محمد الروحلي
وسط أجواء احتفالية لتخليد الذكرى 67 لتأسيس نادي الرجاء البيضاوي، وفي اليوم الذي كان من المفروض فيه تمتع الأوساط الرجاوية بنشوة العودة لسكة الانتصارات بعد دورات عجاف، أبى المخربون مرة أخرى إلا أن يعكروا صفو هذه الأجواء الجميلة، ويصرون على تحويل مقابلة رياضية إلى مأتم وإلى ساحة للقتل والتخريب والمآسي والأحزان.
والغريب أن هذه الأحداث المؤسفة التي خلفت قتيلين وعددا من الجرحى وتخريب الممتلكات الخاصة والعمة، ومست بشكل سافر بالأمن العام، اندلعت بين فصيلين ينتميان معا لجمهور وعشاق نفس الفريق، أي بين فصيلي “الأخضر الفاتح والأخضر الغامق”، ويا له من عشق وتشجيع وحب وانتماء يؤدي إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.
والأخطر من كل هذا هو أن يتحول حب الفصيل إلى مسألة أهم من حب الفريق الأم، وأكثر من حب الرياضة وأكثر من تقديس الحق في الحياة، إنه تهور وحب أعمى، يعيد إلى الأذهان ما عرفه ملعب بورسعيد بمصر الذي شهد أحداثا خطيرة أدت إلى قتلى وجرحى وفوضى لازالت المحاكم المصرية تنظر في تبعاتها حتى الآن…
وبالرغم من الإجراءات والتدابير والقرارات والاحتياطات الأمنية المختلفة، المتخذة على أكثر من صعيد، فإن الأمور لا زالت خارج السيطرة، وقد تبين أن أحداث مركب محمد الخامس الأخيرة لم تكن مرة أخرى عفوية، بل كان معدا لها من قبل، وما السيوف والسكاكين ومختلف الآلات الحادة والشهب الاصطناعية المحظورة، إلا دليلا على أن الأمور كان معدا لها من قبل، بنية القتل والاعتداء والتخريب، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الطريقة التي أدخلت بها هذه الوسائل الممنوعة إلى الملعب، والحال أن القوانين والتدابير الجديدة المتخذة لمكافحة الشغب الرياضي تسمح لرجال الأمن والمكلفين بالتنظيم بالقيام بعمليات تفتيش بيقظة وحزم، فأين كان هؤلاء لحظة ولوج الجماهير للملعب؟…
أسئلة ينبغي الوقوف عليها بجدية وصرامة لإيجاد الأجوبة الشافية للوصول للحقيقة كاملة، خصوصا أن الأمر يطرح من زاوية استمرار حالة العجز، رغم كل الإجراءات، عن وضع حد لهذه السلوكات الوحشية، معالجة تقود إلى إنهاء كل هذا التسيب واللاقانون المرافق للمباريات الرياضية.
من قبل، كان الاعتقاد السائد هو أن الأحداث معزولة وتظهر بين الفينة والأخرى، إلا أن تواليها وبكثير من الحدة أصبح يدق ناقوس الخطر، وبات من الضروري مواجهة كل هذا العنف المنظم، بكثير من الزجر والحزم واتخاذ أقصى العقوبات بلا هوادة.
فكل المعطيات والدلائل والتحريات، مرة أخرى، تظهر، بما لا يدع مجالا للشك، أن الأحداث ليست عفوية، وليست سلوكا فرديا ولا انفلاتات متفرقة، وليست تصرفات معزولة، بقدر ما هي عمل إجرامي مدبر له من قبل، ومعدا له من طرف مجموعة أشخاص يجمعهم غرض واحد، وهو التخطيط والانتقام بغرض الإساءة والتخريب وحتى نية القتل مع سبق الإصرار والترصد…
إنه منحى خطير دخله العنف والشغب المرافق للأحداث الرياضية، وتطور ينذر بكارثة حقيقية، مما يقتضي اتخاذ مخطط أكثر استعجالية لمواجهة تنامي كل هذا الإجرام المنظم، والذي يصل بالفعل إلى حدود العمل الإرهابي المنظم.
الأمر خطير، وبالتالي لا بد من مواجهته بأقصى العقوبات في حق المتسببين، سواء كانوا أفرادا أم جماعات…
كـــفـى…مرة أخرى.. العنف ينشط في قلب الميادين الرياضية
الوسوم