلاد الذي يتابع على خلفية ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والإرهاب، فإن إسبانيا قد وضعت نفسها في موقف محرج، بعد ضربها عرض الحائط جميع مبادئ حسن الجوار، لتصبح متهمة بارتكاب خطأ دبلوماسي جسيم تجاه شريك رئيسي في المنطقة، إلى جانب انتهاك العدالة وازدراء قوانينها والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
ومن خلال القيام بذلك، تكون إسبانيا قد خلقت سابقة خطيرة تمس بصورتها وتؤثر على العلاقات مع المغرب. وفوق كل شيء، وفي مواجهة مثل هذا الفعل المحبط والمخيب للآمال، لم يكن أحد ليتوقع أن المغرب لن يعبر عن رد فعل حازم.
ففي حوار خص به وكالة الأنباء الإسبانية (إيفي)، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، أن المغرب ينتظر “إجابة مرضية ومقنعة” من قبل الحكومة الإسبانية بشأن قرارها السماح للمدعو إبراهيم غالي بدخول ترابها.
وتساءل الوزير “لماذا اعتبرت السلطات الإسبانية أنه لا داعي لإبلاغ المغرب ؟، لماذا فضلت التنسيق مع خصوم المغرب ؟، هل من الطبيعي أن نعلم بهذا الأمر من الصحافة ؟”، متسائلا حول ما إذا كانت إسبانيا “ترغب في التضحية بالعلاقات الثنائية” بسبب حالة المدعو إبراهيم غالي.
واعتبر  بوريطة أن هذه القضية “تشكل اختبارا لمصداقية علاقتنا وصدقها، وحول ما إذا كانت تشكل مجرد شعار”، مذكرا بأن المغرب لطالما ساند إسبانيا في مواجهة النزعة الانفصالية بكاتالونيا.
وأضاف “عندما واجهت إسبانيا النزعة الانفصالية، كان المغرب واضحا للغاية وعلى أعلى مستوى: حيث رفض أي اتصال أو تفاعل معهم وتم إبلاغ شركائنا. وعندما طلب منا (الكتالانيون) استقبالهم في الوزارة، طالبنا بحضور شخص من السفارة الإسبانية”. وشدد على أنه “مع الشركاء لا توجد مناورات أو طعن في الظهر حول قضية أساسية بالنسبة للمغرب”، مضيفا أنه قبل السير  خطوة واحدة إلى الأمام في العلاقات الثنائية “يتعين أولا توضيح الأمور”.
وتساءل الوزير قائلا، إن إبراهيم غالي “هو مغتصب يُطبع مع العبودية، والتعذيب، وجرائم الحرب، وتجنيد الأطفال، والإبادة الجماعية، وإسبانيا تعرف كل ذلك قبل أي أحد آخر. فهل ترغب في التضحية بعلاقتها مع المغرب من أجل هذا الشخص؟”.
وهنا، ينبغي التذكير بأن الكثير من الشكاوى تم تقديمها من طرف ضحايا المدعو إبراهيم غالي، لاسيما من قبل الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب.
ومنذ كشف المستور عن هذه القضية المشينة، تعالت أصوات عديدة عبر العالم للمطالبة بمحاكمة المدعو إبراهيم غالي، زعيم جماعة انفصالية وإرهابية مسلحة، يتمثل هدف وجودها في تقويض الوحدة الترابية للمملكة، سعيا إلى خدمة أجندة الجزائر لبسط الهيمنة.
ويدعو العديد من الخبراء والمراقبين إلى متابعة هذا الشخص أمام العدالة الإسبانية على خلفية الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، والتعذيب، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي والاغتصاب، مؤكدين أن ملاحقة الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية يعد معيارا حتميا في القانون الدولي، والذي لا يسمح بأي اعتراض عليه.
وهنا، سبق لبوريطة أن أكد بأن المغرب وإسبانيا تجمعهما بالفعل “شراكة شاملة: سياسية، اقتصادية، تجارية، إنسانية وأمنية”، وهنا يأتي طرح قضية الهجرة، مضيفا أنه لا ينبغي الاعتقاد بأنها “علاقة انتقائية: إذ كلما تعلق الأمر بالتآمر مع الجزائر و+البوليساريو+ يغادر المغرب شاشة الرادار الإسبانية، لكن عندما نتحدث عن الهجرة أو الإرهاب نعود لنصبح مهمين مرة أخرى”.

***

3- أسئلة لمحمد بادين اليطيوي: “بروفايل” البرلمانيين أمر رئيسي للدفاع الفعال عن القضية الوطنية

> خالد الحراق (و.م.ع)

تضطلع الدبلوماسية البرلمانية، باعتبارها أساس العمل الدولي للمؤسسة التشريعية، بدور رئيسي في الدفاع عن مصالح الأمة. وقد انخرط مجلسا البرلمان، خلال السنوات الأخيرة، في العديد من المبادرات داخل المنظمات البرلمانية الدولية بهدف المساهمة في الدفاع عن ثوابت المملكة، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى، وتعزيز مواقف المغرب وإشعاع صورته على الصعيد الدولي. وفي هذا الصدد، يسلط رئيس مركز الأبحاث حول العولمة “نجماروك” وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الأمريكتين ببويبلا “المكسيك”، محمد بادين اليطيوي، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، الضوء على رؤيته لدور الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن القضية الوطنية.

  1 – كيف يمكن للنشاط الدولي لمجلسي البرلمان، من خلال دبلوماسية برلمانية فاعلة، أن يخدم القضية الوطنية؟
< إن تنامي الطابع الدولي للنشاط البرلماني يتحقق، بشكل خاص، من خلال الدور البارز الذي يضطلع به رئيسا مجلسي البرلمان. إن لهذين المسؤولين وظيفة تمثيلية خارج الحدود المغربية. من المهم التذكير بأن الدبلوماسية البرلمانية ليست بأي حال من الأحوال بديلا عن الدبلوماسية التقليدية، ولكنها تلعب دورا مكملا. إنها تعمل، قبل كل شيء، على إرساء قنوات اتصال وتعاون حول القضايا الرئيسية. إذا كانت الدبلوماسية هي “علم وممارسة العلاقات بين الدول”، فهي بالتالي مرتبطة تقليديا بالسلطة السيادية من خلال السلطة التنفيذية.
ففي العديد من البلدان، نجد أن البرلمانات اضطلعت بدور مهم في مجال الدبلوماسية الموازية على مدار الثلاثين سنة الماضية. في حالة المغرب، فإن لمجلسي البرلمان مهمة خاصة تتمثل في المساهمة في الدفاع عن ثوابت المملكة، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى، وتأكيد مواقف البلاد وتعزيز إشعاعها في الساحة الدولية.
ففي قضية الصحراء المغربية، يظل البعد الثنائي مهما للغاية ويشكل جزءا من استراتيجية وطنية للتأثير يتم تنفيذه أيضا في إطار متعدد الأطراف.
من جهة أخرى، فإن أعضاء المجلسين يسعون، إضافة إلى التصديق على المعاهدات ومشاركتهم في اجتماعات الاتحادات البرلمانية الدولية، إلى إقناع نظرائهم الأجانب بعدالة القضية الوطنية، حيث يستخدمون آلية ” نقاط الاتفاق “، والتي يمكن أن تكون عبارة عن مجموعات عمل، وطلبات للحصول على معلومات والحضور.
لهذا، تتم بلورة “مجموعة ضغط” حقيقية من أجل الحصول على صلة وصل أو أصحاب نفوذ داخل الهيئات البرلمانية المختلفة من أجل الدفاع عن القضية الوطنية.

 2 – البرلمان المغربي عضو في عدة اتحادات برلمانية دولية، منها المنظمات البرلمانية الدولية ذات الطابع الإقليمي كما هو الحال في أمريكا اللاتينية. إلى أي مدى يمكن أن يؤدي الحضور النشط للبرلمانيين المغاربة داخل هذه المنظمات إلى حشد الدعم لمخطط الحكم الذاتي التي اقترحه المغرب لأقاليمه الجنوبية؟
< إن تعزيز الحضور المغربي في هذه المنظمات يعد حاجة ماسة، حيث سيتيح إبراز الرؤية الملكية عن طريق قنوات متميزة التي هي هذه المنظمات البرلمانية الدولية، مما يتطلب تعاونا وثيقا وقويا بين الغرفتين وباقي القطاعات. إن مسلسل توطيد العلاقات مع برلمانات أمريكا اللاتينية يعد خيارا استراتيجيا للمغرب في إطار التعاون جنوب – جنوب . ومن الأمثلة على ذلك تأسيس المنتدى البرلماني الإفريقي الأمريكي اللاتيني ” أفرولاك ” في سنة 2019. وتم التوقيع على الإعلان التأسيسي من قبل رؤساء غرفتي البرلمان المغربي، والبرلمان الإفريقي، وبرلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي، والاتحاد البرلماني الإفريقي، وبرلمان أمريكا الوسطى، وبرلمان المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، وبرلمان الأنديز. ومن شأن هذا الفضاء المؤسساتي المتميز للحوار أن يتيح للمملكة شرح مواقفها بشأن قضية الصحراء المغربية، من خلال استهداف البرلمانيين من كلا القارتين.
مثال آخر يتمثل في منتدى ” الفوبريل” . ويعد البرلمان المغربي عضوا ملاحظا منذ سنة 2014. ويضم منتدى رؤساء برلمانات أمريكا الوسطى والكاريبي والمكسيك رؤساء برلمانات عشرة دول (غواتيمالا، بليز، السلفادور، هندوراس، نيكاراغوا، كوستاريكا، بنما، جمهورية الدومينيكان، المكسيك، وبورتوريكو). فإذا كانت مواضيع النقاش والتعاون متعددة، فإن القضية الوطنية يتم تناولها وينبغي أن يتواصل الأمر. إن التأكيد على هذه القضية من قبل البرلمانيين المغاربة أمر ضروري جراء الجهل بالقضية في هذه البلدان والدعاية الانفصالية التي استمرت لعقود عديدة.

