ماذا لو !
تمضي بنا الأيام، فتتدحرج بقايا العمر على مذبح الوقت، وتلملم من الذاكرة ضبح أنفاسي وتجبر كسر آهاتي.
هو ليس مجرد سؤال يكتسي خريفي بحبق، ليصبح الحزن بواد وأنا بواد.
إنها حيلة تفاقمت حلاوتها داخل عقلي الفاسد، أحب ممارستها عندما تصعقني مشاعري فجأة وتحيلني إلى زرع ألغام كيدي،
امرأة مثلي مصبوغة بالمكر بارعة في تغيير المشاهد كما تروقها، مزدحمة باللهفة محفوفة بالفوضى تصنع من الكلمات موعد قُبّل وعناق، وأحيانا دهشة، تدثر ثغري بشهد اللقاء وتتمدد على بساط الاستفهام بإمكانها أن تصيبك بنوبة عشق في أي لحظة.
يا لكثرتي في عقلي وأنا بعيدة عن ذاتي !
تعجبني المراوغة بمنتصف الشعور، تُشعرني بالسيطرة والعودة بتركيز مخثر.
عليك الشغف، عليك اللهفة، عليك الرغبة
عليك رفاهية كل الشعور !
وأنا على حافة هدنة مؤقتة يتسلل إلي صوتك وهو ينزف يخبرني بإصابتك بنزلة شوق حادة
هذا مافعلته بك فقط، يمكنني أن أضعك في مأزق أكبر، لا تتحدى امرأة مثخنة بالعناد معجونة من قلق..
تؤمن بالأمان أولا ثم باقي المشاعر..
وأنا أعبر هذا الليل المرهق الذي لا يتوقف على صرعي ارتأيتٌ لك نصا شاهقا كوجعي الذي وجدك مبعثرا على رصيف التيه والأسئلة في ألفية اقتنصتْ من الشرود عالم محفوف بالشظايا وافتراض ملغم دنّسته تفاصيل صاخبة متجدرة في عمق الوّد الذي بات يكتبنا على ضفاف القلب.
تتبختر أيائل الشوق يحدوها صوت الحنين لتغرف من ماء اللحظ مداادا .
فأدوّن على ضفائر قصيدتي…
بحة شوقٍ
غصة ألقٍ
رشة رفقٍ
ثم أغفو مذعورةً وسط الرماد، لترافقني طواويسٌ تلعق عن ثغري طغيان علقم الأحلام.
متى ستغتسل مزني؟
لأنتزع الرحيل عن طرقاتي؟؟
ليثور شذا البرتقال، فأخط معه خطوات جريئة نحو قارب مثقوب، معرّض للتّلف أكلته الوجهات الضّالة والمقاعد المهجورة وقرص شمس مفقود وسط حلكة أضواء هالكة
فقرر ترتيبك كما يرتب الشتاء ملامح الحب في مزهرية شامخة من اللافندر وصنّف اختلافك المزعج أكبر مكيدة يسقط فيها سلطان العقل سهوا..
ولأني امرأة من جمان أضرمت الفوضى في ذاكرة البيادق وجعلتها تتأرجح على ظهر العالم وصنعتُ من نكهة العشق الذي مرمرني فصلا عاصفا وجعلته يحمل حرف اسمك.
مزدحمة أنا بلون الأيام الغابرة التي اتسعتْ على مدى الوهم الجميل الذي كان يجمعنا، وهم فاتر أبى أن يرتّد عن الأشياء الممتلئة بك، ثمة احتلال سلب إرادتي واستباح صدّاع جلدي وذاكرتي وتواطأ ضد رغبتي وأغرقني في ملذات حب شرس لا يصوم عن ذكرك، رسمك بحروف طاعنة ولونك بحدّة حنين حين كان يتوجس قسوة الحياة في لوحات اختزلتْ براءة أحلام رجل عاش على حافة الانهيار دون أن يكترث له أحد،
هگذا أنا دائما أشبه المجهول في طيش أفكاري التي لم يستوعبها أحد، في عبثي بريشة الألوان حيث أجد نفسي محبوسة داخل لوحات مدهشة تفوق السحر تعجز الكلمات عن وصفها كشيء خرق قواعد المنطق، كترنيمة معطوبة يتسرب منها لحن الحزن الدائم، هكذا هو حبي القبيح المؤثث بالمراوغة
لحد الآن لم أستوعب كيف لهذا الوجع المنفي داخلنا أن يلهبنا بهذا القدر ويفتح لنا صدره الرحب
حتى نتسع كل يوم ونكبر بنصوص لم نكن نُجيدها من قبل، كيف له أن يتراكم هكذا ويكشف عن قروحه التي تتداعى تحت مقاومة عظيمة،
بكل اللاعقلانية التي أفتقدها أفرطت في تلقيني مشاعر مكسوة بالغضب حيث التمستَ ترف الحياة في حب ملطخ بالغيرة والخوف واللااهتمام المتنكر..
