نهاية الطاغية المجنون

وأخيرا سقط القذافي…
ثورة الشعب الليبي تطيح بالطاغية، وتعلن نهاية عهد مجنون الحكم…
الكثيرون تذكروا نهاية صدام حسين، عندما شاهدوا صور القذافي مجرورا من طرف الثوار…
الصورة تجسد نهاية مأساوية لديكتاتوري عنيد حد المرض…
الجميع تذكر بسخرية تهديدات وشتائم القذافي لشعبه، ووصفه إياهم بالجرذان، وتهديدهم بالقتل وبملاحقتهم «دار، دار، زنقة، زنقة»… هو القذافي اليوم في كل الصور يظهر كجرذ فعلا، ويبدو متلبسا بالرعب وبالخوف و….بالمأساة.
ليبيا اليوم تنهي زمنا، وتفتح الباب لزمن آخر، وهنا التحدي الحقيقي أمام شعبها وثوارها ومجلسها الانتقالي…
ستنتهي الأفراح بالنصر، وستخفت الأسئلة حول من قتل القذافي، هل قوات الناتو أم الثوار، ومن أطلق رصاصة الرحمة والخلاص؟
كل هذا لم يعد اليوم مهما، وإنما الأساسي أن الديكتاتور مات وانتهى، وليبيا اليوم تلج مرحلة جديدة طافحة بالتحديات والأسئلة وبالفخاخ.
ليبيا الجديدة مدعوة اليوم لتجميع السلاح من الشوارع ومن الأفراد، والتسريع بخلق جيش وطني حقيقي يقوم على خدمة الوطن وعلى الكفاءة العسكرية وعلى الانضباط…
ليبيا الجديدة مدعوة اليوم لإحداث مؤسسات وطنية حقيقية تتولى الأمن وحماية الحدود ووحدة التراب والأمن العمومي.
ليبيا الجديدة مطروح عليها إعادة مظاهر الحياة في البلاد: (الماء، الكهرباء، الطرق، البنيات التحتية، النقل، الاتصالات، التجارة، التعليم، الصحة، الخدمات البلدية والإدارية…).
ليبيا الجديدة مطالبة اليوم بإعادة الناس إلى أعمالهم في القطاعين العام والخاص، وتوفير الرواتب والسلع وكل حاجيات الناس، وتشغيل البنوك، وحل مشاكل أسر شهداء الثورة، وتنظيم الأوضاع المهنية والاجتماعية للشباب وفي مختلف المناطق…
ليبيا الجديدة عليها اليوم أن تشرع في بناء مؤسساتها السياسية، وإعداد آليات وهياكل ومنظومات الانتقال إلى الديمقراطية وإلى بناء الدولة الحديثة القائمة على فصل السلط، وتطوير قضاء مستقل ونزيه وفعال….
القذافي انتهى، وكما أن كل المعارضين توحدوا ضده، فإن وحدتهم اليوم أكثر ملحاحية من أجل بناء المستقبل، والخطر الرئيسي أن تفضي المرحلة اليوم إلى انقسامات جهوية أو طائفية أوقبلية، وبذلك سيجر البلد برمته إلى مآسي أخرى أكثر بشاعة، وإلى تكرار السيناريو العراقي.
مقياس النجاح اليوم يوجد في مدى قدرة الليبيين على الانتصار لخيار الوحدة والبناء، وأن يختاروا التوجه نحو بناء أرضية سياسية مشتركة تلتف حولها كل الحساسيات السياسية والجهوية…
حاكم عربي آخر آل مصيره إلى حفرة كالجرذان، بعد أن انتهى آخر أمام المحكمة ممددا على سرير، وثالث هرب إلى خارج بلده، وقبل كل هؤلاء كان حاكم عربي آخر قد أخرج بدوره من حفرة أخرى…، هي الديكتاتوريات تتشابه في الهوية الدموية وفي المصير المأساوي، وفي ثورة الشعوب عليها.
وحدها الديمقراطية، وتعزيز مسلسلات الإصلاح والتحديث تقود الدول والمجتمعات إلى الاستقرار وإلى التنمية..
[email protected]

Top