 
3 – تتطلب الدبلوماسية البرلمانية مستوى معينا من الدراية للتمكن من فهم وتحليل القضايا على الساحة الدولية والدفاع عن مصالح المغرب في الخارج. هل تعتقد أن “بروفايل” البرلمانيين أمر حاسم في نجاح هذه المهمة في تعزيز مواقف المملكة على الصعيد الدولي؟
< تلعب مجموعات الصداقة البرلمانية دورا حاسما في العلاقات الثنائية، حيث تتيح للبرلمانيين المغاربة التخصص في القضايا المتعلقة ببلدان محاوريهم.
تنطوي الدبلوماسية البرلمانية المؤثرة على استراتيجية هجومية للدفاع عن المصالح الاستراتيجية للمملكة. وتحقيقا لهذه الغاية، فإن “بروفايل ” البرلمانيين يعد أمرا رئيسيا لتحليل الرهانات بشكل أفضل والدفاع الفعال عن القضية الوطنية.

 * رئيس مركز الأبحاث حول العولمة “نجماروك” وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الأمريكتين ببويبلا “المكسيك”

***

بوبكر أنغير: استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي عمل لا يستقيم مع علاقات حسن الجوار

 

أكد بوبكر أنغير، باحث في العلاقات الدولية، أن استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي عمل “عدواني لا يستقيم مع حسن الجوار والعلاقات التاريخية المتميزة التي ربطت بين المغرب وإسبانيا، ويعادي الوحدة الترابية للمملكة”.
وأبرز الباحث ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الموقف الإسباني فيه نوع من سوء تقدير من طرف الحكومة الاسبانية باعتبار أن المدعو غالي مطلوب للعدالة الدولية، ولأنه أيضا يمثل سلطة إرهابية تمارس العمل المسلح ضد المغرب، وبالتالي فإن استقبال إسبانيا له وبهوية مزورة كان عملا غير ودي ولا يأخذ بعين الاعتبار العلاقات التاريخية المتينة بين البلدين.
واعتبر أن على الحكومة الإسبانية مراجعة أوراقها في ما يتصل بعلاقاتها مع المغرب، والتي كانت دائما متميزة عبر التاريخ خاصة وأن اسبانيا بالنسبة للمغرب تعد من الناحية الاقتصادية الشريك الثاني على المستوى الأوروبي، ولذلك فان إسبانيا مدعوة الى مراجعة علاقاتها مع المغرب لاسيما في ما يتعلق بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة كأمر محوري للمغرب، كما عليها أن تعي، يضيف السيد أنغير، بأن علاقتها المتميزة والاستراتيجية مع المغرب على عدة أصعدة هي أفضل من الرهان على مليشيات “البوليساريو”.
وأشار إلى أن الموقف الاسباني فيه نوع من الإخلال بالتزامات إسبانيا اتجاه المغرب كبلد سهر، ولازال، على أمن واستقرار أوروبا، وتحمل تكاليف اقتصادية واجتماعية باهضة جراء دوره المحوري في مجال محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وقال، إنه يمكن تفسير الأزمة الراهنة بين المغرب وإسبانيا بوجود أطراف جزائرية عملت الى جانب أطراف داخل الحكومة الاسبانية من أجل تقويض العلاقات المتميزة بين البلدين، وكذا بوجود نخبة سياسية إسبانية لا تعي جيدا الموقع الاستراتيجي للمغرب والأوراق التفاوضية التي يملكها، والأدوار المهمة التي يلعبها في مجال الهجرة والأمن، فضلا عن ما حققه المغرب من تقدم عبر مجموعة من المنجزات الاقتصادية مما يقلق بعض النافذين داخل اسبانيا و”هذا ما يبرر المواقف العدائية ضد المغرب”.
وفي مقابل ذلك، يضيف الباحث، هناك طرف سياسي كبير في إسبانيا ضد استفزاز المغرب ومع الشراكة المتميزة والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، فعلى المستوى الاقتصادي، هناك رأسمال إسباني سيضغط في اتجاه أن تبقى هذه العلاقات متميزة وذلك سعيا منها للحصول على جزء من الاستثمارات الكبرى التي سيعرفها المغرب خصوصا مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وبداية تدفق استثمارات مهمة في الصحراء المغربية. وخلص الباحث إلى أن الأزمة الراهنة ستكون مناسبة للبلدين لمراجعة علاقاتهما لتكون مبنية على حسن الجوار الحقيقي واستراتيجية حقيقية خاصة وان المغرب عبر في مناسبات عديدة عن التزامه بالقرارات والمواقف الدولية وبمحاربة الهجرة غير الشرعية.

***

بإدارة ظهرها للمغرب، إسبانيا تعزل نفسها عن محيطها الطبيعي

< عمر المرابط (و.م.ع)

لقد حددت إسبانيا اختيارها. فحكومة بيدرو سانشيز، التي استقبلت زعيم انفصاليي “البوليساريو”، المدعو إبراهيم غالي، اختارت نهج موقف عدائي تجاه المغرب، مفضلة حماية مصالح غامضة مع “البوليساريو” وسيدها الجزائري.
كما عرى إدخال زعيم انفصاليي “البوليساريو” المستشفى سرا بهوية جزائرية مزورة، الذي انكشف في وضح النهار يوم 22 أبريل المنصرم من طرف بعض وسائل الإعلام، عن المناورات التي تحاك خيوطها على أعلى مستوى بين إسبانيا والجزائر خلف ظهر المغرب، الذي أبان على الدوام عن التزام راسخ لصالح تعزيز التعاون متعدد المجالات، بما في ذلك المجالات الحساسة من قبيل محاربة الإرهاب، والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية.
ولم يدخر المغرب، المتمسك بمبادئ حسن الجوار والشراكة والثقة، جهدا في الاحترام الكامل لالتزاماته بهدف بناء علاقات ثنائية مثمرة قائمة على الثقة والتفاهم المتبادل، وتنميتها والحفاظ عليها من التقلبات الظرفية.
إلا أن موقف إسبانيا، المتمثل في استضافة مجرم حرب متهم بارتكاب أعمال إرهابية وإبادة جماعية، بما في ذلك العديد من الضحايا الإسبان والمغاربة الذين لا يتوقفون عن التعبير بأعلى صوتهم عن معاناتهم، حطم هذه الثقة وقوض العلاقات الإستراتيجية مع المغرب، الحليف الوازن.
ومن خلال التآمر مع أعداء المغرب والبقاء رهينة للحسابات الانتخابوية والسياسات الشعبوية الضيقة، تخاطر إسبانيا بفقدان شريك استراتيجي في منطقة مغاربية مضطربة، الحليف الذي يلعب دورا محفزا في تنمية القارة الإفريقية والفاعل الرئيسي في بناء صرح فضاء متوسطي ينعم بالأمن والسلام.
فإسبانيا التي أصرت منذ البداية على إنكار خطئها الذي لا يغتفر متذرعة بـ “دواع إنسانية” وتجاهلت تحذيرات المغرب منذ اندلاع شرارة هذه القضية، أطهرت قلة احترام تجاه المغرب وضربت عرض الحائط بكافة الجهود المبذولة من طرف المملكة لبناء علاقة وفية بين دولتين جارتين والحفاظ عليها.
كما أن موقف الحكومة الائتلافية بقيادة بيدرو سانشيز، المنهكة أصلا بفوز ساحق للحزب الشعبي، قوة المعارضة الرئيسية، في انتخابات جهة مدريد، تعرض لانتقادات من قبل الأوساط السياسية في إسبانيا.
صحيفة “أ بي ثي” المقربة من اليمين الإسباني، تحدثت عن “أخطاء لا تغتفر” ارتكبتها الحكومة في حق المغرب “الحليف الاستراتيجي”.
وكتبت اليومية الإسبانية ضمن افتتاحيتها أن “إسبانيا ارتكبت خطأ فادحا من خلال المخاطرة بعلاقاتها مع المغرب”، عندما سمحت رئاسة الحكومة لنائب الرئيس السابق للحكومة بابلو إغليسياس بالتحدث عن سيادة الصحراء، والتملص بالتالي من دعم الولايات المتحدة للمغرب.
ولاحظت اليومية أن هذا الموقف “كشف عن أوجه الضعف في دبلوماسيتنا والسطحية التي يتعامل بها رئيس الحكومة بيدرو سانشيز مع السياسة الخارجية للبلاد”، مؤكدة أن استقبال إسبانيا لزعيم +البوليساريو+ “حتى دون إبلاغ المغرب كان خطأ جسيما آخر”.
وسجلت أنه “في الدبلوماسية، تعتبر المواقف الرسمية حاسمة مثلها مثل المصالح الخفية. ومع ذلك، لم يحسب سانشيز ثمن ازدراء المغرب، الذي يجب دائما اعتباره حليفا استراتيجيا، مهما كانت خطورة التوترات”، معتبرة أنه “من العبث أن تغض الحكومة الطرف دون التوصل إلى نتائج موضوعية ودون الانكباب على الأسباب الحقيقية” التي أدت إلى هذا الوضع مع المغرب.

***

5 أسئلة لمحمد العمراني بوخبزة: ضرورة بناء علاقات متوازنة قائمة على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة

< هشام المساوي (و.م.ع)

يجيب المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي، محمد العمراني بوخبزة، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، عن التطورات التي تشهدها العلاقات المغربية الإسبانية، والأخطاء الفادحة التي سقطت فيها الحكومة الإسبانية، وضرورة بناء علاقات متوازنة قائمة على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة.

