متى تعتذرون؟

كل الدماء التي سالت في سوريا لم تجعل بعض مثقفينا وبعض سياسيينا من الذين عرفوا سابقا بدوام الأكل في راحتي النظام البعثي المقترف لكل هذه البشاعة الدموية التي تنقلها مختلف الفضائيات، يخجلون…
كل الهمجية التي كشف عنها ابن حافظ الأسد اليوم، وما يرتكبه من مذابح في حق أطفال ونساء شعبه، لم تجعل هؤلاء يقفون مع ذواتهم ليعلنوا كلمة حق للتاريخ…
قرأنا وسمعنا من منهم لازال لم ير في كل هذه الفظاعة سوى أنها مؤامرة من الخارج، أو أنها مجرد اختلاقات من القنوات التلفزيونية..
في الحقيقة، ليس مستغربا أن يصدر مثل هذا التفكير عن أشخاص قتلوا ضميرهم وكفنوه وخلفوه مدفونا وراءهم يوم قبلوا الأكل في مائدة نظام ديكتاتوري عتيق…
صمتهم اليوم تجاه نظام الأسد، هو الصمت نفسه والتواطؤ ذاته الذي يعتقدون أننا نسيناه يوم كانوا يصفقون لديكتاتوري بعثي آخر هو صدام حسين، ولم يخجلوا حتى لما دخل بجيوشه دولة أخرى عربية وجارة له، وإنما صفقوا له، وكتبوا معجبين بصلفه.
هم يعيدون اليوم الرقصة نفسها، كما كانوا دائما يفعلون…
مدحتم صدام أيها الناس وشتمتم كل من انتقدكم، ورغم كل الذي صار، لم تعتذروا…
ثم لعقتم من فتات صاحب الجماهيرية، ولم يتردد بعضكم حتى في كتابة قصائد المبايعة، وأيضا عن هذا لم تعتذروا…
واليوم أنتم تمارسون اللعبة القذرة ذاتها مع الأسد، وكأنكم مرضى ترعبوننا بتفاهتكم…
كم نحتاج في بلادنا لمن يتقدم إلينا اليوم، ويقول لنا كيف أنه لم يتردد في الارتماء الإيديولوجي والانتهازي، والتآمري حتى، مع هؤلاء الديكتاتوريين القتلة، ومع ذلك هو يمارس فينا اليوم لعبة «تخراج العينين» بادعاء طهرانية بلا بكارة..
كتبة يدبجون اليوم مقالات وأعمدة وزوايا هنا وهناك، وسياسيون يصرخون هنا، ويرفعون الشعارات هناك، ويسخرون من هذا ويعارضون ذاك، وما فكروا في تقديم الاعتذار لشعبنا عن كل ما قالوه أو فعلوه…
الشعوب اليوم انتفضت، وأبدعت شعار «ارحل» في وجه القتلة، فمنهم من رحل فعلا ومنهم من ينتظر، ولن تتراجع دينامية التغيير، وإن كان مستحيلا على بعض سياسيينا، القومجيين حد التفاهة، تقديم الاعتذار، فعلى الأقل نأمل أن يتحرك ضمير بعض أدبائنا وفنانينا وإعلاميينا…
لا يمكن لأديب أو شاعر أو فنان أن يصطف إلى جانب القاتل ضد الضحايا الأبرياء…
متى يجرؤون على قول الحقيقة، وطلب الصفح من شعبهم؟

[email protected]

Top