أثبت فريق من الباحثين أن لنوعية التمارين الرياضية وشكل الحركة والغذاء تأثير كبير على قوة العظام وكثافتها وأن هشاشتها ليست حكرا على النساء دون الرجال حتى الأصغر سنا منهم.
نشرت صحيفة الدايلي ميل البريطانية تقريرا عن إصابة الرياضيين وكثيري النشاط أيضا بهشاشة العظام.
وتابع التقرير معاناة جو بوث، مدير مبيعات التصدير الذي يبلغ من العمر 65 عاما، من ألم شديد مباغت، رغم تعوده ممارسة التمارين.
قال جو “كان الألم الذي شعرت به في أسفل ظهري حادا لدرجة أنني لم أستطع النهوض من سريري بسهولة. سبق لي أن شعرت بآلام مماثلة. وتذكرت هذا الإحساس عندما تمرنت بسرعة أكبر من المعتاد على جهاز المشي في الصالة الرياضية”.
بدأت هذه النوبات سنة 2014، واستغرق الأمر حوالي ثمانية أسابيع للتعافي من كل منها، ولم ير جو سببا واضحا لها. وقال إنه تناول مسكنات وزار أخصائي في العلاج الفيزيائي ومعالجا مختصا في تقويم العمود الفقري. ونصحه المعالج الثاني بزيارة طبيب مختص بعد الجلسة الثامنة.
تابع جو “قال طبيبي إنني أعاني من آلام في أسفل الظهر، وطلب مني الاستمرار في تناول المسكنات وحجز موعد آخر بعد ستة أشهر”.
استمرت آلام جو، وبعد ثمانية أشهر، قرر أن يخضع للتصوير بالرنين المغناطيسي. وكشفت النتائج عن أربعة كسور انضغاطية، حيث انهارت عظام صغيرة في عموده الفقري. نتيجة لذلك، فقد بعضا من طوله، وكشفت الفحوصات أنه مصاب بهشاشة العظام مما يجعله معرضا أكثر للكسور.
علق جو قائلا “لقد صدمت تماما. كنت أتمتع بصحة جيدة وشعرت فجأة أن جسدي خذلني. كنت أمارس الرياضة. لم أكن أدخن ولم أشرب الكحول كثيرا”.
يصاب واحد من بين كل خمسة رجال تزيد أعمارهم عن 50 عاما بهشاشة العظام، حيث تصبح عظامهم رقيقة وتبدأ في التكسر دون سابق إنذار أو بعد إصابة بسيطة.
تشمل المواقع المعرضة للكسور الوركين والمعصمين والعمود الفقري. وسجّلت المملكة المتحدة ثلاثة ملايين مصاب بهشاشة العظام. وتقدر جمعية هشاشة العظام في بريطانيا أن 680 ألفا منهم كانوا من الرجال.
يعتبر فقدان كثافة العظام جزءا طبيعيا من الشيخوخة لدى الجنسين. لكن يعدّ تشخيصه أكثر شيوعا عند النساء بعد انقطاع الطمث، عندما تنخفض مستويات هرمون الإستروجين الذي يساهم في نمو العظام.
لهذا السبب يعتقد البعض أن هشاشة العظام نادرة لدى الرجال. لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن الرجال معرضون لهذا الخلل أيضا.
وجدت دراسة نشرت في مجلة الجمعية الأميركية لتقويم العظام أن 28 بالمئة من الرجال و26 بالمئة من النساء أظهروا تضاؤلا في كثافة العظام، وهي مقدمة لمرض هشاشة العظام.
خلال الدراسة، حلل الباحثون مستويات كثافة المعادن في العظام لدى 173 فردا تتراوح أعمارهم بين 35 و50 سنة.
قالت مؤلفة الدراسة، الدكتورة مارثا آن باس، وهي أستاذة مساعدة في الصحة وعلوم التمارين في جامعة ميسيسيبي، إن النتائج تبرز تزايد خطر انهيار العظام لدى الرجال الذين لم يصلوا الشيخوخة بعد. وترى أن هذه الحالات تعدّ أكثر انتشارا مما كان يتوقعه الكثيرون.
اتبع الرجال الذين شملتهم الدراسة عادات غذائية ورياضية صحية، وذكروا أنهم يحبون ركوب الدراجات.
تجدر الإشارة إلى أن العظام تمثل داعم الجسم الرئيسي، وهي نسيج حي يزداد قوة مع تمارين حمل ثقل الجسم مثل الركض. لكن ركوب الدراجات لا يندرج ضمن هذه التمارين.
تجسد قصة سام وودفيلد المخاطر التي يتعرض إليها راكبو الدراجات. كان ينتمي إلى فريق أكتيف إيدج، وشخّص بنقص في كثافة العظام في مفصل الورك والعمود الفقري قبل سنتين.
في ذلك الوقت، كان اللاعب البالغ من العمر 28 عاما يتدرب لمدة تصل إلى 22 ساعة في الأسبوع. وراقب سعراته الحرارية لمدة عامين.