■ كيف ترون التطورات الأخيرة التي تشهدها العلاقات المغربية الإسبانية ؟
● يتعين الإشارة أولا إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية هي علاقات متشعبة، وتختلف عن علاقات الجوار التي تجمع عادة الدول ذات الحدود المشتركة، هناك اعتبارات تاريخية متحكمة في هذه العلاقات إلى جانب الملفات الثنائية. في الآونة الأخيرة لاحظنا أن هناك سحب عابرة تعكر صفو العلاقات الثنائية، بحكم عدم قدرة الطرف الإسباني على استيعاب التحولات الكبرى التي طرأت على الواقع الإقليمي، وخاصة على مستوى طبيعة الملفات الجديدة بين البلدين.
تغيرت طبيعة الملفات والمواضيع في العلاقات الثنائية، كما تغيرت أيضا مواقع الدول، ومغرب الألفية الثالثة يختلف جذريا عن ما قبله، مصالحه تفرض نفسها وهو يشتغل على هذا الأساس، لقد كان من المفترض أن تستوعب الجارة الاسبانية والطبقة السياسية هناك هذه التحولات.
المغرب رغب في الفترة الأخيرة في وضع النقط على الحروف في ما يخص العلاقات الثنائية، لهذا تم تأجيل اللقاءات على أعلى مستوى لأكثر من مرة، وإن كان هناك خطاب مطمئن من قبل مسؤولي الجارة الإسبانية، إلا أنه خطاب دبلوماسي موجه للاستهلاك الداخلي. هذا الخطاب لم يقنع الطرف المغربي، الذي تشبث بضرورة تصفية الأجواء وطرح القضايا الخلافية.

■ ما هي الأخطاء التي سقطت فيها الحكومة الإسبانية في علاقتها مع المغرب؟
● للأسف الشديد، أساءت الحكومة الإسبانية الحالية، والمكونة من خليط غير متجانس من توجهات سياسية مختلفة وفي بعض الاحيان متعارضة، تدبير عدد من القضايا والملفات مع المغرب، ويمكن أن نقول أنها سقطت في أخطاء فادحة لا يمكن قبولها وفق الوضعية الحالية المتسمة بتحولات عميقة في طبيعة الملفات المشتركة، بل وأيضا في مواقع الدول ، خاصة على المستوى الإقليمي.
في مواجهة هاته الأخطاء الفادحة، المغرب طالب بأجوبة واضحة من الطرف الإسباني على مجموعة من الأمور، من بينها انزعاج مدريد من اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، والذي تلاه خطأ فادح أيضا، والمتعلق باستقبال المدعو إبراهيم غالي، زعيم (البوليساريو) بهوية مزورة ودون إخبار وإخطار للمغرب بشكل مسبق.

■ هل ترى أن مدريد، من خلال مواقفها الأخيرة تغامر بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب؟
● أعتقد أنه لا يمكن الحديث عن مغامرة إسبانيا بعلاقتها مع المغرب، إسبانيا أكثر إدراكا لقيمة هذه الشراكة، وأخص بالذكر المؤسسة الملكية الإسبانية التي تعتبر ضامنة للاستمرارية في وقت تتغير فيه الحكومة تبعا لنتائج الانتخابات أو لتحالفات الأحزاب. بحكم الوضعية الحالية لا يمكن الجزم بأن الإسبان يغامرون بالتخلي عن العلاقات الاستراتيجية المتشابكة بين المغرب وإسبانيا.
يكفي أن نبرز هنا أن المغرب يعد الشريك الاقتصادي الأول لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، دون الإشارة إلى عدد المغاربة المقيمين بإسبانيا وعدد الإسبان المقيمين بالمغرب، ورهان إسبانيا على المغرب لولوج إفريقيا، لهذا أرى أن الطبقة السياسية الإسبانية لا يمكن أن تغامر بالتخلي عن العلاقات الاستراتيجية مع المغرب وما تم بناؤه وتطويره وتثمينه في الماضي.
مرت العلاقات الثنائية بفترات فراغ، من بينها حادث “جزيرة ليلى”، لهذا استوعب الحزبان الإسبانيان الكبيران، الاشتراكي والشعبي، الدرس وعملا على بناء علاقات أكثر متانة مع المغرب. ربما نحن بصدد مرحلة أو محطة جديدة في العلاقة الثنائية، وعلى الإسبان استيعاب التحولات الجارية والتأقلم معها.

■ كيف تستشرف العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد؟
● يتعين أن تكون هذه العلاقات متوازنة، وبالفعل شرع في الاشتغال عليها منذ مدة، للمغرب وضع متميز في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي وفي سياسة الجوار، هناك إرادة مشتركة للمضي قدما في هذه العلاقات الاستراتيجية.
بالنظر إلى طبيعة الملفات والعلاقات والقضايا التي تجمع المغرب وإسبانيا، يتحتم على الطرفين الاشتغال جنبا إلى جنب، وهنا أؤكد أنه لا يمكن لإسبانيا لوحدها أن تواجه الهجرة السرية، ولا الجريمة العابرة للحدود، ولا بإمكانها إغلاق الحدود في وجه المغرب على مستوى الاستثمارات، المغرب شكل للإسبان حلا إبان الأزمة العالمية لسنة 2008.
أرى أن هناك وعي بإسبانيا بأن المغرب حليف لا يمكن الاستغناء عنه، وهي القناعة ذاتها لدى المغرب بشأن إسبانيا، القضايا المشتركة كثيرة وعلاقات متشعبة، لكن يتعين أن تكون هذه العلاقات مبنية على الثقة المتبادلة، الثقة ركن أساسي لبناء علاقات متوازنة بين البلدين.

■ أشرت إلى الهجرة باعتبارها ملفا أساسيا بين البلدين، هل المغرب مطالب بلعب دور دركي الحدود الأوروبية؟
● في هذه القضية المغرب كان وضحا، المغرب كما يعلم الجميع رائد على المستوى الإفريقي في تدبير ملف الهجرة، نظرته لموضوع الهجرة تختلف عن نظرة الأوروبيين، أشير هنا إلى أنه في كثير من الخطابات الملكية نجد أن الهجرة مسألة إيجابية وليست سلبية، والمغرب يطالب الأوروبيين بالتوقف عن رسم صورة سلبية عن المهاجرين، أوروبا في حاجة إلى المهاجرين وإن كانت تسوق عكس ذلك، عبرهم تسعى لمواجهة اختلالات اجتماعية واقتصادية واقعية .
المغرب احتضن لقاءات دولية تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة حول الهجرة، بلد له مكانة على المستوى الإقليمي بحكم احتضانه للمرصد الإفريقي للهجرة، المغرب لم يعد دولة عبور فقط، بل دولة إقامة أيضا، وله سياسة وتصور في مجال الهجرة، لهذا لا يمكن أن يواصل العمل بمنطق “الدركي”، والمغرب طالب غير ما مرة بتبني مقاربة شمولية بديلة للمقاربة الأمنية الصرفة، إذ إلى جانب المقاربة الأمنية، يتعين إدراج مقاربات أخرى، خاصة المقاربة التنموية، التي يدافع عنها المغرب بشكل كبير مع الدول والشركاء الآخرين.

