“La chaîne” فيلم مغامرة مفعم بالرسائل الإنسانية

98 دقيقة هي مدة فيلم “The Defiant Ones” أو ” La chaîne” بالتسمية الفرنسية،إخراج ستانلي كرامر، إنتاج سنة 1958، وبطولة ممثلين كبيرين هما طوني كورتيس، الرجل الأبيض العنصري (دجون جاكسون)، وسيدني بواتيي الرجل الأسود الذي يكره البيض (نواه كولن)، سجينان مقيدان بسلسلة واحدة، يتمكنان من الهرب بعد تعرض الشاحنة التي تقلهما إلى حادثة، في هذا الفيلم تمكن المخرج من خلق أجواء خاصة، برهن من خلالها عن كيفية تحول مشاعر العنصرية والكراهية لدى الإنسان، الى احترام وإلى صداقة قوية من خلال التأكيد على أن الاختلاف بين هذين السجينين ضحايا أحكام القيمة، المنبنية على العرقية والعنصرية، اللذين سيؤسسان بناء على التناقضات التي تفرقهما، علاقة أشد قوة من السلسلة التي كانت تقيدهما معا، والتي فرضت عليهما العيش مثل الجسد الواحد الذي يواجه نفس المصير، خلال رحلة الهرب حيث يكتشف كل منهما نفسه من خلال الآخر، ويكتشفان معا زيف المفاهيم العنصرية، وحقيقة ان الإنسان واحد وأن الألوان وسائر الاختلافات مجرد مظاهر خادعة….
يبدأ هذا الفيلم بشكل بسيط، كأي حكاية تتضمن المطاردة، والحركة، لكنه سرعان ما يتحول مع توالي الأحداث الى عمل درامي قيم، يطرح الكثير من الأسئلة ذات الطبيعة الفلسفية حول الوجود والإنسان، يترافق ذلك مع تمرير العديد من الخطابات التقدمية والمواقف الجريئة والانتقادات القوية لمجتمع أمريكي عنصري خلال خمسينيات القرن الماضي، إنه فيلم ملتزم ومقاوم داخل السياق التاريخي الذي أنتج ضمنه.
العديد من الأحداث والمغامرات يواجهها بطلا الفيلم، بحثا في البداية عن أي وسيلة متاحة لتكسير السلسلة، ليحتفظ كل منهما باستقلاليته، وبعد الكثير من المحن والتجارب وحين يتمكنان من تكسير القيد، يواجهان سؤالا حول مغزى الوجود دون الآخر، الذي يشاركنا نفس المصير، انكسرت السلسلة، ما الذي يتوجب على الأبيض والأسود أن يفعلاه بعد ذلك وقد تعودا على العيش والمقاومة من أجل البقاء والهرب من البوليس والكلاب التي تطاردهما معا؟ ويتجلى الجواب في الإبقاء على سلسلة الصداقة والأخوة الانسانية للاستمرار معا.
هذا، ويتضمن الفيلم الكثير من المشاعر الإنسانية، من بينها الحب، فحين يقع الفتى الأبيض الوسيم في حب امرأة جميلة سيسميها ” أجمل شيء شاهده في حياته”، يقرر الزواج بها بعد أن أعاد إليها الإيمان بصدق المشاعر التي كفرت بها. وبعد أن يعلن الأسود المتمرد الرحيل وحيدا في طريق محفوف بالمخاطر معلنا: “هل مازال يوجد شيء يستحق ان أعيش من أجله؟”. هنا يبرز مفهوم الصداقة كأعلى قيمة تدور حولها أحداث الحكاية، فيتخلى الفتى الأبيض عن حبه وأحلامه من أجل اللحاق بصديقه الأسود وإنقاذه من الموت المحقق. وحتى حينما يقعان في قبضة البوليس في نهاية الرحلة لم يكونا بائسين مثل حالتهما في البداية، كانا يبتسمان بسخرية، كانا شخصين مختلفين تماما، لقد فهما أن الصداقة هي ما يمنحهما القوة والأمل لمجابهة الحياة وتجلياتها الواقعية السيئة، الصداقة هي ما سيجعلهما يخرجان منتصرين، من خلال احتفاظهما بسلسلة الرابط الإنساني، لمواجهة المفاهيم الزائفة وأحكام القيمة التي يحفل بها المجتمع.

Related posts

Top