قال سام “كراكب دراجات، كنت أواجه بعض الضغوط للحفاظ على وزن أقل حتى أتمكن من الحركة بشكل أسرع. شعرت أنني كنت بدينا مقارنة بممارسي هذه الرياضة الآخرين”.
كان سام يزن 92 كيلوغراما، وبلغ طوله 190 سنتيمترا، وسجل 25.2 كمؤشر لكتلة جسمه، مما وضعه ضمن نطاق الوزن الزائد.
وأضاف “حاولت أن أتخلص من الوزن الزائد من خلال التدريب الحاد وتقييد السعرات الحرارية التي أستهلكها”.
بحلول أكتوبر 2016، انخفض وزنه إلى 72 كيلوغراما. وحذره أخصائي تغذية من أنه يعرّض صحته وعظامه للخطر، فبدأ يتناول المزيد من الطعام. لكن السعرات التي استهلكها بقيت غير كافية “لتغذية” تمرينه.
في نوفمبر 2017، أجرى سام فحصا على عظامه وصدم بنتائج تشخيصه، إذ كانت عظامه كما لو كان شيخا يبلغ من العمر 75 عاما.
غيّر سام نسق تدريبه منذ ذلك الحين وأصبح يأكل جيدا. ويزن الآن 76 كيلوغراما، وسجل 20.5 كمؤشر لكتلة جسمه، مما أعاده ضمن نطاق الوزن الطبيعي الصحي. وتحسنت كثافة عظامه بذلك.
فقدان كثافة العظام
قال سام إن حالته تدل على وجوب التفكير في صحة العظام منذ سنوات الشباب. وأكد الدكتور رود هيوز، وهو استشاري في أمراض الروماتيزم في مستشفى سانت بيتر في تشيرتسي، أن الدراسة التي نشرت في مجلة الجمعية الأميركية لتقويم العظام تبرز أنّ الرجال معرضون للخطر. وأضاف “تعرض العديد من العوامل الرجال الأصغر سنا للخطر، بما في ذلك زيادة استهلاك المشروبات الغازية (التي ترتبط بفقدان المعادن في العظام)، وشرب كميات أقل من الحليب، وقلّة نشاط الأطفال في سنوات بناء العظام المهمة. ويعد نقص الفيتامين ‘د’ أحد العوامل التي يمكن أن يكون سببها الإفراط في استخدام كريمات الوقاية من أشعة الشمس وهي أحد العوامل التي قد لا يتفطن إليها العديد من الأشخاص. وتعاني أستراليا من تفشي الكساح (أحد أمراض ليونة العظام وضعفها) عند الأطفال بسبب هذا”.
تشمل العوامل الأخرى انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون الواقي للعظام، وسوء امتصاص المعادن بسبب التهاب القولون التقرحي، أو داء كرون أو الاضطرابات الهضمية والتدخين. كما يعتبر تناول الكحول بإفراط خطرا آخر.
وتلعب الجينات دورا في زيادة خطر الإصابة بمرض هشاشة العظام، حيث تتحد مع العوامل الخارجية الأخرى.
وتكمن المشكلة في تجاهل بعض الأطباء لخطر مرض هشاشة العظام الذي يواجهه الرجال. وشدد الدكتور المختص في جراحة العظام، بانوس جيكاس، على ضرورة التعامل مع هذا المرض كاحتمال عند تشكي المريض من أعراض مرتبطة بالعظام.
وأضاف “لا يشك الأطباء عادة في هذا المرض عندما يشخصون الرجال، ويغفلون بذلك عن عدد من الحالات. فإذا جاء رجل يزيد عمره عن 50 عاما، وكان مصابا بكسر نتيجة لإصابة بسيطة، يجب فحص كثافة العظام كإجراء احتياطي”.
كشفت الاختبارات أن رقة عظام جو بوث كانت ناجمة عن اضطرابات هضمية غير مشخصة، حيث يتفاعل جسمه مع الغلوتين في القمح والشعير والجاودار بطريقة تضر ببطانة أمعائه مما لا يمكنها من امتصاص الكالسيوم وفيتامين د. وأصبح يتبع نظاما غذائيا يتجنب الأطعمة التي تحتوي الغلوتين حتى لا تتفاقم حالته.
وتابع جو “أزور معالجا طبيعيا مختصا في تقوية العضلات التي تدعم العمود الفقري”. كما وصف له الطبيب جرعات دينوسوماب لستة أشهر لإبطاء تخلخل العظام، ومكملات كالسيوم وفيتامين د. كما يحقن التيريباراتيد يوميا، وهو نوع من الأدوية التي تزيد من كثافة العظام.
لم يصب جو بكسور منذ أن أصيب أحد أضلاع قفصه الصدري بينما كان يصعد الدرج في أبريل 2017، لكنه مازال بحاجة إلى تمارين تحمل الوزن للحفاظ على كثافة عظامه.
وأكد أنه أصبح يمشي قدر الإمكان ويمارس رياضة التاي تشي التي تحسن من قدرته على الحفاظ على توازنه مما يخفف من احتمال تعثره وسقوطه.