* محلل سياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي

***

نحو الجهة 13: سبتة ومليلة والجزر المحتلة

< بقلم: بوشعيب حمراوي

لم نتمكن نحن المغاربة من خوض معركة الدفاع عن الحدود الترابية للبلاد، على الواجهتين الشمالية والجنوبية، بعدما خان الأشقاء الجزائريون العهد والوفاء، وقرروا التضييق على كفاحنا المشروع من أجل تأهيل وتأمين ونهضة صحرائنا المسترجعة. لم نجد بدا من الانشغال بهدم وإجهاض كل محاولاتهم اليائسة من أجل ضرب وحدتنا الترابية. ولم يتسنَّ لنا الإعداد لمخطط تحرير أراضينا البرية والبحرية المحتلة بشمال المغرب من طرف إسبانيا، الدولة المستعمِرة سابقا لصحرائنا. بل إننا كنا نتخوف من ردود فعل إسبانيا، إن نحن بدأنا رحلة المطالبة باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية.
تخوفات الحكومات المغربية المتعاقبة واضحة في طرق تعاملها مع ملف الأراضي المحتلة شمالا، ومع الجارة المستعمِرة. وهي طرق وجب القطع معها الآن. لأن مغرب اليوم أصبحت له مكانته وتقوى مركزه ووزنه عالميا. غير مقبول أن تكشر الحكومة الإسبانية على أنيابها. وتنفث سمومها وإرثها الفرانكوني اتجاه المغرب. وتخرق القوانين والمواثيق الدولية، والظهور بمظاهر مهينة للشعب الإسباني العريق وللمنتظم الدولي. بتواطئها مع النظام العسكري الجزائري، والقبول بالمشاركة في مهزلة استشفاء زعيم الوهم “الرخيص” بمنحه اسما مستعارا، وصفة تحمل كل المهانة والعار للشعبين الجزائري والإسباني. نظام جزائري يهين مؤسساته ودبلوماسيته بمنح لقب “دبلوماسي” مزور لمجرم لقيط (الدبلوماسي الجزائري بنبطوش). وننتظر بالمناسبة أن يكشفوا لنا عن الإطار والمهمة التي نسبت إليه في جواز السفر الجزائري. وحكومة إسبانية تضرب القوانين والأعراف، وتنحني لأسباب مجهولة إرضاء لنزوات إجرامية. وهو خضوع وخنوع سيجل التاريخ أن مسرح جريمته كان داخل دولة توهم شعبها أنه سما وارتقى إلى مصاف الدول العظمى.
بإطلالة خفيفة على التقسيم الترابي لتراب المملكة المغربية، والذي أفرز 12 جهة، يبرز مدى قصور نظر ورؤى واضعيه والمؤشرين على إخراجه إلى حيز الوجود، داخل البرلمان والحكومة والأمانة العامة للحكومة. حيث لم تنتبه جيوش الخبراء والسياسيين إلى أنهم نسوا أو تناسوا تحديد جزء كبير من أراضي المغرب الشمالية.. والتي لازالت تئن تحت وطأة الاستعمار الإسباني. الأمر يتعلق بمدينتي سبتة ومليلية والجزر الـ 21.
كان من المفروض التطرق إلى تلك المناطق المحتلة في التقسيم الترابي وعند رسم خريطة المغرب الجديدة. وضمها إلى إحدى جهات المملكة، أو الإعلان عن إحداث الجهة  الـ 13، تحمل اسم “الجهة السليبة”. والتي يمكن تعيين وال لها، يكون له مقر بمدينة طنجة عروس الشمال، أو بالعاصمة الإدارية للمملكة الرباط.
إسبانيا تحتل تلك المناطق ذات المواقع الإستراتيجية والجمال الطبيعي الخلاب، والتي تدخل في حيز المياه الإقليمية المغربية. بعضها لا تبعد عن الساحل المغربي إلا بمئات الأمتار القليلة. منها شبه جزيرة باديس التي هي امتداد لجبال الريف المطلة على البحر الأبيض المتوسط.. ويتعلق الأمر أيضا بالجزر الجعفرية وشبه جزيرة باديس  وصخرة الحسيمة أو جزيرة النكور وجزيرة تورة (ليلى)  وجزر الخالدات (الكناري). هذه المناطق تعتبر جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، ولازال يقطنها أصحابها المغاربة الأصليون والذين يتطلعون لرؤيتها تحت لواء المملكة المغربية. وهو حلم يراودهم ويأملون أن يتحقق في حياتهم أو مماتهم. لتعود الأرض المغربية لأبنائهم أو أحفادهم. 
قد لا يكون المغرب في موقف قوة من أجل المطالبة بتحرير أراضيه الشمالية. وقد يرى أنه غير مؤهل لضمان تنمية المنطقة في حال استرجاعها حاليا. لكن هذا لا يعطي الحق للحكومات المتعاقبة على تسيير شؤون البلاد، أن تحذف تلك الأراضي من خريطة المغرب. وعليها اتخاذ الإجراءات القانونية لضمان الاعتراف الوطني والدولي بمغربيتها. إن الأمر يدعو فعلا إلى التساؤل والحيرة. أن تصادفك خريطة أو تقسيم ترابي رسمي لا يتحدث عن هاتين المدينتين ولا عن تلك الجزر.. وأن يتم التعامل الرسمي بتلك المعطيات الرسمية على المستوى الوطني والدولي. خصوصا أن المغرب الآن أصبح محط أنظار عدة دول. خصوم وأصدقاء وأصحاب مصالح. وأن التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية، ترصدها أعين هؤلاء بأدق تفاصيلها. فكيف إذن سنرد عن مسؤول أو دبلوماسي أجنبي، إذا ما سألنا عن مناطقنا المحتلة. وكيف أننا أزلناها من مخططاتنا المستقبلية ومن أهم تقسيم جهوي يدخل أساسا في إطار تقوية بنيان المغرب ورسم كامل ملامحه وحدوده ؟؟؟.
على قادة المغرب أن يدركوا خطورة عدم الإشارة إلى تلك المناطق في التقطيع الترابي للمملكة. وأنه بات لزاما استدراك الأمر. وأظن أن الإعلان عن المنطقة المحتلة (مدينتي سبتة ومليلية وباقي الجزر)، كجهة رقم 13 أو “جهة سليبة” سيكون من باب الصواب. بل الأبعد من ذلك، لِمَ لا خلق جسور التواصل الإلكتروني مع المغاربة أبناء وبنات تلك المنطقة وتشكيل مجلس أو مجالس منتخبة تعمل وفق المستطاع. ولو أنها لا تقدر على العمل ميدانيا. ولكنها ستكون بداية انتفاضة في أفق جلاء المستعمر مستقبلا. فالنظام الإسباني لاشك سيستفيد من هذا القصور الحكومي والبرلماني المغربي. ولاشك أنه سيعتبر أن التقسيم الترابي المغربي، رسالة تؤكد استغناء المغرب عن مناطقه المحتلة. وسيفلح في العيش بدون حرب باردة. ولِمَ لا قد تطول السنون ويعمد إلى انتزاعها بقوة القانون الدولي باعتماد مبدأ التقادم. فالمحتل قد يصبح صاحب الأرض إذا ضلت الأرض بلا صاحب يطالب بها لمدة من الزمن.

***

ياسمين حسناوي: علاقات المغرب وإسبانيا أعمق وأكثر استراتيجية من الحصول على الغاز الجزائري

اعتبرت الباحثة والأكاديمية ياسمين حسناوي، أن العلاقات المغربية الإسبانية، تظل أعمق وأكثر استراتيجية من الحصول على الغاز الجزائري.
وقالت حسناوي المتخصصة في العلاقات الدولية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، إنه “لهذا السبب تحديدا، يتعين على الحزب الحاكم في إسبانيا تحمل مسؤولية تصرفاته تجاه المغرب، عبر تقديم تفسير واضح بشأن التوتر الذي خلقه مع المملكة، والمس بوحدتها الترابية”.
وأضافت أن الحزب الحاكم في إسبانيا، فضل التضحية بعلاقاته الاستراتيجية مع المغرب في مجال التعاون الثنائي، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والمنظمات الإجرامية وتدفقات الهجرة غير الشرعية ، وذلك من خلال التعاون السري مع الجزائر، للحصول على مزايا مصلحية، وهذا تصرف غير لائق”.
وبناء عليه، تؤكد الأستاذة حسناوي، “يتعين على مدريد أن تتخذ قرارا واضحا، فإما الوقوف مع المغرب أو ضده، فلا مجال لوجود خيار ثالث، لأنه لا يمكن لإسبانيا التصرف كصديق وكعدو في الآن ذاته”.
وفي سياق متصل، أشارت حسناوي إلى أنه “لطالما كانت الرباط واضحة في مواقفها، حيث رفضت دعم الانفصال بمنطقة كاطالونيا، وإقامة دولة مستقلة سنة 2017 على مستوى المنطقة الشمالية الشرقية لإسبانيا، موضحة أنه عندما واجهت مدريد هذه النزعة الانفصالية كان المغرب واضحا للغاية ، لكن إسبانيا فعلت للأسف العكس تماما، من خلال عدم احترامها للوحدة الترابية للمغرب.
وبشأن مسارات التعاون الثنائي، ذكرت حسناوي بأن المغرب لعب دورا مهما في احتواء الهجرة غير الشرعية لما يقارب عشر سنوات، حيث تم التحكم في هذه الظاهرة بشكل جذري بفضل جهود السلطات المغربية في المقام الأول والتعاون الأمني بين الرباط ومدريد .
وتابعت أن هذا التعاون لم يقتصر على الجانب الأمني، حيث اضطلع المغرب بدور مهم في محاربة الإرهاب في منطقة المغرب العربي، بتعاون وثيق مع دول الاتحاد الأوروبي.
واعتبرت أن التوتر الدبلوماسي الحالي بين الرباط ومدريد سببه ما وصفته بالانحياز المكشوف لإسبانيا مع الجزائر وصنيعتها بوليساريو، والذي وضع حكومة مدريد في موقف محرج، بعد دخولها في “صفقات سرية” مع أعداء الوحدة الترابية للمملكة.
وتجسدت هذه الصفقات بشكل خاص، في استضافة زعيم البوليساريو مجرم الحرب المدعو إبراهيم غالي، على الأراضي الإسبانية، بهوية مفبركة، وجواز سفر جزائري مزور، والحال أن المعني بالأمر مطلوب لدى القضاء الإسباني بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف منذ سنة 2016 .

***

المغرب – إسبانيا: جهود التقارب تتراجع نحو نقطة الصفر

<حسناء العقاني (و.م.ع)

