تغيبات البرلمانيين

قرر مكتب مجلس النواب الشروع في الاقتطاع من تعويضات النواب البرلمانيين الذين يتغيبون عن أعمال المؤسسة التشريعية، وذلك ابتداء من الأسبوع المقبل، تطبيقا لمقتضيات النظام الداخلي للغرفة الأولى، حيث أن مادته 46 تنص على أن يتم الاقتطاع من مبلغ التعويضات الشهرية الممنوحة للنائب أو النائبة بحسب عدد الأيام التي يتغيب فيها من دون عذر مقبول، ويعلن رئيس المجلس عن هذا الإجراء في جلسة عامة، وينشر في النشرة الداخلية للمجلس وفي الجريدة الرسمية.
إن مشهد الجلسات البرلمانية الفارغة من حضور النواب، أو أعداد الحاضرين المشاركين في إقرار الميزانية العامة للدولة، أو في التصويت على قوانين في غاية الأهمية والحساسية لمستقبل البلاد، تعتبر من الصور السلبية والمسيئة فعلا لممارستنا البرلمانية، كما أن المتابعين والصحفيين مافتئوا يسجلون وجود نواب يحضرون فقط يوم الافتتاح الرسمي في الجمعة الثانية من أكتوبر، وبعد ذلك تنقطع أخبارهم، ولا يطلون على القبة إلا لغرض آخر غير مهمتهم التي انتخبوا من أجلها، وهذا الواقع هو الذي يبرر الإقدام على مثل هذا الإجراء.
من جهة ثانية، فقد جرت في السابق محاولات أخرى لمواجهة هذا الاختلال، لكنها كلها باءت بالفشل بسبب مقاومات متعددة.
لقد جرى الحديث سابقا عن الإعلان عن أسماء المتغيبين عند بداية كل جلسة أسبوعية، ثم تمت المساعي من أجل الاعتماد على بطاقة ممغنطة للدخول إلى مقر المؤسسة التشريعية، لكن الإجراء رفض بقوة من لدن عدد من البرلمانيين ما أدى إلى إجهاض المحاولة، واليوم من دون شك، ستتحرك مقاومات من هنا وهناك، وستجتهد لإيجاد المبررات، لكن لابد من الوصول إلى حل يقدم مخرجا لهذه المعضلة المسيئة لحياتنا الديمقراطية، خصوصا أن النظام الداخلي لمجلس النواب أصبح اليوم ينص على مقتضيات واضحة تتطلب التطبيق.
الأمر لا يجب أن يفهم على أنه حرب ضد جهة ما من طرف جهة أخرى، وليس مطاردة للساحرات، وإنما هو يندرج ضمن سعي عام يروم إعمال حكامة فاعلة ومنتجة لمختلف مؤسساتنا، والبرلمان من ضمنها، كما أن الأمر يرتبط بضرورة تأهيل سلوكنا البرلماني وممارستنا التشريعية في ظل أجندة مكثفة مطروحة اليوم على البرلمانيين وعلى الحكومة وعلى مجموع طبقتنا السياسية من أجل تنزيل المخطط التشريعي الذي يفرضه الدستور الجديد، والسياق السياسي والمؤسساتي لمغرب ما بعد فاتح يوليوز 2011.
إن محاربة تغيبات البرلمانيين، وإعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية مسؤولية كل أطراف حقلنا الحزبي والنيابي، والجميع معني بإنجاح المبادرة ومواجهة لوبيات الضغط.
[email protected]

Top