تقرير “ترانسبرانسي” يكشف تغول  الفساد في المغرب

محمد الغلوسي لبيان اليوم : حماية الحكومة لمواقع الريع والفساد ودفاعها عن مصالح فئوية وراء التراجع في مؤشر إدراك الفساد
كشف التقرير الأخير لمنظمة الشفافية الدولية “ترانسبرانسي”، لسنة 2024، تراجع المغرب بمرتبتين في مؤشر إدراك الفساد على المستوى العالمي، منتقلا من الرتبة 97 إلى المرتبة 99 من أصل 180 دولة، مسجلًا 37 نقطة من أصل 100، بعد أن كان قد حصل على 38 نقطة في عام 2023.
وفي هذا الصدد صرح محمد الغلوسي رئيس جمعية حماية المال العام، ومحامي بهيئة مراكش أن تقرير سنة 2024 لمنظمة الشفافية الدولية حول مؤشرات إدراك الفساد يعتبر صفعة أخرى للحكومة التي تتبجح بكونها نفدت جزءا كبيرا من البرامج الواردة بالإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
وقال رئيس جمعية حماية المال العام، في تصريح لبيان اليوم،  إن الفساد أصبح نسقيا وبنيويا وشكل منظومة صعبة الاختراق لغياب إرادة سياسية حقيقية لمواجهته، وهو ما تجسد، يقول المتحدث، في عدم تنزيل مقتضيات الفصل 36 من الدستور الذي يشكل في جوهره قاعدة صلبة لتخليق الحياة العامة ومواجهة كل أشكال الإنحراف في ممارسة السلطة والوظيفة العمومية واستغلال مواقع الإمتياز والإحتكار وتهديد التنافس الحر والحق في المعلومة والمساواة أمام القانون” .
وأكد الغلوسي، في تصريحه، أن هذا التصنيف كان متوقعا بالنظر إلى السلوك السياسي للحكومة المبني على حماية مواقع الريع والفساد وتحصينها والدفاع عن المصالح الفئوية للمستفيدين من هذا الواقع وهو ما يمكن استجلاؤه من عدم تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح ، ويضيف المتحدث أنه سبق لرئيس الحكومة ومن داخل قبة البرلمان صاح بأعلى صوته مدافعا عن أحقية شركته في الفوز بصفقة تحلية مياه البحر بملايير الدراهم، والمؤكد أن المنظمات الدولية قد التقطت هذه الإشارة التي تعكس انحرافا دستوريا وأخلاقيا وسياسيا في ممارسة السلطة.
ويلفت المصرح إلى أن رئيس الحكومة رفض في أكثر من مناسبة عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد ولو شكليا وانتهت المدة المحددة للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد دون أن يكون لهذه الأخيرة أي أثر على الواقع لكون لوبي الفساد والريع قد عمد إلى تشكيل هذه الإستراتيجية حتى يبقى مستفيدا من ريع السلطة والنفوذ، لوبي أضعف مجلس المنافسة الذي تحول إلى هيئة تتودد شركات المحروقات وتتوسل إليها لإحترام القانون، وهاجم الهيئة الوطنية للنزاهة وجعل مؤسسات الحكامة مجرد واجهة صورية لتأتيت المشهد لا تأثير لها على واقع شيوع الفساد والرشوة والريع ونهب المال العام.
ويوضح الغلوسي أن كما هذا اللوبي عمد إلى تزويج السلطة بالمال، وإلى طرح تعديل على المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية التي ستحول المجتمع المدني إلى مجرد كومبارس ومنع النيابة العامة من تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية ضد لصوص المال العام، ليظهر هذا اللوبي المتغول في مظهر الواضع يده على كافة المؤسسات، ويحدث كل هذا رغم مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهذا التوجه سيقدم المغرب كأنه ” كوريا الشمالية “، ضاربا بعرض الحائط كل التراكمات الإيجابية والمهمة التي حققتها بلادنا على المستوى الحقوقي والدستوري والقانوني.
ويقول رئيس جمعية حماية المال العام : “إن هذا التوجه يشكل خطرا حقيقيا على الدولة والمجتمع ويهدد كل المكتسبات الحقوقية والمؤسساتية، ويسعى إلى اللعب بالنارعبر تهديد كل مقومات الإستقرار والأمن والسلم الإجتماعيين”.
واعتبر المتحدث أن بعض الأبحاث الأمنية والقضائية قد كشفت في بعض الملفات أن شبكات ضمنها عناصر وأشخاص يتقلدون مسؤوليات في مؤسسات تمثيلية متورطة في جرائم خطيرة تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات.
وخلص محمد الغلوسي أنه على الدولة أن لاتسمح لهذا التوجه بأن ينفذ أجنداته وبرامجه وخططه الهادفة إلى تعميق الفساد في الحياة العامة وسلب آمال المواطنين، وتعميق سوء الثقة في المؤسسات وتأجيج مشاعر الغضب والإحتقان.
فالمجتمع اليوم يتطلع إلى مكافحة شاملة للفساد والرشوة ونهب المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة عبر استراتيجية وطنية متكاملة ومتعددة الأبعاد تقي بلدنا من كل المخاطر والأزمات الخارجية والداخلية وتخرج المغرب من دائرة التقارير السوداء المتعلقة بمؤشرات الشفافية والتنمية حسب قوله.
وكانت منظمة “ترانسبرانسي”، قد أوضحت في تقريرها السنوي الذي نشرته يوم الثلاثاء 11 فبراير 2025، أن المغرب حقق معدل 37/100، متراجعا بواقع نقطة واحدة عن معدل سنة 2023، حيث يستخدم التقرير مقياسا من صفر إلى 100، كلما اقترب من الصفر كلما ارتفعت نسبة الفساد، بينما تشير النقطة 100 إلى النزاهة التامة.
وهكذا فقد استمر المغرب في وتيرة التراجع على مستوى مؤشر مدركات الفساد منذ سنة 2018، حين حقق المغرب أفضل نتيجة له بمعدل 43/100، ما جعله في المركز 73، قبل أن يأخذ المعدل منحى تنازليا ليصل إلى معدل 37/100 هذه السنة عند المركز 99 عالميا، ما يعني فقدان المغرب لـ26 مركزا في 6 سنوات فقط.
هاجر العزوزي
Top