فجأة تم تقويض الشراكة المغربية الإسبانية، وهي واحدة من أقوى الشراكات في المنطقة، بسبب عمل طائش من قبل حكومة بيدرو سانشيز، ليس فقط على حساب الاتحاد الأوروبي، بل أيضا على حساب المغرب العربي والقارة الإفريقية.
فبالرغم من كون الجارة الإيبيرية تعتبر شريكا اقتصاديا مهما للمغرب، إلا أن ترحيبها واستقبالها على أرضها لرئيس “البوليساريو” ، المدعو إبراهيم غالي، المتابع قضائيا بتهم ارتكاب جرائم شنيعة وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، قد عطل بالفعل الديناميكية القوية لمسيرة التقارب والتعاون بين البلدين، اللذين نجحا، بتوالي السنوات، في بناء شراكة استراتيجية متعددة الأوجه، تهم مختلف القطاعات، بفضل عامل القرب والتاريخ المشترك الذي يوحدهما.
في الماضي القريب، كانت جودة العلاقات الثنائية لا تحتاج إلى إثبات، وكانت تتجسد من خلال التعاون في مجالات عديدة، ولا سيما ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة السرية، فضلا عن الشراكة الثنائية القائمة في مجالات الاستثمار والتجارة والاقتصاد والبحث العلمي والتعليم والثقافة.
وفجأة ، تحطمت هذه الشراكة “النموذجية” بسبب عدم النضج والتنسيق من جانب الحكومة الإسبانية، المدعومة من طرف حزب يساري متطرف، معروف بمواقفه العدائية للمغرب.
ومن خلال تصرفها غير الناضج هذا، تخسر إسبانيا في المنطقة شريكا مهما وقوة إقليمية على أبواب إفريقيا، هي المغرب.
وبهذا الخصوص، أبرز المحلل السياسي والاقتصادي إدريس عيساوي أن “إسبانيا، ومن خلال الترحيب على أراضيها بشخصية مشكوك فيها ومجرم تتعقبه العدالة، تكون قد تنكرت للأسف لحق الجوار والقرب والتاريخ الذي يربط بين البلدين”.
وقال إنها “النقطة التي أفاضت الكأس” ، مضيفا أن رد فعل المغرب كان وفقا للقواعد الدبلوماسية، لكن يبدو أن الإسبان لم يرقهم ذلك.
ولفت عيساوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن إسبانيا، وباتخاذها لمثل هذا القرار، فشلت في تحمل مسؤوليتها كجار تاريخي للمغرب، وهي اليوم تحصد ثمار هذا التصرف.
وتابع أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تأثرت بالفعل، بينما على المستوى الاقتصادي، حيث العلاقات جد معقدة، لا شيء يوحي أو يضمن أنها ستبقى في حالة جيدة إلى أجل غير مسمى.
ويرى هذا المحلل أن “الإسبان مجبرون على العودة إلى رشدهم، ولم يعد بإمكانهم اعتبار المغاربة رجال درك تحت إمرتهم”.
وشدد على أن تطوير شراكة قوية ودائمة يتطلب من الطرفين بذل مزيد من الجهد، منبها إلى أنه للأسف، الجانب الإسباني لم يقم بأي مبادرة في هذا الاتجاه.
وخلص عيساوي إلى أن ما يمكن استنتاجه هو أن قضية الصحراء المغربية هي “خط أحمر” لا يمكن تجاوزه.
ومن خلال خيانة ثقة المغرب واتخاذ خطوة معاكسة لمبادئ العلاقات الدولية، تكون إسبانيا قد هدمت كل الجهود المبذولة حتى الآن لبناء شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد.
وبذلك تبخرت سنوات من التقدم والتعاون على جبهات مختلفة، بسبب زلة سياسية لم تتم دراسة نتائجها بشكل كاف.
وعلى ضوء هذه القضية وكل التطورات التي تلتها، فإن المغرب صار من حقه إعادة النظر في علاقاته مع إسبانيا، التي يجب عليها أن تحترم علاقات حسن الجوار بما يراعي مصالح الطرفين.

***

مدريد وازدواجية الخطاب حول قضية الصحراء المغربية

< عفاف رزوقي (و.م.ع)

الموقف الغامض للحكومة الإسبانية بشأن قضية الصحراء المغربية لا يترك مجالا للشك. مدريد تتبنى خطابا مزدوجا في هذا الملف لا يمكن إلا أن يضر بعلاقات حسن الجوار والشراكة الراسخة مع الرباط.
ففي الوقت الذي تصر فيه على أن موقفها الرسمي من قضية الصحراء المغربية يظل “واضحا” و”قارا” و”يدعم بشكل كامل” جهود الأمم المتحدة للدفع “بمفاوضات تسمح بحل سياسي متفاوض بشأنه، وعادل ودائم وفقا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي”، تتبنى الحكومة الإسبانية موقفا متناقضا يكشف عن عداء صارخ للمغرب وقضيته الوطنية من خلال استقبال، وبتواطؤ مع الجزائر، زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي.
وفي الواقع، يتعلق الأمر بعمل استفزازي من جانب الحكومة الإسبانية الذي حرك المياه الآسنة، مما تسبب في ارتباك وسوء فهم تجاوز حدود البلدين.
كما أن هذا الموقف المؤسف يثير الاستغراب على عدة أصعدة، خاصة وأن مدريد تجد نفسها تقدم الحماية لمجرم مطلوب للعدالة، متابع بتهمة الإبادة الجماعية والاغتصاب والإرهاب وجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ويشكل استقبال زعيم انفصاليي “البوليساريو” في سرية تامة، انتهاكا خطيرا للقانون الدولي ومبادئ العدالة الدولية، ويثير، أيضا، تساؤلات حول إصرار إسبانيا على الإضرار بعلاقاتها مع المغرب، الشريك الاستراتيجي والموثوق.
كما أن هذا التصرف المخادع الذي أثار الاستهجان والتنديد في المغرب، زعزع الثقة التي سادت العلاقات بين الرباط ومدريد وقوض شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة وروح حسن الجوار.
وكشف، أيضا، نفاق الحكومة الإسبانية وازدواجية موقفها المثير للقلق في ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة.
لقد سبق الخطأ الدبلوماسي المتمثل في استقبال مجرم الحرب، المدعو إبراهيم غالي، أخطاء جسيمة ارتكبت من قبل رئاسة الحكومة.
فحرصا منه على الحفاظ على ائتلافه الحكومي الهش، فضل الاشتراكي بيدرو سانشيز أن يغض الطرف في مناسبات عديدة على انزلاقات نائب الرئيس السابق للحكومة بابلو إغليسياس المعروف بتأييده للانفصاليين في جبهة “البوليساريو” ولخصوم الوحدة الترابية للمملكة.
كما أن رئيس الحكومة الإسبانية لم يكلف نفسه عناء تنبيه بيدرو إغليسياس رغم مواقفه العدائية للمغرب، تاركا التوترات بين الرباط ومدريد تزداد حدة، قبل أن تأتي قضية المدعو إبراهيم غالي لتصب الزيت على النار.
هذه المناورة المؤسفة تقدم بالتأكيد صورة قاتمة عن إسبانيا، لكنها تظهر قبل كل شيء مدى تمادي هذا البلد في سياق من اللامنطق والسخافة من خلال التضحية بعلاقة ممتازة مع شريك استراتيجي مثل المغرب لحماية جلاد متابع بجرائم شنيعة.
مظهر آخر من مظاهر ازدواجية الخطاب والمواقف، مدريد لم تكن متحمسة للغاية، بل محرجة أمام الدينامية التي أثارها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه؛ وعبرت على لسان وزيرة خارجيتها، غير ما مرة، أن هذا الاعتراف الأمريكي لن يغير بأي حال من الأحوال موقف إسبانيا، التي لا تزال عاجزة عن التخلص من عقدة ماضيها الاستعماري.

***

مصطفى الطوسة: دقت ساعة الحقيقة في العلاقات التي تجمع المغرب بحلفائه الأوروبيين

أكد الخبير السياسي، مصطفى الطوسة، أن ساعة الحقيقة في العلاقات القائمة بين المملكة المغربية وحلفائها الأوروبيين دقت.
وأوضح الخبير السياسي في مقال تحليلي نشر، اليوم الأربعاء، على موقع “أطلس أنفو” أنه “في السفارات الأوروبية، لا بد أن المغرب يشكل موضوع نقاشات مكثفة وتحليلات دائمة. لقد حان الوقت لفك ترميز الرسائل العديدة التي تبعث بها المملكة إلى العواصم الأوروبية. فالوقت ليس مناسبا للتظاهر، الخطابات المزدوجة، وانفصام الشخصية الدبلوماسي. إنها ساعة توضيح الرهانات والمصالح المتبادلة، وإعادة ترتيب العلاقات على ضوء تسارع عجلة التاريخ الذي يشهده النزاع حول الصحراء المغربية”.
وأشار الخبير ضمن هذا المقال التحليلي بعنوان “ساعة الحقيقة في علاقة أوروبا بالمغرب”، إلى أن “المغرب اليوم لا يمكنه الاستمرار في لعب دور الدركي الفعال لأوروبا عند واجهتها الجنوبية، البلد الذي يسهر على استقرارها وتوازناتها، ويشارك في أمنها وازدهارها الاقتصادي، ويعامل في المقابل بنوع من الالتباس وازدواجية الخطاب على أساس سلوكات منافقة ومصالح أنانية”.
وأضاف الخبير السياسي أنه منذ الاعتراف الأمريكي بالسيادة الكاملة للمملكة على صحرائها، عبر المغرب عن أمل مشروع في أن ينخرط حلفاؤه وأصدقاؤه الأوروبيون الذين تجمعه معهم شراكة إستراتيجية، مكتسبة بجهود شاقة، في هذا المسار، ومنح هذا الاعتراف بعدا عالميا كفيلا بإغلاق هذا النزاع المفتعل منذ أزيد من أربعين عاما بشكل نهائي.
وسجل أنه، مع ذلك، خلافا لهذه الانتظارات، “تفاجأت” الدبلوماسية المغربية بأن بعض البلدان الأوروبية لم تدعم هذا المنعطف الأمريكي “الكبير” حول مصير شمال إفريقيا وحسب، لكن الأدهى من ذلك، تبنى بعض “ذوي النوايا السيئة” نهجا يعقد ويشوش مساره.
وفي هذا الصدد، استشهد بمثال ألمانيا، التي تتعامل بمجموعة من المواقف “العدائية مع المغرب كما لو كان بلدا عدوا ينبغي محاربته أو إضعافه”. إسبانيا، من جانبها، منخرطة في لعبة “ازدواجية المواقف”. فمن جهة، تظهر شراكة إستراتيجية وعلاقات حسن الجوار، ومن جهة أخرى، الاستقبال السري للعدو العام رقم واحد لدى المملكة، زعيم ميليشيات “البوليساريو” الانفصالية، المدعو إبراهيم غالي، منتحلا هوية جزائرية مزورة وحاملا لجواز سفر دبلوماسي مزيف منحته إياه الجزائر، لأسباب إنسانية زائفة.
وبحسب مصطفى الطوسة، في هذه الأزمة، جاء الاعتراف الأمريكي بمثابة “كاشف لتناقضات” بعض الدول الأوروبية، التي تريد “من خلال فرض واقع الأشياء” أن يكون “المغرب صديقا مخلصا، حليفا فعالا، ومدافعا شرسا عن مصالحها عند أبواب إفريقيا وبغرب الحوض المتوسطي. وفي ذات الآن تتبنى مواقف تبقيه في وضعية تبعية وسط صراع دائم”.
ويتعلق الأمر -يضيف الخبير السياسي- بمواقف تستمر في تغذية أزمة حدودية مع الجزائر، والتي تخصص لها المملكة “ميزانية دفاعية واستثمارات كبرى”، مشيرا إلى أن هذه الجهود تبذل على حساب ضرورة تكريس ثرواتها وطاقاتها في ضمان أرضية صلبة لإقلاعها الاقتصادي.
وقال “عندما تسائل الدبلوماسية المغربية حلفاءها حول خياراتها المتناقضة، تتقمص كل من مدريد وبرلين دور المندهشين، أولئك الذين يكتشفون فجأة أنه لا يمكن اللعب من دون كسور أو عواقب على كلا الجانبين، التحالف الذي لا غنى عنه مع المغرب، والمساس الدائم بمصالحه الحيوية”.
وأضاف أن الرسالة المغربية الموجهة إلى أوروبا هي “أن الوقت قد حان لمغادرة هذه المنطقة الرمادية للمواقف متعددة الأوجه”، لافتا إلى أن المغرب “يرغب ويحتاج إلى إنهاء هذا النزيف الأمني والاقتصادي بشكل نهائي بخصوص أزمة الحدود مع الجزائر وموريتانيا، ومن أجل ذلك فهو في حاجة إلى موقف أوروبي شفاف يأخذ بعين الاعتبار المصالح الهائلة لأوروبا في هذه المنطقة الإستراتيجية، ألا وهي شمال إفريقيا”.
وأبرز الطوسة في هذا السياق، أنه من الواضح اليوم أن أوروبا التي أبدت مخاوفها بشأن موجات الهجرة المحتملة القادمة من إفريقيا ستحتاج بشكل عاجل إلى التفكير في موقف مشترك للدفاع عن مصالحها.
وقال “إما أن تشجع أوروبا الاستقرار السياسي وتعزز شراكتها الإستراتيجية مع المغرب، البلد المحوري في المنطقة، والقوة الإقليمية الوازنة، أو تختار الاستمرار في الإبحار وسط المياه المضطربة للتواطؤ مع قوى الشر، والفوضى، والحرب وزعزعة الاستقرار، التي يجسدها النظام الجزائري ودميته العسكرية +البوليساريو+”.
وخلص إلى أن “ساعة الحقيقة في العلاقات بين المملكة المغربية وحلفائها الأوروبيين قد دقت. وبما أنه لا يمكن تصور تخلي المغرب عن متر واحد من سيادته على صحرائه التاريخية، فيرجح أنه دخل في منطق حتمي للحقيقة في طريقة تفكيره بشأن علاقاته المستقبلية مع أوروبا، حتى ينال الرضا مهما كان الثمن السياسي”.

