صنف التقرير السنوي الذي تضعه منظمة الشفافية الدولية، (ترانسبارانسي) الصادر برسم سنة 2016، المغرب في المرتبة 90 من بين 176 بلدا في سلم الرشوة وغياب الشفافية، محتلا المرتبة التاسعة في مجموعة الدول العربية.
وقال عز الدين أقصبي، عضو المجلس الوطني للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، خلال تقديمه لنتائج مؤشر إدراك الرشوة لسنة 2016، أول أمس، بالرباط، “إن المغرب بالرغم من التصريحات السياسية المعلنة التي توجت بإقرار الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة والتدابير المتخذة من أجل الحد والقضاء على الرشوة والفساد، فإنه مافتئ يواجه صعوبات للخروج من مأزق انتشار الرشوة “، مسجلا أن الرشوة أصبحت ظاهرة مزمنة ونسقية داخل المجتمع.
وأضاف أقصبي أن الترتيب الذي حصل عليه المغرب في تقرير هذه السنة وتسجيله لتقدم بنقطة واحدة لم يمنع تراجعه خطوات للوراء مقارنة بالسنوات الماضية، حيث حصل على نتائج أفضل نسبيا في بداية العشرية لسنة 2000، ثم تراجع ترتيبه طيلة السنوات الماضية.
وأرجع أقصبي هذه النتائج السلبية على مستوى محاربة الرشوة والفساد التي تنتشر بشكل مريب داخل دواليب الإدارة العمومية، إلى الاختلالات في الحكامة، معتبرا أن ذلك يرجع إلى التماطل في تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة التي مر على وضعها حوالي 17 شهرا، ومتسائلا إن كان الأمر يتعلق بمجرد استراتيجية للترويج الإعلامي في ظل غياب الإرادة السياسية لدى الدولة من أجل العمل فعلا على محاربة الرشوة والفساد بشكل حقيقي.
وقال فؤاد عبد المومني الكاتب العام لجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، في رد على سؤال لبيان اليوم، حول ما إذا كانت الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة لا تعد في حذ ذاتها تعبيرا عن توفر الإرادة السياسية لدى الدولة لمحاصرة الفساد والقطع مع الرشوة، إن جمعيته “ساهمت في بلورة هذه الاستراتيجية، وهي تؤمن بها، وأنها حين تقول بغياب الإرادة، فهي بذلك تعلن عن بعض المؤاخذات التي لها في هذا الجانب، وتتعلق بعدم التنزيل على أرض الواقع لما تضمنته هذه الاستراتيجية من تدابير مهمة من شأنها المساهمة في محاربة الرشوة والفساد”.
وأضاف عبد المومني أنه ليست هذه المرة الأولى التي تضع فيها الحكومة سياسة وطنية لمحاربة الرشوة، فقد سبق على عهد الحكومات السابقة، سواء حكومة عبد الرحمان اليوسفي أوحكومة ادريس جطو، أو عباس الفاسي، أن تم الإعلان عن اتخاذ إجراءات في هذا المنحى، لكنها لم تتمكن من تحقيق نتائج تذكر على مستوى التقليص من انتشار آفة الرشوة والفساد، مشيرا إلى أن “إحالة وزارة العدل والحريات قبل أشهر لملفات الرشوة على القضاء يعد أمرا جيدا، لكن تلك الملفات يتابع فيها أشخاص في قضايا رشوة صغيرة وليس الرشاوي الكبيرة”.
ومن جانبه، اعتبر عبد الله حارسي نائب الكاتب العام لترانسبارنسي المغرب، أن الجمعية كانت الوحيدة داخل المجتمع المدني التي استجابت لنداء الحكومة، وساهمت في بلورة الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، وهي الاستراتيجية التي تم بالفعل اعتمادها، لكن التقرير المرحلي الذي أعد مؤخرا بخصوص تفعيلها والذي ينتظر أن يتم الإعلان عنه رسميا، “رصد صعوبات في تنزيل هذه الاستراتيجية، خاصة على مستوى آلية التنسيق القطاعية، حيث يسجل عدم التفاعل بشأنها من طرف القطاعات المعنية”.
وكشف حارسي أن آلية التنسيق التي تضمنتها الاستراتيجية لا تشتغل، حيث أن لائحة الأسئلة التي وجهت للقطاعات الوزارية لمعرفة مدى تفعيل التدابير التي أقرتها الاستراتيجية لمحاصرة الرشوة داخل دواليب الإدارة، بقيت دون إجابة، ولم تأخذ الجهات المعنية عناء التفاعل معها.
هذا، وكشف التقرير السنوي لمنظمة ترانسبارني الدولية برسم 2016، عن احتلال الدانمارك ونيوزيلاندا المراتب الأولى بنقطة 90 على 100 ضمن 176 التي خضعت لتحقيقات مؤشر إدراك الرشوة برسم سنة 2016، فيما أظهر ترتيب دول المنطقة العربية في سلم مؤشر مدركات الفساد لهذا العام، أن غالبية الدول المنطقة تراجعت تراجعا ملحوظا، حيث أن 90 في المائة من هذه الدول حققت أقل من نقطة 50 على 100، وبقيت كل من دولة الإمارات العربية وقطر رغم تراجعهما فوق المعدل، فيما حققت تونس والأردن بعض التحسن الطفيف بالنظر لاتخاذهما عدد من الإجراءات على مسار محاربة الفساد والرشوة.
واعتبرت ترانسبارنسي الدولية أنه، بالرغم من مرور ست سنوات على بداية التغيير في المنطقة، إلا أن هذا التغيير لم يحصد بعد نتاجه على صعيد مكافحة الفساد ووضع حد للإفلات من العقاب، وأفادت أن غالبية الدول العربية لم تستطع تحقيق نتائج حقيقية تعكس إرادة الشعوب في بناء أنظمة ديمقراطية فعالة تعطي مساحة للمساءلة والمحاسبة.. ورصدت المنظمة أن 6 من أكثر 10 دول فسادا في العالم توجد في المنطقة العربية، ممثلة في سوريا، والعراق، والصومال، والسودان، واليمن وليبيا، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى انعدام الاستقرار السياسي والنزاعات الداخلية والحروب وتحديات الإرهاب.
فنن العفاني