أقلم ما تبقى من رمقي و بالكاد أمنحني مساحة للتنفس، فتتراكم على عتباتي مكاتيب وتربض على مقبض الباب آثار طَرق مهجورة.
حاولت أن أفر، كيمامة أفزعها غراب، أو كطفلة حدق بها أحدهم
يقصد أن يرعبها، ليقتحم جدار تلك الذاكرة، فيبحث لقلبه عن ملجأ ..
تباً وألف تب ..
كيف أجدني بالطرق المؤدي إليك والصدأ يطلي كل هاته الطرقات !!
يا أعجمي القلب متى تفهم أني امرأة تفننتْ في رسمك، رغم أنها لا تجيد الرسم!
حاكت من حبك نصوصا تضج بالشجن والعبث واستراحت كفراشة مبتورة الجناح فوق قصائدك المهذبة!
كيف أناديك وحبال الصوت مقطوعة !!
لا أريد بوحاً شفوقاً ولا قصائد مُرة مغموسة بالسكر ..
لا أريد أشواقا، ولا رسائل ممشوقة الكلام ..
أحتاج فقط لمسافة ما في الذاكرة، فأغمس فيها سويعاتي ..
وكل أوراقي .. وعطور الأحبة .. وحوارات شغف…
امرأة يُلهمها حياءك الذي يسمو بك إلى علياء روحها، مختلف ومخيف جدا أنت أيها الهائل في عصفي، في تعبي، وكسري.
مذ أن لفظك قلبي كأمنية وأنت تتضاعف بداخلي كالوباء، تسير بي إلى جنائز العابرين الذين لقوا حتفهم، داخل قاطرات الانتظار وتمضي حيث لا انتماء، لا حنين، ولا عودة، ولا يأس ..
الأمر يخرج عن السيطرة رويداً رويداً، هو الارتباك يحاصر قلبي في مضض، يقول مابك تبدين كامدة؟
كل شرود يشبهك.
يقول أهو الصقيع يلتحف عمرك؟
أم أنها الوساوس فقط تٌفسد عقلك!
أنهكتك غواية الأشياء التي لا تكتمل ؟
لماذا لا تمارسين الفن التاسع أظنه يناسبك !
أراكِ تسترخين فوق هزائم الأمس!
أرمي حزني على أرصفة الدنيا، وأصفع بقدمي الأرض وأمشي فالشمس ستشرق غدا، وسيعبر الزمان من تحت النافذة، وحينما تفتح الستائر، سأجد همومي راحلة، فالحزن طائر جوال
يرفض أن يعيش العمر داخل قفصه الصدري.
الأرض تدور.. والزمان يدور، حتى الحزن يدور أيضا، ودفتر العمر ملئ بكل شيء…
أمزق صفحات حزني الآن، وأغري فجري بالقدوم، فالسعادة كالحمائم الأليفة تطير بعيدا، ولكن سرعـان ما تعود إلى أعشاشـها.
فأشرع قلبي موانئ، علني أغري عصافير الفرح بالقدوم..
تعبثين بالتفاصيل المخبوءة أيا امرأة عاثرة، تثابرين بطريقة مؤلمة، تتسابقين لقطاف المآسي منذ ثلاث عقود
ترخين سدول الوحدة بين حطام الذكرى، وتبتلعين الغصة تلوى الغصة.
حاولت..
يشهد الله أني حاولت العبور، حاولت النجاة من دسائس أفكاري وأنياب الظلام، لكنها كانت كثيرة وشائگة
بكل تفانٍ أمعنتُ النظر في جيوب الأيام الثقيلة حتى أمنح نفسي فرصة جديدة لكنك كنتَ وحدك من تستمر في الظهور أمامي تجرّ غرورك الجميل وتمشي ع رؤوس غياب طويل ..في النهاية عَجَنْتَنِي في لحظات قاسية واخترت الرحيل
ولكنها لعنتي، لا شيء أحبه يبقى إلى الأبد.
هند بومديان