****

خطري الشرقي: إسبانيا متوجسة من المكاسب التي حققها المغرب في ملف وحدته الترابية

قال خطري الشرقي، باحث في العلوم السياسية والإعلام بجامعة ابن زهر بأكادير، “إن إسبانيا متوجسة من المكاسب التي حققها المغرب في ملف وحدته الترابية”.
وأبرز الأستاذ الجامعي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التوتر الذي يطبع حاليا العلاقات بين البلدين يعود إلى ما حققه المغرب من مكاسب دبلوماسية بخصوص وحدته الترابية، خاصة القرار التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه وفتح قنصليات العديد من الدول في مدينتي العيون والداخلة بالصحراء المغربية.
وأضاف الأكاديمي أن المواقف الأخيرة لإسبانيا تعتبر “سلوكا معاديا” للمغرب، خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، التي تعد خطا أحمر بالنسبة للمغاربة، مشيرا إلى أن المغرب يمتلك مجموعة من أوراق القوة التي تخول له الدفاع عن قضاياه الوطنية بثبات واستماتة.
وقال الأكاديمي “إن الحكومة الإسبانية الحالية، المكونة من خليط غير متجانس من توجهات سياسية مختلفة، أساءت تدبير عدد من القضايا والملفات مع المغرب”، مشيرا إلى أن الطرف الإسباني لم يستوعب التحولات الكبرى التي طرأت على الواقع الإقليمي، وخاصة على مستوى طبيعة الملفات الجديدة بين البلدين.
وأضاف الأكاديمي أنه في الوقت الذي كان يتعين فيه على إسبانيا الدفع بعقد القمة المشتركة رفيعة المستوى، التي لم يحدد لها بعد أي موعد، بعد تأجيلها عدة مرات، سارعت إلى استضافة المدعو إبراهيم غالي، زعيم انفصاليي “البوليساريو”، والمتابع من طرف القضاء الاسباني بتهم الإبادة الجماعية والإرهاب.
وذكر الأكاديمي أن علاقات الشراكة بين المغرب وإسبانيا، القائمة على المصالح المشتركة بين البلدين، لا يمكن أن تكون على حساب مصالح المغرب، مشيرا إلى أن المملكة المغربية، المتمسكة بمبادئ حسن الجوار والشراكة والثقة، لم تدخر جهدا في الاحترام الكامل لالتزاماتها بهدف بناء علاقات ثنائية مثمرة قائمة على الثقة والتفاهم المتبادل، وتنميتها والحفاظ عليها من التقلبات الظرفية.
وخلص الباحث إلى أن جهود و قرارات المغرب السيادية في مجال الأمن والهجرة والدفاع عن المصالح الاستراتيجية للمملكة لا يمكن أن تخضع للمساومة وللمصالح الضيقة للدول الأخرى.

***

محمد الغالي: استقبال مجرم حرب في إسبانيا مساس بالعلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد

أكد المحلل السياسي والجامعي، محمد الغالي، أن إسبانيا مست بشكل سلبي، بعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، عندما استقبلت زعيم عصابة “البوليسايو”، المتابع على خلفية جرائم إبادة وإرهاب، بهوية مزورة وجواز سفر جزائري.
وقال الغالي، مدير مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات التابع لجامعة القاضي عياض، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “مدريد لم تحترم، عبر هذا العمل المتعمد، التقاليد الدبلوماسية في مجال حسن الجوار والشراكة، في خرق سافر للاتفاقيات التي تربط المغرب بإسبانيا”.
وفي هذا الصدد، أكد الجامعي أن التبريرات الإنسانية التي قدمتها إسبانيا تمس بانخراط المغرب في توطيد شراكة قوية مع الاتحاد الأوروبي، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب، والاتجار في المخدرات، والاتجار في البشر والهجرة غير الشرعية.
وأكد الغالي، إن إسبانيا يجب أن تحترم الوحدة الترابية للمغرب برفضها جعل أراضيها ملجأ لأعداء الوحدة الترابية للممكلة، داعيا مدريد إلى تقديم زعيم انفصاليي “البوليساريو” إلى العدالة، المتابع على خلفية جرائم إبادة جماعية، والاغتصاب والإرهاب وجرائم حرب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان إزاء الضحايا الإسبانيين والصحراويين.
وفي هذا الصدد، أوضح الجامعي أن “مدريد خرقت قوانينها الخاصة، وكذا القانون الدولي، عندما سمحت لجلاد متابع على خلفية جرائم إبادة جماعية والإرهاب بالدخول على ترابها من دون عقاب”.

****

عبد الفتاح البلعمشي: إسبانيا تهدد التراكم الذي حققه البلدان على مستوى العلاقات الثنائية

أكد عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن إسبانيا، بمواقفها الأخيرة اتجاه المغرب، تهدد التراكم الذي حققه البلدان على مستوى العلاقات الثنائية.
وأوضح، في تصريح لإذاعة الأخبار المغربية (RIMRADIO) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء أن، “هناك جزءا من التفكير داخل إسبانيا لا يحاول أن يواكب التطور الذي حققه المغرب على المستويين السياسي والاقتصادي، والأدوار الإقليمية التي أصبح يضطلع بها، ولا زال يفكر بالمنطق الامبريالي في علاقته بالمغرب، وهذا لم يعد مقبولا أمام التوازنات الإقليمية سواء التي فرضها المغرب في محيطه، أو التوازنات الدولية في شمال إفريقيا عموما”.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن التوتر الأخير في العلاقات الإسبانية المغربية يمكن طرحه في سياق معين، موضحا أنه ”منذ الإقرار الأمريكي بمغربية الصحراء في العاشر من دجنبر من السنة الماضية، لاحظنا سلوكات غير مفهومة من قبل الإدارة الاسبانية، وعدم وجود أي رد فعل في ما يتعلق بقضية الصحراء بل بالعكس لاحظنا تقارير إعلامية ومجموعة من السلوكات الإدارية المرتبطة بالتعامل مع المغرب كلها توحي بأن هناك تصور مغاير لما ألفناه في العلاقات بين المغرب وإسبانيا”.
وأبرز أن هذا “التوجه السياسي الذي يعاكس طرحنا الوطني في حل نزاع الصحراء، لم يعد مقبولا لدى المغرب، على اعتبار أنه دولة أساسية وموثوق بها في التزاماتها الدولية ، وكذا دولة أساسية في حماية الأمن في شمال إفريقيا وفي أوروبا انطلاقا من سياستها في الهجرة “، وهو ما يجعل من المملكة ” دولة لا يمكن الاستغناء عنها في التعاون الأمني وفي مواجهة الإشكالات الكبرى التي تواجهها المنطقة “.
وشدد على أن المغرب يتوفر على أوراق مهمة “في مواجهة معاكسة مصالحه من قبل إسبانيا في الآونة الأخيرة“.
فالمغرب، يقول البلعمشي، “أمام مجموعة من التطورات على المستوى الاقتصادي والسياسي وعلى مستوى العمق الإفريقي والسياسة الخارجية ، أصبح وكأنه يقول لا يمكن الاستمرار في نفس التوازنات”، مبرزا أن المملكة أمام توازنات جديدة يجب أن تستفيد منها سواء في الأبعاد السياسية أو الاقتصادية .
واعتبر أن استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي، زعيم جبهة “البوليساريو”، للاستشفاء بمستشفى حكومي وتحت رعاية الإدارة والاستخبارات الاسبانية ، ودخوله إلى إسبانيا بهوية واسم مزورين، وبإيعاز من الإدارة الجزائرية، “خرق في الصميم لمبادئ التعاون في ما يتعلق بالجوانب الأمنية في مابين الدول”، مسجلا أن المغرب لم يحط علما بهذه المعطيات، وكانت هناك مبررات لا أساس لها من الصحة، مرتبطة بالبعد الإنساني.
وخلص عبد الفتاح البلعمشي إلى أن المستقبل والأمن المشتركين بين المغرب وإسبانيا، يفرضان تجاوز التوتر في علاقاتهما، إثر المواقف والقرارات الاسبانية في الأشهر الأخيرة.

