في ذكرى رحيل “المعلم” عبد المجيد الظلمي..

في السابع والعشرين من يوليوز حلت الذكرى الأولى لرحيل عبد المجيد ظلمي، وللأسف مر الحدث في صمت وهدوء وشبه لامبالاة باستثناء العائلة والأصدقاء الأوفياء ولدى الذين بقي الجرح حيا.
ومرت سنة على وداع نجم وموهبة أخرى من خيرة ما أنجبت كرة القدم الوطنية، ظلمي الذي لم يكن لاعبا عاديا بل تميز بالحضور الوازن رغم صمته المقرون بالخجل، وتميزه بأسلوبه الخاص به في اللعب والطريقة التي يداعب بها الكرة.
عبد المجيد من مواليد 20 غشت 1953 بدرب مارتيني في عمق الدار البيضاء، من فرق الأحياء رصدته عيناي محمد رحيمي الملقب بيوعري الذي نقله لفريق الرجاء في مطلع السبعينيات، وأشركه المدرب المقتدر عبد القادر لخميري في أول مباراة لفئة الشبان جمعت فريقي الرجاء وحسنية أكادير رفقة أسماء لامعة من بينها، حمان وسعيد غاندي وبيتشو وبينيني.
وفي منتصف الثمانينيات عاش ظلمي الاغتراب بالانتقال إلى فريق جمعية الحليب وقضى به فترة ثم عاد إلى الرجاء لينهي به المسار، وفي سنة 1993 حظي بالتفاتة فريدة وغير مسبوقة من لدن منظمة اليونيسكو التي منحته جائزة الأخلاق العالية.
وموازاة مع التألق في الرجاء التحق بالمنتخب الوطني للشبان 1972 ثم منخب الكبار 1974 (مدافعا أيسر)، وكان ضمن الفريق الذي أحرز لقب كأس أمم إفريقيا سنة 1976 في دورة إثيوبيا مع جيل ذهبي فريد من بينهم، الهزاز والشريف وبابا والمهدي وأبو علي ومجاهد والزهراوي والتازي وگلاوة وفرس واعسيلة والسماط.
وبعد عشر سنوات سجل ظلمي الحضور العالمي في مونديال المكسيك 1986 محققا إنجازا غير مسبوق، حيث تجاوز المنتخب المغربي الدور الأول بهزم منتخب البرتغال 3-1، ويذكر تاريخ كرة القدم الوطنية تركيبة هذا الفريق التي ضمت كلا من الزاكي وخليفة ولمريس واحسينة وبويحياوي والبياز وبودربالة وكريمو وميري مصطفى وأمان الله وخيري.
وفي مختلف المحطات، يتأكد أن عبد المجيد كان فريد زمانه تضرب له الجماهير موعدا في نهاية كل أسبوع لتحتضنه آلاف العيون، بالرغم من قامته المتوسطة كان يتفوق على منافسيه في الثنائيات حول الكرات العالية لقوته في القفز العمودي، إضافة إلى الذكاء الخارق في المراوغة مع الدقة في التمرير.
وكان بذلك اللاعب المتألق والأب المرتبط بدفء أبناءه عثمان وألماز وشيرين وحمزة، وشاء القدر أن يودعهم مبكرا وهو إسم كبير عاش عملاقا وإنسحب بلا ضجيج وهو يتأهب للقيام بمناسبة الحج.
ظلمي ظاهرة يجسد النموذج المدفون في عمق المبدعين ومساره يحتاج للكثير من الفهم، لأنه كان وقورا وعسيرا على الاختراق، وجسد فنا يسكن القلوب المهروسة بعشق الكرة. وفي جمالية إبداع ظلمي اعتراف واحترام لكرة القدم في الهواية حيث لا يمكن فصل ظلمي عن أزقة وفضاءات درب السلطان من بينها، درب كلوطي ودرب الميتر وملاعب لارميطاج والشيلي والموازيس … ومختلف الفضاءات التي كان يعمرها رفقة أقرانه وبذلك يبقى إبنا روحيا وشرعيا لكرة القدم والرياضة الوطنية، ناذرا ما يجود الزمان بمثله … رياضي جعل من التعبير الجسدي حياته وتحول شاعرا في الملاعب.

> محمد أبو سهل

Related posts

Top