ندوة تناقش نقد الدراما الأمازيغية بمهرجان تافسوت في دورته السادسة بتافراوت

من نقد الدراما إلى نقد النقد

 

 أقيمت ندوة حول المواكبة النقدية للدراما التلفزية الأمازيغية الرمضانية، يوم السبت 10 غشت الجاري بمدرسة محمد الخامس بتافراوت، في إطار فعاليات مهرجان تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية في دورته السادسة. وشارك في الندوة كل من الصحفي والكاتب المسرحي الحسين الشعبي، والممثل عبد الله شيشة، بينما سيرها الناقد السينمائي محمد تيسوكمين.

وتحدث تيسوكمين في بداية الندوة عن مشروعية تنظيم نقاش في موضوع “المواكبة النقدية للدراما التلفزية الأمازيغية الرمضانية” في مهرجان سينمائي، مبررا ذلك بأن المهرجان كان قبلة لتجمع العديد من المشتغلين والفاعلين في مجال الدراما بالأساس أكثر من المشتغلين في المجال السينمائي، قبل أن يضيف “الندوة تقام في إطار انفتاح المهرجان عليهم وتلبية لمتطلباتهم سار المهرجان على هذا النهج (…) نحن واعون بتمييز الفرق بين ما هو تلفزيوني وما هو سينمائي، لكن الأمر يتعلق بنوع من تلبية حاجيات المتلقي”.

وأضاف المتحدث ذاته: “هذا المنتوج الدرامي يحتاج إلى مواكبة نقدية لتخليصه من النقد الانطباعي العام الذي أصبح الجميع يمارسه خاصة مع سهولة ممارسته بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أن النقد أصبح يمارس بشكل غير منضبط، وبالتالي فإنه من الضروري حضور النقد الفني المتأصل، والناقد يجب أن يكون واعيا بهذا الأمر لأنه لا يجب أن يترك الساحة لهذا النوع من النقد الانطباعي، ويجب عليه أن يتدخل لممارسة نقد فني بقواعد النقد الحقيقية من أجل حماية هذا المنتوج الدرامي”.

أما الممثل عبد الله شيشة فقد قال في مداخلته بالندوة: “التلفزيون يدخل البيوت ويعطيهم صورة متخيلة لكن يجب أن تكون عندها هوية، كما قال للتو المخرج حكيم بلعباس في الماستر كلاس. بالرغم من أن المسلسلات المغربية في وقت ما كانت قليلة، إلا أنه كانت عندها هوية (…) نفس الشيء بالنسبة للدراما الأمازيغية التي يجب أن تحدد هويتها، أي هل نريد دراما تتحدث في مواضيعها عن التراث الأمازيغي أو غير ذلك”.

يرى شيشة بأن المسلسلات الأمازيغية أصبح يشتغل فيها طاقم محترف وخصوصا بعد مجيء القناة الأمازيغية “الثامنة”، يلاحظ أن هناك تطورا مقارنة مع الأفلام والمسلسلات السابقة، مؤكدا على أن الأمر الذي لم يتغير هو حضور الجانب الهوياتي في هاته الأعمال “وهو ما يشعرنا بالانتماء، عكس بعض المسلسلات المغربية، التي بالرغم من أنها تكون جيدة من الناحية التقنية والسرد الدرامي والتشخيص… لكن المشاهد لا يشعر بأن هويته حاضرة وهو يشاهدها”. يقول شيشة.

خلص شيشة في مداخلته إلى القول بأن الدراما الأمازيغية هي في خدمة الدراما المغربية، ولا يجب أن تكون هناك تفرقة بينهما، فهما دراما واحدة وهي “دراما مغربية”. معتبرا أنه على مستوى النقد، يجب أن نصل إلى مرحلة القراءة النقدية العميقة للدراما الأمازيغية، متمنيا أن تكون هناك استمرارية لتتطور الدراما على المستوى التقني ومستوى التشخيص.

أما المداخلة الأخيرة في الندوة، فقد كانت للصحفي والكاتب المسرحي الحسين الشعبي، والذي قال: “كان من الصعب جدا أن نحلم بوجود مسرح أو سينما أو نقد بالأمازيغية إلى حدود خطاب أجدير الشهير ودستور 2011 أيضا الذي نص رسميا على الإقرار باللغة والثقافة الأمازيغية”.