***

عندما يخرج الاتحاد الأوروبي عن جادة الطريق في الأزمة بين المغرب وإسبانيا

> عادل الزعري الجابري (و.م.ع)

قام الاتحاد الأوروبي، الذي تعد آلته الدبلوماسية باهتة التأثير على الساحة السياسية الدولية، بزج نفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، ولكن للدفاع عن “أوروبية” الثغريين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية.
ففي خروج غريب على أمواج محطة إذاعية إسبانية، اتهم نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، المغرب بـ “ابتزاز” أوروبا عن طريق الهجرة.
هكذا، قال “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل إنها مشكلة جميع الأوروبيين”.
فإذا كان الأمر يتعلق بإثبات مخلفات الماضي الاستعماري الذي تواصل أوروبا الدفاع عنه في وضح النهار، بينما نعيش في القرن الـ 21، فإن هذا التصريح المفاجئ يعكس شعورا مستترا بالكاد للتسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع “البلدان الأجنبية”.
كما يعكس هذا الخروج عن جادة الطريق مدى هشاشة أوروبا وقصر نظرها، عندما يتعلق الأمر باتخاذ موقف بخصوص قضايا مهمة من قبيل الهجرة أو الأمن. بالأمس، كان ذلك مع تركيا وروسيا، واليوم، جاء الدور على المغرب ليعاني من وقع إحباطات أوروبا منعدمة الكفاءة والفاقدة لمعالم الطريق.
ويظهر تصريح المسؤول الأوروبي، أيضا، كيف يمكن للاتحاد الأوروبي، المنغمس في حسابات سياسية ضئيلة، أن ينسى في جزء من الثانية جهود المغرب في تدبير أزمة الهجرة بروح من المسؤولية، الرصانة، والوفاء تجاه شركائه. ليس بوسع إسبانيا وأوروبا قول خلاف ذلك.
السيد شيناس نسي، أيضا، أن يعترف بأنه إذا كانت إشكالية الهجرة لا زالت قائمة منذ عدة سنوات مع مئات الموتى في المحصلة والكثير من الغرقى في عرض المتوسط، فإن ذلك يعزى أولا وقبل كل شيء إلى الإخفاقات المتتالية للاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول شاملة، منسقة وقابلة للتطبيق مع بلدان المصدر والعبور.
الهجرة هي قضية جدية. فالأمر لا يتعلق بمنح الأموال أو بتصدير مشكلة أوروبية في المقام الأول. لا يمكن لأوروبا إحاطة نفسها بسياج والرمي بجمرة ملتهبة لـ “الدول الأجنبية”. يبدو أن فكرة أوروبا “الحصن” المفضلة لدى أقصى اليمين المعادي للأجانب والعنصري، تجد صدى لها في بروكسيل.
كما ألمح نائب رئيسة المفوضية الأوروبية إلى “توظيف” المغرب لملف الهجرة، ضاربا عرض الحائط الجهود الحثيثة والدؤوبة المبذولة من طرف المملكة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية. ونسي كذلك بأن المغرب هو بلد ذو سيادة وأنه ليس دركيا لأوروبا.
السيد شيناس يتجاهل أو يتظاهر بتجاهل المعطي الذي يفيد بأن المغرب كان أول بلد في المنطقة يتبنى سياسة وطنية للهجرة ذات طابع إنساني جنبت أوروبا “عبء” التكفل بآلاف المهاجرين، لاسيما المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين يندمجون اليوم على نحو جيد ضمن النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمملكة دون أي تمييز، على غرار باقي مواطني البلد.
وقد أكسبت سياسة الهجرة الناجحة هاته المغرب موقعا رياديا على مستوى إفريقيا والحوض المتوسطي. حيث تتقاطع الرؤية الإقليمية والقارية للمملكة مع التزامه الدولي كفاعل دينامي ومتضامن في هذا المجال.
يذكر أن المملكة استضافت في دجنبر 2018 المؤتمر الدولي للهجرة برعاية الأمم المتحدة، والذي تم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة، المنظمة والنظامية. وليس هذا المغرب، المسؤول، الملتزم والمنخرط على أعلى مستوى في البحث عن حلول وتوافقات مبتكرة في التفكير والتدبير العالميين لهذه المشكلة، هو الذي “سيوظف” المهاجرين ويلقي بمواطنيه في عرض البحر بدافع نزوة أو حقد قصد استهداف بلد جار. وسيتذكر المغرب في المقابل، أن الاتحاد الأوروبي، المداهن والجامد، لم يتمكن من التعليق على استقبال إسبانيا لمجرم حرب على أراضيها.
أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فيحق له التساؤل عن سبب الترحيب بهذا المدان سيئ السمعة، الذي صدرت في حقه مذكرة اعتقال أوروبية، والذي يستقبل كشخصية مهمة على التراب الأوروبي، بينما يتم التخلي عن آلاف اللاجئين الفارين من الفقر، المجاعة والحروب في عرض البحر؟.

****

امحمد بلعربي: العلاقات بين المغرب وإسبانيا تستحق تموضعا استراتيجيا جديدا

أكد الأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض، امحمد بلعربي، أنه ينبغي للحكومة الإسبانية الحالية أن تراجع أوراقها في ما يتصل بعلاقاتها مع المغرب، التي تستحق تموضعا استراتيجيا جديدا.
 وأبرز الأكاديمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “من المهم التذكير بأن الفرص التي أتاحها الاعتراف الأمريكي بمغربية للصحراء، وافتتاح قنصليات لبلدان صديقة بالأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى تعزيز الدور القاري للمملكة، ينبغي أن تدفع الدولة الإسبانية إلى مراجعة أوراقها في علاقاتها مع المغرب”.
غير أن بلعربي لاحظ، أن حماية إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي، زعيم انفصاليي “البوليساريو”، المُلاحق بتهم جرائم شنيعة وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، “تكشف أن الحكومة الإسبانية لا تبدي أية إرادة سياسية في هذا الاتجاه”.
وبرأيه فإن الحجة التي قدمتها مدريد، والتي تتعلق بأسباب “إنسانية”، لا تبدو مقنعة لكون زعيم “البوليساريو” يتابع من قبل العديد من الضحايا بإسبانيا، وبالتالي كان ينبغي إحالته على القضاة بمجرد وصوله إلى التراب الإسباني.
واعتبر الأكاديمي، أن هذا الحادث الدبلوماسي ينبغي أن يدفع الدولة الإسبانية إلى مراجعة أولوياتها، لأنه “من الصعب ألا يرى المغرب في هذا التصرف غير الودي، رغبة لمدريد في الحفاظ على مصالحها مع الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة +البوليساريو+”.
وبخصوص دور المغرب في الحفاظ على التوازن الإقليمي بين ضفتي المتوسط​​، يرى الخبير أن هذا التعاون “ينبغي أن يتأسس على ثقة متبادلة بين الطرفين، حيث ينتظر المغرب في المقابل دعما غير مشروط لحقوقه المشروعة في أقاليمه الجنوبية”.
وخلص إلى القول إنه يبدو أن الحكومة الإسبانية الحالية تضحي بعلاقاتها الاستراتيجية مع المغرب من أجل مكاسب أو عائد في مجال الطاقة قد يتم تحقيقه من خلال علاقتها مع الجزائر.

****

مدريد تصر على تسميم العلاقات الإستراتيجية مع الرباط

> محمد توفيق الناصري (و.م.ع)

