تجري اليوم الجمعة، سادس غشت، انتخابات الغرف المهنية، وكانت قد أقيمت أيضا من قبل انتخابات مندوبي الأجراء وممثلي الموظفين في اللجان الثنائية، وسيتواصل باقي المسلسل الانتخابي الذي من المرتقب استكماله يوم ثامن شتنبر بالانتخابات البرلمانية والجماعية.
انتخابات الغرف المهنية، تشمل اليوم الغرف الفلاحية وغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري، ويتم تنظيمها طبقا لأحكام المرسومين الصادرين في: 12 ماي 2021، بشأن تحديد تاريخ انتخاب أعضاء الغرف المهنية، وتعرف تنافس 12 ألف و383 ترشيحا، ضمنها 2614 ترشيحا بدون انتماء حزبي، يسعون كلهم للفوز بشغل 2230 مقعدا.
تقام انتخابات الغرف المهنية هذه السنة ضمن سياق سياسي ومجتمعي خاص، تميزه أساسا تداعيات الجائحة، وهو ما انعكس على الآجال المخصصة لإيداع الترشيحات وإقامة وأشكال الدعاية والحملات، كما غاب عن هذه المحطة النقاش السياسي والإعلامي المواكب، خصوصا عبر الإعلام السمعي البصري، إضافة إلى أن قوائم الترشيحات المودعة ميزها ضعف كبير في الترشيحات النسائية.
هذا الموعد الانتخابي، بقدر ما أنه يعني ناخبين معينين، فهو مع ذلك لن يخلو من مؤشرات قد تسعف في توقع وقراءة مجريات باقي مواعيد المسلسل الانتخابي لهذه السنة.
الملاحظة المركزية الأولى تبرز من خلال “بروفيلات” المرشحين، ذلك أن التعداد البشري، بشكل عام، لم يتسم بتجديد كبير ولافت، وإنما فرض “السوق الانتخابي” أسماءه المألوفة في أغلب الحالات، كما أن الترشيحات حكمتها خطط واستعدادات و”اتفاقات” الترشيح لباقي الاستحقاقات المقبلة، ومن ثم النتائج المرتقبة سيكون لها امتدادها أيضا في معادلات وتركيبات باقي الهيئات التمثيلية.
لا بد أن نستحضر هنا كذلك كون انتخابات الغرف المهنية ينبثق عنها جزء من “الناخبين الكبار”، وأيضا ممثلو الغرف في مجلس المستشارين، كما أن هذه الغرف تكون لها تمثيلية في بعض مجالس الحكامة، على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي…
وترتيبا على ما سلف، تكتسب انتخابات الغرف المهنية أهميتها إذن اعتبارا لامتداد التواجد والأثر، وصلتها أو عضويتها في مؤسسات أخرى، ومن ثم يعتبر رهانها الأول هو، بالذات، ترسيخ وتقوية البناء المؤسساتي في البلاد، وتثبيت الخيار الديمقراطي، وتقوية المنظومة التمثيلية الوطنية.
أما الرهان الثاني، فيرتبط بأدوار هذه الغرف المهنية نفسها، وما منحه لها المشرع من صلاحيات واختصاصات.
وإن كانت هذه الصلاحيات في حاجة إلى المزيد من التعزيز والتوضيح، فللغرف، على كل حال، أدوار أساسية في مواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجهات والأقاليم، وهي بذلك شريك تنموي مهم، وفاعل في المواكبة والتأطير والتمثيل والفعل على صعيد القرار التنموي المحلي.
هذه السنة تطرح أمام الغرف المهنية تحديات جوهرية تتمثل، خصوصا، في تطبيق النموذج التنموي الجديد، وإنجاح رهانات خطة إنعاش الاقتصاد والتخفيف من تداعيات تفشي الجائحة وتعزيز مناخ الأعمال، علاوة على المساهمة والحضور في ديناميات مشاريع وبرامج صندوق محمد السادس للاستثمار، وبالتالي أن تلعب دورها كاملا في كسب هذا الرهان التنموي الجوهري.
للنجاح في مختلف هذه الأدوار، يقتضي الأمر تشكيل هذه الغرف المهنية من كفاءات ذات خبرة، وتمتلك المصداقية اللازمة، وذلك لكي تستطيع بلادنا أيضا تحقيق النجاح اللازم من حرصها على الخيار الديمقراطي التمثيلي، ومن إصرارها على تحدي مخاطر زمن الجائحة وتنظيم المواعيد الديمقراطية في وقتها.
إن مجريات الاستعداد لانتخابات الغرف المهنية خلال الأيام الأخيرة لم تخل، برغم كل ما سبق، من ممارسات غير قانونية، ولم تغب عنها الضغوط في حق عدد من المرشحين أو المرشحين المحتملين أو الناخبين، والسعي، بالتالي، لصنع خرائط مفتعلة، وكل هذا يكشف عن مقدمات سلبية لا شك ستؤثر في معادلات مواعيد قادمة، خاصة على مستوى انتخابات مجلس المستشارين ومجالس الجهات والجماعات المحلية، ولهذا لا بد من تقوية اليقظة والحذر من طرف السلطات الإدارية والقضائية الموكول لها السهر على نزاهة كل الاستحقاقات، ومحاربة كل أشكال الضغط والابتزاز، والتأثير على سلامة العمليات الانتخابية وشفافيتها.
بلادنا اليوم في حاجة إلى أن يتميز تجديد بنيانها المؤسساتي والتمثيلي ببروز نخب ذات كفاءة وخبرة ومصداقية، وذلك لتحفيز الثقة في العمل الديمقراطي ودولة المؤسسات، وللإعداد لتمكين المغرب من حكومة وبرلمان ومؤسسات تستطيع ربح كل التحديات الوطنية والتنموية والإستراتيجية المطروحة عليها.
<محتات الرقاص