يضيف الشعبي: “إذا وقفنا عند السينما الأمازيغية، أو بالضبط الدراما الأمازيغية سنكون مضطرين للحديث عن النقد الموجه للدراما التلفزيونية وليس الحديث عن الدراما التلفزيونية في حد ذاتها (…)، بمعنى أن حديثنا سيكون حول نقد النقد.. وسنلاحظ أن نقد الدراما الأمازيغية لا يواكب بالشكل المطلوب هاته الدينامية التي تظهر في التلفزيون، وهو غالبا ليس نقدا منهجيا وأكاديميا، هو نقد عاطفي نجده في وسائل التواصل الاجتماعي ونجده في الصحافة المكتوبة أيضا، هاته الصحف تنشر لصحفيين يشتغلون في الأقسام الثقافية لهاته الجرائد، ولا يمكننا في أي حال من الأحوال أن نطالب الصحفي أن يكون ناقدا يمتلك أدوات النقد، لأنه في النهاية هو صحفي يكتب الخبر وليس ناقدا.. وهو الشأن ذاته بالنسبة للشعر والمسرح..”.

يرى الشعبي أن هذا “النقد” المنشور في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي ينقسم إلى نوعين: نقد الاستقبال وهو كتابة مقالات ذات طبيعة إخبارية، وهذا النوع من النقد موجود في العالم بأسره. والنوع الثاني هو النقد الانطباعي، وهو خطير جدا لأنه ينطوي على الكذب، وغالبا ما يكون محفوفا بالمحاباة، وفي حالات أخرى يكون محفوفا بالتحامل المجاني، وهو نقد لا قيمة له من الناحية العلمية، هو فقط نقد بدون سند معرفي لأنه غالبا ما ينطوي على أحكام قيمة.

تساءل الشعبي في ذات المداخلة “هل لدينا نقد خارج هذا النقد أي نقد الاستقبال والنقد الانطباعي؟ هل لدينا نقد أكاديمي ومنهجي بقواعد علمية؟ “نعم لكن قليل، لدينا نقاد قلائل يكتبون لكنهم لا ينشرون مقالات متفرقة، بل يجب أن ننتظر حتى تنشر هاته المقالات كاملة وسط كتاب”.

“النقد يجب أن يساهم في توجيه الدراما الأمازيغية، لأن النقد الحقيقي هو قراءة للفيلم وكذلك تحليل لعناصر الفيلم الداخلية والخارجية، والناقد يجب أن يقدم رأيه الذي قد يكون موضوعيا أو مشجعا على تطوير العمل (…) النقد سلطة، فهل نحن وصلنا إلى حد يشكل فيه نقدنا سلطة؟ أعتقد لم نصل بعد إلى هذا الحد” يذكر الشعبي.

أشار الشعبي إلى نقطة أخرى بالأهمية بما كان تخص قلة الإنتاج، معتبرا أن الدراما الأمازيغية يجب أن تكون يوميا في التلفزة كي يكون النقد مضطرا لمواكبتها، أي أنه يجب أن يكون الكم لكي نتحدث عن الكيف والنوع.

خلص الشعبي في مداخلته إلى الحديث عن الفيلم الأمازيغي، معتبرا أنه ليس بالضرورة أن يكون الفيلم الأمازيغي هو فقط الناطق بالأمازيغية بتعبيراتها الثلاث، بل أيضا هو الفيلم الذي يتمثل الثقافة والهوية والحضارة الأمازيغية، مشيرا في هذا الصدد إلى أعمال المخرجة فاطمة علي بوبكدي: حديدان، الدويبة، رمانة وبرطال.. التي بالرغم من أنها أعمال قدمت بالدارجة إلا أن الفضاء العام كله أمازيغي، اللباس والحلي، والطبخ والأواني والغناء والإيقاع.. أليس هذا فيلما أمازيغيا؟ يسترسل الشعبي قائلا: “البرنامج الوثائقي أمودو أيضا أمازيغي ناطق باللغة العربية، لكن فضاء العمل هو أمازيغي محض”.

جدير بالذكر أن مهرجان تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية في دورته السادسة أقيم في الفترة الممتدة ما بين 7 إلى 11 غشت الجاري بمدينة تافراوت، وهو من تنظيم جمعية أنازور للتنمية والتواصل الثقافي – تافراوت. والمهرجان الذي تعود أن يقام في فصل الربيع، لأن “تافسوت” تعني الربيع، أقيم في الدورتين الأخيرتين في الصيف، نظرا لأن شهر أبريل تزامن مع رمضان. وقد أكد المنظمون بأن المهرجان سيقام في دورته المقبلة، أي السابعة، في موعده الأصلي/ الربيع.

 مبعوثة بيان اليوم إلى تافراوت: سارة صبري

تصوير: عادل العدناني

Top