تجتاز العلاقات بين المغرب وإسبانيا، التي توصف منذ فترة طويلة بالممتازة والاستراتيجية من الجانبين، مرحلة من التوتر الشديد بسبب قرار مدريد، غير محسوب العواقب، باستقبال المدعو إبراهيم غالي بهوية جزائرية مزيفة، والمتابع من قبل العدالة الإسبانية بتهمة الإبادة الجماعية والإرهاب.
ومن الواضح أن الوصول السري لزعيم الميليشيات الانفصالية إلى إسبانيا يمثل ضربة قوية للعلاقات الثنائية التي استمرت لسنوات على أساس الصداقة والمصالح المشتركة والثقة المتبادلة.
لا يضر هذا القرار فقط بالعلاقات بين مدريد والرباط، بل يقوض أيضا مصداقية القضاء الإسباني، الذي انتقدت استقلاليته عدة مرات في معالجته لملفات حساسة، لاسيما أنه يدعي الاختصاص الدولي لمحاكمة الأجانب المشتبه في ارتكابهم جرائم خطيرة خارج أراضيه الوطنية.
الاستغراب من موقف مدريد بلغ ذروته اعتبارا لكون مواطنين إسبان كانوا أيضا ضحايا لأعمال إرهابية اقترفتها البوليساريو.
فزعيم الانفصاليين متهم بارتكاب «اغتيالات في حق عمال كناريين» في منطقة الصحراء، فضلا عن كونه «المسؤول الذي أمر بتنفيذ عمليات الاغتيال والخطف الجماعي والاختفاء في حق البحارة الكناريين في أعالي البحار أثناء الحرب خلال الفترة الممتدة ما بين 1973 حتى نهاية 1986».
ولا يمكن للدافع «الإنساني» الذي قدمته السلطة التنفيذية الإسبانية لإعطاء الضوء الأخضر لوصول المدعو ابراهيم غالي إلى أراضيها قادما من الجزائر، أن يبرر الخطوة التي تبنتها لهذه العملية السرية الجديرة بتحويلها إلى فيلم سينمائي عن التجسس.
وكان من الممكن اعتبار هذا القرار عملا غير محسوب لو قدمت مدريد «إجابة مرضية ومقنعة» عن الأسئلة المشروعة التي طرحتها المملكة حول هذا الموضوع.
وفي غياب مثل هذه الإجابة، يحق لنا أن نتساءل عن الأهداف الحقيقية لهذا الفعل ذي النية السيئة، إن لم نقل الاستفزازي، حيث كان من الممكن توقع عواقبه الخطيرة على العلاقات المغربية الإسبانية حتى بالنسبة للمبتدئين في العلاقات الدولية.
الشك في الذريعة التي قدمتها إسبانيا له ما يبرره إذا علمنا، بحسب وسائل الإعلام الإيبيرية، أن حكومة سانشيز قررت استقبال زعيم الانفصاليين رغم التحفظات التي عبرت عنها بعض الأطراف حول هذا الموضوع.
وتؤكد الحكومة الاسبانية الحالية، من خلال التصرف بهذه الطريقة، عنادها في إلحاق الضرر بالعلاقات الاستراتيجية مع الرباط التي سعت المملكة دائما إلى تعزيزها من خلال إجراءات ملموسة في العديد من المجالات، ضمنها الاقتصادية والتجارية والأمنية وقضايا الهجرة.
وفي إشارة إلى الانتهاك الصارخ لمبادئ حسن الجوار بين الدول والوضوح في العلاقات الدولية، فإن رفض إسبانيا إلى غاية الآن تصحيح الوضع من خلال تقديم إجابات قاطعة للمملكة يجعل الشك يخيم على مستقبل العلاقات الثنائية.
«لماذا اعتبرت السلطات الإسبانية أنه لا داعي لإبلاغ المغرب؟، لماذا فضلت التنسيق مع خصوم المغرب؟، هل من الطبيعي أن نعلم بهذا الأمر من الصحافة؟»، كلها أسئلة تطرق إليها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في حوار خص به وكالة الأنباء الإسبانية»إفي»، لكنها تظل بدون إجابة.
إن الحزم الذي أبداه المغرب في هذه القضية، والذي تجلى في مواقف الرفض والاستياء التي أعربت عنها الحكومة والأحزاب السياسية والإعلام والخبراء والمجتمع المدني، ربما فاجأ الجار الإسباني الذي لم يتوقع مثل هذه الجبهة الموحدة ضد قراره.
لا تقوم مدريد، التي تصر على إنكار خطئها، سوى بتأكيد الشكوك حول دوافعها الحقيقية وراء استقبال زعيم ميليشيات البوليساريو، لهذا فإن التخلي عن الغموض، الذي يميز موقفها، هو السبيل الوحيد لإنهاء هذه الحلقة المؤسفة في العلاقات الثنائية والتطلع إلى مستقبل أفضل.

***

فوزية الطلحاوي: إسبانيا ارتكبت خطأ “جسيما” في حق المغرب

قالت العضو السابق بمجلس الشيوخ البلجيكي، فوزية الطلحاوي، الأربعاء، إن إسبانيا ارتكبت خطأ “جسيما” في حق المغرب، باستقبالها للمدعو إبراهيم غالي، المتابع من طرف العدالة الإسبانية على خلفية جرائم حرب والمتورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأكدت الطلحاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن إسبانيا عليها “احترام” المغرب والأخذ بعين الاعتبار مبادئ حسن الجوار في علاقاتها مع هذا الشريك الإستراتيجي.
وقالت إن “المغرب يعد شريكا بالغ الأهمية بالنسبة لإسبانيا من الناحية التجارية، لكن أيضا على المستويات الدبلوماسية، والعسكرية، والاجتماعية والأمنية”، منددة بسلوك الحكومة الإسبانية الذي يمس بالعلاقات التي تجمع البلدين.
وتساءلت الطلحاوي “لا أفهم لماذا عرضت إسبانيا علاقة كهذه للخطر؟”، معتبرة أن هذه القضية تهدد، أيضا، بإثارة توتر مع الاتحاد الأوروبي.
وأكدت النائبة البلجيكية السابقة أن المزيد من الأصوات تتعالى من أجل محاسبة المدعو إبراهيم غالي على مختلف جرائمه، مشددة على أن الحكومة الإسبانية مدعوة لـ “إعطاء إشارة قوية، عبر الحيلولة دون فرار هذا المجرم من أيدي العدالة، وإلا فإنها ستفقد مصداقيتها في أعين مواطنيها”.
وتابعت الطلحاوي “إسبانيا مخطئة في التقليل من شأن المغرب عندما يتعلق الأمر بصحرائه”، مضيفة أن سلوك مدريد يتعارض مع علاقات حسن الجوار ويعادي الوحدة الترابية للمملكة.

****

عز الدين خمريش: إسبانيا أبانت عن موقف عدائي واضح اتجاه المغرب وقضيته الوطنية الأولى

اعتبر الباحث الجامعي عز الدين خمريش أن إسبانيا، ومن خلال استفزازاتها الأخيرة للمملكة، أبانت عن موقف عدائي واضح اتجاه المغرب وقضيته الوطنية الأولى.
وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بهذا الخصوص، إن «إسبانيا طعنت المملكة من الخلف، وهذا سلوك ينم عن رؤية سياسية لا تحترم قيم ومبادئ حسن الجوار التي دأب المغرب على احترامها دوما»، مشيرا إلى أن المواقف الأخيرة لإسبانيا اعتبرها المغرب سلوكا معاديا اتجاهه، خاصة في ما يتعلق بقضية وحدته الترابية، التي تعد خطا أحمر بالنسبة إليه.
وأكد، في هذا الإطار، أن المغرب يمتلك مجموعة من أوراق القوة التي تخول له الدفاع عن قضاياه الوطنية بثبات واستماتة، وهو اليوم يوجه رسالة إلى إسبانيا تفيد بأنه يتعين عليها أن تختار إما الاصطفاف إلى جانب أعداء المملكة وخصومها، أو الدخول في شراكة استراتيجية مع المغرب، لاسيما أنها هي المستفيد الأكبر من العلاقات التي تربطها بالمغرب.
وأشار خمريش إلى أن التوتر والتشنج الذي يطبع حاليا العلاقات بين الطرفين مرده إلى المواقف الاستفزازية التي صدرت عن إسبانيا مؤخرا، والتي تمس بالمصالح الجيو استراتيجية للمملكة المغربية، التي كانت حريصة باستمرار على احترام كل الاتفاقيات والمعاهدات وقيم حسن الجوار والتسامح.
وذكر بأن العلاقات بين الجارين كانت تحتكم إلى قيم حسن الجوار والأعراف الديبلوماسية والتاريخ المشترك للمملكتين، خاصة وأن الجارة الإيبيرية هي ثاني شريك على المستوى التجاري والاقتصادي للرباط، غير أن إسبانيا قوضت هذه العلاقات بتحالفها مع أعداء المغرب.
وأكد أن مدريد لا يمكنها أن تنكر أن المغرب هو رقم صعب في المعادلة الإقليمية، ويعتبر حليفا استراتيجيا أساسيا، فهو بحكم موقعه الجغرافي صلة وصل بين إفريقيا وأوروبا، وبالتالي عليها أن تعيد التفكير وتقوم بخلخلة بنية توجهاتها الاستراتيجية في تعاملها مغ المغرب وقضيته الوطنية الأولى.
وبخصوص استقبال إسبانيا لمجرم الحرب المدعو إبراهيم غالي على أراضيها، اعتبر الباحث أن ذلك ليس إلا محاولة أخرى من محاولاتها لابتزاز المغرب ومقايضته عن طريق التشويش والتحالف مع خصوم وحدته الترابية، مضيفا أن المغرب لم يتلق من إسبانيا أية توضيحات أو إجابات واضحة عن أسئلته بهذا الخصوص، وهو ما يمكن اعتباره تصرفا مجانبا لقيم الجوار والأعراف والثوابت الديبلوماسية.
فما قامت به إسبانيا، برأي خمريش، هو موقف عدائي اتجاه جميع المغاربة الذين لا يسمحون لأحد بالتطاول على وحدتهم الترابية وسيادة بلادهم على أقاليمها الجنوبية، وعليه فمن حق المملكة أن ترد على هذه الاستفزازات والسلوكات العدوانية بما تراه مناسبا، وبما يدفع الجارة الشمالية إلى مراجعة سياستها الخارجية اتجاه المغرب الذي يعد لاعبا دوليا لا يمكن الاستغناء عنه إقليميا ودوليا.
ولفت إلى أن المغرب يمتلك مجموعة من الحلفاء والداعمين الأقوياء لمواقفه على مستوى هيئات ومنظمات القرار الدولي، مبرزا أن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية أزعجت بعض الدول وفي مقدمتها إسبانيا.
وذكر أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل أرضا خصبة للاستثمارات الأجنبية، ما جعلها تحظى باهتمام العديد من دول العالم، بما في ذلك الشركات العالمية الكبرى.
وبالنسبة لخمريش، فإن افتتاح الولايات المتحدة لقنصلية ذات طابع تجاري بمدينة الداخلة يعكس بوضوح تلك الأهمية الاقتصادية والاستثمارية، وهو ما يزعج إسبانيا وبعض الدول مثل ألمانيا، إذ بدأت هذه الدول تشوش على المملكة من خلال توظيفها للقضية الوطنية للحصول على مكاسب وامتيازات اقتصادية وتجارية.

Related posts

Top