المشهد الطرقي يختزل حجم الدمار وقوة التضامن إثر زلزال الحوز

دوي صافرات سيارات الإسعاف لا يكاد ينقطع على طول الطريق الرابطة بين مراكش وثلاث نيعقوب، فيما مئات الشاحنات والسيارات الخاصة باختلاف أحجامها تسير بصعوبة ذهابا وإيابا على المسار الطرقي ذاته الذي يشهد جزءا كبيرا منه تساقطات متواصلة للتربة والأحجار، في مشهد يختزل حجم الدمار الحاصل نتيجة الزلزال الذي لا زال الناس يستشعرون ضرباته الارتدادية بين الحين والآخر، كما يلخص حجم التضامن والتلاحم بين أبناء الوطن في الضراء وعند المصائب، رغم ما يتم تسجيله من ملاحظات تنظيمية في هذا الصدد.  

مشاهد مهيبة

تتقاطر على القرى والمداشر المتأثرة بالزلزال الذي ضرب المغرب ليلة الجمعة الماضية، مسيرات طويلة من الشاحنات والسيارات باختلاف أحجامها، قادمة من مختلف أقاليم المملكة المغربية، مما جعل هذه الصورة من العربات المتتابعة باختلاف أصنافها محملة بالأغذية والأفرشة والمساعدات الإنسانية تحتل المشهد العام على مستوى شبكة الطرق السيارة وكل نقاط الاستراحة بها، وأيضا الطرق الوطنية والجهوية التي تربط المناطق المعنية بالطرق السيارة، دون أي اعتبار من طرف المتضامنين لوعورة المسالك والخطورة التي تطبع المسار قريبا من النقاط المتأثرة والمتضررة.

مئات السيارات متوقفة في انتظار فتح مجال المرور

هذا المشهد من المتضامنين والمتعاطفين المتوجهين إلى المناطق المتضررة وأيضا العائدين منها، يبقى مهيبا تقشعر له الأبدان لما يعبر عنه من رسائل عميقة، وما له من دور في توفير حاجيات المتضررين من الزلزال؛ إلا أن عدم التنسيق بين المتضامنين سواء بشكل فردي أو في إطار تنظيمات مدنية يصعب إلى حد ما عمليات الإنقاذ وتقديم المساعدات الطبية، حيث تجد سيارات الإسعاف صعوبة في المرور والعبور، خاصة أن عدد من المقاطع الطرقية تضررت بشكل كبير ولا تحتمل مرور إلا عربة واحدة ذهابا إو إيابا. 

عرقلة الإنقاذ

عاينت بعثة بيان اليوم التي استغرقها قطع مساء أول أمس الثلاثاء قرابة 35 كلم من جماعة بوريكان إلى إيجوكاك أزيد من 5 ساعات، توقف سيارات الإسعاف وهي محملة بالجرحى في حاجة لإغاثة لمدة طويلة اضطرارا وبشكل متكرر في انتظار مرور العربات القادمة من الاتجاه المعاكس، حيث تقطع كلم واحد أو إثنين ثم تتوقف لدقائق طويلة قبل أن تستأنف سيرها من جديد.

سيارات متوجهة بالمساعدات للمناطق المتضـررة

على طول هذه المسافة، لا يسمع إلا هدير المحركات ودوي سيارات الإسعاف وتساقطات الحجارة بين الفينة والأخرى، في صورة تبث الرعب في نفوس كل العابرين؛ حتى أن بعض الشاحنات المحملة بالمساعدات توقفت ببعض النقط وطلبت من المنظمين إيجاد حل لإيصال المساعدات، رافضين إكمال الطريق من جهة خوفا من تساقطات الحجارة والأتربة ومن جهة أخرى صعوبة العبور حيث وجدوا أنه سيكلفهم أكثر من المقابل المتفق عليه عند نقطة الانطلاقة مع مقدمي هذه المساعدات. 

دعوات للتنسيق

في هذا الصدد أجمع عدد من المتطوعين في المجال الصحي من أفراد الإغاثة وممرضين وأطباء في تواصلهم مع بعثة بيان اليوم على صعوبة إغاثة وإنقاذ المتضررين من الزلزال، بسبب الوفود الهائلة الوافدة على المنطقة من المتطوعين والمساعدات، التي تتسبب في عرقلة الطريق وإغلاقها لمدة طويلة أحيانا.

عناصر من الدرك الملكي ومواطنون يحاولون إزالة حجارة كبيرة من الطريق عقب سقوطها المفاجئ

وقال أحد الممرضين في تواصله مع بعثة بيان اليوم: “نرجو أن تتكاثف الجهود وأن يكون الولوج أسرع في بعض الحالات حيث تكون هناك صعوبة في المرور عبر الطرقات؛ من الجيد أن تأتي المساعدات لكن يجب أن تنظم كي تكون هناك سهولة في الولوج، فالأفضل لو تم تجميعها في نقطة معينة كي يكون هناك ولوج أسرع لتقديم الإسعافات والعلاجات المستعجلة”. 

تراكم المساعدات

من جهة أخرى، عاينت بعثة بيان اليوم تراكم المساعدات العينية من أغذية ومياه معدنية وأفرشة وأغطية بنقاط محددة بشكل يفوق الاحتياجات وفق ما أكده مسؤولون محليون، في حين لا زالت مناطق أخرى تطلق نداءات الإغاثة وتعبر عن حاجتها للمساعدات الغذائية والأفرشة.

وفي هذا الصدد أصبح سكان بعض هذه المناطق يوجهون الشاحنات المحملة بالمساعدات لأجل الذهاب إلى مناطق أخرى لا زالت في حاجة، في وقت يتم فيه تسجيل عشوائية كبيرة في توزيع هذه المساعدات بسبب عدم التنسيق وسوء التنظيم.

مبعوثا بيان اليوم إلى الحوز: عبد الصمد ادنيدن- تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top